هل تنجح فرنسا في استعادة مكانتها الأفريقية «المتآكلة»؟ (تحليل إخباري)

استراتيجية جديدة لـ«تعميق الشراكة» بموازاة جولة ماكرون

جنود فرنسيون في بوركينا فاسو (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون في بوركينا فاسو (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح فرنسا في استعادة مكانتها الأفريقية «المتآكلة»؟ (تحليل إخباري)

جنود فرنسيون في بوركينا فاسو (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون في بوركينا فاسو (أ.ف.ب)

يبدو أن فرنسا باتت تدرك جيداً أن عليها وضع حد لـ«تآكل» مكانتها التاريخية في أفريقيا، فالأمر ليس مجرد خلافات مع دول تحتضن قواعدها العسكرية، بل ثمة «مشاعر عدائية» تنمو تجاه سياستها، خاصة بين شعوب مستعمراتها السابقة، بحسب مراقبين، قالوا لـ«الشرق الأوسط»، إن باريس تستنفر قواها الآن لاستعادة نفوذها، عبر استراتيجية تستهدف توسيع شراكتها مع مختلف دول القارة، في ظل تنافس مُحتدم مع روسيا والصين.
ويعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، «رؤيته للشراكة مع الدول الأفريقية» و«المسار الذي سيسلكه» في ولايته الثانية التي تستمر خمس سنوات، في خطاب يلقيه من قصر الإليزيه، مساء الاثنين، وقبل يومين من بدء جولته في وسط أفريقيا، بحسب «الإليزيه».
وسيزور ماكرون أربع دول تقع وسط القارة الأفريقية الأسبوع المقبل، وهي الغابون وأنغولا والكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتأتي الجولة بعدما اضطرار الجيش الفرنسي إلى مغادرة قواعده في مالي وبوركينا فاسو، حيث كان يشارك منذ سنوات في عمليات لـ«مكافحة الإرهاب»، وُصفت في تلك الدول بـ«غير المجدية».
وتواجه باريس تحديات صعبة، بحسب المحلل السياسي التشادي، المتخصص في الشأن الأفريقي، الدكتور محمد شفاء، والذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أي شراكة فرنسية مع أفريقيا في الفترة الراهنة معقدة جداً، فمعظم الدول الأفريقية شبه متفقة على رفض السياسات الفرنسية التقليدية، بل إن دولاً كثيرة مثل رواندا بدأت سياسات صارمة ضد كل ما هو فرنسي، بداية من وقف التعامل باللغة الفرنسية وتغيير المناهج التعليمية، كما هناك أصوات مشابهة في الشمال (المغرب والجزائر)، فضلاً عن دول غرب أفريقيا، مثل بوركينا فاسو ومالي وتشاد، التي خرج مواطنوها في مظاهرات رفضاً للوجود الفرنسي».
وبرر الناشط التشادي، هذه المواقف العدائية، بتعاملات فرنسية وضعت «صورة ذهنية سلبية» لدى المواطن الأفريقي، لافتاً إلى أن «الاستعمار الفرنسي السابق أطبق على أنفاس تلك الدول، بداية من العملة التي تطبع في فرنسا، والاحتياطي النقدي الموجود في باريس، بل إنه حتى الآن إذا أراد مواطن من تلك الدول أن يرسل أمولاً للخارج لا بد أن تمر عبر البنك المركزي الفرنسي»، وأضاف «ما تأخذه فرنسا من أفريقيا تمنح القليل منه في صورة معونات ومنح، لا تتضمن استثماراً حقيقياً في البنية التحتية أو تطوير تلك الدول».
ويزور ماكرون من الأول إلى الخامس من مارس (آذار) المقبل أربع دول في وسط أفريقيا لحضور قمة مخصصة لحماية الغابات الاستوائية وتعزيز العلاقات الثنائية في منطقة نفوذ تثير أطماع روسيا والصين بشكل متزايد.
ووفق الرئاسة الفرنسية، فإن زيارة ماكرون، ستعمل على «تعميق الشراكة بين فرنسا وأوروبا والقارة الأفريقية». لكن الدكتور شفاء، شكك في إمكانية نجاح باريس في استعادة مكانتها، قائلاً إن «فرنسا لن تستطيع طرح شراكة عادلة تدعم التنمية في البلدان الأفريقية، وليس لديها رغبة حقيقية في دعم التنمية والتطور، ومن ثم لن يكون لأي مقترح صدى أو وزن، دون أن تتغير النظرة الفرنسية لأفريقيا والتي تعتبرها مجرد احتياطي استراتيجي لها».
ونهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، أشار ماكرون في خطاب ألقاه بواغادوغو إلى «رغبته في طي صفحة سياسة فرنسا في أفريقيا بعد انتهاء الاستعمار». لكن أحد أبرز التحديات التي تواجه باريس في هذا الاتجاه، بحسب الخبير التشادي، هو وجود «اتجاه رهيب وشديد السرعة بين الدول الأفريقية للحاق بالركب الروسي»، ويضيف «فرنسا تعلم تماماً أنها أخفقت في أفريقيا، تعرف بأخطائها، لكن السياسية الداخلية في فرنسا صعبة التغيير».
على النقيض، يرى حكيم نجم الدين، الباحث النيجيري المتخصص في الشؤون الأفريقية، أن فرنسا ما زلت تتمتع بحضور قوي في القارة، رغم الإخفاقات. يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «باريس لم تغادر أصلاً القارة، صحيح أن هناك بعض الإخفاقات في مالي وبروكينا وغينيا، لكن علينا ألا ننسى أن هناك وجوداً قوياً في دول أخرى مثل النيجر التي لها حدود مع تلك الدول الممانعة، وكذلك كوت ديفوار، وهناك تحركات فرنسية لتقوية علاقتها مع غانا وبنين».
ويضيف نجم الدين «توجد قواعد فرنسية عسكرية في القارة وهناك حلفاء داخلها مع فرنسا، ورغم الصعوبات والتنافس الروسي القوي، فإنه لا يتوقع فشلاً كاملاً للاستراتيجية الفرنسية الجديدة في أفريقيا، بالنظر لعلاقتها القوية والودية بعدد من الدول»، متوقعاً «تصاعد المواجهة بين روسيا وفرنسا لتصادم المصالح بينهم».
ويشكل الخطاب الفرنسي الجديد فرصة لعرض ملامح الوجود الفرنسي العسكري في أفريقيا بعد انتهاء العملية العسكرية (برخان) وانسحاب الجيش من مالي وبوركينا بناءً على طلب المجلسين العسكريين الحاكمين في البلدين.
وسحبت فرنسا قواتها من مالي العام الماضي بعد أن بدأ المجلس العسكري هناك العمل مع عسكريين روس، كما انتشرت مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة أيضاً في جمهورية أفريقيا الوسطى. وبحسب سكرتيرة الدولة الفرنسية كريسولا زاكاروبولو، التي سترافق الرئيس الفرنسي في جولته، فإن «الشعور المناهض لفرنسا في أفريقيا الناطقة بالفرنسية يدفع باريس إلى تطوير موقفها باتجاه مزيد من الإصغاء والتواضع»، لكنها حذرت أيضاً الذين يلجأون إلى روسيا، وقالت «نعتمد على الاحترام المتبادل وسيادة شركائنا بينما يعتمد آخرون على الترهيب والمعلومات المضللة».


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.