علماء يقترحون تحويل «عضيات الدماغ» لكمبيوترات حيوية متقدمة

علماء يقترحون تحويل «عضيات الدماغ» لكمبيوترات حيوية متقدمة
TT

علماء يقترحون تحويل «عضيات الدماغ» لكمبيوترات حيوية متقدمة

علماء يقترحون تحويل «عضيات الدماغ» لكمبيوترات حيوية متقدمة

في اقتراح نُشر اليوم (الثلاثاء) بمجلة «Frontiers in Science» العلمية، حدد مجموعة من الباحثين متعددي التخصصات خططهم لتحويل كتل ثلاثية الأبعاد من خلايا الدماغ البشرية تسمى (عضيات الدماغ) إلى أجهزة بيولوجية قادرة على أداء مهام حسابية متقدمة؛ وهو مجال أطلقوا عليه اسم «الذكاء العضوي(OI)».
وقال المؤلف جون هارتونج أستاذ علم الأحياء الدقيقة بجامعة جون هوبكنز في بيان «في حين أن أجهزة الكمبيوتر القائمة على السيليكون أفضل بالتأكيد مع الأرقام، فإن العقول أفضل في التعلم. على سبيل المثال AlphaGo (الذكاء الصناعي الذي تغلب على أفضل لاعب Go في العالم في عام 2017) تم تدريبه على بيانات من 160.000 لعبة. وكان على الشخص أن يلعب خمس ساعات يوميًا لأكثر من 175 عامًا لتجربة هذه الألعاب العديدة»، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي.
وعضويات الدماغ عبارة عن كتل صغيرة بأطباق المختبر من خلايا جذعية أقحمت بهياكل ثلاثية الأبعاد تحاكي بنية ووظيفة الدماغ البشري، ولكنها أبسط من العضو بالحجم الكامل. وقد تم إنتاجها لأول مرة عام 2013 لفحص صغر الرأس؛ وهي حالة يكون فيها رأس الرضيع أصغر بكثير من المتوسط؛ ومنذ ذلك الحين تم استخدام النقط الدماغية لدراسة أمراض مثل ألزهايمر وباركنسون وزيكا لإصلاح أدمغة الفئران المصابة بطعوم في مكانها الصحيح. وأخيرا، تم تعليمها لعبة الفيديو Pong.
ونظرًا لأن العضيات تشترك في العديد من أنواع الخلايا التي تمكن أدمغتنا من الحصول على المعلومات وتخزينها، يقول الباحثون إن نقاط الدماغ مناسبة بشكل فريد للمهام الحسابية التي تتطلب منها التعلم بسرعة ودون إنفاق الكثير من الطاقة، قبل تخزين المعلومات بعيدًا في اتصالات عصبية مضغوطة.
وفي هذا الاطار، يوضح هارتونج «تمتلك الأدمغة قدرة مذهلة على تخزين المعلومات تقدر بنحو 2500 تيرابايت. لقد وصلنا إلى الحدود المادية لأجهزة الكمبيوتر المصنوعة من السيليكون لأننا لا نستطيع تجميع المزيد من الترانزستورات في شريحة صغيرة. لكن الدماغ متصل بأسلاك مختلفة تمامًا مع حوالى 100 مليار خلية عصبية مرتبطة عبر أكثر من 1015 نقطة اتصال. إنه فرق طاقة هائل مقارنة بـالتكنولوجيا الحالية لدينا».
ولبناء الحواسيب العضوية التي يتخيلونها، كتب الباحثون أنهم يكيفون أدوات من الهندسة الحيوية والتعلم الآلي لتحفيز وتسجيل النشاط العصبي داخل عضيات الدماغ. لن يمكّنهم ذلك من إرسال واستقبال المعلومات من الكائنات العضوية الفردية فحسب، بل سيمكنهم أيضًا من ربطها معًا وإنشاء شبكات معقدة من كتل الدماغ التي يمكن أن تدعم عمليات حسابية أكثر قوة.
ومع ذلك، ولبناء حواسيب حيوية متطورة سيتعين على الباحثين أولاً عبور حقل ألغام أخلاقي. فيما أقر مؤلفو التقرير بأنه حتى الآن فإن الآثار الأخلاقية لبناء محاكاة صغيرة للدماغ البشري مقيدة بحقيقة أن أشباه عضويات الدماغ النموذجية تحتوي على عدد صغير من الخلايا ذات قوة حسابية محدودة. ولكن لتنمية عضويات مناسبة لأجهزة الكمبيوتر، يقول العلماء إنهم سيحتاجون إلى توسيع نطاقها من 50000 خلية عصبية إلى 10 ملايين.
كما يعتقد العلماء أنه مع نمو قدراتها الحسابية فإن العضيات المتصلة مع عدم تحقيق الإحساس الصريح من المحتمل أن تحقق شكلاً من أشكال الذكاء. وهذا يثير التساؤل حول ماهية الوعي وما إذا كان من الممكن أن يقال إن هذه العضيات تمتلكه.
وفي تعليق على هذا الأمر، قال عالم الأعصاب أليسون موتري من جامعة كاليفورنيا بسان دييغو المؤلف المشارك «علاوة على ذلك، نعلم أيضًا أنه تحت التخدير تتلاشى هذه التذبذبات على غرار دماغ الإنسان». ويخلص الى القول «اعتبارًا من اليوم، نعلم أن هذه العضيات يمكن أن تحاكي سلوك التذبذب العصبي القشري؛ بمعنى موجات الدماغ لطفل مبتسر إلى مرحلة ما بعد الولادة». مضيفا «لوضع هذا في طيف من الوعي، نقوم ببعض التحفيز لجمع مؤشر التعقيد المضطرب (PCI)؛ وهو مؤشر التعقيد الذي يستخدمه البعض لقياس طيف الوعي النهائي على هذه العضيات».


مقالات ذات صلة

معرض «CES» يكشف أحدث صيحات التقنيات الاستهلاكية لـ2025

تكنولوجيا يستمر معرض «CES 2025» حتى التاسع من شهر يناير بمشاركة عشرات الآلاف من عشاق التكنولوجيا والشركات التقنية في مدينة لاس فيغاس (CES)

معرض «CES» يكشف أحدث صيحات التقنيات الاستهلاكية لـ2025

إليكم بعض أبرز الابتكارات التي تكشف عنها كبريات شركات التكنولوجيا خلال أيام المعرض الأربعة في مدينة لاس فيغاس.

نسيم رمضان (لندن)
خاص توفر السيارة أحدث التقنيات بما في ذلك نظام صوتي قوي وميزات مساعدة السائق المتقدمة والتكامل السلس مع الهواتف الذكية (كاديلاك)

خاص تعرف على التقنيات التي تطرحها «كاديلاك» في «إسكاليد 2025»

«الشرق الأوسط» تـتحدث إلى سارة سميث مديرة هندسة البرامج في «كاديلاك».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعد تطبيقات اللياقة البدنية أداة قوية لتتبع التقدم مع ضمان بقاء بياناتك آمنة (أدوبي)

كيف تحمي خصوصيتك أثناء استخدام تطبيقات اللياقة البدنية في 2025؟

إليك بعض النصائح لاستخدام تطبيقات اللياقة البدنية بأمان في العصر الرقمي.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد مقر هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في الرياض (الموقع الإلكتروني)

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

بدأ تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق، لتكون من نوع «USB Type - C».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)
اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)
TT

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)
اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)

أعلن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الأربعاء، عن اكتشاف بقايا معبد الوادي للملكة حتشبسوت بالأقصر (جنوب مصر)، مع عدد من الاكتشافات الأثرية الأخرى، من بينها مقبرة المشرف على قصر الملكة تتي شيري، وجزء من جبَّانة بطلمية.

جاء الكشف في إطار عمل البعثة الآثارية المشتركة التابعة لـ«مؤسسة زاهي حواس للآثار والتراث» بالتعاون مع «المجلس الأعلى للآثار» التابع لوزارة السياحة والآثار المصرية. وأشار حواس، في مؤتمر صحافي بالأقصر، إلى أن «البعثة تعمل في المنطقة منذ عام 2022، وتمكنت خلال ثلاث سنوات من التوصل عبر الحفائر إلى عدد من الاكتشافات الأثرية المهمة في المنطقة الواقعة عند بداية الطريق الصاعدة لمعبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري».

وكشفت البعثة عن جزء من أساسات معبد الوادي للملكة حتشبسوت التي تولت الحكم بين (1479 و1458 قبل الميلاد)، ويقع الجزء المكتشف عند مشارف الوادي، وهو بوابة الدخول الرئيسية للمعبد الجنائزي للملكة حتشبسوت المسمى «جسر جسرو»، الذي يعدّ «أجمل المعابد الفرعونية على الإطلاق»، بحسب حواس.

وقال حواس إن «البعثة عثرت على عدد كبير من نقوش معبد الوادي، التي تعدّ من أندر وأجمل نماذج فن النحت في عصر الملكة حتشبسوت وتحتمس الثالث، حيث لا يوجد مثيل لها في المتاحف المصرية سوى نماذج قليلة في متحفي (الأقصر) و(المتروبوليتان) في نيويورك»، مشيراً إلى أن «مجموعة النقوش الملكية المكتشفة حديثاً هي الأكمل على الإطلاق من بقايا معبد الوادي، الذي تعرَّض للهدم خلال عصر الرعامسة والأسرة التاسعة عشرة».

الدكتور زاهي حواس يعلن عن الكشف الأثري (البعثة الآثارية)

بدوره، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد إن «البعثة عثرت أيضاً على أكثر من مائة لوحة من الحجر الجيري والرملي مسجل عليها أسماء وخراطيش الملكة حتشبسوت (اسم الميلاد واسم التتويج على العرش)، تُعدّ جزءاً من ودائع الأساس، التي تؤكد على ملكية صاحب المعبد».

ومن بين اللوحات الحجرية المكتشفة، لوحة من الحجر الجيري تحمل بالنقش البارز اسم المهندس المعماري المختص بقصر الملكة حتشبسوت واسمه سنموت، ولقبه «المشرف على القصر».

وقال حواس إن «مجموعة ودائع الأساس الكاملة للملكة حتشبسوت تُعدّ من أهم مكتشفات البعثة، لا سيما أنها تأتي بعد مرور ما يقارب القرن من الزمان منذ أن كشف العالم الأميركي هيربرت وينلوك عن آخر مجموعة كاملة من ودائع الأساس للملكة حتشبسوت في موقع المعبد الجنائزي في الفترة من (1923 - 1931)».

عدد من اللقى الأثرية في الكشف الأثري الجديد (البعثة الآثارية)

وعثرت البعثة على مقبرة شخص يدعى جحوتي مس، وهو المشرف على قصر الملكة تتي شيري، وأوضح حواس أن «الملكة تتي شيري هي جدة الملك أحمس محرر مصر من الهكسوس، وأم والدة الملك سقنن رع، أول ملك شهيد في حرب الكفاح والتحرير»، وقال: «المقبرة تلقي كثيراً من الضوء على تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر».

وتؤرخ المقبرة بالعام التاسع من حكم الملك أحمس الأول (1550 - 1525 قبل الميلاد)، وهي عبارة عن حجرة مربعة منحوتة في الصخر تتقدمها مقصورة من الطوب اللبن المكسو بطبقة من الملاط الأبيض ولها سقف مقبى.

وداخل حجرة المقبرة عُثر على بقايا رسوم ملونة باللون الأحمر على طبقة من الملاط الأبيض، وفي أرضية الحجرة عُثر على بئر مستطيلة تؤدي إلى حجرتَي دفن، وفي البئر تم العثور على مائدة قرابين من الحجر الجيري، وكذلك على اللوحة الجنائزية لصاحب المقبرة.

الاكتشافات تضمنت مقابر بطلمية (البعثة الآثارية)

وعلى الرغم من اللقب المهم الذي كان يحمله صاحب المقبرة، فإن «هيئة وبساطة المقبرة تعطي الكثير من المعلومات عن الحالة الاقتصادية في بدايات الأسرة الثامنة عشرة، التي جاءت بعد حروب مريرة من أجل التحرير استنزفت اقتصاد الدولة»، وفق حواس.

أعلن حواس أيضاً الكشف عن «جزء من جبانة بطلمية ممتدة شغلت موقع الطريق الصاعدة ومعبد الوادي، وشُيّدت مقابرها من الطوب اللبن وأجزاء من حجارة معبد الملكة حتشبسوت». وأوضح أن «هذه الجبَّانة كان قد تم الكشف عن بعض أجزائها عن طريق بعثات أجنبية في بدايات القرن الماضي ولم يتم توثيقها بشكل مناسب».

وتضمن الكشف العثور على عدد كبير من الآثار التي توثق تلك الفترة التاريخية، بينها عملات برونزية تحمل صورة الإسكندر الأكبر، وتعود لعصر بطلميوس الأول (367- 283 قبل الميلاد)، كما تم العثور على ألعاب أطفال من التراكوتا (الطين المحروق)، بأشكال آدمية وحيوانية، وكذلك عدد من قطع الكارتوناج والماسكات الجنائزية التي كانت تغطي المومياوات، وعدد من الجعارين المجنحة والخرز والتمائم الجنائزية.

الجعارين والنقوش الجنائزية من المكتشفات الجديدة (البعثة الآثارية)

كما أعلن حواس أن «البعثة عثرت أيضاً على عدد من المقابر الصخرية من عصر الدولة الوسطى (2050 - 1710 قبل الميلاد)»، مشيراً إلى أن «البعثة كشفت بموقع معبد الوادي عن التسلسل التاريخي للموقع، الذي بدأ إشغاله في عصر الدولة الوسطى، واستمر حتى بداية الأسرة الثامنة عشرة عندما أمر المهندس سنموت بوقف الدفن في المنطقة، واختاره موقعاً لتشييد معبد الوادي».

وقد عمل سنموت على دفن الجبانة أسفل كميات كبيرة من الرمال، ضمن أعمال تمهيد الموقع لتشييد معبد الوادي، وفق حواس.

وتضمن الكشف الأثري أيضاً عدداً من المقابر الصخرية التي تعود لعصر الدولة الوسطى، بداخلها عدد من القطع الأثرية، من بينها موائد القرابين المصنوعة من الفخار وعليها مجسمات للقرابين من خبز ونبيذ ورأس وفخذ الثور، وقال حواس: «هذه الموائد من الآثار المميزة لعصر الدولة الوسطى».

كشفت البعثة أيضاً، بحسب حواس، عن عدد من أبيار الدفن من عصر الأسرة السابعة عشرة (1580 - 1550 قبل الميلاد)، منحوتة في الصخر، وبداخلها عدد من التوابيت الخشبية بالهيئة الإنسانية، التي تُعرَف بالتوابيت الريشية.

من بين التوابيت المكتشفة، تابوت لطفل صغير مغلق وموثق بالحبال، التي لا تزال على هيئتها منذ دفنها قبل 3600 سنة، بحسب حواس، الذي أشار إلى العثور، بجانب تلك التوابيت، على «حصير ملفوف تعدّ البعثة حالياً برنامجاً خاصاً لترميمه ونقله للعرض بمتحف الحضارة».

وكانت البعثة قد نقلت إلى متحف الحضارة في موسم الحفائر الماضي (2023 - 2024)، أحد اكتشافاتها، وهو سرير من الخشب والحصير المجدول يعود إلى عصر الأسرة السابعة عشرة، كان يخصّ أحد حراس الجبانة.

وعدّ حواس «العثور على أقواس الرماية الحربية، أحد المكتشفات المهمة للبعثة، لا سيما أنها تشير إلى وظيفة أصحاب هذه المقابر، وخلفيتهم العسكرية وكفاحهم لتحرير مصر من الهكسوس».