بكين تراجع عواقب تجربة موسكو قبل شن «مغامرة» في تايوان

في ظل تمدد الصراع... من رقائق الكومبيوتر إلى مناطيد التجسس

صورة لإسقاط المنطاد الصيني (رويترز)
صورة لإسقاط المنطاد الصيني (رويترز)
TT

بكين تراجع عواقب تجربة موسكو قبل شن «مغامرة» في تايوان

صورة لإسقاط المنطاد الصيني (رويترز)
صورة لإسقاط المنطاد الصيني (رويترز)

كشفت أزمة المناطيد التي أسقطتها المقاتلات الأميركية، في الأسابيع الأخيرة، أن الرهان على احتمال حصول انفراجة سريعة وعميقة في العلاقات الأميركية - الصينية، لا يزال مستبعداً، ما لم يكن قد تعقَّد أكثر؛ فإلغاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رحلته إلى الصين شكّل خطوة إلى الوراء في العلاقات التي تزداد توتراً بين البلدين. وبدلاً من أن يؤدي الاجتماع الذي جمعه بنظيره الصيني، وانغ يي، على هامش «اجتماع ميونيخ»، إلى تحقيق انفراجة سياسية وأمنية، فإنه عمَّق المأزق الدبلوماسي بينهما، واعتبر إصرار الدبلوماسي الصيني على رواية بلاده بالنسبة لحادثة المنطاد إشارة إلى أن الصين ليست مستعدة بعد لإعادة «تنظيم الخلاف»، على الأقل في هذه المرحلة، رغم خفض الولايات المتحدة خطابها عن الحادثة.

يعتبر البعض أن واشنطن نجحت في تحميل الصين المسؤولية عن الفشل في خفض التوتر، وأيضاً نجحت في إحراجها أمام الأوروبيين، الذين استمعوا إلى خطاب صيني يتهم الولايات المتحدة بإطالة الحرب في أوكرانيا، وبأنها لا تهتم بحياة الأوكرانيين أو موتهم، ويطالبهم بالابتعاد عنها والتقرّب من بكين.
ولكن عندما طُلب من الوزير الصيني، وانغ يي، طمأنة العالم بأن التصعيد العسكري الصيني في تايوان واحتمال غزوها «ليس وشيكاً»، رفض وانغ الإجابة. بل قال: «اسمحوا لي بأن أؤكد للجمهور أن تايوان جزء من الأراضي الصينية. لم تكن دولة قط، ولن تكون دولة في المستقبل».
مع هذا، تعرّضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لانتقادات من قبل العديد من السياسيين والمحللين الأميركيين، الذين رأوا أن تأجيل زيارة بلينكن، والتقليل من حادثة المنطاد، أديا إلى خسارة فرصة سانحة لتحويل خطأ الصين الفادح إلى فرصة دبلوماسية. كذلك رأوا أن الصين كانت مُحرَجة من الحادث، وأن إبداءها «الأسف» يُعد شكلاً دبلوماسياً من أشكال الاعتذار.
من جهة ثانية، بدلاً من أن يرسل الرئيس بايدن وزيره بلينكن لطلب زيادة الشفافية وتقليل المخاطر من الرئيس الصيني شي جينبينغ، نجحت الصين نسبياً في سرد روايتها الخاصة، منتقدة «الاستعمال المفرط للقوة». وادعت، في الوقت نفسه، من دون أي دليل، أن مناطيد أميركية انتهكت أراضيها أيضاً. وبالتالي، وفق القراءتين الأميركية والصينية للاجتماع، بدا أنه لم يكن ثمة تقدم في القضايا التي ناقشها بلينكن ووانغ. ولم يعلن عما إذا اتُّفق على برمجة جديدة لزيارته الصين، ولم يُحدد موعد للمكالمة الهاتفية بين بايدن وشي، مع أن الطرفين لم يعلنا عن وقف ترتيباتها.

- لا اعتذار صينياً عن حادثة المنطاد
الجانب الأميركي قال إن بلينكن أبلغ وانغ بأن تحليق منطاد التجسس الصيني «يجب ألا يحدث مرة أخرى أبداً». وذكر بلينكن بعد ذلك أن وانغ «لم يقدم أي اعتذار». أيضاً واجه بلينكن وانغ بشأن مساعدة الصين لروسيا، وهدد بعواقب غير محددة، إذا قررت بكين تزويد موسكو بمساعدات قاتلة. في المقابل، تفاخر الجانب الصيني بأن الولايات المتحدة هي التي طلبت الاجتماع. وذُكر أن وانغ أبلغ بلينكن بأنه يجب أن «يعترف ويصلح الضرر الذي تسبب فيه الاستخدام المفرط للقوة على علاقات البلدين»، مطالباً الولايات المتحدة بشكل أساسي بتقديم الاعتذار.
يرى البعض هنا أن إدارة بايدن لا تريد الظهور بمظهر المتساهل مع بكين، لكنها في الوقت نفسه لا تريد أن تقدم لبكين فرصة لتنفيذ تهديداتها ضد الطائرات الأميركية التي تحلق على طول الساحل الصيني لجمع معلومات استخباراتية، وكذلك السفن الأميركية في المياه القريبة.
اليوم، بعدما غزت الصين الفضاء الإلكتروني للولايات المتحدة، ها هي تغزو الأراضي المادية للولايات المتحدة. ورغم ذلك، كان الجيش الأميركي حذراً في تجنب الاستجابات السريعة للاختراقات الجوية والبحرية غير المهدّدة، لتجنب خطر تفجير الطائرات المدنية أو حتى طائرات الاستطلاع التي تدخل عن غير قصد الأجواء الإقليمية؛ فـ«البنتاغون» (وزارة الدفاع) لا يريد أن تكون الولايات المتحدة في موقع رد الفعل، لا سيما أن المناخ الدولي المتغير جراء الحرب الروسية في أوكرانيا يقدّم لواشنطن فرصة كبيرة للنجاح في محاصرة الصين وردعها سلمياً، من دون طلقة رصاص.

- صعوبات في موازنة القوة الأميركية
عندما غزت روسيا أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، حاول قادة الصين تحقيق التوازن بين مصلحتين أساسيتين لا يمكن التوفيق بينهما، هما:
- تعزيز تحالف الصين مع روسيا لموازنة القوة الأميركية وتخفيف الضغط الاستراتيجي المتزايد من الغرب.
- ومحاولة السعي لتجنب العقوبات الأحادية والمنسقة التي تستهدف الشركات الحكومية والخاصة والمؤسسات المالية الصينية.
أما اليوم، بعد سنة من الحرب، بدا أن بكين باتت تواجه صعوبات أكبر في الحفاظ على هذا التوازن، الأمر الذي عده العديد من المحللين نوعاً من «الهجوم الدفاعي»، بعدما تبين لها حجم المأزق الذي تعانيه روسيا. وبعدما كشفت عن إمكاناتها وقدراتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية، رفعت سقف التوتر، للعودة إلى طاولة المفاوضات، بعد 3 سنوات من سياسة العزلة التي مارستها جراء جائحة «كوفيد - 19».
وفق تقرير في «فورين أفيرز» كانت بكين لا تزال ترفض بشكل عام بيع الأسلحة لروسيا، والالتفاف على العقوبات نيابة عنها؛ فالحفاظ على الوصول إلى الأسواق العالمية أهم بالنسبة إليها من أي ارتباط اقتصادي بروسيا. ورغم ذلك، أيَّدت حجج موسكو للصراع، ونسقت معها دبلوماسياً، رغم امتناعها الحذر من التصويت في الأمم المتحدة.
كذلك استفادت الصين بشكل كامل من النفط الروسي، وعززت روابطها الاقتصادية مع الروس في المجالات التي لا تنتهك العقوبات الغربية. وبحسب بيانات تجارية، فقد ارتفعت التجارة بين الصين وروسيا بنسبة كبيرة، بلغت 34.3 في المائة في عام 2022، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 190 مليار دولار. وحقاً يشير التصعيد الصيني الأخير إلى أن بكين تناضل للعثور مجدداً على «نقطة توازن مقبولة» بعد تعمّق المأزق الذي تعانيه الدول المؤيدة «للتعددية القطبية»، جراء النكسات التي تعرضت لها روسيا. لا، بل تعلمت بكين أيضاً دروساً مهمة عن حملة العقوبات التي يقودها الغرب، خصوصاً إذا استمر التوتر معه وتصاعد، ما قد يؤدي إلى توجيه هذه الأسلحة الاقتصادية نفسها ضد الصين.

- أول عقوبات على «اقتصاد رئيسي»
هذا، ومع أن نظام العقوبات الأميركية والغربية استهدف، في السابق، اقتصادات غير رئيسية أو حتى هامشية؛ من إيران والعراق، إلى كوبا وكوريا الشمالية والسودان، فإن الحرب الأوكرانية شكلت أول اختبار حقيقي لمعاقبة «اقتصاد رئيسي»، كاقتصاد روسيا.
قد يكون من المبكّر أن تستخلص الصين الدروس الكاملة من العقوبات الغربية ضد روسيا. لكن لا شك أنها فوجئت، مثلها، بشدة الرد الغربي على مهاجمة أوكرانيا.
عام 2014، عندما اجتاحت روسيا شبه جزيرة القرم، وغزت إقليم الدونباس، خلصت مع الصين، إلى أن الغرب، خصوصاً حلفاء واشنطن، سواء في أوروبا أو في آسيا، يفضلون تحاشي المخاطرة، ولن يدعموا العقوبات المكلفة التي قد تؤثر عليهم أيضاً. إلا أن هجوم فبراير (شباط) 2022، اختلف هذه المرة؛ فالعقوبات التي احتاجت إلى أشهر وسنوات من المفاوضات لفرضها على إيران، مثلاً، لم تحتَجْ هذه المرة سوى إلى أسبوع واحد لتُفرض على روسيا.
وفي الواقع، تحرك الغرب بسرعة أكبر مما كان يعتقد كثيرون لوقف «الإدمان» على النفط الروسي، بل وطرح الغرب «سقفاً» لأسعاره، مع ضمان استمرار إمداد أسواق الطاقة. وعندما رأى الغرب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى، ليس فقط لاحتلال المزيد من الأراضي في أوكرانيا، بل للاستيلاء عليها بالكامل، وتهديد أمن القارة الأوروبية واستقلالها، تحول نطاق الاستجابة للعقوبات إلى حرب اقتصادية شاملة فورية.
هذا شكّل حدثاً فريداً من نوعه؛ إذ لم يسبق أن تعرض أي اقتصاد قريب من حجم الاقتصاد الروسي لمثل هذه الإجراءات منذ الحرب العالمية الثانية؛ فروسيا عاشر أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وإنتاجها النفطي اليومي يقترب من 11 مليون برميل يومياً، أي ما يقرب من 3 أضعاف إنتاج النفط في إيران، في ذروته عام 2005. وكذلك كانت روسيا أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي في العالم والمورّد الرئيسي للسلع والمدخلات العالمية الرئيسية؛ من الأسمدة والحبوب إلى التيتانيوم.
ومع أن روسيا، مثل الصين، دولة نووية، وتمتلك حق النقض في مجلس الأمن، وعضو أساسي في العديد من المؤسسات العالمية، فإن اقتصادها أصغر بعشر مرات من اقتصاد الصين، ثم إن حضور الصين في الاقتصاد الدولي من حيث التجارة والاستثمار وتدفقات رأس المال يقزّم روسيا اقتصادياً أمام الولايات المتحدة، ناهيك من الاتحاد الأوروبي، لكن ما جرى، العام الماضي، طرح تساؤلات ضخمة على القيادة الصينية، عمّا إذا كان اقتصادها الذي يُعدّ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أكبر من أن تُفرَض عليه عقوبات؟
قد تكون القيادة في بكين استوعبت بالفعل دروساً أساسية معينة. لكن ربما الأهم ليس تهربها من نظام العقوبات أو ابتكار أنظمة دفع أو تمويه ناقلات النفط وإخفاءها، بل يتعلق بالشراكات الدولية التي تقيمها؛ فالولايات المتحدة تتمتع بنفوذ هائل بالاستفادة من تفوق تكنولوجياتها وأسواقها المالية وعملتها (الدولار). ومع هذا ما كان بإمكان عقوباتها التأثير على روسيا - التي لا تزال تقاوم تبعاتها حتى الآن - لولا الجهود المشتركة مع دول أخرى ضخمة اقتصادياً، مثل أستراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
في المقابل، رغم قدرة الصين على ممارسة تأثير خطير على شركائها التجاريين، فإنها لا تمتلك تحالفاً مماثلاً، ولا تزال عرضة لعقوبات واسعة ومنسقة من الاقتصادات المتقدمة في العالم. وبالتالي، يرى البعض أن أي مستوى من العقوبات الاقتصادية مرتفع التكلفة على الصين. ولكن ما قد يُعد ردعاً حقيقياً أن بكين لا تستطيع مسبقاً معرفة مدى الضغط الذي قد تتعرّض له إذا أقدمت على «مغامرة أوكرانية» النموذج في تايوان.

- نظام مالي وعقوبات خاصة
تدعي بكين أنها حققت نجاحات أكبر من روسيا، وأنها خفضت جزءاً من احتياطياتها الأجنبية من الدولار الأميركي؛ من 79 في المائة عام 1995 إلى 59 في المائة عام 2016، بحسب «فورين أفيرز»، لكن لا إبلاغ عن مشتريات العملات الأجنبية لبنوكها الحكومية، ما يعني أن حيازات الصين الحقيقية من الدولار غير معروفة، وربما لم تنخفض بالنسبة المعلَن عنها. وبعكس روسيا، لا تستطيع الصين تحويل أي من احتياطياتها الأجنبية إلى عملتها الوطنية (الرنمينبي). كما أن الاقتصادات التي لديها القدرة على استيعاب جزء معتبَر من احتياطياتها الأجنبية جزء من التحالف الذي وقف ضد روسيا بعد غزو أوكرانيا. وعليه، لا يُعرف أين يمكن أن تتجه لحماية نفسها من العقوبات.
يُضاف لما سبق أنه، رغم إطلاق بكين منصة مالية للدفع عبر الحدود بين البنوك، شبيهة بنظام الدفع الروسي (مير)، الذي فشل بسبب العقوبات الأميركية، لم يسجل سوى انضمام 1300 مؤسسة للمنصة الصينية، غالبيتها تقريباً من دول هامشية اقتصادياً، حتى نهاية مارس 2022، أي ما لا يمثل سوى نحو 10 في المائة من المؤسسات التي تستخدم نظام «سويفت»، وهذا يكشف صعوبة (بل استحالة) إقناع الاقتصادات المتقدمة بالانضمام إلى منصة الصين، رغم شراكتها التجارية مع معظم دول العالم.
طبعاً، لا يلغي كل ذلك أن بكين عملت، منذ سنوات، على مراجعة عميقة لحرب العقوبات الاقتصادية. وبينما كانت في السابق تنتقد عقوبات واشنطن على الدول الأخرى، وتعدّها غير شرعية؛ فقد كانت تشدد في المقابل على أن مجلس الأمن الدولي الجهة الشرعية، حيث بإمكانها، مع موسكو، استخدام حق النقض (الفيتو)، وهو ما فعلته بالفعل. لكنها بعدما وجدت أن أسلحتها الاقتصادية والمالية والسياسية والعسكرية قد اكتملت، عمدت أحادياً إلى استخدام قوتها الاقتصادية (على الأقل) ضد خصومها، وهي فعلت ذلك بهدوء، وأحياناً لأسباب «صحية» أو «بيئية»، لمعاقبة الدول والشركات المختلفة معها، لكنها لم تعترف أبداً بأن إجراءاتها حقاً «عقوبات».
هذا ما حصل مع النرويج عندما منحت، عام 2010، جائزة «نوبل للسلام» لأحد المنشقين الصينيين، ما أدى إلى انهيار تجارة السلمون معها. كذلك أدت مطالبات الفلبين في بحر الصين الجنوبي، عام 2014، إلى إعلان صيني مفاجئ عن تلوث أطنان من الموز الفلبيني بالمبيدات الحشرية؛ ما أفقد الفلبين، في ذلك العام، واحدة من أكبر أسواقها التجارية. وأدى نشر كوريا الجنوبية نظام دفاع صاروخياً أميركياً تشغّله شركة كورية، إلى إغلاق بكين 90 متجراً من متاجر الشركة في الصين عام 2017، بحجة «السلامة من الحرائق». وأيضاً وجهت بهدوء قطاعها السياحي لخفض الرحلات الجماعية الصينية إلى كوريا الجنوبية، ما أدى إلى خسارة الأخيرة أكثر من 5 مليارات دولار من تلك العائدات.
وأخيراً، اعتمدت بكين نظام عقوبات مالية بدأ تطبيقه عام 2020، عبر فرض تجميد الأصول وحظر التأشيرات للمسؤولين من دول منافسة انتقدوا سياساتها تجاه إقليم شينجيانغ (سنكيانغ) أو هونغ كونغ، وذلك في تطبيق حرفي لبنود مأخوذة من عقوبات وزارات الخارجية والخزانة والعدل الأميركية.


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
TT

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب بكثير؟ الإجابة عن هذا السؤال، لا يختصرها الإجماع السريع الذي توافقت عليه تيارات الحزب لدعم كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية. ذلك أن الصعوبات التي يواجهها الديمقراطيون، والأزمات التي لم يتمكنوا بعد من ابتكار الحلول لها، أكبر من أن يحتويها استعاضتهم عن مرشح مسنّ ضعيف وغير ملهم، بمرشحة شابة ملوّنة. ولكن مع ذلك، يبدو أن الديمقراطيين مقتنعون الآن بأنه باتت لديهم الفرصة لإعادة تصوير السباق على أنه تكرار لهزيمة مرشح «مهووس بالغرور والانتقام»، في حين يعيد خصومهم الجمهوريون تشكيل سياسات حزبهم، وفق أجندة قد تغير وجهه ووجهة أميركا، التي عدّها البعض، «دعوة للعودة إلى الوراء».

في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ثمة انزياح الجمهوريين إلى سياسات انعزالية خارجياً وحمائية اقتصادية داخلياً، معطوفة على سياسات اجتماعية يمينية متشددة، قد يكون من الصعب إقناع بعض الشارع بخطورتها. وفي المقابل، ما لم يقدم الديمقراطيون حلولاً للمشاكل التي أبعدت ولا تزال تبعد، شريحة واسعة من أبناء الطبقة العاملة إلى التصويت مرتين لمصلحة دونالد ترمب، فإنهم سيفقدون السيطرة على حملتهم.

الأمر لا يقتصر على أفراد الطبقة العاملة البيضاء الذين غادروا الحزب الديمقراطي بأعداد كبيرة خلال العقود الأخيرة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن ترمب يُعد لاجتذاب الناخبين السود واللاتينيين من الطبقة العاملة بنسب تاريخية محتملة. ومع اعتناق ترمب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس، لسنوات، سياسات «شعبوية» فإنهما سعيا أيضاً إلى استخدام حتى بعض الانتقادات «التقدمية» للسوق الحرة، ولو كانا سيخدمان الأثرياء في نهاية المطاف.

ترمب يهاجم هاريس خلال مهرجان انتخابي في ولاية نورث كارولينا (آب)

ولاغتنام هذه الفرصة، قد يفكر الديمقراطيون في قراءة كيف تمكّن حزبهم من التعافي من الأزمات الخطيرة في ماضيهم. ومعلوم أنه في حين كانت الانتخابات الماضية تدور حول السياسات، وليس التدهور الذهني للمرشحين والتشكيك بقدرتهم على الفوز، كما كان الحال مع بايدن في هذه الانتخابات، فإنهم لم ينجحوا إلا عندما قدّموا أجندة اقتصادية، تروّج لرأسمالية أكثر أخلاقية وأقل ضراوة وقسوة.

توحد حول «أجندة تقدمية»يقول مايكل كوزين، أستاذ التاريخ في جامعة جورجتاون، إنه منذ القرن التاسع عشر، لم ينجح الديمقراطيون في قلب هزائمهم، إلّا بعد توحيد صفوفهم خلف أجندة، قدمت مساراً مختلفاً لمعالجة الأزمات، من «الكساد الكبير» إلى التصدي للعنصرية، وكسر الخطاب الشعبوي - الذي هدف إلى كسب تأييد المزارعين وعمال المناجم - ومن ثم طرحوا حلولاً بشأن العمل والضمانات الاجتماعية والصحية والمال.

في العشرينات من القرن الماضي، دارت أزمة الديمقراطيين حول قضايا الثقافة والعِرق بدلاً من تحديد من فاز ومن خسر فيما كان آنذاك اقتصاداً مزدهراً. ولقد تطلب الأمر أسوأ كساد في تاريخ البلاد، لإعطاء الديمقراطيين الفرصة لوضع هذه الاختلافات وراء ظهورهم. وعام 1932، تحت قيادة فرانكلين روزفلت، فازوا بغالبية كبيرة في الكونغرس وأنشأوا أكبر توسع في السلطات المحلية للحكومة الفيدرالية في تاريخ الولايات المتحدة.

وبعدها، في عام 1968، بدا أن انسحاب ليندون جونسون من السباق أشبه بانسحاب جو بايدن هذا العام... إذ كان الرجلان يخطّطان للترشح لإعادة الانتخاب، لكن المعارضة الشرسة داخل حزبهما أثنتهما عن ذلك. واليوم، كما حصل سابقاً، أخذ نائب الرئيس مكانه على رأس القائمة. غير أن معارضة عودة جونسون كانت بسبب أكثر أهمية بكثير من القلق بشأن أداء الرئيس في مناظرة، أو على قدراته الجسدية والمعرفية التي قسا عليها الزمن. كان الخلاف يومذاك حول «حرب فيتنام» يقسم الديمقراطيين، والأميركيين عموماً، وهو ما أدى إلى خسارتهم أمام الجمهوريين وفوز المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون.

اصطفاف التيار التقدمياليوم، باستثناء الحرب في غزة، وانتقاد التيار التقدمي لإسرائيل، فإن الديمقراطيين متّحدون بشكل ملحوظ حول القضايا التي ركّز عليها بايدن في حملته الانتخابية. وبدا أن تمسك هذا التيار به والاصطفاف اليوم وراء نائبته كامالا هاريس، دليل على إجماع على أن «خطر» إدارة ترمب أخرى قد طغى على استيائه منهما. وفي غياب أي استثناءات تقريباً، يتفق ممثلوهم مع أعضاء الحزب في مجلسي الشيوخ والنواب، على تشجيع العمال على تشكيل النقابات ويريدون القيام باستثمارات جادة في مجال الطاقة المتجددة، ويؤيدون بالإجماع زيادة الضرائب على الأغنياء وتسليح أوكرانيا.

بيد أن تغير موقف «التيار التقدمي» بشأن هاريس - التي لطالما تعرضت للانتقادات منه - يعكس إلى حد كبير الديناميكيات السياسية المتغيرة داخل الحزب الديمقراطي نفسه. وحقاً، منذ التراجع المطّرد لدور اليساري المخضرم بيرني ساندرز وتحوّله إلى شيء من الماضي، وكون النجوم التقدميين مثل النائبة ألكساندريا أوكازيو كورتيز، ما زالوا أصغر من أن يتمكنوا من الترشح للرئاسة، لا يوجد بديل واضح عند هذا التيار. وأيضاً، مع تهميش أولويات «التقدميين» التشريعية السابقة كالتعليم الجامعي المجاني والرعاية الصحية الشاملة، واستمرار تعثر القضايا الحالية كالحرب في غزة من دون نهاية واضحة، تقلصت فرص «تيارهم» في لعب دور أكبر داخل الحزب.

ولكن إذا أعطى انسحاب بايدن الديمقراطيين فرصة لإحياء حظوظهم فيما بدا لفترة وكأنه سباق خاسر، فإنه قد لا يفعل ذلك الكثير لمعالجة الأزمة الأعمق التي واجهوها منذ أعاد ترمب تشكيل الحزب الجمهوري.

الديمقراطيون تجنّبوا الانقسامفإجماع الديمقراطيين على الدفع بكامالا هاريس خياراً لا بد منه، قد يكون جنبهم على الأقل خطر الانقسام. ورغم كونها خطيبة مفوهة، على خلفيتها بوصفها مدعية عامة وسيناتوراً سابقاً عن كاليفورنيا - كبرى الولايات الأميركية وأهمها - يظل العديد من الأميركيين ينظرون إليها على أنها «ليبرالية» و«تقدمية» تهتم بشدة بالحقوق الإنجابية والتنوع العرقي. وهم أيضاً يأخذون عليها أنها لم تظهر، حتى الآن على الأقل، قدرتها على التواصل بالقوة نفسها مع ناخبي الطبقة العاملة الذين يعتقدون أن لا الحزب الديمقراطي ولا الحكومة أظهرا الاهتمام نفسه بمشاكلهم الاقتصادية... وخوفهم من أن حياة أطفالهم قد تتعرض للخطر.

واستناداً إلى استطلاعات رأي تشير منذ عدة سنوات إلى أن أغلب الناس يعتقدون أن الولايات المتحدة «تسير على المسار الخطأ»، استخدم جي دي فانس، نائب ترمب، هذه المخاوف التي عرضها في كتابه «مرثية هيلبيلي» لتصعيد الخطاب الشعبوي، الذي عدّه البعض دعوة إلى إعادة عقارب الزمن عبر إحياء الصناعات المنقرضة، بدلاً من الاستثمار في المستقبل.

صعود المظالممع هذا، إذا اكتفت هاريس بالترويج والدفاع عن إنجازاتها وبايدن فقط، فقد تفشل في معالجة هذه المخاوف، وربما تسمح لترمب بالفوز مرة أخرى. الاعتراف باللامساواة بين الجنسين وقبول «الهويات» الجنسية، ونقد الاستعمار والعنصرية وكراهية الأجانب، وصعود حركة حماية البيئة، كلها مظالم وتحديات لشرائح واسعة تعتقد أنها تتعرّض للخطر وتدعو الساسة للعودة إلى الأنماط القديمة دفاعاً عنها. كما أن اضطرابات أخرى لعبت أيضاً دوراً في صعود هذه المظالم، من تغير المناخ والتحديات الاقتصادية التي فرضها، واستمرار التفاوت في الدخل، وموجات المهاجرين إلى أوروبا والولايات المتحدة، والانهيار الاقتصادي عام 2008، وجائحة «كوفيد-19» التي ألحقت أضراراً بالغة بالاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

ومع تصاعد الشكوى من الهجرة والمهاجرين والتغير الديموغرافي والعولمة في كل مكان، يهدّد خطاب «الشعبوية» الجديد الديمقراطيات الليبرالية القديمة. وبدا أن احتضان الناخبين الأميركيين لترمب، يشبه تحول الناخبين الفرنسيين نحو حزب «التجمّع الوطني» اليميني المناهض للمهاجرين بزعامة مارين لوبان، الذي يدّعي أنه يمثل «فرنسا الحقيقية»، ومعه صعود العديد من أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، وفق الكاتب الأميركي إدواردو بوتر.

فشل ديمقراطي

مع ذلك، فشل الديمقراطيون منذ عهد باراك أوباما في تقديم برنامج سياسي متماسك حول الوجهة التي يريدون أخذ أميركا إليها، والتكلم عن أولئك الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم، وهذا، بصرف النظر عن دفاعهم عن مصالح الطبقة الوسطى والتسامح مع الاختلافات الثقافية والتحرك نحو اقتصاد أكثر خضرة.

ومع أن ترشيح كامالا هاريس قد يعطيهم الفرصة للبدء في تغيير تلك الصورة، يظل الخطر كامناً في أنهم قد يعتقدون أن الأزمة الأخيرة التي مروا بها، أمكن حلها بتغيير المرشحين من دون معالجة حالة السخط التي تعصف بالبلاد. وهذا ما بدا من خطابهم الذي عاد للتشديد على أن المهمة الرئيسية هي منع عودة ترمب. فقد التحمت الأصوات الديمقراطية في خطاب شبه موحّد لتصوير الانتخابات على «أنها بين مجرم مُدان لا يهتم إلا بنفسه ويحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بما يخص حقوقنا وبلدنا، ومدعية عامة سابقة ذكية ونائبة رئيس ناجحة تجسد إيمانناً بأن أفضل أيام أميركا لا تزال أمامنا»، على ما كتبته الثلاثاء، هيلاري كلينتون في مقالة رأي في «نيويورك تايمز».

ربما لا حاجة إلى التذكير بأن خسارة كلينتون نفسها للسباق الرئاسي أمام ترمب عام 2016، كان بسبب إحجام ناخبي ولايات ما يعرف بـ«حزام الصدأ» - حيث قاعدة العمال البيض - عن تأييدها، بعدما خسر مرشحهم بيرني ساندرز الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، الذي كان ينظر إليه على أنه مرشح واعد للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، ومنحهم أصواتهم لترمب الذي نجح في مخاطبة هواجسهم.

فرصة هاريس

اليوم، في ضوء انتزاع هاريس - إلى حد بعيد - بطاقة الترشيح قبل انعقاد مؤتمر الحزب في 19 أغسطس (آب) المقبل، ما يوفر عليها خوض انتخابات تمهيدية جديدة والفوز فيها، فإنها تحظى بفرصة لإعادة تقديم نفسها. وخلال الأيام الأخيرة، تعززت حملتها بفضل زيادة الحماسة والدعم وجمع التبرعات الذي حقق أرقاماً قياسية خلال 48 ساعة، وكل ذلك كان مفقوداً في حملة بايدن وسط مخاوف بشأن عمره وصحته.

لكن الحزب ما زال منقسماً حيال الرد على هجمات الجمهوريين، إذ يشعر البعض بالقلق من أن الغرق في مناقشات حول العنصرية والتمييز الجنسي، يمكن أن يستهلك حملة هاريس لدى انشغالها بمخاطبة جمهور الناخبين الأوسع. ولذا تصاعدت الأصوات الديمقراطية الداعية إلى جسر الهوة إزاء الهجرة والجريمة والتضخم، التي يركز الجمهوريون عليها، بينما يتساءل آخرون، عمّا إذا كان الكلام الصارم عن الإجهاض والضرائب والعنصرية، وغير ذلك من بنود جدول الأعمال التي يسعى الديمقراطيون بشدة إلى إعادتها إلى قمة الأولويات العامة، هو الطريقة الأفضل لخوض السباق ضد ترمب. الديمقراطيون متّحدون اليوم حول القضايا التي ركّز عليها بايدن

لطّف الجمهوريون خطابهم المتشدد... بينما يبحث الديمقراطيون عن نائب لهاريس

> لا يخفى، لدى تفحّص المشهد الانتخابي الأميركي، أن الجمهوريين سعوا للاستفادة من مكاسب استطلاعات الرأي مع الأميركيين الذين كانوا مترددين في السابق تجاه دونالد ترمب، وخاصة الناخبين غير البيض. إذ أعادوا تنظيم مؤتمرهم الوطني للتأكيد على «الوحدة»، بعد محاولة الاغتيال التي تعرّض لها ترمب، وتقديمه كرجل دولة وليس محارباً للثقافة والعرق. وتضمن المؤتمر كلمات دحضت الاتهامات بالعنصرية ضد ترمب، إلى جانب عدد من المتكلمين الذين أكدوا على خلفياتهم المهاجرة وعلى أن الجمهوريين مهتمون فقط بأمن الحدود. وبينما يقلّب الديمقراطيون الأسماء لاختيار نائب الرئيس على بطاقة الاقتراع مع كمالا هاريس، برز عدد من الأسماء على رأسهم جوش شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا المتأرجحة. وحظي شابيرو، وهو يهودي أبيض،

ترمب يهاجم هاريس خلال مهرجان انتخابي في ولاية نورث كارولينا (آب)

بالاهتمام كونه حقق فوزاً كبيراً في انتخابات عام 2022، متغلباً على سيناتور يميني متشدد أنكر فوز بايدن في انتخابات عام 2020، ويلقى دعماً كبيراً من الرئيس السابق باراك أوباما. أيضاً، برز السيناتور مارك كيلي (من ولاية أريزونا المتأرجحة أيضاً) الذي عُدّ منافساً محتملاً في مواجهة نائب ترمب، السيناتور جي دي فانس (من ولاية أوهايو). ويقف الرجلان على النقيض في العديد من قضايا السياسة الخارجية، وخصوصاً فيما يتعلق بمسألة مساعدة أوكرانيا. وبدا كيلي مرشحاً مثالياً ضد فانس؛ للموازنة بين الحفاظ على الولايات المتأرجحة، والحفاظ على سياستهم الخارجية. واتهمه بأنه «سيتخلى» عن أوكرانيا لصالح روسيا. وأردف كيلي قائلاً، إنه «أمام ما قد يفعله ترمب وفانس للتخلي عن حليف، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى عالم أكثر خطورة بكثير». ورغم رفضه تأكيد أن يكون من بين المرشحين، قائلاً إن الأمر يتعلق بهاريس، «المدعية العامة التي تتمتع بكل هذه الخبرة، وترمب الرجل المدان بـ34 جناية ولديه خيار بشأن المستقبل، قد يعيدنا إلى الماضي حين كنا أقل أماناً».