تخوض ورشات خياطة الخيام في شمال غربي سوريا سباقاً مع الزمن؛ من أجل خياطة أكبر عدد منها تلبية للطلب المتزايد عليها، لإيواء المتضررين والمنكوبين الذين دمرت منازلهم أو تصدعت وباتت غير صالحة للسكن؛ جراء الزلزال المدمر الذي ضرب شمال البلاد مع جنوب تركيا يوم 6 فبراير (شباط) الحالي.
في ورشة لخياطة الخيام القماشية والبلاستيكية عند المدخل الغربي لمدينة جنديرس شمال غربي حلب، يجلس «محمود» إلى ماكينة الخياطة، وتحيط به كميات كبيرة من القماش السميك والعوازل البلاستيكية، منهمكاً في خياطة الخيام دون توقف، بينما يقوم أفراد ورشته بقص قطع جديدة لخياطتها تباعاً، وفق مقاسات حددها بعض المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غربي سوريا، باتفاق معه، لتكون مأوى للعائلات المنكوبة والمتضررة جراء الزلزال المدمر، إضافة إلى خياطة خيام لمواطنين فقدوا الشعور بالأمان في الإقامة والنوم تحت أسقف الأبنية الإسمنتية مع استمرار الهزات الارتدادية عقب الزلزال.
ويقول محمود (31 عاماً): «هناك طلب كبير على الخيام؛ إما من قبل بعض المنظمات الإنسانية المحلية، لإيواء العائلات المنكوبة والمتضررة، وإما من قبل المواطنين الذين تطاردهم هواجس الخوف من تهدم منازلهم المتصدعة أمام الهزات المستمرة حتى الآن، ونعمل في الليل والنهار دون توقف لخياطة أكبر عدد من الخيام وسد حاجة الطلب عليها».
ويضيف: «عشرات الورشات في شمال حلب وإدلب، تعمل بلا هوادة في خياطة وإنتاج الخيام منذ وقوع الزلزال الذي تزامن مع موجة البرد والصقيع والأمطار الغزيرة، وقد ازداد الطلب عليها مع تواصل الهزات الارتدادية وشعور المواطنين بالخوف من تساقط منازلهم المتصدعة. وتتراوح أسعار الخيام بين 150 و250 دولاراً أميركياً، وفق نوع القماش أو العوازل البلاستيكية وعدد قطع الأنابيب الحديدية التي تستعمل لبنائها، بينما هناك ضعاف نفوس يستغلون الطلب المتزايد ويرفعون أسعارها لتصل إلى 300 دولار».
أبو محسن (55 عاماً)، كان محط ثقة لدى عدد من المتبرعين السوريين في الخارج، وحصل منهم على مبلغ من المال لتوفير عدد من الخيام للمنكوبين في شمال إدلب، قال: «بعد الزلزال المدمر والكارثة التي حلت بالسوريين من موت وانهيار هائل في الأبنية وتشرد آلاف العائلات وسط ظروف إنسانية ومادية صعبة، ساهم عدد من السوريين في الخارج بجمع مبلغ 20 ألف دولار خصصت لشراء الخيام وتقديمها لمن تضرر من السوريين ولم يحصل على خيمة حتى الآن من أي منظمة».
ويضيف: «بعد اتفاق مع إحدى ورشات خياطة الخيام، وورشة مختصة في صناعة الأنابيب الحديدية المخصصة لبناء الخيام، تمكنت من تجهيز نحو 40 خيمة في غضون أيام، وقدمناها للعائلات الأشد تضرراً، مع عدد من الأغطية والفرش والمدافئ وكميات محدودة من البيرين (المخصص للتدفئة)، وعدد من الصحون والأواني المنزلية البسيطة».
وأوضح أنه «رغم عدم توفر كل مقومات الحياة في مراكز الإيواء التي جرى إنشاؤها لمتضرري الزلزال، وليست مؤهلة بشكل كامل للعيش فيها، فإنها تشهد اكتظاظاً كبيراً بعدد المنكوبين والمتضررين من الزلزال، مما حول أنظار مئات العائلات التي لم تحصل على خيمة في تلك المراكز، إلى المتاجر وورشات صناعة الخيام لشرائها والإقامة فيها».
وتابع: «حجم الكارثة في شمال غربي سوريا كبير جداً، وليس في وسع النشاطات والتبرعات المحدودة من هنا وهناك استيعاب تبعاتها إنسانياً، فالوضع يتطلب جهوداً دولية كبيرة؛ نظراً إلى آلاف العائلات المنكوبة التي لا تزال تفترش العراء وبحاجة إلى المأوى والطعام والشراب».
ورشات سورية لخياطة وصناعة الخيام تعمل ليل نهار عقب الزلزال المدمر
ازدياد كبير في طلبها... وسعر الواحدة منها بين 150 و250 دولاراً
ورشات سورية لخياطة وصناعة الخيام تعمل ليل نهار عقب الزلزال المدمر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة