دلالات استهداف رئيس «شورى القاعدة» في اليمن

«التميمي» أبرز قيادات التنظيم ومسؤوله الشرعي

أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في صورة تجمعهما (أرشيفية - متداولة)
أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في صورة تجمعهما (أرشيفية - متداولة)
TT

دلالات استهداف رئيس «شورى القاعدة» في اليمن

أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في صورة تجمعهما (أرشيفية - متداولة)
أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في صورة تجمعهما (أرشيفية - متداولة)

أثار مقتل أبرز قيادات «القاعدة»، ومسؤول التنظيم الشرعي، حمد بن حمود التميمي، تساؤلات حول دلالات استهداف رئيس «شورى القاعدة» في اليمن. وربط باحثون في الحركات الإسلامية، استهداف التميمي من قِبل واشنطن ربما، بـ«محاولة إعادة تنظيم (القاعدة) ترميم هياكله في اليمن من جديد وجذب عناصر جديدة».
وأعلن مسؤولان حكوميان يمنيان مقتل التميمي في غارة يشتبه أنها «أميركية في شمال اليمن». وقال المسؤولان لوكالة الصحافة الفرنسية (الأربعاء)، إن «الهجوم استهدف منزلاً في قرية بمحافظة مأرب، والتميمي قُتل بالغارة الجوية التي استهدفت منزلاً استأجره حديثاً، بالإضافة إلى عضو آخر في التنظيم». وأشارت مصادر محلية إلى أن «طائرة من دون طيار قصفت المنزل، الذي كان أحد الأوكار الذي يتخذها المسؤول الشرعي لـ(القاعدة) في التخفي».
ويرى مراقبون، أن «الطائرات الأميركية دون طيار تُنفذ بين الحين والآخر غارات مشابهة في محافظات يمنية عدة، أسفرت عن تكبيد (القاعدة) مئات القتلى والجرحى».
وقال الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية بمصر، عمرو عبد المنعم «إن التميمي يعد المسؤول الشرعي للتنظيم، وظهر عام 2015 في إصدار للتنظيم بعنوان (حراس الشريعة) وذُكر فيه جزء من سيرته الذاتية»، مضيفاً أنه «بعد مقتل أيمن الظواهري، تم استهداف ثلاثة من القادة الرئيسيين من التنظيم، والمعول عليهم (صناعة هندسة «القاعدة» الجديدة) بعد رحيل الظواهري؛ فقد استهدفت القوات الدولية التي تحارب الإرهاب القيادات الثلاثة بعد هروبهم من أبين إلى مأرب». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قيام واشنطن بتكثيف استهداف قيادات (القاعدة) في اليمن، مرتبط ربما بمحاولة إعادة (القاعدة) التموضع من جديد هناك وجذب عناصر جدد»، لافتاً إلى «استمرار استهداف عناصر (القاعدة)، خاصة من المطلوبين من قِبل واشنطن».
ومطلع فبراير (شباط) الماضي، تم استهداف قيادي تنظيم «القاعدة» حسان الحضرمي، مسؤول صناعة العبوات الناسفة والمتفجرات، بطائرة دون طيار شمال شرقي اليمن. وقتلت الولايات المتحدة في أواخر يوليو (تموز) الماضي أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة» السابق. وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا في تصريحات سابقة، إن «الولايات المتحدة قتلت الظواهري بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة، في حين كان يقف في شرفة منزل يختبئ فيه، في أكبر ضربة للتنظيم منذ أن قتلت قوات خاصة من البحرية الأميركية أسامة بن لادن قبل أكثر من عقد من الزمن».
ويشار إلى أن «(القاعدة) خسر خلال السنوات الماضية عدداً من القيادات البارزة، أبرزهم، أبو فراس السوري، وأبو خلاد المهندس، وأبو خديجة الأردني، وأبو أحمد الجزائري، وسياف التونسي، وحسام عبد الرؤوف المعروف بأبو محسن المصري، وأبو الخير المصري».
والشهر الماضي، قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن «(سيف العدل) يُعتقد أنه الزعيم الجديد لـ(القاعدة)». وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، حينها، أن «تقييم واشنطن (يتسق) مع تقرير الأمم المتحدة الأخير، الذي يعتقد أن (سيف العدل) موجود حالياً في إيران». وأشار متحدث «الخارجية الأميركية» إلى أنه «عندما يتعلق الأمر بوجود (سيف العدل) في إيران، فإن توفير ملاذ آمن لـ(القاعدة) هو مجرد مثال آخر على دعم إيران (واسع النطاق للإرهاب)». إلا أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خرج بعدها ونفى في تدوينة له عبر «تويتر» أوردتها وكالة «رويترز»: «ما ذكرته الولايات المتحدة الأميركية عن أن سيف العدل موجود في إيران».
و«سيف العدل» اسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، وهو في الأصل عضو بحركة «الجهاد» المصرية، وهي الجماعة «الجهادية» التي اندمجت رسمياً مع تنظيم «القاعدة» قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
ووفق تقرير لـ«مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية» أخيراً، أشار إلى «تنامي الخلافات الداخلية بين قيادات الصف الأول بـ(القاعدة) حول أسلوب الإدارة التنظيمية، والتوجه الاستراتيجي الذي يفترض أن ينتهجه التنظيم في اليمن». وأشار المركز إلى أنه «من المتوقع أن تزداد موجات الانعزال بين قيادات الصف الثاني في تنظيم (القاعدة)؛ نظراً لضعف قيادة زعيم تنظيم (القاعدة) في اليمن خالد باطرفي، وتنامي نفوذ سيف العدل، وتراجع سيطرة تنظيم (القاعدة في جزيرة العرب) على الأرض». ولفت المركز إلى أن «الوضع سوف يزداد تعقيداً مع غياب الظواهري، الذي كان يتمتع (بهيبة) مكّنته من تهدئة الكثير من الصراعات الداخلية في السابق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.