لماذا قد يعيد إرسال بكين الأسلحة لموسكو «خلط الأوراق» في أوكرانيا؟

صورة من عرض عسكري صيني ببكين في 3 سبتمبر 2015 (رويترز)
صورة من عرض عسكري صيني ببكين في 3 سبتمبر 2015 (رويترز)
TT

لماذا قد يعيد إرسال بكين الأسلحة لموسكو «خلط الأوراق» في أوكرانيا؟

صورة من عرض عسكري صيني ببكين في 3 سبتمبر 2015 (رويترز)
صورة من عرض عسكري صيني ببكين في 3 سبتمبر 2015 (رويترز)

اتهمت الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، الصين بالتخطيط لتزويد روسيا بأسلحة لدعم غزوها أوكرانيا، وهو ما تنفيه بكين. لكن في حال حدوث ذلك، فـ«ستتغير قواعد» النزاع المستمر منذ نحو عام، وفق خبراء، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
منذ بداية الحرب في أوكرانيا يوم 24 فبراير (شباط) 2022، عرضت الصين على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعمها المالي والدبلوماسي، لكنها ظلت تتجنب إرسال الأسلحة أو أي تدخل عسكري علني.
وباعت شركات صينية تسيطر عليها بكين مسيّرات ومعدات أخرى لروسيا ولأوكرانيا، لكن موسكو لجأت إلى إيران من أجل الحصول على أسلحة أساسية للقتال مثل المسيرات القتالية. ووفق واشنطن؛ زودت كوريا الشمالية أيضاً روسيا بصواريخ وقذائف مدفعية.
وتخشى الولايات المتحدة حالياً أن تفعل بكين الشيء نفسه. وجدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تحذيره في هذا الصدد الاثنين، بعد تحذيره الأحد بأن الصين تبحث توريد أسلحة إلى روسيا، عقب اجتماع مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني، وانغ يي، في ميونيخ على هامش المؤتمر حول الأمن.
وفي حديث مع قناة «إس بي سي»، نبه بلينكن إلى أن بكين تنظر في إرسال «أسلحة» إلى روسيا دعماً لهجومها في أوكرانيا، مشدداً على أن أي إمدادات من شأنها أن «تؤدي إلى مشكلة خطيرة».
ولم يقدم بلينكن أي دليل لدعم تصريحه، لكنه جزء من المعلومات الحساسة التي تنشرها واشنطن لإحباط وتعطيل خطط الحرب الروسية.
ويقول الباحث المختص بالشؤون الآسيوية الشرقية في معهد «لووي» في سيدني، ريتشارد ماكغريغور: «إن اختيار بلينكن بث هذه المخاوف يشير إلى أن الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية قوية».
ووصف الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ونبين، هذه التصريحات بأنها «معلومات خاطئة».
يقول الخبير في التخطيط الاستراتيجي والجنرال في الجيش الأسترالي المتقاعد، ميك راين، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن تدفق الأسلحة من الصين «من شأنه أن يعيد خلط أوراق» النزاع في أوكرانيا.
ويضيف: «إنها حرب أنظمة صناعية. حتى اللحظة؛ روسيا لا تزال وراء الغرب. إذا تدخلت الصين، فإن أي ميزة كانت لأوكرانيا بفضل القدرة الصناعية للغرب ستختفي على الفور».
ويتابع: «ستجعل الذخائر الصينية حياة الأوكرانيين صعبة جداً، سواء أكانت ذخائر مدفعية أم ذخائر دقيقة التصويب أم أسلحة هجومية بعيدة المدى تفتقر إليها روسيا».
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تكافح روسيا لجمع ما يكفي من الجنود والذخيرة والأسلحة، وهو ما يفسر جمودها في مواجهة المقاومة الأوكرانية. دفعت هذه الحالة فلاديمير بوتين إلى اللجوء إلى التجنيد الجماعي ومجموعات المرتزقة والاستيراد.
في غضون ذلك، تمكنت أوكرانيا من كبح التقدم الروسي ومن التغلب على القوات الروسية في بعض الأحيان. لكن بعض الخبراء يعدّون أن الحرب وصلت حالياً إلى منعطف يسعى فيه كل جانب إلى الحصول على أكبر قدر من الموارد وتحقيق مكاسب حاسمة مع اقتراب فصل الربيع.
يؤكد المعلق العسكري الصيني، سونغ تشونغ بينغ، أن الصين لن ترسل أسلحة إلى روسيا، مشيراً إلى أن التعاون السياسي والتجاري والعسكري بين موسكو وبكين قد ازداد حتى قبل الحرب في أوكرانيا، وأن هذا الاتجاه سيستمر. ويضيف: «الصين لن تستمع لطلبات الولايات المتحدة. ستعزز تعاونها مع روسيا وفقاً لإرادتها الوطنية واهتماماتها في مجال الأمن القومي».
يعتقد كثير من الخبراء أن هناك المزيد على المحك، وأن النزاع في أوكرانيا بدأ يتحول إلى حرب بالوكالة جدير بحقبة الحرب الباردة. ويعدّ أستاذ الدراسات الاستراتيجية والأمن بجامعة كورتين في أستراليا، أليكسي مورافييف، أن «الحرب في أوكرانيا هي لحظة حاسمة لبيئة الأمن الدولي وللنظام الدولي». ويرى أن أي تحرك لتصدير الأسلحة سيكون «خطوة كبيرة» بالنسبة إلى الصين التي قد تتعرض لعقوبات غربية، وسيحرق الجسور المتبقية مع واشنطن ويفسد العلاقات مع أوروبا. لكن احتمال رؤية روسيا تخسر يُقلق بكين، وفق مورافييف. في هذه الحالة، «ستجد الصين نفسها وحيدة»، وفق قوله. ويتابع: «روسيا هي القوة الكبيرة الوحيدة التي تدعم الصين».
في السيناريو المعاكس، سيعني الانتصار الروسي «إلحاق هزيمة استراتيجية بالولايات المتحدة»، وبالتالي المساعدة في تلميع خطاب الرئيس شي جينبينغ بأن الغرب في حالة انحطاط. ويلفت مورافييف إلى أن الصين ستحاول لعب دور محقق التوازن في هذا النزاع، وإيجاد التوازن الصحيح بين المخاطرة والمكافأة، من خلال توريد أسلحة عبر الشركات التي تسيطر عليها الدولة أو كوريا الشمالية أو مجموعة «فاغنر» بدلاً من التوريد للجيش الروسي مباشرة. ويضيف: «أعتقد أن مقاربتهم ستكون متكتمة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».