دبلوماسية ربطة العنق... رسائل مبطنة بين الدعم والتحذير

بايدن ارتدى واحدة بألوان علم أوكرانيا خلال لقاء زيلينسكي

زيلينسكي وزوجته أولينا لدى استقبالهما بايدن في قصر مارينسكي بكييف أمس (أ.ف.ب)
زيلينسكي وزوجته أولينا لدى استقبالهما بايدن في قصر مارينسكي بكييف أمس (أ.ف.ب)
TT

دبلوماسية ربطة العنق... رسائل مبطنة بين الدعم والتحذير

زيلينسكي وزوجته أولينا لدى استقبالهما بايدن في قصر مارينسكي بكييف أمس (أ.ف.ب)
زيلينسكي وزوجته أولينا لدى استقبالهما بايدن في قصر مارينسكي بكييف أمس (أ.ف.ب)

يبدو أن أدوات رجل السياسة قد تذهب إلى ما هو أبعد من الرسائل الصريحة والبيانات الرسمية، لتشمل ما يعتمده من أزياء. على مر التاريخ ثمة رسائل مبطنة عدة كشفت اتجاهات سياسية، ورسمت علاقات دولية، واحتضن التاريخ تغييرات سياسية بدأت بربطة عنق، وربما «دبوس بدلة».
كان ذلك لافتاً، خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعاصمة الأوكرانية، كييف، (الاثنين)، حيث اعتمد خلال لقائه والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ربطة عنق بألوان علم أوكرانيا، الأزرق والأصفر، ليُعزز زيارته بـ«رسائل دعم مبطنة» لأوكرانيا في أزمتها مع روسيا.
هذه ليست المرة الأولى التي تحمل فيها ربطة عنق بايدن رسالة دبلوماسية. خلال القمة التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في جنيف يونيو (حزيران) 2021، انتقدت وسائل إعلام روسية لون ربطة العنق التي اعتمدها والتي جاءت باللون الأزرق الفاتح، وقالت وقتها خبيرة الإتيكيت الروسية، تاتيانا نيكولايفا إنه «لون يشير إلى موقف طفولي متردد من قبل الجانب الأميركي»، بينما فسرت اختيار بوتين لربطة عنق باللون الخمري، مُطبعة بالأشكال الهندسية، «انعكاساً لموقف أكثر حسماً من قبل الجانب الروسي، وعلامة على تصميم الكرملين على الدفاع عن موقفه التفاوضي ديناميكياً»، حسب وكالة الأنباء الروسية «رايا نوفيستي».
من جانبها، ترى الدكتورة نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن «عالم السياسة مليء بالرسائل المبطنة، والتي قد تحمل تأثيراً أكثر دلالة من المواقف المباشرة»، وتقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «السياسة لا تتضمن شيئاً من قبيل الصدفة، فالرئيس الأميركي تعمد تأجيج نبرة التحدي للقوات الروسية، وتعميق دعم بلاده لأوكرانيا، على النحو العسكري واللوجيستي وحتى المعنوي». وتضيف أن «التاريخ مليء بالدلالات والرمزية لأزياء تعمد سياسيون اعتمادها، وربما حتى العامة، فكل من يدعم القضية الفلسطينية يعتمد الكوفية المميزة لثقافتهم».
وتشير مسعد إلى مشاهد سياسية تعمدت أن تحمل دلالات ربما للتوافق أو العكس، وتقول إنه «لا يوجد شيء يُدلل على أهمية ما يعتمده السياسيون من أزياء وسلوكيات مثل موقف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، حين زار المملكة العربية السعودية وتمايل بالسيف في إشارة إلى علاقة ود واحترام مرتقبة بين البلدين».
الرسائل الدبلوماسية غير المباشرة نهج أميركي دلل عليه التاريخ والعلم. في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 خرجت دراسة أميركية تُعزز «فرضية التأثير الدبلوماسي للأزياء»، وقال الباحث السياسي الأميركي ديفيد أوكونيل، في دراسة نُشرت في مجلة «وايت هاوس ستاديز»، إن «الأزياء لعبت دوراً بارزاً في تأثير رؤساء الولايات المتحدة الأميركية على مدار حقب زمنية متتالية وفي ظروف سياسية متباينة». وتوصل من خلال قراءته للمشهد إلى أن نجاح الرؤساء يتعلق بـ«ما يرتدون».
اعتمد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ربطة عنق مُطبعة بأبواقٍ خلال اجتماعه التاريخي في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وحسب تحليل الباحث أوكونيل، «حملت ربطة العنق إشارة مبطنة لقصة سقوط أسوار أريحا بالأبواق».
ليست ربطات العنق فحسب، نجح جورج دبليو بوش، الرئيس الـ43 للولايات المتحدة الأميركية، في استقطاب الناخبين الريفيين من خلال تفضيله ملابس «رعاة البقر»، حتى أثناء وجوده في واشنطن في بعض الأحيان.
على الجانب الآخر، وجهت الأزياء ضربات سياسية لبعض الرؤساء. في أغسطس (آب) 2014، عندما حضر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، مؤتمراً صحافياً في البيت الأبيض مرتدياً بدلة باللون البيج، في حين كان يعلن عن موقف بلاده، من تنظيم «داعش» في سوريا، اعتبر خبراء أن اختيار اللون الفاتح «أضعف» رسالته، في حين كانت تستهدف بلاده تكثيف الرد العسكري.

كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، تعتمد الدبابيس «البروش» حسب موقفها السياسي، فحين التقت فلاديمير بوتين في فبراير (شباط) 2000، بموسكو، اعتمدت دبوس القرود في إشارة حملت «إهانة مبطنة»؛ احتجاجاً على حرب روسيا على الشيشان، بينما حين التقت الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 1999 وضعت دبوساً على شكل «نحلة»، والذي تم تفسيره باعتباره إشارة غير مباشرة على جهودها لإقناع الطرف الفلسطيني بالحل السلمي.


اعتبرت السفيرة جيلان علام، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن «الرسائل الضمنية هي القوى الناعمة في عالم السياسة»، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «جزءاً أصيلاً من إعداد الدبلوماسي، هو تعزيز قدراته في استغلال الأدوات غير المباشرة»، مشيرة إلى أنها «خلال فترة عملها سفيرة لمصر في الهند اعتمدت على الأزياء للتأكيد على احترام ثقافة البلد المضيف». وتضيف أن «الأمر يتضاعف عند الحديث عن رؤساء الدول، بداية من واللون والتصميم، وحتى التفاصيل التي ربما تمر على الشخص العادي، جميعها رسائل مقصودة وأدوات في يد السياسي».


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.