تسريبات عن إنتاج النظام السوري لأسلحة كيماوية رغم مراقبة التفتيش الدولي

واشنطن اقترحت قبل أسبوعين تكليف فريق لتحديد المسؤولين عن هجمات الكلور

تسريبات عن إنتاج النظام السوري لأسلحة كيماوية رغم مراقبة التفتيش الدولي
TT

تسريبات عن إنتاج النظام السوري لأسلحة كيماوية رغم مراقبة التفتيش الدولي

تسريبات عن إنتاج النظام السوري لأسلحة كيماوية رغم مراقبة التفتيش الدولي

طالبت المعارضة السورية بوضع المعلومات التي نشرتها صحيفة أميركية عن أن النظام السوري يواصل إنتاج أسلحة كيماوية ويطوّر علماؤه أسلحة كيميائية جديدة تعتمد على غاز الكلور في تصرف المجتمع الدولي ومنظمة حظر السلاح الكيماوي.
ورأى المعارض السوري البارز ورئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا، أن النظام «كان باستمرار نظاما مخادعًا، ولم يتلق الرد الرادع من المجتمع الدولي، كعقوبة على استخدامه عشرات المرات وقتل آلاف السوريين في مرات سابقة».
وقال صبرا لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «استخدم الكيماوي مرات كثيرة بعد صدور القرارات الدولية التي تمنع استخدامه»، مشيرًا إلى أنه «إذا لم يجد النظام رادعًا، فإنه سيعيد إنتاجه واستخدامه».
وأعرب صبرا عن اعتقاده أن معالجة ملف استخدام النظام للأسلحة الكيماوية «لم يكن حقيقيا، لأنه اكتفى بوضع اليد على أداة الجريمة دون محاسبة المجرم»، مشيرًا إلى أنه «من ارتكب الجريمة في مرات سابقة، سيرتكبها مرة جديدة». وأضاف: «النظام الذي استخدمها عشرات المرات وخزنها عشرات السنين، لن يجد رادعًا اليوم عن تجديد إنتاجها، ما لم يلق ردعًا»، وأنه «يكرر الفعل ليس بصنعها فقط إنما باستخدامها أيضًا».
وتتهم المعارضة السورية قوات النظام باستخدام غازات سامة في براميل متفجرة وذخائر تستخدم لضرب قوات المعارضة و«مناطق تجمع المدنيين». وأبرق الائتلاف الوطني السوري إلى مجلس الأمن الدولي، خطابًا في شهر مايو (أيار) الماضي، طالب فيه بالتحقيق لتحديد المسؤول عن الهجمات بغاز الكلور، وأبلغ فيه عن 9 هجمات على الأقل بأسلحة كيماوية خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أبريل (نيسان) الماضي، في محافظتي إدلب وحماه، بينها استهداف بلدة سراقب بريف إدلب.
ويقول ناشطون إن قوات النظام، استخدمت الغازات السامة عدة مرات، بعد صدور القرار 2209 في 6 مارس (آذار) الماضي، الذي يدين استخدام غاز الكلور في النزاع السوري ويؤكد فرض عقوبات على مستخدميه تحت الفصل السابع.
وكانت واشنطن اقترحت قبل أسبوعين، تكليف فريق لتحديد المسؤولين عن هجمات الكلور، والتي نسبها الغربيون لقوات الأسد. وحسب مشروع القرار الذي اقترحته واشنطن، فإن هذه البعثة التي أطلق عليها «آلية مشتركة للتحقيق»، ستكون مؤلفة من خبراء من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وستكون مهمتها «تحديد وبكل الوسائل الممكنة الأشخاص والهيئات والمجموعات والحكومات» التي نظمت ورعت أو ارتكبت هذه الهجمات. واتهمت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، النظام السوري بأنه يواصل إنتاج أسلحة كيماوية، وأن علماءه يطوّرون أسلحة كيميائية جديدة تعتمد في على غاز الكلور القاتل.
وقالت الصحيفة نقلا عن مراقبين في منظمة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل زاروا سوريا، إنه على الرغم من الجهود لنزع أسلحة سوريا الكيماوية، فإن «القيود الكثيرة التي فُرضت على المراقبين خلال زيارتهم السنة الماضية سمحت بذلك».
وفي أعقاب ذلك التقرير، غيّرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) تقديراتها حول القضاء على الترسانة الكيماوية السورية كاملة.
ونقلت الصحيفة الأميركية أن المراقبين زاروا مواقع مختلفة وأنهم شاهدوا «شاحنات تستخدم عمليا كمنشآت متنقلة لإخفاء الأسلحة الكيماوية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.