تقدير متأخر لمصممة المصابيح الملونة في دار تيفاني

لم تنل حقها من الشهرة وأنصفتها خطاباتها الشخصية

دريسكول في ورشة عملها بدار تيفاني (نيويورك تايمز)
دريسكول في ورشة عملها بدار تيفاني (نيويورك تايمز)
TT

تقدير متأخر لمصممة المصابيح الملونة في دار تيفاني

دريسكول في ورشة عملها بدار تيفاني (نيويورك تايمز)
دريسكول في ورشة عملها بدار تيفاني (نيويورك تايمز)

رغم وجود صور لكلارا دريسكول، فلا أحد يعرف كم كان طولها، أو كيف بدا صوتها، أو كيف كانت مشيتها أو طريقة حركتها.
المعروف هو ما تركته وراءها مصابيح مصنوعة بشكل جميل من ألوان متعددة، التي صممتها على ثلاث فترات منفصلة في استوديوهات دار تيفاني، من عام 1888 إلى عام 1909.
بصفتها رئيسة قسم تقطيع الزجاج للسيدات، قادت فريقاً يُسمى «فتيات تيفاني»، اللواتي اخترن قطع الزجاج الصغيرة، وقطعنها، ووضعنها فيما سيظهر في نهاية المطاف مصابيح فريدة، وكل منها يحمل اسماً.
كان هناك مصباح «كوبويب» (نسيج العنكبوت)، الذي صمم على هيئة أنسجة العنكبوت المزخرفة والممددة على الأغصان التي تنبت الأزهار الصغيرة. وكان هناك مصباح «رأس السهم»، ومصباح «الفراشة»، ومصابيح «ويستريا»، إلى جانب مصباح «البحر العميق»، ومصباح «اليعسوب»، ومصباح «غرانيوم» (إبرة الراعي). كانت عناصر الطبيعة - من الزهور الخاملة، والحشرات السريعة، والأسماك الحية، والمياه المتحركة - من الأنواع المفضلة لدى «تيفاني» ودريسكول.
لا تزال المصابيح مطلوبة، ففي ديسمبر (كانون الأول) 2015، بيع مصباح «اليعسوب» من مجموعة «أندرو كارنيغي» بأكثر من 2.1 مليون دولار في دار «سوذبيز» للمزادات في نيويورك.
لكن عندما توفيت السيدة دريسكول عام 1944 «اندثرت إنجازاتها»، كما قالت مارغي هوفر، نائبة رئيس جمعية نيويورك التاريخية ومديرة المتحف، والمؤلفة المشاركة لكتاب «ضوء جديد على تيفاني: كلارا دريسكول وفتيات تيفاني» (2007).

في عام 2015 بيع مصباح «اليعسوب» بأكثر من 2.1 مليون دولار في دار سوذبيز للمزادات في نيويورك (سوذبيز)   -   مصباح «ويستيريا» من تصميم دريسكول (أ.ب)

كانت دريسكول في الغالب شخصية مجهولة، نظراً لأن لويس كومفورت تيفاني، نجل أحد مؤسسي شركة «تيفاني آند كومباني»، روج لنفسه بوصفه «المصمم الرئيسي للمصابيح»، وفقاً لما ورد في كتاب «ضوء جديد على تيفاني».
ما جعل دريسكول معروفة على نطاق أوسع، بعد حوالي ستة عقود من وفاتها، كانت رسائلها. فقد تبادلت هي وأخواتها الثلاث الأصغر، كيت وإميلي وجوزيفين، ووالدتهم، فاني، الرسائل بكثرة.
ولدت كلارا بيرس ولكوت في 15 ديسمبر (كانون الأول) عام 1861 في تالمادج، بولاية أوهايو،
وفي عام 1888 انتقلت مع أختها جوزفين إلى بروكلين، حيث وجدتا غرفاً في بنسيون، على أمل أن تصبحا فنانتين. في تلك السنة، حصلت الأختان على وظائف في استوديوهات تيفاني في مانهاتن، في شارع 25 الشرقي، الذي صار الآن «بارك أفينيو ساوث».
في رسالة مؤرخة 29 يونيو (حزيران) 1898، كتبت دريسكول عن كيفية صناعة مصباح «الفراشة» لديها. وفكرتها، الموصوفة إلى لويس كومفورت تيفاني، كانت عبارة عن ظل زجاجي يصور فراشات ذهبية على سماء زرقاء شاحبة تناثرت فيها السحب الناعمة. وتتضمن القاعدة المعدنية فسيفساء زجاجية تُصور بذوراً صفراء على السيقان مع أوراق من ظلال خضراء متعددة.
بمجرد الموافقة على تصميمها، بدأت «فتيات تيفاني» العمل، حيث رسمت إحداهن رسماً أولياً للتصميم للتوسع على ورق التتبع، ووضعه تحت الزجاج على صندوق ضوئي. واختير زجاج ملون آخر من صفائح بمقاس 15 في 15 بوصة تقريباً، مع قطع أخرى من الزجاج، مع عناية فائقة إلى اللون والتسطير. ثم قطع عضو آخر من الفريق قطعة من النحاس الرفيع إلى شرائح ضيقة تشبه العقيدات، مع لفها أو ثنيها حول حواف القطع، بحيث يمكن لحام كل منها في مكانه.
نفذت النساء كل خطوات العملية باستثناء عملية اللحام، التي نفذها قسم قطع الزجاج للرجال.
غير أن النساء صممن ونفذن لوحات فنية صغيرة، مثل الشمعدانات، وإطارات الصور، وبارافانات (سواتر) الشاي - ألواح زجاجية ثلاثية الأضلاع بارتفاع 7 بوصات ونصف البوصة تقريباً، التي توضع حول إبريق شاي يجري تسخينه بواسطة الشعلات المتوهجة لمنع الهواء من التسلل وإطفاء الشعلة.
كانت السيدة دريسكول ذكية، وعملية، و«جريئة»، كما قالت السيدة هوفر أمينة المتحف. وفي أبريل (نيسان) عام 1899، صنعت السيدة دريسكول رفقة مصممة أخرى، هي أليس غوفي، مصباح «اليعسوب» ليُباع بسعر 250 دولاراً (حوالي 9 آلاف دولار من أموال اليوم).
وكانت السيدة دريسكول تواصل العمل لصناعة ثلاثة مصابيح «اليعسوب» أخرى، واحدة لهذه الزبونة، وواحدة لمعرض باريس العالمي عام 1900، وواحدة للعرض في صالة عرض تيفاني ستوديوز.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

طريقة بسيطة لإبعاد الأطفال عن الشاشات

المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)
المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)
TT

طريقة بسيطة لإبعاد الأطفال عن الشاشات

المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)
المساحات الخضراء توفر للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات (معاهد الصحة الوطنية الأميركية)

توصلت دراسة أميركية إلى أن توفر المساحات الخضراء في الأحياء طريقة بسيطة يمكن أن تسهم بشكل كبير في تقليل وقت الشاشة لدى الأطفال.

وأوضح الباحثون من جامعة ميتشغان أن البرامج الهادفة لإبعاد الأطفال عن الشاشات تكون أكثر فاعلية في الأحياء التي تحتوي على مساحات خضراء مثل الغابات، والحدائق العامة، والمناطق المفتوحة، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Health and Place).

وأصبحت زيادة وقت الشاشة لدى الأطفال مشكلة شائعة تؤثر سلباً على صحتهم البدنية والعقلية. ويقضي العديد من الأطفال ساعات طويلة يومياً في مشاهدة التلفاز أو استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية؛ ما يؤدي إلى تقليل نشاطهم البدني وزيادة فرص الإصابة بالسمنة. كما أن هذه العادة تؤثر على نوعية النوم، حيث يعاني الأطفال الذين يفرطون في استخدام الشاشات من صعوبة في النوم أو نوم غير مستقر.

وعلاوة على ذلك، تشير الدراسات إلى أن زيادة وقت الشاشة يمكن أن تؤدي إلى تأخر في النمو الاجتماعي والمعرفي للأطفال، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.

واعتمدت الدراسة على بيانات من «دراسة المجتمعات الصحية» في الولايات المتحدة التي تركز على سلوكيات الأطفال المتعلقة بالسمنة، حيث قام الباحثون بتحليل معلومات عن الأحياء المجتمعية للأطفال ودرسوا الوصول إلى المساحات الخضراء في تلك المناطق.

وتمت مقارنة فاعلية البرامج التي تهدف إلى تقليل وقت الشاشة بين الأحياء التي تحتوي على مساحات خضراء والأحياء التي تفتقر إليها. كما تم قياس تأثير هذه البرامج على سلوكيات الأطفال فيما يتعلق بوقت الشاشة والنشاط البدني.

وفقاً للدراسة، فإن نحو ثلثي الأطفال بين 6 و17 عاماً يتجاوزون الحد الموصى به أقل من ساعتين يومياً لوقت الشاشة. وتهدف بعض البرامج لتقليل وقت الشاشة من خلال توفير برامج تعليمية قائمة على المجتمع وتطوير المهارات للآباء، أو فرص النشاط البدني المجانية للأطفال.

الأطفال الذين يفرطون في استخدام الشاشات يعانون من صعوبة النوم (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب النتائج، يعد الوصول إلى هذه المساحات عاملاً مهماً في نجاح برامج تقليل وقت الشاشة، حيث توفر هذه الأماكن للأطفال فرصة للعب والنشاط البدني بعيداً عن الشاشات.

وقالت الباحثة الرئيسة للدراسة من جامعة ميتشغان، الدكتورة إيان مارشال لانغ، إن عدم توفر المساحات الخضراء قد يؤدي إلى بيئة غير مشجعة تقلل من فاعلية البرامج الهادفة للحد من وقت الشاشة.

وأضافت عبر موقع الجامعة أن هذه النتائج تبرز أهمية اتخاذ خطوات لمعالجة الفجوات في الوصول إلى المساحات الخضراء بين المناطق المختلفة، مع ضرورة العمل على توفير بيئات أكثر عدلاً وصحة للأطفال من خلال الاستثمار في المساحات الخضراء في جميع الأحياء.

وأشارت إلى أن تحسين البيئة المحيطة بالأطفال عبر توفير المساحات الخضراء يمكن أن يكون حلاً فعالاً لتقليل وقت الشاشة وتعزيز الأنشطة البدنية؛ ما يعود بالفائدة على صحة الأطفال.