الانقسام يتعزز داخل «القضاء الأعلى» اللبناني

بعد دعوة ميقاتي لعدم تنفيذ إجراءات القاضية غادة عون

الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً اجتماعاً أمنياً الأسبوع الماضي في السراي الحكومي (دالاتي ونهرا)
الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً اجتماعاً أمنياً الأسبوع الماضي في السراي الحكومي (دالاتي ونهرا)
TT

الانقسام يتعزز داخل «القضاء الأعلى» اللبناني

الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً اجتماعاً أمنياً الأسبوع الماضي في السراي الحكومي (دالاتي ونهرا)
الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً اجتماعاً أمنياً الأسبوع الماضي في السراي الحكومي (دالاتي ونهرا)

عمّق كتاب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الذي طلب فيه من وزير الداخلية بسام المولوي «الإيعاز للأجهزة الأمنية بالامتناع عن تنفيذ أي أمر قضائي يصدر عن القاضية غادة عون بملفّ المصارف»، ومذكرة وزير الداخلية التي عممها على الضابطة العدلية لتطبيق مضمون كتاب ميقاتي، الأزمة المستفحلة أصلاً داخل الجسم القضائي، وعززت الانقسام داخل مجلس القضاء الأعلى، الذي اختلف أعضاؤه مجدداً على طريقة مواجهة هذه الإجراءات، بدليل أن أغلبهم اعترض على البيان الذي صدر باسم المجلس ليل الخميس، ولم يتبنّوا مضمونه.
وتداعى مجلس القضاء الأعلى إلى اجتماع طارئ ظهر يوم الخميس (أول من أمس)، بدعوة من رئيسه القاضي سهيل عبود، خصص للبحث في تداعيات كتاب رئيس الحكومة ومذكرة وزير الداخلية، اللذين وجد فيهما نادي القضاة «تدخلاً سافراً في عمل القضاء، وضرباً لمبدأ فصل السلطات»، ولوّح بخطوات تصعيدية في حال لم تُسحب المذكرة ويتوقف تنفيذها، وقد لبّى أعضاء مجلس القضاء دعوة رئيسهم، فحضروا الاجتماع، باستثناء النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي تغيّب لأسباب صحيّة.
ودخل مجلس القضاء مباشرة في مناقشة خطوة رئيس الحكومة وكيفية الردّ عليها، واللافت أن المجلس المنقسم أصلاً على ملفّ انفجار مرفأ بيروت، لم يصل إلى تفاهم حول هذا التطوّر المستجدّ، وأوضح مصدر قضائي أن «الانقسام طغى على المناقشات حول كيفية مقاربة هذه المسألة، ما استدعى انسحاب 3 أعضاء، ما أفقد الجلسة نصابها القانوني». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس المجلس «أصرّ على إصدار بيان يطلب فيه من رئيس الحكومة ووزير الداخلية الرجوع عن قرارهما، وهو ما اعترض عليه الأعضاء الذين رفضوا ذلك، وطالبوا بمخاطبة رئيس الحكومة ووزير الداخلية عبر وزير العدل (هنري الخوري)، وليس عبر بيان إعلامي». وشدد الأعضاء المعترضون وفق المصدر على «ضرورة تقديم مراجعة أمام مجلس شورى الدولة تطلب إبطال مذكرة وزير الداخلية في حال تجاوزه حدّ السلطة». في وقت برر فيه أحد أعضاء المجلس لـ«الشرق الأوسط»، أسباب انسحابه وزميليه من الاجتماع، وقال: «كل قاضٍ كانت له أسبابه ليغادر الاجتماع، لكننا تفاجأنا لاحقاً بصدور بيان باسم مجلس القضاء الأعلى». وأوضح أنه «لم يُنظّم محضر رسمي بالاجتماع ولم يوقّع أحد عليه، وأن المناقشات كانت عبارة عن تبادل الآراء ووجهات النظر، ولم يتم الاتفاق على موقف نهائي».
ويحاول رئيس مجلس القضاء احتواء تداعيات قرار رئيس الحكومة، وتجنّب أي موقف تصعيدي من قبل «نادي قضاة لبنان» الذي لوّح بتصعيد يُستشفّ منه إمكانية العودة إلى الإضراب الذي لم يمضِ أكثر من شهر ونصف الشهر على تعليقه. وأصدر بياناً دعا فيه رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية إلى «الرجوع عن القرارين المذكورين، اللذين يمسّان بمبدأي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية المكرسين دستوراً وقانوناً». وأكد مجلس القضاء أنه «يعمل على تأمين شروط انتظام العمل القضائي وحُسن سير العدالة، وذلك وفقاً للأصول والأحكام القانونية المرعية الإجراء، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة».
ولم يُحدَد موعد لجلسة جديدة لمجلس القضاء، لوضع آلية تؤمن حسن سير العدالة كما ورد في البيان، واستغرب مصدر مقرب من القاضي سهيل عبود، موقف الأعضاء المعترضين على البيان، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماع عقد رسمياً، لكن انفرط عقده بعد ساعتين إثر انقطاع التيار الكهربائي عن قصر العدل ببيروت، واستكمل «أون لاين»، وبقي القاضي عبود على اتصال مع الأعضاء حتى المساء. وشدد المصدر على أنه «يمكن أن يصدر بيان عن المجلس أو عن رئيسه حتى من دون اجتماع». وقال: «ليس صحيحاً أن الرئيس الأول (عبود) تفرّد بإصدار البيان، بل كان على تشاور مع زملائه»، مشيراً إلى أن مجلس القضاء «يرفض أن يقابل خطأ القاضية غادة عون بتدخل مباشر من السلطة السياسية في عمل القضاء، وأن المعالجة تأتي عبر قرار يصدر عن السلطة القضائية المسؤولة عن انتظام سير العدالة».
وردّت القاضية عون على قرار وزير الداخلية، وقالت في مداخلة لها عبر محطة تلفزيونية، إنها ستتعاطى مع قرار وزير الداخلية كأنه منعدم الوجود، كونه صادراً عن مرجع غير مختصّ. وأكدت أنها ستتقدم بشكوى أمام مجلس شورى الدولة لإبطال قرار المولوي والمضي بتحقيقاتها بملف المصارف.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».