قوات «الدعم السريع» في السودان... «جيش موازٍ» أم قوات نظامية؟

الخبراء يستبعدون احتمال الصدام بينها وبين الجيش

قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)
قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)
TT

قوات «الدعم السريع» في السودان... «جيش موازٍ» أم قوات نظامية؟

قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)
قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

صعّد كبار القادة العسكريين في السودان من لهجتهم حيال عملية دمج «قوات الدعم السريع» في الجيش، وبدت مواقفهم في الآونة الأخيرة أكثر ضغطاً في هذا الاتجاه، وذلك استباقاً لورشة مخصصة للإصلاح العسكري والأمني، تعد واحدة من أهم القضايا التي نص عليها الاتفاق السياسي الإطاري الموقّع مع القوى المدنية. ومن المقرر أن تخرج الورشة التي ستحاط جلساتها بسرية تامة بعيداً عن الإعلام، بخريطة طريق لعملية دمج الفصائل المسلحة في جيش واحد. ولقد أثارت التصريحات المتبادلة بين رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، حالة من التوجس والتوتر الشديدين في الشارع والأوساط السياسية من مواجهة عسكرية محتملة، إلا أن الطرفين سارعا للتأكيد أن هذا لن يحدث، ولكن على الرغم من ذلك تظل المخاوف ماثلة لا تزيلها التصريحات بعد وجود خلافات.
في أول انتقال من خلافات مكتومة إلى الهواء الطلق في السودان، بادر رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في مخاطبة لتجمعات أهلية بشمال البلاد يناير (كانون الثاني) الماضي، بالقول «إن التحدي الذي يواجه الاتفاق الإطاري، هو دمج الدعم السريع في الجيش»، ولحق به اثنان من كبار القادة العسكريين في مجلس السيادة، هما شمس الدين الكباشي وياسر العطا، بالتشديد على المطالبات ذاتها.
وجاءت تصريحات العطا أكثر وضوحاً ومباشرة في مواجهة «الدعم السريع»، فقال «لا بد من دمجها في الرحم المبارك الذي ولدت فيه سابقاً - في إشارة إلى الجيش -»، مضيفاً «ليس هنالك دولة ديمقراطية حديثة محترمة بها جيشان. ولتأسيس دولة حديثة لا بد من جيش واحد مستقل قومي خاضع لسلطة الدولة الديمقراطية السياسية الموجودة». واسترسل قائلاً «التهديد والتكسب السياسي والشخصي والاقتصادي لامتلاك جيش قد تؤدي إلى انهيار كيان الدولة السودانية»، مؤكداً أن القوات المسلحة «قادرة على بسط الأمن والسيطرة على أعمال متفلتة وغير مسؤولة»، وهذه إشارة واضحة إلى السلطة المالية والعسكرية لـ«الدعم السريع».
وهكذا، أظهرت تصريحات القادة العسكريين محاذير من تحول قوات «الدعم السريع» إلى «جيش موازٍ» للمؤسسة العسكرية في البلاد، بعدما تنامت قوتها في سنوات قلائل لتصبح رقماً عسكرياً وقوة اقتصادية مؤثرة بقوة في المشهد السياسي، لا يمكن تجاوزها.
رد «حميدتي»
رد قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) جاء في خطاب وجهه للشعب السوداني الشهر الماضي؛ إذ أكد التزامه بالاتفاق الإطاري بخصوص تكوين الجيش الواحد وفق جداول زمنية متفق عليها، والانخراط في عمليات الإصلاح الأمني والعسكري، واتهم أنصار النظام المعزول، «بالوقيعة بين قواته والجيش». ورأى «حميدتي» أن العملية السياسية «تطاول أمدها» وحان وقت إنهائها عبر حل سياسي، وتشكيل سلطة مدنية انتقالية تقود البلاد، وتعود بموجبها المؤسسة العسكرية إلى الثكنات لتتفرغ لأداء مهام حماية حدود وأمن البلاد، وهو ما عده مراقبون موقفاً في إطار الضغوط المتبادلة بين القوتين. وللعلم، كان شقيقه الذي ينوبه في قيادة «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو، قد قطع باستحالة وقوع اشتباكات بين «الدعم السريع» والجيش، مؤكداً أن الطرفين لن يرفعا البندقية في وجه بعضهما بعضاً.
في هذه الثناء، أفادت مصادر عديدة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، بأن مسألة دمج قوات «الدعم السريع» في الجيش، لا خلاف عليها بين قائدي القوات، «إذ وقّعا عليها في الاتفاق السياسي الإطاري مع الأطراف المدنية بضمانات إقليمية ودولية، وتيسير من الآلية الثلاثية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الحكومية الأفريقية (إيقاد)». وتابعت القول، إنه من الصعب على البرهان و«حميدتي» التراجع عن التزاماتهما.
أيضاً استبعدت المصادر خروج الجيش و«الدعم السريع» كلياً من المشهد السياسي، على الرغم من إقرار ذلك نصاً في الاتفاق يقضي بانسحاب الجيوش، وعودتها إلى الثكنات، وإفساح المجال للقوى السياسية الموقّعة على «الإطاري» لتشكيل حكومة تنفيذية بقيادة مدنية. وأشارت من ثم إلى أن نفوذ البرهان و«حميدتي» في السلطة المدنية المقبلة سيظل مؤثراً في ظل وجودهما في قيادة الأجهزة النظامية في البلاد. وأردفت، أنه قد لا يكون ظاهراً في أداء السلطة التنفيذية، ذلك أن الاتفاق الإطاري منح العسكريين صلاحيات فيما يتصل بالملف الأمني والعسكري.
وخلال اتصالات أجريناها عبر القنوات الرسمية مع قوات «الدعم السريع» للتعليق على الدعوات المكثفة من قادة الجيش بخصوص دمجها في القوات المسلحة السودانية، لم تتوافر لنا إفادات تذرعاً بالتراتبية العسكرية، التي تعطي سلطة الإدلاء بأي حديث سياسي أو عسكري إلا من خلال القيادات المصرح لها، وهي لم تستجب للملاحقة الصحافية.
النشأة والمهام
نشأت قوات «الدعم السريع» رسمياً كقوات شبه نظامية تابعة لجهاز الأمن الوطني – جهاز المخابرات الوطني حالياً – خلال أغسطس (آب) 2013، وذلك بعدما كانت قوات صغيرة تابعة لقوات حرس الحدود. ولعبت دوراً كبيراً في حرب الحكومة الإسلامية ضد الحركات المتمردة ضدها في إقليم دارفور بوجه خاص، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
ويوم 18 يناير (كانون الثاني) 2017 أجاز البرلمان أثناء حكم الرئيس المعزول عمر البشير «قانون قوات الدعم السريع»، وانتقلت تبعيتها من إمرة جهاز الأمن والمخابرات إلى القوات المسلحة السودانية - أي الجيش - . ونص القانون، على أنها قوات تابعة للقائد العام للجيش، وتقول ديباجة القانون «الدعم السريع قوات عسكرية قومية التكوين، وتتقيد بالمبادئ العامة للقوات المسلحة السودانية».
إلا أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي (وقتها) الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أصدر في 30 يوليو (تموز) 2019 مرسوماً دستورياً، عدّل بموجبه قانون قوات «الدعم السريع»، وقضى بحذف المادة (5) من القانون، التي تنص على «الخضوع لأحكام قانون القوات المسلحة، بجميع فقراتها؛ ما جعلها منذ ذلك التاريخ شبه مستقلة عن الجيش».
وهكذا، تبدو «الدعم» في الوقت الحالي تابعة للجيش «شكلياً» وقانون القوات المسلحة السودانية، لكنها في الواقع تدين بولاء كبير لمؤسسها وقائدها «حميدتي» ونائبه شقيقه عبد الرحيم، ولا تملك قيادة الجيش إقالة قادتها، لا سيما بعد المرسوم الذي أصدره وألغى بموجبه تبعيتها القانونية للجيش السوداني.
صعود «الدعم السريع»
برزت قوات «الدعم السريع» بصورة أكبر في المشهد السياسي إبان «ثورة ديسمبر 2018»، وعلى وجه الخصوص بعد اشتداد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد المطالبة بإسقاط حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس السابق عمر البشير، إثر قرار قائدها الانحياز لقوى المعارضة في الشارع. وأسهم ذلك الموقف بشكل كبير في الإطاحة بحكومة البشير، ليتوج نفسه لاعباً رئيسياً في الأحداث، إن لم يكن المتحكم «الرئيسي» في عملية التغيير إلى جانب الجيش.
وبعد التغيير الذي حدث في البلاد والإطاحة بنظام «الإسلاميين»، تحوّلت «الدعم» من تشكيلات عسكرية خفيفة يطلق أعداؤها عليها لقب «جنجويد»، وينحصر دورها في قتال الحركات المتمردة في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق دفاعاً عن نظام الإسلاميين، إلى قوة عسكرية نظامية خارج إطار الجيش.
وحظيت «الدعم السريع» حقاً بالقبول وسط الثوار على أيام الثورة الأولى، وظهر وقتها شعار «حميدتي الضكران الخوف الكيزان». لكنها خسرته دفعة واحدة، بعد جريمة فض اعتصام القيادة العامة التي راح ضحيتها المئات بين قتيل ومفقود، واتجاه الأنظار وقتها بشكل أساس إلى دور «الدعم السريع» في العملية. ومع أن الجيش اعترف «علناً» بتخطيط العملية، واعتبر قائد «الدعم السريع» أن ما تم محاولة لتوريطه، فإن الإصبع الرئيسي دائماً ما كان يشير إلى فيديوهات للعملية تظهر فيها أعداد كبيرة من القوات المشاركة في العملية وهي ترتدي أزياء «الدعم السريع».
و«زاد الطين بلة» بمشاركة «حميدتي» وقواته في انقلاب البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بتصريحاته الشهيرة إبان الإعداد للانقلاب «نحن غفراء، لا يمكن أنت تحميه، يقول إنك خصم على رصيده السياسي، لن نجلس مع المدنيين على تربيزة واحدة، إلا بوفاق، ولتمطر حصو اليوم قبل الغد». لكن الرجل عاد أخيراً واعتبر ما حدث انقلاباً فاشلاً، ما قرب بينه وبين القوى المدنية.
قوة عسكرية متمددة
وفقاً لتقارير صحافية ومشاهدات عيان، فإن لـ«الدعم السريع» الآن مقار وثكنات عسكرية داخل الخرطوم ومدن أخرى بالبلاد، وقد استولت على مقار تابعة لجهاز الأمن المخابرات الوطني ومقار تابعة لحزب المؤتمر الوطني المحلول، كما أنها تنتشر بشكل واضح في إقليم دارفور ومعظم ولايات السودان، إلى جانب مناطق حدودية مع دول الجوار الأفريقي.
ومع أنه لا توجد إحصائيات منشورة بعدد قوات «الدعم السريع»، تقدر تقديرات سابقة العدد بأكثر من 40 ألفاً من الضباط وضباط الصف والجنود. وظلت عملية التجنيد مفتوحة طوال السنوات الماضية، ما يرجح تزايد أعدادها إلى الضعف. وتذهب بعض التقديرات إلى أن عددها تجاوز المائة ألف مقاتل.
أيضاً لا تعرف بالضبط نوعية التسليح والعتاد العسكري لتلك القوات، لكن الاستعراضات العسكرية التي تنظمها هذه القوات بين حين وآخر، تظهر امتلاكها مدرعات خفيفة وأعداداً كبيرة من سيارات الدفع الرباعي من طراز «لاندكروز بك آب» مسلحة. وأيضاً تظهر تلك الاستعراضات أنواعاً مختلفة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة. وفي وقت سابق نفت «الدعم السري: شائعات راجت عن حصولها على أنظمة تجسس دقيقة ومسيرات متطورة، واتهمت جهات لم تسمها بالعمل على تشويه صورتها».
في أي حال، صنعت «الدعم السريع» في وقت وجيز شبكة علاقات إقليمية ودولية واسعة من خلال مشاركتها في التعاون والتنسيق مع دول أوروبية في ملف الحد من الهجرة غير النظامية، وكذلك مشاركتها ضمن التحالف العربي في الحرب اليمنية، وعلاقات قائدها بعدد من الزعماء والقادة العرب والأفارقة؛ ما مهد له أن يكون جزءاً مهماً من المعادلة العسكرية والسياسية والاقتصادية داخل البلاد، بل وفي الإقليم.
وحسب لواء متقاعد في جهاز الأمن والمخابرات السوداني طلب عدم كشفه لـ«الشرق الأوسط»، فإن عملية دمج القوات بسيطة وعادية، ولكن في الحالة السودانية التعقيد يأتي من طبيعة تكوين قوات «الدعم السريع. ويشير في ذلك إلى الطابع القبلي والجهوي الذي يغلب على تلك القوات، وارتباطها بقيادة تاريخية بعينها شكلت هذه القوات في إشارة إلى قائدها (حميدتي)».
وتابع اللواء المتقاعد «إن ظروفاً وأسباباً كثيرة أدخلت القيادة التاريخية هذه القوات في المعادلة السياسية وأصبح لها موقف سياسي ومؤثر في مجريات الأحداث». بيد أنه عاد ليؤكد وجود «عوامل إيجابية» تخفف من صعوبة دمج هذه القوات على الرغم من الطابع القبلي الحاد، من بينها أنها ضمت في الآونة الأخيرة أفراداً من جهات وقبائل أخرى، وأن قياداتها الوسيطة غير منعزلة عن التكوينات العسكرية، وتضم ضباطاً برتب عليا من الجيش وجهاز الأمن والمخابرات.
ويذهب المصدر إلى القول، إن بعض الظروف سمحت لقوات «الدعم السريع» بالتمدد الإقليمي والدولي. وعدّ ذلك «سلاحاً ذا حدين» قد يكون ضدها أو في صالحها؛ لأن هذا العامل الخارجي الذي يدرك التعقيدات في البلاد، يمكن أن يحدّ من طموحات قيادتها، لكن في الوقت ذاته، يفتح الطريق أمامها على موقع مناسب معقول في معادلة السلطة. ووفق اللواء متقاعد، فإن العملية الفنية لدمج «الدعم السريع» أو غيرها من المجموعات المسلحة في الجيش يسيرة، ويمكن أن تمضي بسلاسة، بعزل وتفكيك الولاءات للقيادات التاريخية إلى قيادة زمنية.
من ناحية أخرى، استبعد اللواء متقاعد بشدة حدوث صدامات عسكرية بين الجيش و«الدعم السريع»، وقال، إنه لا توجد خلافات بين البرهان و«حميدتي» يمكن أن يصل إلى حد المواجهة، وإلى أن التراشق المتبادل بين الرجلين فُسِّر على أنه ناتج خلافات بينهما، لكنه في حقيقة الأمر موجه إلى جهات أخرى. واختتم كلامه بالقول «البرهان وحميدتي سيصلان إلى تفاهمات في وقت قصير تبقيهما في السلطة لسنوات مقبلة... والحديث عن انسحاب الجيش والدعم السريع من المشهد السياسي كما يتصور البعض عبر (اتفاق إطاري) أو غيره لن يحدث». وأردف «ربما تشكل حكومة مدنية انتقالية في البلاد، لكن نفوذ البرهان وحميدتي في سلطة الدولة لن يتأثر».

{حميدتي} (أ.ب)

تمدد «الدعم السريع» العسكري والسياسي في المنطقة يثير قلق القوى الدولية
> أفادت مصادر لصيقة بأطراف داخلية وخارجية لـ«الشرق الأوسط»، بأن مراكز دراسات استراتيجية في الولايات المتحدة ودول أخرى تتبنى عقد ورش ومؤتمرات خاصة تشارك فيها الأطراف السودانية العسكرية والمدنية من أجل تسهيل الحوار في عملية دمج المجموعات المسلحة، بما فيها قوات «الدعم السريع» في جيش واحد. وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه «لا يوجد حتى الآن تصور واضح لإجراء هذه المهمة». وكذلك لا يمكن فرض رؤية من جهة واحدة لعملية الدمج دون مشاركة الفصائل المسلحة والأطراف المدنية في النقاش حول الملف، خاصة أنه يرتبط بعملية إصلاح شامل للأجهزة النظامية التي ستخضع للسلطة السياسية المدنية المقبلة.
وحسب المصادر، فإن تمدد قوات «الدعم السريع» العسكري والسياسي في المنطقة يثير قلق القوى الدولية التي تنظر إلى هذه التحركات كمهدّد لمصالحها الاستراتيجية في عدد من الدول الأفريقية؛ ولذا ستعمل على تحجيم تمددها الخارجي، والحد من طموحاتها في الداخل دون عزلها نهائياً من المعادلة السياسية.
أيضاً تشير المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إلى معلومات تتعلق بوجود قوات «الدعم السريع» في بعض دول الجوار، مستفيدة من محاولات التغلغل الروسي في أفريقيا الوسطى وبعض دول غرب أفريقيا. وهو هاجس ومصدر قلق لمصالح دول أوروبا العسكرية والسياسية في الإقليم، وستقف ضده بقوة. واستطراداً - والكلام لا يزال للمصادر - فإن وجود قوات «الدعم السريع» في المدن الكبيرة يصعّب استهدافها في حال نشوب مواجهات، وإن باتت مستبعدة الحدوث حدوثها نهائياً. أما توازن القوى فيميل نسبياً لصالح الجيش، بتفوقه بسلاحي الطيران والمدرعات والقوات البرية. ويصنف الجيش السوداني في المرتبة الـ75 من مؤشر «غلوبال فاير باور» للدول الأقوى في العالم المكون من 145 دولية، بحسب تقارير العام الحالي (2023).

البرهان (أ.ف.ب)

دور القوى المدنية... وجهود ضبط الأزمة
> دفع التصعيد الكلامي المتبادل بين قادة الجيش السوداني و«الدعم السريع» إلى تدخل القوى السياسية الموقّعة على الاتفاق الإطاري؛ تلافياً لحدوث أي صراع بين القوتين العسكرتين يجرّ البلاد إلى حرب، ويؤثر على العملية السياسية الجارية حالياً. وفي الوقت نفسه، يرى البعض أن الحديث عن ملف دمج «الدعم السريع» والمجموعات المسلحة الأخرى، يجب أن يتم في الورشة المحددة للإصلاح الأمني والعسكري، كي لا يضع عراقيل أمام مسار التسوية السياسية.
هذا، واتخذت القوى السياسية الموقّعة على الاتفاق الإطاري، وعلى رأسها قوى «الحرية والتغيير» - الائتلاف السياسي الأكبر في السودان - موقفاً متوازناً من الجيش و«الدعم السريع»؛ خشية أن يحدث صدام بين الجبهتين، ولكن بدا «حميدتي» قائد «الدعم السريع» الأقرب إليها من موقف الجيش لتمسكه القاطع بالاتفاق الإطاري.
وبالتالي، يرى مراقبون أن هنالك تنافساً محموماً بين ثلاث ورشات لقضايا تفكيك نظام البشير المعزول، وتقييم مسار «اتفاقية جوبا للسلام» وحل أزمة السياسية في شرق السودان. وينتظر أنه خلال الأيام المقبلة ستُعقد ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، بالإضافة إلى قضية العدالة الانتقالية.
وفي 5 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقّع قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، اتفاقاً إطارياً مع القوى المدنية، أبرزها الائتلاف الحاكم السابق، قوى الحرية والتغيير، وقوى أخرى داعمة، للانتقال، ونص الاتفاق صراحة على إبعاد الجيش من المشهد السياسي، وترك القوى السياسية لتشكيل حكومة مدنية.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)

أفاد تقرير للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، بأن أكثر من 1000 مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) الماضي، بمخيم زمزم للنازحين شمال دارفور، تعرض نحو ثلثهم لعمليات إعدام خارج نطاق القانون.

وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقريرها إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وأكدت المفوضية «مقتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً».

وفي سياق آخر، شنت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً واسعاً بعشرات الطائرات المسيّرة، طالت عدداً من المدن في ولاية النيل بشمال السودان، مستهدفة محطة رئيسية لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي في المدن السودانية الكبرى.

وقال مصدر عسكري وشهود إن الهجوم تم بنحو 35 مسيّرة على مدن عطبرة والدامر وبربر في ولاية النيل، وألحق أضراراً بالغة بمحولات كهربائية في محطة المقرن في عطبرة نتج عنها إظلام تام في ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر.


مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

رسمت مصر «خطوطاً حمراء» بشأن الأزمة في السودان، وحذرت من تجاوزها باعتبارها «تمس الأمن القومي المصري». ولوّحت باتخاذ كافة التدابير التي تكفلها «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين، في خطاب يراه خبراء «الأكثر حدة» منذ اندلاع الحرب في السودان.

وجاء الموقف المصري بالتزامن مع استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حيث أكد السيسي «دعم بلاده الكامل للشعب السوداني في مساعيه لتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة»، وشدد على «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره»، مؤكداً استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي.

وجددت مصر، في أثناء زيارة البرهان، «تأكيد دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان»، وذلك في إطار «توجه الإدارة الأميركية لإحلال السلام، وتجنب التصعيد، وتسوية المنازعات في مختلف أنحاء العالم».

تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك

مع التأكيد على تلك الثوابت، وضعت القاهرة «خطوطاً حمراء» للمرة الأولى في الأزمة السودانية، مؤكدة أنها «لا يمكن أن تسمح بتجاوزها باعتبارها تمس الأمن القومي المصري الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني»، وتضمنت المحاذير المصرية «الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان».

وقالت الرئاسة المصرية، الخميس، إن «الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع المساس بهذه المؤسسات، هو خط أحمر آخر».

وأكدت «الحق الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين؛ لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها».

الرئيس المصري خلال محادثات في القاهرة الخميس مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان (الرئاسة المصرية)

وفي مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري مع السودان»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976، في مواجهة «التهديدات الخارجية».

عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري، اللواء يحيى كدواني، قال إن الأمن القومي المصري يرتبط مباشرة بوحدة الأراضي السودانية، «ومع وجود مؤامرات تهدف إلى تقسيمه، فإن ذلك يستدعي وضع (خطوط حمراء) لعدم تجاوزها، بما يحقق الحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، وبما يشكل ضمانة لحماية الأمن القومي المصري».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف المصري بشأن الحفاظ على وحدة وسلامة السودان ثابت وقوي، والقاهرة قادرة على تنفيذ ما تعلن عنه من شعارات ومبادرات لحماية مؤسسات الدولة السودانية»، لافتاً إلى أن استدعاء «اتفاقية الدفاع المشترك» جاء للتأكيد على أن «هناك تنسيقاً مشتركاً بين البلدين في إطار الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة في السابق بين البلدين».

وذكر بيان الرئاسة المصرية، الخميس، أن «القاهرة تتابع بقلق بالغ استمرار حالة التصعيد والتوتر الشديد الحالية في السودان، وما نجم عن هذه الحالة من مذابح مروعة وانتهاكات سافرة لأبسط قواعد حقوق الإنسان في حق المدنيين السودانيين، خاصة في الفاشر»، كما أكدت «رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه».

أما عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فأكد أن التنسيق المصري - السوداني في مجابهة تهديدات تقسيم البلاد يأتي في إطار حماية الأمن القومي المصري والسوداني والعربي، خاصة أن البلدين ضمن «مجلس الدول المتشاطئة على البحر الأحمر»، وهو لديه أدوار رئيسية تتمثل في «الدفاع والتنمية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف المصري يأتي في إطار مبادرة «الرباعية الدولية»، والمبادرة التي طرحها ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، في أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، موضحاً أن «القاهرة تدعم تنفيذ (خريطة طريق) تبدأ بهدنة تستمر ثلاثة أشهر، ودمج (قوات الدعم السريع) في الجيش السوداني، مع الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية السودانية».

ووفقاً لبيان الرئاسة المصرية، أكدت القاهرة «حرصها الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية».

وطرحت «الرباعية»، التي تضم دول (المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة الأميركية) في أغسطس (آب) الماضي، «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر».

جانب من اجتماع سابق لـ«الرباعية» في نيويورك (الخارجية المصرية)

وتأتي زيارة البرهان إلى مصر بعد أخرى قام بها إلى المملكة العربية السعودية، الاثنين الماضي، وأكد في ختام زيارته حينها «حرص السودان على العمل مع ترمب ووزير خارجيته، ماركو روبيو، ومبعوثه للسلام في السودان، مسعد بولس، في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب».

وأكدت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أماني الطويل، أن «مصر وضعت خطوطاً حمراء لأول مرة في الملف السوداني، وموقفها الأخير هو الأكثر حدة منذ اندلاع الحرب، وهو يتماهى مع الموقفين السعودي والأميركي بشأن الحفاظ على وحدة السودان، وضرورة وقف الحرب، ورفض الكيانات الموازية، والحفاظ على مؤسسات الدولة».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «نستطيع القول إن هناك توافقاً سعودياً - مصرياً على المواقف القوية بشأن وحدة السودان، ما يبرهن على أن الاتجاه السائد الآن هو بلورة مبادرة لوقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية»، لكنها شددت أيضاً على أن «المسألة الأكثر تعقيداً تتعلق بالحلول السياسية في ظل التعامل مع أطراف سودانية لا تقبل بعضها، ومن الممكن أن يأتي إعلان مبادئ (نيروبي) مقدمةً لهذا السياق».

ووقَّعت القوى السياسية والمدنية في «تحالف صمود» السوداني، بالعاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد النور، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» (الأصل) لوقف الحرب في السودان، ويُعد هذا أول تقارب يجمع غالبية الأطراف السودانية المناهضة للحرب.

وأكد متحدث الرئاسة المصرية، الخميس، أن محادثات السيسي والبرهان «تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسّد تطلعات الشعبين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة، وتطرقت كذلك إلى مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان».


«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
TT

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

طرحت الزيارة التي أجراها قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، لمقر القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي في مدينة بنغازي، أسئلة كثيرة، وسط إشارات إلى «خريطة تحالفات جديدة» تتعلق بموازين القوى.

واستقبل حفتر مساء الأربعاء، في بنغازي (شرق)، قائد الجيش الباكستاني، يرافقه وفد عسكري رفيع المستوى، في إطار زيارة رسمية إلى ليبيا لعقد سلسلة من الاجتماعات ذات الاهتمام المشترك. وقال مكتب القيادة العامة إن زيارة الوفد الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات»، حيث أكد الطرفان عمق العلاقات التاريخية الليبية - الباكستانية، وأهمية المضي قدماً في تطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين.

قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير في زيارة لبنغازي الأربعاء (القيادة العامة)

وعدّ المحلل السياسي الليبي، محمد قشوط، زيارة الوفد الباكستاني «غير عادية»، ورأى أنها «تمثل نقلة نوعية مرتبطة برؤية القيادة العامة 2030 في تطوير قدرات القوات المسلحة الليبية، التي لم تعد رهينة الاعتماد على دولة واحدة للتسلّح منها بلا آفاق وأبواب جديدة».

وأضاف قشوط في إدراج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن التعاون مع الجيش الباكستاني «سيضيف إلى قواتنا المسلحة كثيراً»، وعدّه «حليفاً استراتيجياً سيكون بمنزلة ردع لأي تهديدات مستقبلية».

وأُقيمت مراسم استقبال رسمية للوفد الباكستاني، وكان في مقدمة مستقبليه، نائب القائد العام الفريق أول صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، الفريق أول خالد حفتر، إلى جانب عدد من رؤساء الأركان بالقوات المسلحة.

وينظر الباحث في الشأن الليبي، محمد تنتوش، إلى زيارة الوفد العسكري الباكستاني لبنغازي على أنها «فشل دبلوماسي لحكومة (الوحدة)؛ ورئاسة الأركان في المنطقة الغربية»، وأرجع ذلك إلى أنها «لم تصنع علاقة بذات المستوى مع باكستان». وذهب تنتوش إلى أن «كل قوة وتطور في عمل معسكر الرجمة هو عامل إضافي، قد يُمكِّنها من السيطرة على كامل ليبيا، أو على الأقل يشجعها على ذلك».

كانت القيادة العامة قد مهّدت لقدوم الوفد الباكستاني بزيارة أجراها صدام حفتر إلى إسلام آباد في يوليو (تموز) الماضي، التقى خلالها شخصيات باكستانية عديدة، من بينهم رئيس الوزراء محمد شهباز شريف، ورئيس أركان البحرية الأدميرال نويد أشرف، وذلك ضمن زيارته الرسمية للبلاد.

ويرى محللون أن الزيارة، التي بحثت تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات، جاءت في توقيت تتصاعد فيه التحركات الإقليمية، وإعادة رسم خرائط النفوذ العسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كان تعديل دستوري أقرته باكستان مؤخراً، قد عزز من نفوذ منير، بمنحه أدواراً إضافية وحصانة مدى الحياة، في خطوة عدّها محللون ترسيخاً لمكانة قائد الجيش في موقع «الرجل الأقوى في البلاد».

وسبق أن قال موقع «إنسايد أوفر» الإيطالي، إن حفتر «لم يعد مكتفياً بالتحالف مع موسكو لتحقيق أهدافه في ليبيا؛ بل بات يناور بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة، ويخلق توازناً في منطقة مضطربة». فيما يرى متابعون أن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تحمل رسائل عدة تشير إلى انفتاح شرق ليبيا على تعاون عسكري أوسع مع قوى مؤثرة خارج الإطار التقليدي.

حفتر ومنير يستعرضان قطعة سلاح الأربعاء (القيادة العامة)

كان حفتر قد التقى في مايو (أيار) الماضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العاصمة موسكو، كما التقى أيضاً وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو.

ويفرض مجلس الأمن الدولي منذ إسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حظراً على السلاح. فيما جدد مؤخراً تفويضه بتفتيش السفن المتجهة من وإلى السواحل الليبية لمدة ستة أشهر. وينصّ قرار مجلس الأمن، الذي صُوّت عليه في نيويورك بتمديد مهمة العملية البحرية الأوروبية «إيريني»، على ضرورة توافر «أسباب معقولة» للاشتباه قبل الشروع في تفتيش السفن.