المندائيون يحتفلون بافتتاح أول صرح معرفي وثقافي لهم في بغداد

سكان العراق الأصليون تعمدهم مياه الأنهار

جانب من مراسم افتتاح بيت المعرفة للمندائيين ببغداد («الشرق الأوسط»)
جانب من مراسم افتتاح بيت المعرفة للمندائيين ببغداد («الشرق الأوسط»)
TT

المندائيون يحتفلون بافتتاح أول صرح معرفي وثقافي لهم في بغداد

جانب من مراسم افتتاح بيت المعرفة للمندائيين ببغداد («الشرق الأوسط»)
جانب من مراسم افتتاح بيت المعرفة للمندائيين ببغداد («الشرق الأوسط»)

تحاول الشابة «أم ماريا» استعادة فرحة تجمعها وبعضا من معارفها وأصدقائها من أبناء طائفتها الصابئية، داخل صرح مميز وكبير افتتح حديثا وسط العاصمة العراقية بغداد، وعند أول بيت للمعرفة المندائية يتولى مهمة إبراز ثقافة الصابئة المندائيين والإسهام في إنعاش الحركة الثقافية من جديد، بعد سنوات من مظاهر الخوف والهجرة والتخفي التي خيمت على نفوس الطوائف والأقليات وتعرضهم للاستهداف والقتل والتهديد من قبل ميليشيات وجماعات مسلحة خارجة عن القانون.
تقول «أم ماريا» والابتسامة لا تفارق وجهها وهي تصطحب معها ابنتها الصغيرة «أنا هنا منذ 14 عاما.. سافر معظم أهلي إلى الخارج بعد أحداث القتل والتهجير في السنوات الماضية، وبقيت لأني متزوجة وسفري يحتاج إلى مبالغ طائلة لتأمين متطلبات الهجرة إلى بلاد بعيدة». وتواصل وهي ترنو ببصرها نحو راية السلام (الدرفش) المعلقة في أعلى البناية الجديدة «عوضني الله بجيران مسلمين أحبهم، وصرنا نتجمع كعائلة واحدة».
وكانت وزارة الثقافة العراقية قد نظمت احتفالا مميزا لافتتاح أول بيت معرفي للصابئة المندائيين يقع بجوار مندى الصابئة الرئيسي في حي القادسية (جنوب غربي بغداد) وهو أحد المشاريع الكبيرة لمشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013، بحضور عدد كبير من أبناء الطائفة وممثلي مكاتبهم في المحافظات وعلى رأسهم رئيس الصابئة المندائيين في العراق الشيخ (الريشما) ستار جبار حلو.
البيت الثقافي احتل مساحة كبيرة قدرت بـ1080 مترا مربعا وهو يتكون من طابقين ويضم قاعات لعروض متحفية، فضلا عن أماكن لتأدية الطقوس والنشاطات المختلفة لأبناء الطائفة بميزانية بلغت مليارا و200 مليون عراقي.
طاهر الحمود، وكيل وزارة الثقافة، وصف إنشاء بيت المعرفة المندائي بأنه «خطوة مهمة لإنصاف أبناء هذه الطائفة التي تعرضت حالها حال المكونات العراقية الأخرى إلى الظلم والاستهداف خلال السنوات الماضية»، مؤكدا «اعتزاز الحكومة العراقية بالمكونات والأقليات العراقية والتنوع المهم فيها وحرصها على توفير عوامل الاستقرار والأمان لها كونها هوية مهمة لنا».
وتعد الطائفة الصابئية من سكان العراق الأصليين وأقدم من استوطن أرضها قبل التاريخ، وهي من أقدم الديانات الموحدة. وكانت منتشرة في بلاد الرافدين وفلسطين قبل المسيحية، ولا يزال بعض من أتباعها موجودين في العراق حيث إن مقر رئاسة الطائفة يقع في بغداد، كما أن هناك وجودا للمندائيين في إقليم الأحواز في إيران إلى الآن، ويطلق عليهم في اللهجة العراقية «الصبّة» كما يسمون بالمندائيين أو الصابئة المندائيين حيث اشتقت كلمة المندائيين من الجذر (مندى) والذي يعني بلغتهم المندائية المعرفة أو العلم، أما كلمة الصابئة فهي مشتقة من الجذر «صبا» الذي يعني باللغة المندائية اصطبغ، تعمد، أو غطس في الماء، وهي من أهم شعائرهم الدينية، وبذلك يكون معنى الصابئة المندائيين أي المتعمدين العارفين لدين الحق أو العارفين بوجود الخالق الأوحد الأزلي.
تدعو المندائية للإيمان بالله ووحدانيته، ويسمى بالحي العظيم أو الحي الأزلي، وارتبط اسمها بالنبي إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي عاش في مدينة أور السومرية منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. ويعتبر التعميد في مياه الأنهار من الركائز الأساسية في الديانة المندائية، وارتبطت طقوسهم بمياه الرافدين كونها أنهارا مقدسة تطهر الأرواح والأجساد فاصطبغوا في مياهها كي تنال نفوسهم النقاء والبهاء.
تعرضت هذه الطائفة كحال طوائف وأقليات أخرى في العراق إلى الهجرة والتهجير والاستهداف، فبعد أن كان عدد أبنائها في بداية الثمانينات أكثر من مائة ألف، تنتشر في ست مدن كبرى هي بغداد وأربيل (شمال) والديوانية والكوت (وسط) والعمارة والبصرة (جنوب)، انحسر عددها بعد أعمال العنف المسلح ما بعد الاجتياح الأميركي للعراق وما تلاها من أعوام الاضطرابات الأمنية ما بعد عام 2003، حتى وصل العدد إلى أقل من عشرة آلاف، مهددين بالزوال كما تقول منظمة حماية الأقليات التي مقرها لندن في تقرير لها، حيث تشير إلى أن هذه الأقلية «مهددة بالزوال لأن تعاليمها الدينية تحرم أتباعها حمل السلاح أو ممارسة العنف مما يجعلها هدفا سهلا لمختلف أشكال العنف».
يقول رئيس مجلس شؤون الطائفة العام في العراق عصام عبد الرزاق عجيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في كل بلدان العالم، التي يمكن أن يحصل فيها ما جرى وحصل للعراق من استهداف، سيكون وقع ذلك أكبر على الأقليات، كما أن الطابع العشائري الذي شيع في السنوات الأخيرة في البلاد أضر بنا كثيرا، لأننا طائفة تؤمن بالقانون وحده من يتكفل بالحماية وليس سلطة العشائر». وأضاف «أتمنى سن مزيد من القوانين التي تحمي جميع مكونات المجتمع العراقي من أي تهديد يطالها، إضافة إلى قرار قوانين تقف بالضد من التحشيد المجتمعي نحو العنف والإرهاب أكثر منه سن قوانين لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى نشر الوعي وثقافة التعايش مع الآخر، وإلى مزيد من الدعم الحكومي لعملنا»، مؤكدا خلال حضوره افتتاح بيت المعرفة المندائية «سنعمل هنا من أجل نشر الثقافة المندائية وتوصيل إرثها الحضاري للشعوب وللعالم اجمع، إضافة إلى التهيئة لملتقيات ثقافية وفنية مفتوحة مع كل مثقفي وفناني العراق ولكل الطوائف بما يضمن أن يكون البيت حاضنة كل العراقيين».
وعن توقعاته بشأن عودة أبناء الطائفة المهجرين إلى بلدهم العراق من جديد، قال «ذلك مرهون بتحسن الأوضاع الأمنية واستقرارها، وعموما الأحوال اليوم أفضل من الأمس، ونتمنى أن يعود كل مغترب إلى وطنه بأسرع وقت، والسلامة لكل العراقيين».
بدوره، انتقد رئيس الصابئة المندائيين في العراق الريشما ستار جبار حلو في كلمته «الخلافات السياسية في العراق والتي تنعكس سلبا على الواقع والمجتمع العراقي»، مؤكدا على أهمية نبذ الخلافات والمحاصصة المقيتة واللجوء إلى الحوار والتعاون من أجل عراق يعيش على أرضه الجميع بسواسية وبعيدا على التهميش، وأهمية تشريع قوانين تضمن حقوق المكونات القليلة العدد باعتبار أن قوة المجتمعات تقاس باستقرار مكوناتها القليلة ومدى ما تأخذه من حقوق.
الجدير بالذكر أن تمثيل الطائفة السياسي في الحكومة العراقية الحالية ينحصر في نائب واحد في البرلمان ونائب واحد في مجلس محافظة بغداد، وحسب نظام الكوتة، بعد أن كانوا محرومين من التمثيل النيابي، في زمن النظام السابق.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».