تظاهر أمس الآلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) في ولاية (محافظة) باجة (شمال غربي)، وفي مناطق الكاف وسليانة وقفصة والمهدية، وسوسة وقابس وتطاوين، للتنديد بتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، و«استهداف» الاتحاد من قبل الرئيس قيس سعيّد، «من خلال التضييق المتواصل على ممارسة الحق النقابي، وعدم تنفيذ الحكومة لالتزاماتها السابقة».
وانطلقت هذه التجمعات العمالية منذ الصباح الباكر، تحت إشراف أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، للمطالبة بالتزام الحكومة بتعهداتها، واحترام الحق في النشاط النقابي، و«دفاعا عن الاستحقاقات الاجتماعية والنقابية والحريات العامة». ومن المنتظر أن تتوج هذه التجمعات بتجمع وطني كبير، أعلنت عنه المنظمة العمالية يوم السبت المقبل، تاريخ إعلان البرلمان الجديد، لتستكمل بذلك موجة الاحتجاجات، التي شملت نحو 20 محافظة تونسية، في ظل أزمة سياسية واجتماعية حادة تعرفها البلاد.
وقال سامي الطاهري، الرئيس المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، أمام المئات من المتظاهرين على مقربة من مقر الاتحاد الجهوي للشغل في باجة، إن الوضع الاجتماعي في تونس «بلغ مستوى غير مقبول» على حد تعبيره، ودعا إلى الكف عن «التلاعب بقوت التونسيين ومصير العمال والأجراء»، متهما الحكومة بمقايضة التونسيين بحريتهم وغذائهم، ومشددا على أن الاتحاد سيقف ضد خيارات الرئيس قيس سعيد، وضد السياسة التي «تقوم على رهن البلاد» للخارج، على حد قوله.
وخلال تظاهرات أمس، رفع المحتجون في عدد من التجمعات العمالية عدة شعارات منددة بقرارات الحكومة، من بينها «يا حكومة عار... عار... الأسعار اشتعلت نار»، و«يا حكومة صندوق النقد الدولي»، في إشارة إلى الإصلاحات المؤلمة التي تعهدت بها الحكومة، مقابل التوصل إلى اتفاق بالحصول على قرض مع الصندوق.
بدوره، أكد سمير الشفي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، أن النقابة لن يثنيها أي شيء عن مواصلة نضالاتها، وستبقى «صمام أمان» للطبقة الشغيلة، على حد تعبيره. ومن ناحيته، أكد حفيظ حفيظ، الرئيس المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، خلال اجتماع عمالي بمدينة المهدية (وسط شرق) أنه «لا أحد فوق القانون، وكل من أجرم أو أخطأ في حق تونس لا بد أن يحاسب، لكن مع احترام الإجراءات وضمان محاكمات عادلة». معتبرا أن الهجمة التي يتعرض لها اتحاد الشغل «هي ردّة فعل على المبادرة الوطنية، التي أطلقها من أجل إنقاذ تونس»، على حد قوله، وأكد أن «كل من لديه شبهات أو اتهامات بالفساد ضد نقابيين وقيادات الاتحاد ما عليه إلا التوجه نحو القضاء».
وعللت القيادات النقابية هذه التحركات بارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من التونسيين، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وتفشي البطالة، وتعطل مشروعات التنمية، وعدم تطبيق الحكومة لاتفاقات سابقة موقعة مع النقابات. كما تأتي المسيرات رداً على اعتقال قوات الأمني لعدد من القيادات النقابية، بدعوى مشاركتهم في تحركات احتجاجية، وتنفيذ إضرابات عن العمل مخالفة للقانون.
ورجح أكثر من طرف سياسي وحقوقي أن تكون المواجهة المقبلة حادة ومحفوفة بالمخاطر بين الجانبين، اللذين تبادلا مرات عدة اتهامات بشأن تعطيل المسارين السياسي والاجتماعي، كما يُتوقع أن تزداد العلاقة سوءاً مع انطلاق جلسات التحقيق مع عدد من القيادات النقابية. ومن جهتها، تعول السلطات التونسية على فشل التحرك الاحتجاجي المنتظر في الرابع من الشهر المقبل، فيما ترى قيادات نقابية أن هذه المسيرة الاحتجاجية الأخيرة ستقيم الدليل على الثقل الاجتماعي والنقابي الذي يمثله اتحاد الشغل، وهو ما سيكون له تأثير كبير على مستقبل العلاقة بين مؤسسة الرئاسة وقيادات اتحاد الشغل.
وجاءت هذه التحركات بعد ساعات فقط من إصدار قاض تونسي في تحقيق لمكافحة الفساد، أمس، حكما بسجن اثنين من السياسيين البارزين ورجل أعمال معروف، احتجزوا خلال حملة اعتقالات أمنية في الآونة الأخيرة، حسبما ذكر فريق الدفاع الخاص بهم.
وذكر فريق الدفاع عن عبد الحميد الجلاصي وخيام التركي، وكلاهما من منتقدي الرئيس قيس سعيد، ورجل الأعمال كامل اللطيف وبقية المعتقلين أنه قاطع جلسة الترافع نظرا لعدم توفر شروط المحاكمة العادلة. كما اعتقلت الشرطة التونسية في ساعة متأخرة من يوم الجمعة غازي الشواشي، المنتقد البارز للرئيس قيس سعيد، وفقا لما ذكره نجله، والمعارض رضا بالحاج.
يأتي ذلك وسط حملة اعتقالات واسعة هذا الشهر استهدفت أكثر من 12 شخصا، من بينهم سياسيون معارضون، ونشطاء ومنظمون لاحتجاجات، ومدير إذاعة موزاييك، بالإضافة إلى رجل أعمال بارز واثنين من القضاة.
احتجاجات ضد «تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي» في تونس
اتحاد العمال هدد بمزيد من الإضرابات يوم تنصيب البرلمان الجديد
احتجاجات ضد «تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي» في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة