مسرحية «جواز سفر رقم 10452».. الهجرة عبر الشاشات فقط

بعد كندا.. تقدم على «مسرح مونو» بلبنانية فكاهية

جانب لأحد مشاهد المسرحية
جانب لأحد مشاهد المسرحية
TT

مسرحية «جواز سفر رقم 10452».. الهجرة عبر الشاشات فقط

جانب لأحد مشاهد المسرحية
جانب لأحد مشاهد المسرحية

تضرب المخرجة والممثلة اللبنانية بيتي توتل على الوتر الحساس في مسرحيتها الجديدة «جواز سفر رقم 10452». تلتقط بذكاء مكامن الوجع، محطات الكلام، نقاط الضعف، قصص الناس، رغباتهم وتطلعاتهم المتعثرة. كما فعلت في مسرحيتيها السابقتين «آخر بيت بالجميزة» و«الأربعا بنص الجمعة»، وربما هذه المرة أكثر، تذهب في بحثها بعيدا وعميقا، لتسبر غور موضوعها بعناية، لا تهمل إحصاء، أو تنسى تفصيلا. إنها الهجرة التي جعلتها محور عملها، وتيمتها الوحيدة، التي تحاول معالجتها. المسرحيات والأفلام التي تطرقت للهجرة أكثر من أن تحصى. أن تقدم جديدا شيقا، في هذا المجال، يحتاج رؤية، زاوية جديدة، أو أسلوبا فطنا تركن إليه، أن تكتفي بممثلين اثنين، أحدهما يكاد لا يتكلم إلا للضرورة، يزيد المهمة صعوبة. أن تقدم العمل بالفرنسية لجمهور كندي، ثم تعود لتكتبه مرة أخرى بالعربية لجمهور آخر وبخلفيات ثقافية غيرها، يحتاج جهدا مضاعفا.
كتبت بيتي المسرحية وأخرجتها لتشارك في «مهرجان العالم العربي» في مونتريال، ولعبت الدور الرئيسي فيها إلى جانب الممثل هاغوب دير غوغوسيان. على «مسرح مونو» يقدم العمل نفسه ملبنن اللغة، هذه المرة.
«أم عمر» أو بيتي، تدخل المسرح تجر شنطة ابنها، الذي يبكي ويشكي، أنه بات اللبناني الوحيد في الصف. الجملة مفاجئة، يستتبعها شرح لا يخلو من فكاهة. لن نشاهد عمر على الخشبة أبدا، فهو الشخص الذي يدور حوله قلق الأم وتساؤلاتها التي لا تنتهي، لن يطل إلا عبر شريط يعرض متأخرا. من هنا تبدأ الأزمة. رفاق صف عمر مجنسون بجنسيات أجنبية، ويشعرون بالأمان، لأن بمقدورهم الهرب لحظة تشتد الأزمة، وتشتعل النار. ميزات الجنسية الأجنبية كثيرة، منها الإعفاء من دروس اللغة العربية المعقدة واستبدالها بأخرى مبسطة. عمر يشعر بغربة في بلده ويغلق عليه باب غرفته اعتراضا. هنا تبدأ حيرة الأم، لا بد من تدبير أمر جنسية أجنبية لحفظ مستقبل عمر من الضياع.
خشبة ترسم خطوط بيت متكامل، بيت العائلة اللبنانية التي تحاول الأم فيها الحصول على جنسية كندية بشتى الطرق الملتوية، وعبر مكاتب لا توفر حيلة.
إلى يمين الخشبة طاولة وكرسيان، وإلى اليسار سرير غرفة النوم وإلى جانبها باب غرفة عمر، المزين برسوم، والذي يمكن أن يتحول إلى باب لغرفة أخرى مختلفة يعبر منها إلى مكان آخر، حين تختفي الرسوم عنه، وفي الوسط غرفة الجلوس حيث التلفزيون، على خلفية المسرح. وهو ما يجعل الشاشة توظف لأكثر من غاية. أبو عمر مسترسل في مشاهدته للأفلام وأم عمر حائرة في همومها، خائفة من مزيد من الانفجارات.
العمل مبني على حوار ذكي لا يترك شاردة أو ورادة حول الهجرة إلا ويطاله، ومجموعة من التقنيات التي تنقذ العرض من أي هبوط في الوتيرة.
الشاشة هي إذن وسيلة أبو عمر لتمضية الوقت لكنها وسيلة الأم للوصول إليه، عبر فيلم خفيف الظل، هي بطلته، يشكل مفاجأة طريفة لجمهور يبحث عن فسحة ضحك. الشاشة أيضا هي النافذة التي تصنع خلفية تذكر المتفرج بأحداث مضت، وانفجارات حصلت هزت حياة العائلة، وهي المكان الذي ستطل منه الصديقة اللبنانية - الكندية، أثناء التحاور معها على سكايب. وهي كذلك وسيلتنا لنتابع سفر العائلة إلى كندا وعودتها، والمكان الذي نتعرف منه على وجه عمر وطلته بعد غيابه عن الخشبة.
المكان الضيق (المحدود) الذي اختارته بيتي لأحداثها المنزلية، يتسع إلى ما لا نهاية، بفضل الشاشة التي يمكنها أن تنقلنا إلى حيث تريد المخرجة، وتسوح بنا في أنحاء تتجاوز ليس فقط حدود البيت ولكن أيضا حدود لبنان وصولا إلى البلد الهدف والمبتغى (كندا). هكذا يكسر حاجز المكان، والزمان أيضا، عبر نشرات الأخبار التي تنقل المفاجآت غير السعيدة، عن القبض على عصابات تهريب البشر، عبر معاملات غير شرعية، وتسهيل الحصول على جوازات سفر أجنبية بطرق ملتوية.
تستفيد بيتي من تجربتها السينمائية لتقطيع المسرحية، لا سيما في مشاهد البدء القصيرة والسريعة، وتنهل من خلفيتها الأكاديمية لتحبك نصها، وتثقف أداءها، وعلى خفة ظلها وروحها المرحة، لتخرج الموضوع من دراميته السوداء، العابسة، الحالكة، إلى مكان فسيح، طريف.
هاغوب دير غوغوسيان الذي عرفناه فنيا في الإدارة التقنية والإضاءة، يبدو دوره ظاهريا، كزوج متقاعس، بليد، بارد، سهل، بسيط، خاصة أنه لا يتكلم إلا لماما، لكنه أجاد بصمته وتأففه، ولغته الإيمائية الطاغية.
بكثير من السخرية والهزء، وقليل من الحزن، يمكن لمسرحية «جواز سفر رقم 10452» أن تخرج متفرجين باتوا يأتون المسرح، بوفرة غير متوقعة، من ضغوطاتهم اليومية إلى عالم منزلي قادر على ابتكار حكاياته الصغيرة وهمومه اليومية العادية، بنكهة عصرية، وإيقاع يحافظ على حيويته.
نقد لاذع، لمجتمع يحاول التخفف من هويته التي ثقلت أحمالها، يصدر أبناءه إلى كل اتجاه، ويفرح لإبعادهم وهجرتهم، لكن بيتي لا تترك الباب مغلقا، ولا الهجرة حلما. مشاهد النهاية ولو كانت قصيرة ومختزلة لا تطفئ الأضواء قبل أن تضع النقاط على الحروف.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.