أكثرية نواب المعارضة اللبنانية لن تساير جعجع في تعطيل النصاب

بعد حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن منع وصول مرشح «حزب الله» للرئاسة

سمير جعجع (رويترز)
سمير جعجع (رويترز)
TT

أكثرية نواب المعارضة اللبنانية لن تساير جعجع في تعطيل النصاب

سمير جعجع (رويترز)
سمير جعجع (رويترز)

لا يبدو أن كل قوى المعارضة بصدد ملاقاة رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، بنيتهما تعطيل نصاب أي جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية يريده «حزب الله». فهذه القوى، التي لم تتفق أصلاً على اسم مرشح واحد تخوض به الاستحقاق الرئاسي، لا تشير المعطيات إلى أنها بصدد الاتفاق على مواجهة أي محاولة من «حزب الله» لفرض مرشحه.
فبعد إعلان الجميل صراحة، خلال المؤتمر العام لحزب «الكتائب»، «تعطيل الانتخابات إن أراد الفريق الآخر الإتيان برئيس يغطي سلاح (حزب الله)»، تعهد جعجع في مقابلته مع «الشرق الأوسط» بإحباط انتخاب مرشح «حزب الله» لرئاسة الجمهورية من خلال تعطيل النصاب.
ويأتي موقف «القوات» و«الكتائب» بعد قول علي حسن خليل، النائب في كتلة «التنمية والتحرير» والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، إنه «إذا جمع رئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية 65 صوتاً من دون الكتلتين المسيحيتين (أي القوات والتيار الوطني الحر) فسنمضي به». ولمنع انعقاد أي جلسة نيابية لانتخاب رئيس، يفترض تغيب 43 نائباً عنها، من منطلق أن انعقاد الدورة الأولى يوجب تواجد 86 نائباً داخل القاعة. ولا يستطيع نواب «الكتائب» الأربعة ونواب كتلة «الجمهورية القوية» (أي نواب القوات) الـ19 وحدهم تعطيل النصاب، ويحتاجون لتغيب 20 نائباً آخرين، لمنع انتخاب رئيس يريده الفريق الآخر.
وبالرغم من خوض الحزب «التقدمي الاشتراكي» مع «القوات» و«الكتائب» المعركة الرئاسية موحدين منذ انطلاقتها من خلال تبني ترشيح النائب ميشال معوض، لن يجاري «الاشتراكيون» جعجع والجميل بقرارهما تعطيل نصاب أي جلسة تؤدي لانتخاب فرنجية. وفي هذا السياق، قال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نعطل ولن نعطل نصاب أي جلسة سابقاً، ولا لاحقاً، مهما كانت الأسباب، ولا نعطل مؤسسات، ولا رئاسة جمهورية أو حكومة أو مجلس النواب، ونرفض هذا التعاطي مع أي استحقاق، خاصة أن البلد تحلل كلياً».
وكما الاشتراكيين، يرفض نواب «الاعتدال الوطني» الستة تعطيل النصاب. أما نواب «التغيير» الـ12 فلا موقف موحد لهم بهذا الخصوص، ففيما تؤكد النائبة بولا يعقوبيان أنها لا تمانع توجهاً كهذا، يرفض النائبان المعتصمان في المجلس النيابي؛ نجاة صليبا، وملحم خلف، هذا التوجه. ويشير أحد نواب «التغيير» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لم يتم إجراء إحصاء لتحديد من منهم سيحضر جلسة مماثلة ومن سيقاطعها، مضيفاً: «أنا ممن يرفضون مقاطعة الجلسات، فكيف نعلي الصوت ونطالب بجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس، ويعتصم نائبان منا لانتخاب رئيس، وحين لا يناسبنا الرئيس الذي سينتخب نقاطع الجلسة! يفترض أن تكون لدينا معايير موحدة في التعامل مع الملف».
ولم يحسم نواب معارضون آخرون إذا كانوا سيعطلون جلسة تؤدي لانتخاب فرنجية أم لا. وإن كان «القواتيون» و«الكتائبيون» يعولون على مواقف نواب كتلة «تجدد» الأربعة، إضافة إلى نواب مستقلين آخرين، مثل عماد الحوت، ونبيل بدر، وبلال الحشيمي، وعبد الرحمن البزري، وعبد الكريم كبارة، وغيرهم.
ولا يستبعد الراغبون بتعطيل النصاب أن ينضم عدد من نواب «التيار الوطني الحر» الـ18 إليهم، باعتبار أنهم يرفضون السير بمرشح «حزب الله» وحركة «أمل» سليمان فرنجية، إلا أن عضو تكتل «لبنان القوي» آلان عون يؤكد أن «التكتل لم يبحث هذا الموضوع بعد، ولكن توجّهنا واضح منذ بداية جلسات التصويت للمشاركة في الجلسات وعدم تعطيل الاستحقاق الرئاسي»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المفارقة مع مرحلة 2014 - 2016 هي أنه في حينها كنا نخوض معركة تصحيح ميثاقي للشراكة في البلد، وكان لدينا مرشح واضح يجسّد هذه القضية، ولذلك اعتمدنا مقاطعة الجلسات، من أجل إنجاح هذه القضية الجوهرية والتصحيحية لنظامنا السياسي ولم تكن هذه الممارسة في حينها ناتجة عن إرادة مقاطعة أو تعطيل، أو ذات خلفية شخصية لمنع مرشح ما من الوصول في حال توفّرت له شروط النجاح». وينفي عون أن يكون نواب «التيار» شاركوا بتعطيل نصاب الدورات الثانية في الجلسات الـ11 الماضية التي تمت الدعوة إليها لانتخاب رئيس.
وكان جعجع قال في حوار مع «الشرق الأوسط»، نشر أول من أمس (الثلاثاء): «عندما يقوم (حزب الله) وحلفاؤه بتخريب كل قواعد اللعبة، فإننا نسعى لحل، لمنعهم من أخذ البلد إلى الفراغ. إذا استطاعوا أن يجمعوا 65 صوتاً لمرشحهم، فعندها سندخل في عزلة عربية أعمق، والغرب سيشطب لبنان من قائمة أولوياته، وإدارة البلد بالداخل ستكون كما شهدناها في السنوات الست الماضية. عندها، هل سنسكت ونذهب إلى الجلسة؟ لا، لن نتصرف على هذا النحو. سنقاطع طبعاً».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المراهق الذي أشعل شرارة الثورة في درعا يعيش نشوة سقوط الأسد

معاوية صياصنة الذي أشعل شرارة الثورة السورية مراهقا وعاش نشوة سقوط الاسد رجلا (إندبندنت)
معاوية صياصنة الذي أشعل شرارة الثورة السورية مراهقا وعاش نشوة سقوط الاسد رجلا (إندبندنت)
TT

المراهق الذي أشعل شرارة الثورة في درعا يعيش نشوة سقوط الأسد

معاوية صياصنة الذي أشعل شرارة الثورة السورية مراهقا وعاش نشوة سقوط الاسد رجلا (إندبندنت)
معاوية صياصنة الذي أشعل شرارة الثورة السورية مراهقا وعاش نشوة سقوط الاسد رجلا (إندبندنت)

في غمرة غضبهم من الحياة تحت نير حكم بشار الأسد، كتب معاوية صياصنة الذي كان يبلغ من العمر 16 عاماً وأصدقاؤه أربع كلمات على جدار في ملعب مدرستهم عام 2011.

أربع كلمات تحدٍ أدت إلى سجن المراهقين وتعذيبهم لأسابيع، مما أدى إلى اندلاع أول احتجاجات في سوريا في أوائل هذا العام. أربع كلمات أشعلت ثورة تحولت إلى واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في العصر الحديث. أربع كلمات تقول ببساطة: «حان دورك يا دكتور»، كانت إشارة إلى الأسد، الذي كان طبيب عيون في لندن قبل أن يعود إلى سوريا لمواصلة حكم عائلته الوحشي، وفق تقرير لصحيفة «إندبندنت».

معاوية صياصنة عندما كان في سن الـ16 عاما (إندبندنت)

يتذكر معاوية وهو يقف أمام الجدار نفسه في مدينة درعا: «لقد قضينا 45 يوماً تحت التعذيب في السجن بسبب هذه الكلمات. كان الأمر لا يوصف. كنا أطفالاً - معلقين، ومضروبين، ومصعوقين بالكهرباء». انتهى الأمر بمعاوية بالقتال مع «الجيش السوري الحر»، وبعد سنوات، انضم إلى التنظيم المسلح الذي لم يطرد الجيش السوري من درعا الأسبوع الماضي فحسب، بل كان أول من استولى على العاصمة دمشق.

ويقول معاوية لصحيفة «الإندبندنت»: «في عام 2011، بعد بدء الثورة، طالبت المنطقة بأكملها بعودة أطفالها. نحن فخورون بما فعلناه لأن الكبار لم يتمكنوا من القيام بذلك».

قضى معاوية ورفاقه 45 يوماً تحت التعذيب في السجن بسبب هذه الكلمات (أ.ب)

الآن، وهو في الثلاثين من عمره وأب، لم يكن هناك أي طريقة يمكن أن يتنبأ بها معاوية بالتأثير الذي أحدثه فعله البسيط في سن المراهقة. لم يكن ليتخيل قط أنه بعد أكثر من عقد من الزمان، وبعد فراره من القصف المكثف للجيش السوري على درعا وتحوله إلى لاجئ، سيعود ويتبع الفصائل المسلحة ليعلن سقوط الأسد.

وقال وهو يمسك ببندقيته في ساحة الشهداء بالعاصمة: «حدثت المعركة في درعا فجأة. لقد فوجئنا - في لحظات، غزونا المدينة ثم دمشق، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أكون فيها في العاصمة». أضاف: «عندما كتبنا هذه الكلمات قبل سنوات عديدة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى هذا. بصراحة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى انتفاضة كل سوريا ودرعا. لكننا طالبنا بحريتنا، والآن نحن باقون على أرض وطننا». ووفق ما روى: «كانت الحرب صعبة. أصيب العديد. مات العديد من الناس. فقدنا الكثير من الأحباء، ومع ذلك نشكر الله. لم يضيّع دماء الشهداء. سادت العدالة، وانتصرت الثورة».

وقع هجوم الصوان الذي أشعل كل هذا في هذه المدينة الجنوبية الصغيرة التي لم يسمع عنها سوى القليل قبل عام 2011. وتقع درعا على مسافة أميال قليلة من حدود سوريا مع الأردن، وكان عدد سكانها قبل الحرب 117000 نسمة فقط. قبل الانتفاضة، كانت الحياة صعبة.

ويلقي معاوية باللوم على وصول رئيس الأمن الجديد في المنطقة، عاطف نجيب، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وكان سيئ السمعة بسبب قوانينه القمعية، ولأنه أشرف شخصياً على سجن معاوية وأصدقائه.

تم القبض على ما لا يقل عن 15 فتى من عائلات مختلفة وتعرضوا لتعذيب شديد (أ.ب)

وبحلول أوائل عام 2011، كانت الشوارع تخنقها نقاط التفتيش التابعة للشرطة. ويتذكر معاوية: «لم يكن بوسعك الدخول أو الخروج. كنا نشاهد الاحتجاجات في مصر وتونس، حيث كانت الأنظمة تنهار. لذلك كتبنا (الدور عليك يا دكتور)، وأحرقنا نقطة التفتيش التابعة للشرطة».

تم القبض على ما لا يقل عن 15 فتى من عائلات مختلفة، وتعرضوا لتعذيب شديد. ويقال إن أحدهم توفي متأثراً بجراحه.

ويتذكر معاوية كيف أخبرت السلطات والديهم: «انسوا أطفالكم. أنجبوا أطفالاً جدداً. وإذا نسيتم كيف تفعلون ذلك، فأحضروا زوجاتكم». وبحلول شهر مارس (آذار)، بدأ الآلاف ــ ثم عشرات الآلاف ــ يتجمعون بانتظام حول مسجد العمري في المدينة، مطالبين بعودة الأطفال. وأشعل ذلك احتجاجات المواطنين المحبطين في مختلف أنحاء البلاد.

ووفق معاوية: «لقد فوجئنا بما حدث. وطالب الجميع بعودة الأطفال ــ الأسر داخل درعا، ولكن أيضاً في مختلف أنحاء سوريا».

ويقول إيهاب قطيفان، 50 عاماً، الذي كان من بين حشود المحتجين في ذلك الوقت، إن احتجاز الأطفال كان القشة التي قصمت ظهر البعير. ويتذكر من خارج المسجد نفسه، بعد 13 عاماً: «كنا في وضع بائس، كما رأيتم بأم أعينكم السجون، والمعتقلات، وآلات التعذيب. لقد تعرضنا للقمع من قِبَل كل فرع من فروع الجيش السوري».

لكن الاحتجاجات قوبلت بالعنف من قِبَل السلطات، وتصاعدت الأمور من هناك. واستمر القتال لمدة سبع سنوات وحشية، وخلال هذه الفترة دمر الجيش السوري درعا. ومن بين القتلى والد معاوية، الذي قُتل بقنابل الجيش السوري في عام 2014 في أثناء ذهابه إلى صلاة الجمعة.

وبحلول عام 2018، استسلمت الفصائل المسلحة، وبموجب شروط الاتفاق، أُجبرت على الجلاء نحو محافظة إدلب في شمال غربي البلاد. ومن بين الذين فروا هناك معاوية، الذي هرب بعد ذلك إلى تركيا، حيث تحمل مصاعب الحياة بصفته لاجئاً.

في حالة من اليأس والإفلاس، عاد في نهاية المطاف إلى مسقط رأسه عبر طرق التهريب، وفي وقت سابق من هذا الشهر - مع اجتياح قوات المعارضة من إدلب لحلب وحماة وحمص - انضم إلى شباب درعا المحبطين، الذين انقلبوا مرة أخرى على الحكومة السورية. وبشكل فاجأ الجميع، تمكن الجنود السوريون الذين كانوا يخشونهم لعقود عديدة قد اختفوا.

في درعا، كانت ندوب المعارك التي خلفتها سنوات طويلة قد حفرت مساحات شاسعة من المدينة. والآن يلعب الأطفال كرة القدم في ظلال الهياكل الشاهقة لمباني الشقق. وحاولت الأسر إعادة بناء منازل مؤقتة في أطلال منازلها السابقة. هناك، لم يعرف المراهقون سوى الحرب.

يقول صبي يبلغ من العمر 16 عاماً، وهو يراقب أصدقاءه يلعبون كرة القدم بجوار المدرسة حيث بدأت رسومات الغرافيتي التي رسمها معاوية: «دُمر منزلي، واختفى والدي قسراً، وقتل أخي. لا أتذكر أي شيء قبل ذلك باستثناء القتال». ويضيف بحزن: «أولى ذكرياتي هي رؤية الجنود السوريين يطلقون النار على الناس».

لكن معاوية، الذي يبلغ ابنه الآن ست سنوات، لديه أمل - ليس لنفسه - بل للجيل الجديد.