الزلازل والهزات الارتدادية تدفع سكان شمال سوريا للمبيت في العراء

عائلات سورية في أعزاز شمال حلب تبيت في العراء (ناشطون)
عائلات سورية في أعزاز شمال حلب تبيت في العراء (ناشطون)
TT

الزلازل والهزات الارتدادية تدفع سكان شمال سوريا للمبيت في العراء

عائلات سورية في أعزاز شمال حلب تبيت في العراء (ناشطون)
عائلات سورية في أعزاز شمال حلب تبيت في العراء (ناشطون)

قضت مئات العائلات في شمال غربي سوريا ليل الاثنين - الثلاثاء، في العراء وبالسيارات، فيما لجأت عشرات العائلات الأخرى إلى مخيمات النازحين، في أجواء شديدة البرودة، جراء الزلزال الجديد بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر، الذي أدى إلى انهيار عشرات الأبنية المتصدعة من الزلزالين السابقين، وإصابة أكثر من 190 مدنياً، في حصيلة غير نهائية، وفق منظمة الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء».
ورصدت «الشرق الأوسط»، أثناء حدوث الزلزال استنفار فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف، في المدن الشمالية من محافظة إدلب وريف حلب الشمالي (الدانا وسرمدا وأتارب وجنديرس وعفرين)، ترافق مع استنفار الكوادر الطبية في المشافي واستقبال عشرات المواطنين، تعرضوا لإصابات متفاوتة من جراء تساقط بعض الكتل الإسمنتية عليهم، وآخرين فقدوا الوعي بسبب الخوف الشديد، تزامناً مع نزول آلاف المواطنين إلى الشوارع، ولجوء المئات من العوائل إلى العراء والمخيمات القريبة هرباً من الأبنية السكنية واحتمال انهيارها.
وأفاد ناشطون في إدلب وريف حلب، بأن عشرات الأشخاص ألقوا بأنفسهم من أسطح المباني والنوافذ والشرفات، بعدما أصيبوا بحالة من الخوف والهلع، وأصيب عدد منهم بجروح، تزامناً مع سماع أصوات انهيار عدد من الأبنية المتصدعة في مدن جنديرس وأتارب وسرمدا وحارم وسلقين بأرياف إدلب وحلب، واستنفرت إثر الزلزال سيارات الإسعاف لنقل الجرحى إلى المشافي، فيما ورد إلى أقسام الإسعاف في مشافي إدلب وريفها عشرات حالات الإسعاف نتيجة الانهيار العصبي وتوقف القلب بسبب الخوف وارتفاع الضغط والسكر، إضافة لعدة إصابات خفيفة ورضوض وكسور عند مئات المدنيين، نتيجة تساقط أحجار المباني على المارة أو نتيجة التدافع أثناء حدوث الزلزال.
من جانبه، قال فريق «منسقو استجابة سوريا»، المهتم برصد الأوضاع الإنسانية وتداعيات الزلزال والهزات الأرضية، إن «حصيلة الوفيات في شمال غربي سوريا (إدلب وريف حلب)، بزلزالي 6 فبراير (شباط) الحالي، ارتفع إلى 3467 حالة وفاة وإصابة 7438 مدنياً بجروح متفاوتة».
وفي غضون ذلك، دخل فريق من الأمم المتحدة الثلاثاء، عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، إلى مدينة حارم بريف إدلب، وأجرى جولة على عدد من المراكز الطبية والمشافي التي تقدم العلاج للجرحى والمصابين، ومراكز الإيواء التي تؤوي مئات العائلات المنكوبة جراء الزلزال.
وأتت زيارة الفريق، مع تصريح للمتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الثلاثاء، قال فيه: «نقوم مع شركائنا بتوصيل الطعام والخيام والبطانيات والإمدادات الأخرى، وإرسال الإمدادات الطبية والعاملين الطبيين إلى المناطق المتضررة من جراء الزلزال»، مشيراً إلى «أهمية عملية التمويل في سبيل الاستجابة الأوسع للزلزال، وأنه تم الحصول على 68.5 مليون دولار من جملة 329.1 مليون دولار، وأن الأمم المتحدة ستواصل دعم تنسيق عمليات البحث والإنقاذ، وأن (اليونيسيف) تمكنت من الوصول إلى ما يقارب من 218 ألف شخص، بمن فيهم أكثر من 132 ألف طفل، وتقديم وسائل النظافة والملابس الشتوية والسخانات الكهربائية وخزانات المياه وغيرها من المستلزمات الخدمية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.