بلينكن لتعزيز النفوذ الأميركي في آسيا الوسطى على حساب روسيا

الولايات المتحدة تجدد مساعي «الفطام» بين الجمهوريات السوفياتية السابقة وموسكو

بلينكن مع نظيره الكازاخستاني مختار تيلوبردي (رويترز)
بلينكن مع نظيره الكازاخستاني مختار تيلوبردي (رويترز)
TT

بلينكن لتعزيز النفوذ الأميركي في آسيا الوسطى على حساب روسيا

بلينكن مع نظيره الكازاخستاني مختار تيلوبردي (رويترز)
بلينكن مع نظيره الكازاخستاني مختار تيلوبردي (رويترز)

سعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إلى تعزيز نفوذ الولايات المتحدة لدى دول آسيا الوسطى الخمس، في منطقة تحسبها روسيا ضمن مجالها الحيوي، وسط تركيز إدارة الرئيس جو بايدن على دعم استقلال جمهوريات الاتحاد السوفياتي البائد وسيادتها في ظل الحرب التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ أكثر من عام ضد أوكرانيا.
وكان هذا التركيز الأميركي بمثابة تحذير غير خفي للمسؤولين الكبار في كل كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، الذين اجتمع معهم كبير الدبلوماسيين الأميركيين في آستانة في إطار مجموعة «سي 5 1» لهذه الدول مع الولايات المتحدة، من أن قيمة روسيا كشريك تضررت بشدة بسبب الحرب ضد أوكرانيا، علماً بأن التحذيرات طالت أيضاً الصين التي تحاول تعزيز هيمنتها الاقتصادية على هذه المنطقة. وخلال وجوده في كازاخستان، عقد بلينكن سلسلة من الاجتماعات مع نظرائه الخمسة. وأكد أنه لا يمكن لأي دولة، ولا سيما تلك التي كانت في فلك موسكو، أن تتجاهل التهديدات التي يشكلها العدوان الروسي ليس فقط على أراضيها ولكن أيضاً النظام الدولي القائم على القواعد والاقتصاد العالمي. وشدد في كل مناقشاته على أهمية احترام «السيادة وسلامة الأراضي والاستقلال» في التعامل بين الدول.
وخلال اجتماعه مع بلينكن، عبر الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف عن «تقديره للدعم المستمر والثابت من الولايات المتحدة لاستقلالنا وسلامة أراضينا وسيادتنا». وأفاد بلينكن في مؤتمر صحافي مع نظرائه الخمسة بأن الولايات المتحدة «تراقب الامتثال للعقوبات عن كثب وتجري مناقشة مستمرة مع عدد من البلدان، بما في ذلك شركائنا في المجموعة حول الآثار الاقتصادية غير المباشرة»، موضحاً أن واشنطن تصدر تراخيص لإعطاء الشركات وقتاً لإلغاء العلاقات مع الشركات الروسية التي فرضت عليها عقوبات في جهد غربي للضغط على موسكو لإنهاء الحرب.
وفي مؤتمر صحافي منفصل مع وزير الخارجية الكازاخستاني مختار تيلوبردي، قال بلينكن: «في مناقشاتنا اليوم، أكدت من جديد دعم الولايات المتحدة الثابت لكازاخستان، مثل كل الدول، لتقرير مستقبلها بحرية، وبخاصة أننا نحتفل بمرور عام على خسارة روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في محاولة فاشلة لإنكار وجودها».
وفيما يعكس اتخاذ دول آسيا الوسطى موقفاً محايداً مدروساً في شأن أوكرانيا لا يدعم الغزو الروسي ولا الإدانات الأميركية والغربية للحرب، ردد تيلوبردي شكر توكاييف لبلينكن على التزام الولايات المتحدة بحرية كازاخستان، مستبعداً في الوقت ذاته أن تتبنى بلاده موقفاً موالياً لروسيا أو مؤيداً للغرب. وقال إن كازاخستان ستواصل العمل من أجل مصلحتها الوطنية بالنظر إلى «الوضع الدولي المعقد»، مضيفاً أن «بلادنا تواصل سياسة خارجية متوازنة متعددة الأطراف». وإذ لفت إلى أن لكازاخستان علاقات وثيقة وتاريخية مع كل من روسيا وأوكرانيا، فإنها لن تسمح باستخدام أراضيها لأي عدوان روسي أو تهرب من العقوبات. وكذلك أكد أنه على رغم أن كازاخستان تشترك في أطول حدود برية في العالم مع روسيا، فإنها لا ترى تهديداً من موسكو.
وتعد زيارة بلينكن إلى آستانة الثلاثاء، وطشقند الأربعاء، أول رحلة له إلى آسيا الوسطى كوزير للخارجية وتأتي بعد أيام فقط من الذكرى السنوية الأولى لغزو روسيا لأوكرانيا.
في المقابل، قام كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكذلك الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارات لعدد من دول هذه المنطقة سعياً إلى توسيع نفوذ كل منهما هناك.
وعلى رغم عدم دعم الجمهوريات السوفياتية السابقة للهجوم الروسي، رحبت كازاخستان بعشرات الآلاف من الروس الفارين من الاستدعاء العسكري في الخريف الماضي. وتحدث توكاييف عبر الهاتف مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ثلاث مرات منذ دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، داعياً إلى حل دبلوماسي للصراع وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
ومع ذلك، امتنعت جمهوريات آسيا الوسطى الخمس، إلى جانب الهند، التي سيزورها بلينكن بعد أوزبكستان، عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً لإدانة الغزو باعتباره انتهاكاً للمبادئ الدولية الأساسية. وقال بلينكن من آستانة إنه «إذا سمحنا بانتهاك (تلك المبادئ) مع الإفلات من العقاب، فإن ذلك يفتح الباب أمام احتمال أن تواصل روسيا نفسها النظر في المزيد من العدوان ضد الدول الأخرى، إذا وضعتها نصب عينيها، أو ستتعلم الدول الأخرى الدرس الخطأ»، مضيفاً أن «المعتدين في كل جزء من العالم سيقولون: حسناً، إذا تمكنت روسيا من الإفلات من هذا، فنحن أيضاً نستطيع القيام بذلك». وزاد أن «هذه وصفة لعالم من النزاعات، عالم من عدم الاستقرار، عالم لا أعتقد أن أياً منا يريد العيش فيه». ورأى أنه «لذلك، من المهم للغاية بالنسبة للعديد من الدول أن تقف وتقول: لا، نحن لا نقبل هذا».
وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي لجنوب آسيا وآسيا الوسطى دونالد لو أفاد في مؤتمر صحافي قبيل الزيارة بأن «هدفنا الرئيسي هو إظهار أن الولايات المتحدة هي شريك موثوق به». وأضاف: «نحن نرى الصعوبات التي تواجهها هذه الاقتصادات، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وارتفاع أسعار الوقود وارتفاع نسبة البطالة، إلى الصعوبة في تصدير سلعها، والانتعاش البطيء بعد الشوائب، وتدفق كبير من المهاجرين من روسيا».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.