قال رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، إن الاستثمار في الإنسان هو استثمار في المستقبل، ومن المسؤوليات العمومية التي على جميع المؤسسات والسّلط استحضاره وجعله التقائياً في السياسات العمومية، وذلك من أجل إشاعة الأمل في المستقبل، ودرء الإِحباط، وجعل الشباب مبادراً إلى المقاولة والإنتاج.
وحث العلمي، الذي كان يتحدث في الجلسة الافتتاحية لأشغال المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية، التي انعقدت أمس بمقر مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، على عدم إهمال النساء والرجال، الذين ساهموا في بناء مغرب اليوم، والذين ينبغي حفظ كرامتهم ورعايتهم. مشددا على أهمية التضامن والعدالة المجالية؛ ومؤكدا أن التقدم الذي يحققه المغرب «ينبغي أن يكون عائده الاجتماعي والمجالي شاملاً لمجموع جهات المملكة، تعزيزا للتماسك الاجتماعي في إطار نسق يحِسّ الجميع فيه بأنه جزءٌ منه، واجباتٍ وحقوقاً».
وركز العلمي في المنتدى، المنعقد تحت شعار: «الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية»، على أن بناء الفرد المتشبّت بقيمه الوطنية، والمدافع عن مؤسساته، المشارك في تدبير الشأن العام، والمتّخذ لقراراته عن اقتناع ووعي. وفي عالم مفتوح، زالت فيه كل الحدود الفكرية، تتعرض القيم الإيجابية للطمس أحياناً أو التهجين أحيانا أخرى، بسبب ما يغمرها من أخبار مضلّلة ومعلوماتٍ زائفة. محذرا من ازدهار خطابات الاِنطواء والتعصبِ، ورفض الآخر والتطرف، والنزعات الانعزالية. وداعيا إلى ترسيخ قيم الانتماءِ للوطن، والتّضامن والإنتاجِ والعمل، والمبادرة والابتكار والتنافس الشريف والاستحقاقِ.
من جهته، قال النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين المغربي، إن العدالة الاجتماعية «باتت رهينة أكثر من أي وقت مضى بمدى الاعتناء بالرأسمال البشري»، مشيرا إلى أن هذا هو الحل المستدام الذي ينبغي أن يحظى بالعناية اللازمة، وفق مقاربة نسقية شاملة، تستهدف الإنسان بجميع أبعاده الجسدية والنفسية والذهنية. كما اعتبر ميارة أن التركيز على راحة الإنسان ورفاهيته «ما زال أمرا جديدا في السياسات العمومية»، مبرزا أن هناك دراسة حديثة حصرت أهم خصائص هذا التوجه في تحقيق الالتقائية بين المبادرات الحكومية، الرامية إلى تحقيق شروط العيش الكريم لجميع أفراد المجتمع، بدل الاكتفاء بإسناد المهام الاجتماعية إلى وزارات بعينها.
بدوره، قال أحمد رضى شامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة دستورية استشارية): «لقد أصبح الباحثون يجمعون على أن تحقيق تعليم جيد يعتبر استثمارا مجديا على المدى البعيد، لأنه يوفر كفاءات بشرية لا غنى عنها لأي تنمية اقتصادية مستدامة». معتبرا أن عدم المساواة في ولوج التعليم، أو في الاستفادة من جودته، «يعتبر وسيلة للإقصاء الاقتصادي، لأن من يعاني منه لا يمتلك الكفايات الضرورية للاندماج في سوق الشغل، ووسيلة للإقصاء الاجتماعي، لأنه لا يستطيع المشاركة بالفعالية اللازمة في الحياة المجتمعية». لكن، رغم هذه النتائج الإيجابية عموما، يضيف شامي، يلاحظ أنه ما زال هناك أوجه قصور تُعيق تحرير طاقات الرأسمال البشري، وعدم استثمار إمكانات النافذة الديموغرافية الحالية على النحو الأمثل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، وتعزيز التنافسية الدولية للمغرب.
كما أشار شامي أيضا إلى الضعف الكبير لنسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، التي تبقى في حدود 20 % في السنوات الأخيرة. فضلا عن تفاقم ظاهرة هجرة الكفاءات (يصنف المغرب في الرتبة 96 من 133 حسب المؤشر العالمي لتنافسية المواهب والرتبة الثانية بخصوص هجرة الكفاءات في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط)، بحيث أن عددا من ذوي المؤهلات العالية لا يجدون في سوق الشغل المغربية فرصا ووظائف مُحفزة وجَذَّابة، سواء في القطاع العام أو الخاص، تتناسب مع استحقاقِهم وكفاءتهم.
المغرب: منتدى برلماني دولي يبحث سبل تحقيق «العدالة الاجتماعية»
المغرب: منتدى برلماني دولي يبحث سبل تحقيق «العدالة الاجتماعية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة