«النصرة» تختطف 8 عناصر من الحرّ تخرجوا من البرنامج الأميركي.. والبنتاغون يشكك

الفرقة «30 مشاة» أعلنت عن اختطاف قائدها العقيد نديم الحسن بريف حلب الشمالي

منظر عام ملتقط من منطقة تسيطر عليها قوات النظام السوري (كرم الجبل) تبين حجم الدمار في المكان (أ.ف.ب)
منظر عام ملتقط من منطقة تسيطر عليها قوات النظام السوري (كرم الجبل) تبين حجم الدمار في المكان (أ.ف.ب)
TT

«النصرة» تختطف 8 عناصر من الحرّ تخرجوا من البرنامج الأميركي.. والبنتاغون يشكك

منظر عام ملتقط من منطقة تسيطر عليها قوات النظام السوري (كرم الجبل) تبين حجم الدمار في المكان (أ.ف.ب)
منظر عام ملتقط من منطقة تسيطر عليها قوات النظام السوري (كرم الجبل) تبين حجم الدمار في المكان (أ.ف.ب)

وجهت جبهة النصرة رسالة شديدة اللهجة للفصائل المعارضة التي تتلقى تدريبات في تركيا ضمن البرنامج الأميركي، باعتقالها قائد أول مجموعة سورية معارضة تتخرج من برنامج التدريب الأميركي وعددًا من عناصره. هذا في الوقت الذي نفى فيه البنتاغون خطف مقاتلين دربهم أميركيون في سوريا.
وأعلنت «الفرقة 30 مشاة» التابعة للجيش السوري الحر والعاملة في محافظة حلب شمال البلاد يوم أمس الخميس، اختطاف «جبهة النصرة» قائدها العقيد نديم الحسن وعدد من العناصر، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن أن السبب وراء عملية الاختطاف، مشاركة عناصر هذه الفرقة ببرنامج التدريب الأميركي للمعارضة السورية المعتدلة.
ونشرت «الفرقة 30 مشاة» على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بيانا استنكرت فيه «قيام عناصر تابعة لجبهة النصرة بخطف العقيد نديم الحسن قائد الفرقة 30 ورفاقه في ريف حلب الشمالي».
وطالبت الفرقة «الأخوة في جبهة النصرة بإطلاق المخطوفين بأقصى سرعة حقنا لدماء المسلمين وحرصا على وحدة الصف وعدم إضعاف الجبهات بنزاعات جانبية بين أخوة الصف الواحد».
وتتألف الفرقة 30، التي أنشئت حديثا، من عناصر مدربين في إطار البرنامج الأميركي، وبينهم كثير من التركمان ومنهم نديم الحسن، وكثير من المقاتلين الذين كانوا ينتمون إلى فصائل مختلفة طردت من ريف إدلب على يد جبهة النصرة في أبريل (نيسان) المقبل.
وأشارت مصادر في المعارضة السورية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن عملية الخطف تندرج بإطار «تصدي (النصرة) لكل الفصائل التي تحظى بدعم أميركي»، مذكرة باستهداف التنظيم المتطرف لـ«حركة حزم» ولـ«جبهة ثوار سوريا» اللتين كانتا تحظيان بدعم الولايات المتحدة الأميركية.
ويتردد الناشطون الموجودون في المناطق الخاضعة لسيطرة «جبهة النصرة» في ريف حلب بتناول أخبار تتعلق بعمليات اختطاف يقوم بها عناصر الجبهة خوفا من ملاحقتهم وتصفيتهم.
وإذ نفى عدد منهم بالأمس علمهم بالعملية وتفاصيلها، مؤكدين أن لا معلومات دقيقة حتى الساعة، أكد الناشط في «مركز حلب الإعلامي» محمود بصبوص صحة خبر الاختطاف، نافيا أن يكون سببه مشاركة العناصر المختطفة ببرنامج التدريب الأميركي. وأوضح بصبوص لـ«الشرق الأوسط» أن السبب الحقيقي وراء العملية خلافات بين الطرفين ستتحدث عنها «الفرقة 30» في بيان يصدر بوقت لاحق.
وتحدثت مصادر أخرى في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المجموعة المختطفة كانت تضم نحو 6 أشخاص تم احتجازهم من قبل «النصرة» أثناء توجههم إلى حمص، لافتة إلى أنّه تم التحقيق معهم لحيازتهم معدات عسكرية ومن ثم أطلق سراحهم.
بدوره، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان تفاصيل عملية الخطف لافتا إلى أن «عناصر من جبهة النصرة اختطفوا مساء الأربعاء قائد الفرقة 30 العقيد المنشق نديم الحسن برفقة سبعة عناصر من الفرقة بينهم القيادي فرحان الجاسم، أثناء عودتهم من اجتماع في مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي إلى مقرهم في قرية المالكية القريبة».
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن هؤلاء جزء من مجموعة من 54 مقاتلا كانوا دخلوا سوريا قبل نحو أسبوعين إثر انتهاء تدريبهم في إطار برنامج التدريب الأميركي في تركيا، وقد استقروا في المالكية ومعهم ثلاثون عربة رباعية الدفع مزودة برشاشات متوسطة وأسلحة أميركية وكميات من الذخيرة، لافتا إلى أن عملية الخطف تمت على حاجز لجبهة النصرة عند مفرق سجو قرب أعزاز.
ولكن الكومندر اليسا سميث المتحدثة باسم البنتاغون نفت أن يكون أي من المخطوفين من بين المقاتلين الذين شاركوا في برنامج وزارة الدفاع لإعدادهم لمقاتلة تنظيم داعش في سوريا.
وقالت للصحافة الفرنسية: «لن نكشف أسماء المجموعات المشاركة في برنامج التدريب والتجهيز السوري، ولكن يمكنني أن أؤكد أن ليس هناك عناصر من القوة السورية الجديدة مخطوفون أو محتجزون».
وعبارة «القوة السورية الجديدة» تستخدمها واشنطن للدلالة على المقاتلين السوريين الذين تم التحقق منهم لاستبعاد أي عناصر متطرفة من بينهم وتلقوا دورة تدريب بقيادة عسكريين أميركيين.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن الناشط الإعلامي المعارض أبو سالم الحلبي، أن «مجموعة من الملثمين اختطفوا العقيد نديم الحس قائد الفرقة على أطراف مدينة أعزاز مع 16 مقاتلاً من عناصر الفرقة».
وأشار الحلبي إلى أن مهام هذه الفرقة تتركز في قتال تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي، وبدأت عملها منتصف الشهر الماضي بعد أن أنهت تدريباتها التي استمرت شهرين في تركيا على يد ضباط من أميركا.
ولم تصدر «جبهة النصرة» أي بيان تنفي أو تتبنى فيه العملية.
يُذكر أن الولايات المتحدة وتركيا وقعتا في فبراير (شباط) الماضي في أنقرة اتفاقا لتدريب وتجهيز معارضين سوريين معتدلين في تركيا. وفي السابع من يوليو (تموز)، أعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر بأن تدريب واشنطن لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلة بهدف التصدي لتنظيم «داعش» انطلق «ببطء شديد»، وأن التدريب يشمل ستين شخصا فقط حتى الآن.
وقال كارتر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ «إنه أقل بكثير مما كنا نأمل به في هذه المرحلة»، موضحا أن سبعة آلاف متطوع تقدموا لبرنامج التدريب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.