غروسي يأمل في «تعاون» مع طهران لتسهيل إحياء الاتفاق النووي

مدير وكالة «الطاقة الذرية» نأى بنفسه عن تقديم نتائج قبل لقاء الرئيس الإيراني

غروسي وإسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران (أ.ف.ب)
غروسي وإسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران (أ.ف.ب)
TT

غروسي يأمل في «تعاون» مع طهران لتسهيل إحياء الاتفاق النووي

غروسي وإسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران (أ.ف.ب)
غروسي وإسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران (أ.ف.ب)

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، بعد جولتين من المباحثات مع نظيره الإيراني في طهران، اليوم (السبت)، إن الاتفاق بين الجانبين «يساعد» على إحياء الاتفاق النووي، مشدداً على أن المحادثات تمحورت حول مجموعتين من الأمور المهمة، تشمل القطاع العلمي، مضيفاً أن ثمة «آمالاً عظيمة» حيال العملية برمتها، لكنه رفض إعطاء تقييم نهائي قبل أن يلتقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وبدأ غروسي، الجمعة، مباحثات في طهران تهدف إلى دفع «الطاقة الذرية» الإيرانية للتعاون مع تحقيق الوكالة التابعة للأمم المتحدة، بخصوص العثور على آثار يورانيوم في مواقع غير معلنة تم تخصيبها لتصل إلى درجة قريبة لتصنيع أسلحة، حسبما نقلت «رويترز» عن دبلوماسيين.
وقال غروسي للصحافيين في طهران: «نحن مستعدون للمضي قدماً». وأوضح: «بشكل عام، هناك مجموعتان من الأمور المهمة. وواضح أن ثمة آمالاً عظيمة حول عملنا المشترك الرامي للتحرك قدماً حيال القضايا التي تعمل عليها إيران والوكالة، بهدف توضيح (الأمور) والحصول على تأكيدات ذات مصداقية بخصوص برنامج إيران النووي».
وأضاف غروسي، الذي كان يتحدث جنباً إلى جنب مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، أن «مجموعة القضايا الثانية، وهي مهمة جداً، تتعلق بالتعاون العلمي والفني القائم، وسنستمر فيه مع إيران». وقال: «نريد حواراً جاداً ومنهجياً مع إيران... لكن عملنا لم ينتهِ بعد، فريقنا هنا لكي نتحاور، نعمل على حل القضايا».
وذكر غروسي، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي، أن المحادثات جرت في «أجواء عمل وصراحة وتعاون».
ونأى غروسي بنفسه عن إعطاء تقييم نهائي عن نتائج محادثاته، إذ يتطلع إلى لقاء مسؤولين آخرين في الجمهورية الإسلامية، لكي يقدم استخلاصاً عن مدى رضاه، مشدداً على أن «حزمة عمل قائمة الشفافية والتعاون تحظى بأهمية لي».
ووجهت طهران دعوة إلى غروسي بعد شهور من تأكيده على ضرورة التحدث إلى كبار المسؤولين الإيرانيين بمن فيهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وتطرق غروسي إلى تأثير المناقشات الجارية على مفاوضات إحياء الاتفاق النووي. وقال إنها «على جدول الأعمال وإنها مستمرة... ما يجب أن نقوم به والاتفاق الذي من المقرر أن نصل إليه سيساعدان على إحياء الاتفاق النووي».
وفي هذا الصدد، نقلت وكالة «إرنا» عن غروسي قوله إنه «كلما زاد التعاون بين إيران والوكالة الدولية لم يسمح للآخرين بممارسة الضغوط».
وكان غروسي يعلّق على سؤال يستند إلى اتهامات إيرانية للوكالة الدولية بشأن دور إسرائيل في «الضغوط السياسية» على الدول المعنية بالمفاوضات النووية مع إيران، وحول ما إذا سيؤثر الاجتماع الفصلي للوكالة الدولية الذي سيبدأ الاثنين «سيكون تحت تأثير هذه الضغوط».
وقال غروسي، في نبرة لا تخلو من سخرية: «يجب أن تكون لديك الكرة البلورية للرد على أسئلة مهمة من هذا النوع، يمكنني التكهن والقول من الطبيعي أن تمارس الدول نفوذها بدوافع مختلفة للتأثير». لكنه قال إن الأمر يظهر أهمية التعاون بين إيران والوكالة في إطار اتفاقية الضمانات، «لكي لا تتمكن دول أخرى من التأثير أو ممارسة الضغوط».
وتعهد غروسي بألا يسمح بـ«تسييس» الملف النووي الإيراني. وقال: «أقدم لكم ضمانات بأننا لم نعمل تحت تأثير أي دولة»، واصفاً المزاعم بشأن تحول الوكالة الدولية إلى أداة سياسية بأنها «سخيفة».
وسُئل غروسي عن التهديدات الإسرائيلية بشأن توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني. ورداً على ذلك، أشار غروسي إلى التهديدات التي واجهت المنشآت النووية في أوكرانيا بعد الاجتياح الروسي. وقال إن «أي عمل عسكري ضد القوات العسكرية هو عمل مدان تماماً وغير قانوني»، معرباً عن أمله في أن تتمكن الوكالة من حماية المنشآت النووية. وقال: «أعني محطة الطاقة الأوكرانية وغيرها من المنشآت النووية».
وذكر تقرير وكالة «الطاقة الذرية» أن زيارة غروسي تأتي وسط اتصالات مع طهران لتحديد منشأ جزيئات ذرية تم تخصيبها إلى درجة نقاء تصل إلى 83.7 في المائة، وهي قريبة جداً من درجة 90 في المائة التي تؤهل لتصنيع أسلحة، في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض.
وقال إسلامي، يوم الأربعاء، إن الجمهورية الإسلامية تخصب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المائة.
ونقلت وكالة «إرنا» عن إسلامي قوله قبل اجتماعه مع غروسي، اليوم (السبت): «مسألة مراقبة أداء القطاع النووي في الجمهورية الإسلامية وحالته وقدرته هي أهم هدف على جدول أعمال الوكالة».
وصرح إسلامي بأن مباحثاته مع غروسي «تبشر بإقامة علاقة عمل احترافية بين إيران والوكالة الدولية». وقال: «النقطة التي تحظى بأهمية لنا أن يعزز التواصل والزيارات والتقارير الثقة بين الجانبين».
وبشأن توقعاته من الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية الذي يبدأ غداً، قال إسلامي إنه «لا يمكن للأطراف الأخرى أن تمارس ضغوطاً علينا وعلى الوكالة الدولية، في حين لم تفِ بالتزاماتها».
وزاد إسلامي: «من أجل اتخاذ خطوات مطمئنة، توصلنا إلى تفاهم مع غروسي حول أننا سننظم علاقاتنا في إطار اتفاق الضمانات».
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بدأت إيران تدريجياً في عدم الامتثال للقيود التي فرضها الاتفاق على برنامجها النووي.
وبدأت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة بمنشأة نطنز في بداية عهد جو بايدن، ورفعت نسبة التخصيب هناك إلى 60 في المائة في أبريل (نيسان) 2021، بعد أسبوع من بداية المحادثات لإحياء الاتفاق النووي. وقبل 3 أشهر بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة بموقع ثانٍ هو «فوردو»، حيث بدأت التخصيب بنسبة 20 في المائة في يوليو (تموز) الماضي.
وذكر التقرير السري الجديد أيضاً أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، الذي يجري إنتاجه في منشأتي «نطنز» و«فوردو»، زاد 25.2 كيلوغرام إلى 87.5 كيلوغرام منذ التقرير الفصلي السابق. وأضاف أن إجمالي مخزون اليورانيوم المخصب بهذه الدرجة، وبدرجات نقاء أقل، يقدر بنحو 3760.8 كيلوغرام.
ووفقاً لمصطلحات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 60 في المائة «كمية كبيرة» تُعرف على أنها «الكمية التقريبية للمواد النووية التي لا يمكن معها استبعاد إمكانية تصنيع قنبلة نووية».
وأفاد بأن إيران واصلت في الأشهر الأخيرة زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب. وأشار التقرير إلى ارتفاع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى ما يتجاوز الاتفاق النووي بـ18 مرة.
وذكر التقرير أن المخزون ارتفع مع 12 فبراير (شباط) إلى 3.760.8 كلغ مقابل 3.673.7 كلغ في أكتوبر (تشرين الأول)، بحيث تجاوز 18 مرة السقف المسموح به، وفق اتفاق 2015 الدولي.
ما هو اتفاق الضمانات؟
تراقب وكالة «الطاقة الذرية» المنشآت الإيرانية المعلنة التي تضم أنشطة نووية أساسية ولها سلطة الدخول المنتظم إليها بمقتضى اتفاق «الضمانات الشاملة» الذي يحدد التزامات كل دولة من الدول الأعضاء الموقعة على «معاهدة حظر الانتشار النووي».
وينص «اتفاق الضمانات» أيضاً على إلمام إيران و«الطاقة الذرية» بكل المواد النووية في إيران، بما في ذلك، كمية المواد النووية التي لديها وأماكن تخزينها واستخدامات تلك المواد.
وبعد تخلي إيران عن «البروتوكول الإضافي» الملحق بـ«معاهدة حظر الانتشار»، في فبراير 2021، تراجع نطاق المراقبة الدولية الذي يشمل مجالات لا يغطيها «اتفاق الضمانات» لرصد الأنشطة والمواد التي قد تستخدم في تطوير السلاح النووي.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

خامنئي: أميركا وإسرائيل ودولة مجاورة لسوريا وضعت خطة الإطاحة بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
TT

خامنئي: أميركا وإسرائيل ودولة مجاورة لسوريا وضعت خطة الإطاحة بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)

قال المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء، إن بلاده لديها أدلة على أن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة لخطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل وإحدى الدول المجاورة لسوريا لم يذكرها بالاسم.

ويذكر أن خامنئي يكرر مراراً أن «سوريا هي عند الخط الأمامي للمقاومة» ضد إسرائيل وهي «ركيزة» في هذه المعركة.

وفي أول خطاب له منذ سقوط النظام السوري، أكد خامنئي أن سقوط بشار الأسد لن يضعف إيران، وقال: «تصوُّر أنه عندما تضعف المقاومة تضعف إيران الإسلامية أيضا، يعني عدم معرفة معنى المقاومة».