سعر صرف الدولار يسابق إجراءات الحكومة اللبنانية

وصل إلى حدود 90 ألف ليرة مع بدء التسعير به في المخازن الكبرى

الأسعار بالدولار على رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت أمس (أ.ب)
الأسعار بالدولار على رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت أمس (أ.ب)
TT

سعر صرف الدولار يسابق إجراءات الحكومة اللبنانية

الأسعار بالدولار على رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت أمس (أ.ب)
الأسعار بالدولار على رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت أمس (أ.ب)

يسابق سعر صرف الدولار الأميركي كل الإجراءات التي تأخذها الحكومة ووزاراتها المعنية، فتنعكس نتائجها سلبا على جيوب المواطنين ورواتبهم التي تتدنى قيمتها يوما بعد يوم، وذلك مع وصول سعر صرف الدولار يوم أمس إلى حدود الـ90 ألفا، فيما يبدو واضحا أن ارتفاعه يسير بوتيرة غير مسبوقة نحو سقوف عالية وفق ما يؤكد الخبراء.
وهذا الارتفاع ينعكس على حياة اللبنانيين ومتطلباتهم الأساسية اليومية التي تتأثر بشكل مباشر بارتفاع سعر صرف الدولار، على غرار المحروقات والمواد الغذائية والاستهلاكية وحتى رغيف الخبز. وهو ما لمسه المواطنون في المحلات التي بدأت يوم أمس التسعير بالدولار، تنفيذا لقرار وزارة الاقتصاد. وهذا ما يعبّر عنه سامي (أب لطفلين) قائلا: «لا يختلف بالنسبة إلينا التسعير بالدولار أو بالليرة فيما نحن نقبض رواتبنا بالليرة اللبنانية. لطالما سمعنا أن التسعير بالدولار سيكون لمصلحة المواطن، وأن الأسعار قد تنخفض عند اتخاذ هذا القرار، لكن عمليا على أرض الواقع لم يغير القرار شيئا، وهو ما لمسته اليوم (أمس) خلال شرائي لبعض الحاجيات من أحد المحلات، الأسعار هي نفسها حتى أن بعضها ارتفع لأسباب غير معروفة، فيما يربطها البعض بارتفاع الدولار الجمركي، علما بأن المعنيين يقولون إن معظم المواد الغذائية لا تتأثر بالقرار». ويسأل «من يراقب هذه الأسعار؟ ومن يضع حدا لجشع التجار الذين يضعون أرباحا تصل إلى مائة في المائة؟ وهو ما يبدو واضحا من اختلاف الأسعار الكبير بين محل وآخر».
ويختلف الوضع قليلا بالنسبة إلى رلى، التي تقبض بالدولار، وتعتبر أن التسعير به قد يكون أخف وطأة من الناحية النفسية، لتعود وتستدرك قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة تكمن حتى بالنسبة إلينا، بأن الأسعار تشهد ارتفاعا جنونيا وغير منطقي، بحيث لم نعد قادرين على تلبية كل حاجياتنا، وبات التقشف سيّد الموقف باستثناء أمور أساسية؛ مثل حفاضات الأطفال والحليب، حيث تبقى لهما الأولوية، لكن بتنا نستغني عن أمور كثيرة كنا تعودنا على شرائها من الفاكهة والألبان والأجبان والحلويات ومعظم المواد المستوردة، بعدما باتت كل فواتيرنا بالدولار أو وفق سعر صرف الدولار، من الكهرباء وأقساط المدرسة والتأمين والمحروقات وغيرها...».
وفيما وصل أمس سعر صرف الدولار إلى 90 ألفا، بدأ معظم المحلات التسعير بالدولار كما بدا واضحا على الرفوف الممتلئة بالمواد الغذائية والاستهلاكية التي يتنقل بينها المواطنون لاختيار الأرخص، بعد احتسابها على الليرة اللبنانية وفق سعر الصرف المحدد على الشاشة، وهو الذي قد يختلف بدوره بين دقيقة وأخرى وفق تبدل السعر في السوق السوداء.
ويجمع رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي ونقيب أصحاب المحلات نبيل فهد على أن قرار رفع الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألفا لن ينعكس كثيرا على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية المعفاة في معظمها من الرسم الجمركي، وسيرفع سعر المستثناة من هذا القرار بنسبة بين 2 و10 في المائة.
واعتبر فهد أن دولرة الأسعار في المحلات تصب في مصلحة المواطن، وتعزيز المنافسة أيضا بين محل وآخر، متوقعاً انخفاضا في الأسعار، كما جدّد التأكيد على أن الدفع سيبقى بالليرة اللبنانية إلا لمن يختار الدفع بالدولار، مشيرا إلى أن الأمر لن يخلو من الإرباكات لجهة مصدر تسعير دولار السوق السوداء وفق المنصات.
وفيما لا يثق اللبنانيون بقدرة الجهات المعنية على مراقبة الأسعار، يعتبر الباحث في الشؤون المالية البروفيسور مارون خاطر أن التسعير بالدولار هو وسيلة لتغطية التلاعب وليس حلا فيما يربط استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار بأسباب عدة سياسية ومالية، إضافة إلى تهريبه إلى سوريا، كما تدخل المصرف المركزي في سوق القطع شاريا للعملة الخضراء. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «التسعير بالدولار لن يوقف التلاعب بالأسعار، بل على العكس سيكون غطاء له، والدليل على ذلك أن أصحاب المحلات عمدوا إلى رفعها قبل أسابيع بمجرد الإعلان عن توجه للتسعير بالدولار»، ويضيف «الثقة مفقودة بين المواطنين وأصحاب المحلات على غرار المصارف، وما دام لا توجد منصة توحد سعر الصرف المعتمد فيعني أن المشكلة انتقلت من الرف إلى الصندوق، وهو ما يؤكد أن الحل لن يكون بالرقابة والمحاسبة».
ويعتبر خاطر أن تصريحات المسؤولين، ومنهم وزير الاقتصاد الذي أعلن قبل أيام أن سعر الصرف سيصل إلى سقف عال، تساهم بزيادة الضغط على السوق المالية والطلب على الدولار، موضحا «التسعير بالدولار يعني إعلانا واضحا من المسؤولين بموت الليرة اللبنانية سريريا، وهو مؤشر على أن الدولة التي يفترض أن تكون مسؤولة عن إعادة النهوض بالاقتصاد، تبعث برسائل سلبية للمواطنين، مفادها أن الليرة غير مؤهلة لتكون عملة التداول، وبالتالي من الطبيعي أن يذهب المواطنون إلى عملة بديلة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

العراق... جهود حكومية حثيثة لإنجاز التعداد السكاني

العراق... جهود حكومية حثيثة لإنجاز التعداد السكاني
TT

العراق... جهود حكومية حثيثة لإنجاز التعداد السكاني

العراق... جهود حكومية حثيثة لإنجاز التعداد السكاني

بعيداً عن صخب الانتخابات الأميركية ونتائجها والحديث عن تعرض البلاد إلى ضربة إسرائيلية محتملة، تواصل الحكومة العراقية جهودها الحثيثة لإنجاز تعهدها بإجراء التعداد السكاني العام المقرر في العشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وفي حين تركز الحكومة جهودها على تجاوز العراقيل المرتبطة بإجراء التعداد في محافظة كركوك التي كانت أبرز عوامل عدم إجرائه منذ نحو 10 سنوات، أعلن البرلمان الاتحادي تشكيل لجنة خاصة لإعادة حقوق المواطنين الكرد والتركمان في كركوك الذين صادر نظام حزب «البعث المنحل» مساحات زراعية واسعة من أراضيهم.

وأولت جلسة رئاسة الوزراء، الثلاثاء، أهمية خاصة لمتابعة الاستعدادات الخاصة بإجراء التعداد السكّاني في عموم العراق، وركزت بشكل خاص على محافظة كركوك، حيث جددت الجلسة «التأكيد على الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية (73/ اتحادية/ 2010) الخاص بالتعداد العام للسكّان» والقرار المشار إليه كان قد حكم بعدم «التعارض» بين إجراء التعداد السكاني وتطبيق المادة 140 من الدستور المتعلقة بتطبيع الأوضاع في كركوك، حيث كان المكونان الكردي والتركماني يطالبان بتطبيق المادة قبل إجراء التعداد.

وشددت جلسة رئاسة الوزراء على أن «يجري العمل بالتعداد في المناطق المتنازع عليها من قبل فريق مشترك من القوميات الثلاث (العربية - الكردية - التركمانية)، ويضاف فرد من الديانة المسيحية للفريق في المناطق ذات الأغلبية المسيحية».

وأقرّت كذلك، أن تقوم «هيئة الإحصاء» و«هيئة إحصاء إقليم كردستان العراق»، بالتعاون مع وزارة الداخلية الاتحادية، بمقارنة جداول بيانات الوزارات مع نتائج التعداد «سجلات وزارة الداخلية، تعداد 1957 وتحديثاته وسجلات وزارة التجارة وبيانات وزارة الهجرة والمهجرين»، إضافة إلى مقارنتها مع «نتائج التعداد العام ومقاطعة البيانات الخاصة بالتعداد بالسجلات الواردة في الفقرة (3) تكون من اختصاص وزارتي التخطيط الاتحادية ووزارة التخطيط في إقليم كردستان العراق، حسب الاتفاق المشترك».

وأعطت جلسة رئاسة الوزراء «الحق» لهيئة إحصاء إقليم كردستان العراق في «إرسال فريق فني يوجد في غرفة عمليات التعداد الرئيسية للاطلاع ومتابعة سير عمليات التعداد والاطمئنان على سلامة الإجراءات بشكل دائم، حتى انتهاء العملية».

وتؤكد وزارة التخطيط العراقية، أن التعداد السكاني لا يتضمن ذكر «القومية أو الطائفة» في استمارة البيانات؛ لأنه يستهدف «الجوانب التنموية والاجتماعية والاقتصادية بالنسبة للسكان وليس انتماءاتهم الدينية أو القومية أو الإثنية».

وسبق أن أعلن المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، أن وزارته «تترقب التعداد بصفته حدثاً غاب طويلاً عن العراق لمدة 27 سنة وعملت على توفير متطلبات إجراء التعداد السكاني كافة في 20 - 21/ 11/ 2024».

وأضاف، أن «مشروع التعداد السكاني ضخم وكبير ويتضمن جرد كل شيء فوق الأرض من بنايات ومنازل ومنشآت سكنية».

وأضاف، أن «الوزارة أعدت 40 ألف باحث مدرب بشكل جيد على تسجيل بيانات التعداد السكاني وأن عملية التعداد تستمر لغاية يوم 3 ديسمبر (كانون الأول) 2024، حيث يتم الرجوع إلى الأسرة التي تم عدّها لتسجيل بيانات (السكن، الصحة والتعليم) وتكون نتائجها نهاية للتعداد».

بدوره، كشف نائب رئيس البرلمان شاخوان عبد الله، عن أن رئاسة البرلمان وجّهت بفتح تحقيق بما جرى داخل قبة البرلمان حول التصويت على إعادة الأراضي الزراعية لأصحابها الشرعيين، وأن جميع الكتل السياسية متفقة على تمرير القانون لإعادة حقوق الكرد والتركمان.

ويشتكي الكرد والتركمان منذ سنوات من أن أنهم حُرموا من استعادة أراضيهم الزراعية التي صادرها نظام صدام حسين وأعطاها لمواطنين من العرب.

وقال عبد الله في مؤتمر صحافي إن «القوى الشيعية والكتل الكردية والسنية متفقة على قانون إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل بخصوص الأراضي الزراعية، خصوصاً في كركوك وهي ليست كذلك، بل إن الاتفاق السياسي بين الجميع هو إعادة حقوق الأراضي الكرد والتركمان والتي هي عادت لهم بعد 2003 وسقوط النظام البعثي».

ونفى عبد الله الأنباء التي ذكرت أن «القرار سوف يساهم بالسيطرة على أراضٍ تابعة للمنشآت النفطية والأراضي التابعة لوزارة الدفاع، بل على العكس، لن يتم المساس بالأراضي النفطية والتابعة للدفاع».