لبنان: الهدوء يعود إلى مخيم عين الحلوة بعد اشتباك «فردي»

طرد المتشددين قبل 5 سنوات حصر التوترات في إشكالات محدودة

صورة أرشيفية لمظاهرة مسلحة بمخيم عين الحلوة في مايو 2022 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمظاهرة مسلحة بمخيم عين الحلوة في مايو 2022 (أ.ف.ب)
TT

لبنان: الهدوء يعود إلى مخيم عين الحلوة بعد اشتباك «فردي»

صورة أرشيفية لمظاهرة مسلحة بمخيم عين الحلوة في مايو 2022 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمظاهرة مسلحة بمخيم عين الحلوة في مايو 2022 (أ.ف.ب)

ساد هدوء حذر مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا (جنوب لبنان)، أمس الخميس، بعد اشتباك بين «حركة فتح» ومحسوبين على تنظيم إسلامي متشدد، أسفر عن مقتل شخص وإصابة 7 آخرين بجروح، ووصفه سكان المخيم بـ«الفردي»، ونشطت الاتصالات للملمة ذيوله.
واندلع اشتباك ليل الأربعاء - الخميس بين مجموعة من الشبان محسوبين على «حركة فتح» وآخرين من مجموعات إسلامية متشددة في منطقة حي الصفصاف بالمخيم، بعد إشكال بين الطرفين وقع في أثناء نقل مصاب بالحي أصيب بطلق ناري عن طريق الخطأ، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وتطور الإشكال إلى اشتباكات أدت إلى إصابة 8 أشخاص، ما لبث أن توفي أحدهم ليلاً، مما أعاد التوتر؛ حيث تجدد إطلاق النار مساء، قبل أن تتمكن الاتصالات السياسية من معالجة الإشكال بشكل جزئي.
وساد الهدوء الحذر أمس، فيما انتشر مسلحون في شوارع المخيم، وأغلقت المدارس التي تديرها «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)».
وتصر مصادر المخيم على التأكيد أن الحادث كان فردياً، حيث أطلق شاب محسوب على فصيل «عصبة الأنصار» المتشدد النار على مجموعة كانت تنقل الشاب المصاب المحسوب على «فتح» إلى المستشفى، ما أدى إلى وفاة شاب متأثراً بجراحه، وهو محسوب على «فتح».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات التي تجري في المخيم «تطالب (عصبة الأنصار) بتسليم المتورط في إطلاق النار للجنة الأمنية التي تسلمه بدورها للقضاء اللبناني، عملاً بالعرف القائم في المخيم».
وتتولى المخيمات الفلسطينية في لبنان «أمنها الذاتي» ولا تدخلها القوى الأمنية اللبنانية بموجب اتفاق ضمني مع الفصائل الفلسطينية، لكن المتهمين بالخروج عن القانون يجري تسليمهم للقضاء اللبناني. وتفيد تقارير أمنية بلجوء كثير من الخارجين عن القانون والمطلوبين إلى المخيم للاحتماء فيه؛ إذ تحول بسبب الفقر والسلاح المنتشر فيه إلى أرض خصبة للتشدد.
غير أن الإشكالات التي تندلع منذ عام 2018 في غالبها إشكالات فردية، بعد «المعركة الكبرى» التي خاضتها «فتح» ضد «مجموعة بلال بدر» المتطرفة في عام 2017، وأسفرت عن مقتل العشرات، وانتهت بهروب بدر إلى إدلب في شمال غربي سوريا، وبات المخيم الآن «مضبوطاً إلى حد كبير» تحت سيطرة «فتح».
وتقول المصادر الفلسطينية في المخيم لـ«الشرق الأوسط» إن تلك المعركة مع مجموعة بدر «كانت الأخيرة مع المتطرفين»، رغم أن فصيلي «عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» لا يزالان يتمتعان بنفوذ في المخيم، وثمة أحياء في شرق المخيم توجد فيها التنظيمات الإسلامية بشكل علني.
وتوضح المصادر أن فصيل «الحركة الإسلامية المجاهدة» الذي يتزعمه الشيخ جمال خطاب، لعب دور الوساطة في فترات لاحقة بين «فتح» واللجنة الأمنية الفلسطينية من جهة في المخيم، وتنظيمات إسلامية أو شخصيات متطرفة من جهة أخرى، لوضع حد للتوترات. أما فصيل «عصبة الأنصار»، الذي تراجع نفوذه وحيثيته العسكرية، «فخضعت تجربته لتحول كبير في السنوات الخمس الأخيرة، واتخذ طابعاً أكثر اعتدالاً»، ولم يعد سلوكه يتسم بالحدة السابقة، مشيرة إلى أن «(العصبة) انفتحت على قوى سياسية لبنانية وعلى منظمات دولية في السنوات الأخيرة، مما يحمل مؤشرات على تغيير في السلوكيات والأدبيات السياسية».
تلك المؤشرات ينظر إليها سكان المخيم بترحيب؛ إذ «بدأت تلك التنظيمات ترتدي ربطات العنق»؛ في إشارة إلى اعتدالها الذي «يتزامن مع تحولات في المنطقة تركت آثارها على تنظيمات الإسلام السياسي بعد عام 2017»، وتزامن في الوقت نفسه مع انحسار الخطاب المتشدد في لبنان، إثر سيطرة الجيش اللبناني على الحدود الشرقية مع سوريا ضمن معركة «فجر الجرود»، وتكثيف الملاحقات الأمنية اللبنانية لجميع الخلايا المتشددة في البلاد، مما قوض سطوتها. وتقول المصادر إن المخيم «غالباً ما يكون رجع صدى للتطورات على الساحة اللبنانية، يتأثر بها ويتماهى معها».
وشملت عمليات القوى الأمنية الرسمية اللبنانية في الداخل اللبناني، ملاحقة المتطرفين في مخيم عين الحلوة؛ ففي عام 2017 نفذت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مداهمات أسفرت عن توقيف مشتبه فيهم بالانتماء إلى خلية تابعة لتنظيم «داعش» يرأسها مصري كان يتوارى داخل مخيم عين الحلوة. وفي عام 2021، أوقفت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي فلسطينياً كان مطلوباً للقضاء بموجب 7 ملاحقات قضائية بجرائم الانتماء إلى تنظيم إرهابي، والانتماء إلى عصابة إرهابية، وحيازة أسلحة حربية.
ويعيش في مخيم عين الحلوة، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني مسجل؛ انضم إليهم في السنوات الأخيرة آلاف الفلسطينيين الفارين من الحرب في سوريا.
وهناك أكثر من 450 ألف فلسطيني مسجلون لدى «الأونروا» في لبنان، يعيش معظمهم في واحد من 12 مخيماً رسمياً للاجئين، غالباً في ظروف مزرية، ويواجهون مجموعة من القيود القانونية؛ بما فيها قيود تعوق توظيفهم.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

لبنان يندّد بالهجوم على جنود إيطاليين بقوة «اليونيفيل»

وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
TT

لبنان يندّد بالهجوم على جنود إيطاليين بقوة «اليونيفيل»

وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)

ندّد لبنان، اليوم (الاثنين)، بالهجمات على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في جنوب البلاد، ومن بينها هجوم صاروخي وقع الأسبوع الماضي، وأسفر عن إصابة 4 جنود إيطاليين بجروح طفيفة، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وتراقب قوة حفظ السلام متعددة الجنسيات، والبالغ قوامها 10 آلاف جندي، الأعمال القتالية على امتداد خط ترسيم الحدود مع إسرائيل، وهي منطقة تشهد اشتباكات عنيفة بين «حزب الله» المدعوم من إيران والقوات الإسرائيلية.

وتعرّض جنود «اليونيفيل» لعدة هجمات من الجانبين منذ شنّ إسرائيل حملة برية عبر الحدود ضد «حزب الله» في نهاية سبتمبر (أيلول).

وقال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبد الله بو حبيب، خلال مؤتمر في روما: «يدين لبنان بشدة أي هجوم على (اليونيفيل)، ويدعو جميع الأطراف إلى احترام سلامة وأمن القوات ومواقعها».

وتحدّث بو حبيب، قبل حضوره اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في أناني جنوب شرقي روما مع وزراء آخرين من الشرق الأوسط الذي من المقرر أن يناقش الحروب في المنطقة.

وأضاف: «يدين لبنان الهجمات الأخيرة على القوة الإيطالية، ويستنكر مثل هذه الأعمال العدائية غير المبررة».

وقالت إيطاليا إن «حزب الله» مسؤول على الأرجح عن الهجوم الذي نُفّذ يوم الجمعة ضد عناصرها ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.

ودعا وزير الخارجية اللبناني إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701» الذي أفضى إلى إنهاء حرب سابقة بين «حزب الله» وإسرائيل عام 2006، من خلال فرض وقف لإطلاق النار، وواجه تحديات وتعرّض لانتهاكات خلال السنوات الماضية.

وأكد بو حبيب أن «لبنان مستعد للوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في القرار المذكور أعلاه». وأضاف: «هذا يعني حرفياً، وأنا أنقل اقتباساً: لن يكون هناك سلاح من دون موافقة الحكومة اللبنانية ولا سلطة خلافاً لها».