«نسوية» شاكيرا الساطعة من آلامها: القويات يصنعن المجد

بالتعافي تلهم نساء العالم طيّ الصفحة

«نسوية» شاكيرا الساطعة من آلامها: القويات يصنعن المجد
TT

«نسوية» شاكيرا الساطعة من آلامها: القويات يصنعن المجد

«نسوية» شاكيرا الساطعة من آلامها: القويات يصنعن المجد

هي الآلام، سيّرت شاكيرا باتجاه إطلاق موقف «نسوي» يشجّع المرأة على النهوض بعد ارتمائها. مَدّتها خيانة شريكِ 12 عاماً من حياتها، وأبي ولديها، بقوة يولّدها حفر التجارب القاسي في أعماق الأفئدة البشرية. امتلأت بجرح وجدت في «توظيفه» رسالة مؤازرة لنساء مغدورات أصابهنّ الرجال بطعنة. اتهامها بالمبالغة والعجز عن التخطّي، بعد تسلسل أغنياتها «الانتقامية»، لم يردع تحوّلها صوتَ المرأة الجريئة.
لم تُكذّب خيانة حبيبها لاعب كرة القدم جيرار بيكيه وتطل على الناس بقناع النجمات. تعاملت مع جمراتها بـ«ريأكشن» المرأة «العادية». أظهرت الألم كما هو، فظاً ومُعذِّباً. وتركت الوقت يمارس ثقله على القلوب المحطمة ويستلذّ بشلالات نزيفها. كان لا بدّ من أيام تفوح منها رائحة الشواء إثر احتراق الماضي، فتمتدّ السحب الداكنة خارج الجدران وتعبُر حيّز الخصوصية. يشغل انفصال شاكيرا وبيكيه العالم ويجعله يترقّب سلوك النجمين. لكنّ المغنية الكولومبية تجرّ الخيبة باتجاه العبرة، والزعل ليصبح حكمة.
لعلّها شاكيرا «أخرى»، تلك التي حاورها الصحافي إنريكي أسيفيدو على محطة «Canal Estrellas» المكسيكية. حضرت لتقول إنها تعلّمت الدرس وأدركت لِمَ تمرّ بهذا كله. الآن تصبح «المرأة المكتفية بذاتها»، بعد اتكالٍ على الرجل وإحساسٍ باستحالة الاكتمال من دونه. خذلان بيكيه يجعلها تتشبّه بـ«اللبؤة»: بالشراسة والثقة بالنفس وقواها الداخلية.
وُلد ظنُّها بحاجة المرأة إلى رجل يُكمّلها من «حلم العائلة». أرادت لولديها «أماً وأباً تحت سقف واحد»، لتدرك أنّ الأحلام لا تتحقق جميعها وسفن المرء قد يُسيّرها هبوب غير مُشتهى. ولداها ميلان (10 سنوات) وساشا (7 سنوات)، عوضُها: «طفلان رائعان يملآن أيامي بالحب».
الأمومة شعور يدوم؛ غيره المُحمّل بكذبة الأبدية. «أنا مكتفية بمفردي»، تعلن شاكيرا خلاصة الحكاية، والعبرة الكبرى: «ثمة أحلام تتحطّم، وعليك التقاط القطع الصغيرة من الأرض وجَمْع نفسك مرة أخرى».
يصيب الارتماء الصنف البشري المُكترث والمُبالي. لا يهتزّ اللا مُكترث ولا يُصاب بسُمّ العلاقات. لكنّ شاكيرا الأم لن تسمح بالمزيد من التشظّي المُعلن. تركت نفسها تتلوّع بما يكفي لوضْع حد. أتاحت للنواح السيطرة على منطق العقل فتغلّبت الهشاشة. ارتمت لتنهض. في حالتها، تلي الغفلة يقظة. بإعطائها نفسها «حق» الوجع، ثم لملمتها، تُلهم على أوسع نطاق، ولا تعود المثيرة للشفقة التي خانها الرجل، بل القوية التي تطمر ندوبها.
قلّما يَحول الألم دون تصرّف «طائش» جرّاء اختلال توازن الأشياء. بعد ما يزيد على عقد من شراكة الحياة والأبوّة، تشعر شاكيرا بأنها «مُستبدَلة» فتنتفض كرامتها لردّ الاعتبار. تُخرج إلى الضوء أغنيات صُنِّفت «انتقامية»، لكنها بالنسبة إليها «العلاج الأفضل». تشبّه الخلاصَ بالموسيقى، بجلسات الطب النفسي مع مفارقة: لن يعالجها الأطباء كما تفعل الأغنيات. هي نبض عملية التعافي.
تحرّض على الشفاء بما يجيد كلٌّ منّا فعله. بالعطاء الذي نبرع به. الجدوى هي المتنفّس. صحيح أنّ التلميح المصوّب نحو حبيبة رجلها السابق كلارا شيا (23 سنة)، المتوغّل في سلسلة أغنياتها الأخيرة، قد يُعدّ انفعالاً يحتمل ضبطه، لكن شاكيرا تطلق الآه لتتحرر وتفقأ الجرح لتشفى: «نقيض الاكتئاب هو التعبير عن المشاعر».
تغنّي كخطوة على طريق تخطّي الخيانة وتُجاهر بما لا تطيق تحمّله بمفردها. تحرّضها عيون نساء باكيات على محاكاة مشاعر الخذلان المشتركة دون تردّد. فهي حين تقع، تُذكرهنّ بوقوعهنّ. وحين تنفض ركامها، تُشجعهنّ على طي الصفحات الأليمة. ظهورها القوي يُلهمهنّ رفض الضعف والتوق إلى حلٍّ عوضَ الارتماء في الأزمة.
صدحت أصوات محدودة تدين تشبيه شاكيرا النساء بالسيارة في غنائها عن استبدال «توينغو» بـ«فيراري». الغالبُ ظلَّ انكشاف الوجع الممهِّد لشفائه، والقوة النسائية في اجتراح البدايات. تعيد الأحجام إلى طبيعتها وتردع عادة الحبّ السيئة بتضخيم الأشخاص والمشاعر: «الآن أنتَ مع مَن تليق بك... أنا كنتُ كثيرة عليك. النساء القويات لا يبكين بل يصنعن المجد».
تدرك أكثر من أي وقت عظمة دعم المرأة للمرأة. حين استعانت بمقولة وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت: «ثمة مكان مخصص في الجحيم لأولئك النساء اللواتي لا يدعمن الأخريات»؛ لم تُدِن فحسب تسبب امرأة بهدم منزلها، إنما أرادت الدلالة إلى أنّ ألدّ أعداء المرأة هي أحياناً امرأة مثلها.
دعوتها لـ«سرد تجارب النساء ومشاركتها مع أخريات»، ما كانت لتأخذ الصدى البديع نفسه لولا الانفصال المرير. قيل، انظروا، بيكيه يخون شاكيرا! إنها تفقد صوابها وتتصرّف كالمراهقات. تُهاجمه في الغناء وترفع في وجه أمّه ساحرة سوداء شريرة! الآن سيُقال، شاكيرا تتعافى وتُلهم نساء الأرض معنى أن تستمرّ الحياة كقطار يُكمل رحلته ولو غادره جميع الركاب قبل المحطة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

يصادف اليوم الرابع من شهر مايو (أيار)، مئوية الموسيقار عاصي الرحباني، أحد أضلاع المثلث الذهبي الغنائي الذي سحر لبنانَ والعالمَ العربيَّ لعقود، والعصي على الغياب. ويقول عنه ابن أخيه، أسامة الرحباني إنَّه «أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية». ويقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما، طريقة موحدة لتأليف موسيقاه المتنوعة، وهي البحث في تفاصيل الموضوعات التي يتصدى لها، للخروج بثيمات موسيقية مميزة. ويعتز خرما بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، التي تم افتتاحها في القاهرة أخيراً، حيث عُزفت مقطوعاته الموسيقية في حفل افتتاح البطولة. وكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في بطولة العالم للجمباز، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13»، الذي يجري عرضه حالياً في دور العرض المصرية. وقال خرما إنه يشعر بـ«الفخر» لاختياره لتمثيل مصر بتقديم موسيقى حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز التي تشارك فيها 40 دولة من قارات

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

تعتزم شركة تسجيلات بريطانية إصدار حفل تتويج ملك بريطانيا، الملك تشارلز الشهر المقبل، في صورة ألبوم، لتصبح المرة الأولى التي يتاح فيها تسجيلٌ لهذه المراسم التاريخية للجمهور في أنحاء العالم، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت شركة التسجيلات «ديكا ريكوردز»، في بيان اليوم (الجمعة)، إنها ستسجل المراسم المقرر إقامتها يوم السادس من مايو (أيار) في كنيسة وستمنستر، وأيضاً المقطوعات الموسيقية التي ستسبق التتويج، تحت عنوان «الألبوم الرسمي للتتويج»، وسيكون الألبوم متاحاً للبث على الإنترنت والتحميل في اليوم نفسه. وستصدر نسخة من الألبوم في الأسواق يوم 15 مايو.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)

احتفت مصر باللغة القبطية التي يجري تدريسها في المعهد العالي للدراسات القبطية التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصري، وذلك بمناسبة مرور 70 عاماً على إنشاء المعهد، بحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ووزيري الثقافة والسياحة والآثار وشخصيات عامة، وتم إلقاء الضوء على ما قدمه من دراسات وبحوث أسهمت في حفظ الحضارة المصرية بكل مكوناتها الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية.

وخلال الاحتفالية التي شهدتها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، الخميس، أكد البابا تواضروس الثاني أن «معهد الدراسات القبطية منذ تأسيسه يؤدي دوراً رئيساً في توثيق تاريخ الحضارة القبطية ونشر تراثها العريق عبر الأجيال».

وأشاد البابا بإصدار العملات التذكارية الخاصة بالمعهد، التي وافق عليها رئيس مجلس الوزراء، مؤكداً أنها تعكس تقدير الدولة لدور المعهد، وتسهم في ترسيخ قيمته التاريخية والثقافية لدى الجميع.

مؤكداً على «الثراء الحضاري الذي تمتلكه مصر، فالحضارة بها لا تقتصر على حضارة واحدة إنما هي طبقات من الحضارات المختلفة منها الفرعونية والقبطية والإسلامية والعربية والأفريقية والمتوسطية واليونانية الرومانية».

بينما لفت وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، إلى الدور الريادي لمعهد الدراسات القبطية، وجهوده المثمرة في تقديم قيم ثقافية وإنسانية رفيعة. وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

معهد الدراسات القبطية في مصر (صفحة المعهد على فيسبوك)

وتحدث وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي عن «التنوع الكبير في التخصصات والدراسات بالمعهد، وكونه لا يقتصر على الدارسات الدينية وما يتعلق بها فقط، حيث يضم 13 قسماً مختلفاً منهم القانون والثقافة والفن والتراث والمعمار والتوثيق الموسيقي وغيرها».

ولفت إلى التعاون بين الوزارة والمعهد في مجال التوثيق والتسجيل للتراث المادي وغير المادي، كما أن هناك تعاوناً مشتركاً في ملف الترميم والتوثيق الأثري لبعض المواقع الأثرية في مصر.

وأشار فتحي إلى مشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، موضحاً أن «هناك مواقع بهذا المسار جاهزة حالياً لاستقبال الزائرين والسائحين، وأعرب عن إعجابه بالعملات التذكارية التي يمكن الاستفادة منها في الترويج لمسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، خصوصاً في الأحداث والمعارض الدولية».

وعدّ الدكتور كمال فريد إسحق، أحد مدرسي معهد الدراسات القبطية في عقد الثمانينات «الاحتفال بمرور 70 سنة على معهد الدراسات القبطية يؤكد أهمية هذا المعهد في حفظ التراث القبطي عبر أقسامه المختلفة».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المعهد الذي درست فيه خلال ستينات القرن الماضي يضم فروعاً عدة من بينها فرع للغة القبطية وقسم للتاريخ وآخر للألحان والموسيقى وقسم للاهوت، وكل شخص يستطيع أن يدرس في الفرع الذي يهتم به».

وأضاف: «بعد أن درست الطب انجذبت لدراسة اللغة القبطية، وحصلت على دراسات في كلية الآداب بقسم اليوناني واللاتيني؛ لأن من يريد دراسة اللغة القبطية يجب أن يدرس اللغة اليونانية، لأن كثيراً من المخطوطات القبطية تمت ترجمتها عن اليونانية، ثم دخلت كلية الآثار قسم المصريات، لكن كانت البداية هي شغفي باللغة القبطية ومعرفة التاريخ القديم، وقمت بالتدريس في المعهد في الثمانينات»، ويرى إسحق أن «المعهد يحفظ التراث القبطي بوصفه جزءاً أصيلاً من التراث المصري والتاريخ المصري القديم، ويعد امتداداً طبيعياً للحضارة المصرية القديمة».

وأنشئ معهد الدراسات القبطية عام 1954، ويضم 3 أقسام رئيسية هي العلوم الإنسانية والتراث القبطي والعلوم الكنسية، تندرج تحت كل منها أفرع متنوعة.