أزمة التعليم الرسمي في لبنان تتفاقم... والعام الدراسي في خطر

TT

أزمة التعليم الرسمي في لبنان تتفاقم... والعام الدراسي في خطر

لم تتمكن حكومة تصريف الأعمال رغم اجتماعاتها المتتالية التي تضع البنود التربوية على رأس جداول الأعمال من حل أزمة التعليم الرسمي في لبنان التي تتفاقم، إذ مر شهران على الإضراب المفتوح الذي أعلنه الأساتذة للمطالبة بدفع مستحقاتهم ورفع رواتبهم التي باتت بمعظمها رمزية نتيجة التدهور المتواصل بسعر صرف الليرة اللبنانية.
ولم يتلق الأساتذة المتعاقدون في التعليم الرسمي بإيجابية إعلان الحكومة بعد جلستها الأخيرة منح الأساتذة بدل نقل، عبارة عن دفع ثمن خمسة لترات بنزين عن كل يوم عمل، فاعتبروا أنه «أحد المطالب إلا أنه جاء منقوصاً». وفي بيان نعت اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي العام الدراسي وحملت المسؤولية لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير التربية عباس الحلبي ووزير المالية يوسف الخليل. بدوره قال أمين سر رابطة أساتذة التعليم الثانوي حيدر خليفة بأنه «خلال هذا الأسبوع في حال لم تتم الاستجابة لمطالبنا سوف ننعى التعليم الرسمي والعام الدراسي». وتطالب روابط التعليم الرسمي بـ«رفع قيمة تغطية الاستشفاء، ورفع بدل النقل، واعتماد منصة صيرفة خاصة برواتب القطاع العام، تؤمن بدل إنتاجية مناسبا إلى حين تصحيح الرواتب والأجور وإنصاف المتعاقدين وتحقيق مطالبهم».
ويمكن الحديث عن تفاوت كبير بين التعليمين الرسمي والخاص، إذ أنه بحسب رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي نسرين شاهين، «فقد فتحت معظم المدارس الرسمية أبوابها كحد أقصى بين 40 و45 يوما فيما بعضها لم يفتح إلا 30 يوما، بينما المدارس الخاصة قامت بالتدريس نحو 100 يوم».
وتراجع التعليم الرسمي في لبنان بشكل كبير في الأعوام الماضية خاصةً مع انفجار الأزمة المالية في البلد عام 2019 ونتيجة وباء كورونا وعدم استطاعة تلامذة المدارس الرسمية من التعلم عن بُعد، ما أدى لتزايد أعداد التلامذة في المدارس الخاصة والذين يشكلون نحو 75 في المائة من مجمل الطلاب.
ويبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي 20 في المائة بينما عدد الذين في الملاك 80 في المائة، بالمقابل يبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي p والذين في الملاك 30 في المائة. أما أساتذة المهني المتعاقدون فنسبتهم 85 في المائة والذين في الملاك 15 في المائة فقط. وبالتالي في حال قرر من هم في الملاك العودة إلى التعليم بخلاف قرار المتعاقدين فهم يستطيعون تغطية التعليم الثانوي لا الأساسي.
ولا ينكر مقرر لجنة التربية النيابية النائب ادغار طرابلسي أن «العام الدراسي بخطر»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المناهج ستكون عرضة للتكثيف والتقليص لتعويض الفاقد التعليمي في المدارس الرسمية». ويشير طرابلسي إلى أن «المشكلة اليوم متعددة الأوجه، فهي أولا مشكلة سيولة وتمويل من جهة الدولة، ثانيا، مشكلة عدم قدرة الأستاذ على الاستمرار بالتعليم براتب لا يكفيه للانتقال إلى المدرسة. ثالثا، مشكلة انعدام الثقة بوعود الوزارة بحيث تمضي الأشهر ولا يقبض الأستاذ مستحقاته. ورابعا، مشكلة متعاقدين أوضاعهم غير سليمة ويعانون كلما أضرب الذين بالملاك فيخسرون ساعاتهم». ويوضح طرابلسي أن «الامتحانات الرسمية قائمة لكنها ستكون أيضاً ببرنامج مقلص بسبب معاناة التعليم الرسمي، ما يؤدي لتراجع قوة الشهادة الرسمية».
وأعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي مؤخراً أنه لن يكون هناك إلغاء للامتحانات الرسمية متحدثا عن «خطة للتعويض على طلاب المدارس الرسمية».
وتعتبر رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي نسرين شاهين أن هناك الكثير من «علامات الاستفهام التي تطرح حول إمكانية إجراء امتحانات رسمية في ظل عدم تكافؤ التعليم بين تلامذة الخاص والرسمي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «صحيح أنه يمكن اعتماد الأسلوب الذي اتبع العام الماضي أي تقليص المناهج وامتحان الطلاب بمواد اختيارية وبعدد من الدروس بكل مادة لكنها ستكون أشبه بمجزرة تربوية باعتبار أن نحو 80 في المائة من الطلاب حصلوا على امتياز جيد وجيد جدا وهذا مؤشر خطير لمستوى التعليم في لبنان». وتضيف: «إذا أردنا امتحانات رسمية جدية يفترض تمديد العام الدراسي، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بتطبيق للمراسيم والقوانين الموجودة في أدراج وزير التربية وبدء إرسال تحويلات مستحقات الأساتذة».
يذكر أن ما يسري على الطلاب اللبنانيين في المدارس الرسمية يسري على آلاف التلامذة السوريين في لبنان، إذ أعلنت وزارة التربية في شهر يناير (كانون الثاني) أنه مع توقف الأساتذة عن تعليم التلامذة اللبنانيين في دوامات قبل الظهر، توقف تعليم التلامذة السوريين في المدارس الرسمية والذين تخصص لهم دوامات بعد الظهر.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص، في مؤتمر صحافي لوزارة الصحة في مدينة خان يونس: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال لإدخال الوقود».

وأضاف، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «ندعو المؤسسات الدولية لاستغلال قرار محكمة الجنائية الدولية لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإدخال كل ما يحتاج إليه قطاع غزة من وقود ودواء واحتياجات أساسية، وإرسال وفود طبية لقطاع غزة عامة وشماله خاصة».

وفي وقت سابق، قالت الوزارة، في بيان: «في ساعات متأخرة من ليلة أمس، أعادت قوات الاحتلال استهداف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، وأصابت 6 من الكوادر الطبية العاملة، بينها حالات خطيرة أدخلت إلى العناية المركزة».

وأضاف البيان: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير مولد الكهرباء الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى حيث يوجد 80 مريضاً و8 حالات في العناية المركزة».

وأدانت وزارة الصحة «هذا العمل الإجرامي المتكرر والمستمر على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، ونكرر مناشدتنا للمؤسسات الدولية والإنسانية ضرورة توفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في قطاع غزة، بحسب ما كفلته ونصت عليه القوانين الدولية».

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

وقال الدفاع المدني في قطاع غزة، الجمعة، إنه انتشل جثث 12 قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل في قطاع غزة 5 من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم السابع من أكتوبر 2023، غداة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في قطاع غزة منذ شنت حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.