في صيف العراق الساخن لا صوت يعلو على صوت هيئة الأنواء الجوية، فكلما أعلن المنبئ الجوي (مذيع الأرصاد الجوية) الأشهر في العراق محمود عبد اللطيف أن درجة الحرارة ستقترب أو تبلغ الخمسين درجة تتسمر عيون العراقيين على القناة الرسمية «العراقية» بانتظار زفها البشرى لنحو أكثر من أربعة ملايين موظف بالدولة العراقية باعتبار أيام الحرارة العالية عطلة رسمية. وبالفعل أعلنها محمود عبد اللطيف أنه بدءا من اليوم الخميس وحتى الأحد القادم فإن درجات الحرارة في بغداد سوف تبلغ نصف درجة الغليان بحيث تبلغ 53 درجة مئوية.
محمود عبد اللطيف الذي يكاد يكون الموظف الوحيد في العراق الذي لا تحوم حوله شبهات الفساد لأنه يتلقى تعليماته مباشرة من المرتفعات والمنخفضات الجوية ويوجه نصائحه للمواطنين عبر شاشات التلفاز. وفي هذه الظروف تحولت تقريرات عبد اللطيف على يد رئيس الحكومة العبادي إلى إجراءات عملية تمثلت بإعلان عطلة لدوائر الدولة طيلة موجة الحر التي تستمر أربعة أيام وقطع الكهرباء عن كل دوائر ومؤسسات الدولة بعد نهاية الدوام الرسمي ما عدا استثناءات قليلة منها المشافي ودور العجزة والأيتام.
أحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي كتب على صفحته بـ«فيسبوك» أنه لأول مرة تصبح للحر الشديد فائدة وهي شمول كبار المسؤولين بمعاناة الناس. تعليمات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي شملت حتى السيارات لا سيما في ظل البنزين المنقسم إلى نوعين في العراق بنزين محسن وآخر غير محسن. فبعد احتراق عدد من السيارات جراء موجات الحر السابقة التي كانت أقل من هذه الموجة التي سيبدأ سريانها اليوم الخميس بات على أصحاب السيارات عدم ملء خزانات الوقود ومراقبة الخزان ذاته عند التشغيل. أما الموظفون فإنهم في الوقت الذي سينعمون بالعطلة الطويلة نسبيا فإن عليهم مواجهة «نقمة» الكهرباء التي بات يسمع بها العراقيون ولا يرونها.
مع ذلك فإنه وكما يقول المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح إن «الإحصاءات الدقيقة أثبتت أن الموظف العراقي الذي يقضي ساعات دوام تصل إلى 6 في دائرته فإن معدل إنتاجه اليومي بالقياس إلى هذه الساعات لا يزيد على 17 دقيقة في اليوم». ما يشغل بال 35 مليون عراقي وهم في نصف درجة الغليان ليس استجواب أو إقالة وزير الكهرباء بقدر ما يهمهم ما إذا كان في جعبة عبد اللطيف أخبار جوية أخرى عن درجات حرارة قادمة خلال شهر أغسطس (آب) الذي يطلق عليه العراقيون حتى في أيام الخير الجوية قبل عقود «آب اللهاب» الذي «يدق المسمار بالباب». الأمر تعدى المسمار هذه المرة. فقبل أيام أقدم مقاتل في إحدى جبهات القتال بالعراق على غلي بيضة على حرارة الشمس حتى قبل أن تصل نصف درجة الغليان.
وأثار ارتفاع الحرارة بشكل كبير في العراق هذا الصيف احتجاجات غاضبة في الشوارع بسبب ضعف إمدادات الطاقة في البلاد. وقالت الشرطة ومسؤولون حكوميون إن «متظاهرا قتل وأصيب آخران في وقت سابق هذا الشهر خلال مظاهرة ضد انقطاع التيار بالقرب من البصرة».
العراق يترقب حرارة تتجاوز نصف درجة الغليان.. والحكومه تعلن إجازة لـ4 أيام
حين يكون محمود عبد اللطيف أشهر من حيدر العبادي وسليم الجبوري
العراق يترقب حرارة تتجاوز نصف درجة الغليان.. والحكومه تعلن إجازة لـ4 أيام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة