العباءات الخليجية تخرج من دائرة «الأسود» إلى عالم الألوان

إقبال لافت على تصاميم جديدة.. والموسم يرفع المبيعات بنحو 60 %

عباءات حديثة بتصاميم وألوان غير تقليدية
عباءات حديثة بتصاميم وألوان غير تقليدية
TT

العباءات الخليجية تخرج من دائرة «الأسود» إلى عالم الألوان

عباءات حديثة بتصاميم وألوان غير تقليدية
عباءات حديثة بتصاميم وألوان غير تقليدية

لسنوات مضت، ظلت العباءات الخليجية التي ترتديها النساء عند الخروج من المنزل؛ محصورة في اللون الأسود، حتى أضحى الأسود هو البصمة المتعارف عليها في جميع العباءات، إلا أن الجيل الجديد من المصممات الخليجيات كسرن هذه القاعدة، حيث تنتشر - حاليا - موضة العباءات الملونة والأقمشة المزخرفة بألوان فاتحة وأشكال مبتكرة.
ويبدو هذا التوجه لافتا في الآونة الأخيرة، خصوصا أنه يأتي على اتجاهين، إما أن تكون العباءة بالكامل ملونة، أو أن يحضر اللون الأسود بصورة خجولة في بعض العباءات بحيث يأتي مندمجا مع ألوان زاهية أخرى، ويعزز من هذا التوجه حرارة فصل الصيف ورغبة كثير من السيدات من الانعتاق من الألوان القاتمة واستبدالها بالألوان الصيفية المشرقة خلال هذه الفترة.
وتصف منيرة الغانم، وهي مصممة عباءات كويتية، ذلك قائلة: «جديد العباءات في الوقت الحالي هو استخدام الأقمشة الملونة التي تعطي لمسات فنية على العباءات، واستخدام الأقمشة المميزة لكي تتميز بها العباءة عن باقي العباءات». وتضيف: «هناك كثير من الأساليب الجديد دخلت على العباءة الخليجية، حيث جرى إدخال الأقمشة الملونة للعباءة والأقمشة المزخرفة والمزركشة التي تعطي تجديدا للعباءة».
وتؤكد الغانم أن كثيرا من العباءات خرجت عن اللون الأسود المعتاد، وأصبحت هناك عباءات ذات ألوان فاتحة وأقمشة خفيفة تناسب فصل الصيف في الخليج العربي. وبالسؤال عن مقومات مصممة العباءات، تقول: «أهم مقومات مصممة العباءات في رأيي هي ألا تخرج عن الطابع الشرقي والعادات والتقاليد، بالإضافة إلى إضفاء لمسات فنية وجمالية على العباءة، واختيار أجود وأفضل الأقمشة التي تميز بها تصاميمها».
وحول المنافسة بين المصممات في هذا المجال، تقول الغانم: «المنافسة موجودة في جميع المجالات وليست فقط في تصميم العباءات، وإنني أجد أن المنافسة مطلوبة وحاجة ضرورية تجعل المصمم يقوم بالتميز والاجتهاد بشكل أكبر في تصاميمه لكي يتميز».
من ناحيتها، تؤكد رزان حاتم، وهي مصممة عباءات سعودية، أن العباءات الملونة أصبحت تضفي مظهرا عصريا للسيدات، خصوصا مع كونها لا تبتعد عن تصميم العباءة المحتشم والفضفاض، حيث يكون التغيير في لون العباءة فقط بحسب قولها، مشيرة إلى أن هذه التصاميم تلقى ترحيبا واسعا بين الفتيات مقارنة بكبيرات السن اللاتي اعتدن على المظهر التقليدي للعباءة السوداء.
وتضيف رزان: «غالبية العميلات لا يحبذن العباءة الملونة بالكامل، بل يملن أكثر لدخول الألوان بشكل مدروس للعباءة، خصوصا من ناحية الأكمام أو في حاشية العباءة وبعض التفاصيل الصغيرة»، وبسؤالها عن الأسعار، تقول: «تختلف الأسعار باختلاف الخامة ونوعية الشك أو التطريز المستخدم، وعمومًا فإن عباءات السهرة تكون مكلفة ويصل سعرها إلى أكثر من 2000 ريال، بعكس العباءات التي تكون عملية وبتفاصيل بسيطة».
تجدر الإشارة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت أسرع وأسهل وسيلة لتسويق مصممات العباءات لأعمالهن، خصوصا عبر تطبيق (إنستغرام) الذي يُمكن المصممات من التفاوض مع العميلات حول المقاسات والأسعار وآلية تسليم العباءة، بالإضافة إلى إمكانية عرض كل جديد من القطع، مما جعل التطبيق يشبه «الكتالوغ» الذي يزود العميلات بأحدث تصاميم العباءات.
وتتفق مصممات العباءات الخليجيات على أن حجم المبيعات ينمو خلال أشهر الإجازات والمواسم بنسبة تتراوح بين 50 و60 في المائة، مقارنة ببقية أشهر العام، مرجعين ذلك إلى رغبة المرأة الدائمة بالتغيير خلال هذه الفترة، إلى جانب قرب إجازة عيد الفطر التي تشهد بدورها حرص السيدات على اقتناء أفخر وأحدث العباءات، وتزامن ذلك كله مع فترة الإجازة الصيفية التي تكثر فيها الأعراس والمناسبات.
يأتي ذلك في ظل النمو الذي تحققه مبيعات سوق العباءات في الخليج، ففي السعودية وحدها يُقدر حجم المبيعات السنوية بنحو 900 مليون ريال، في حين أن حصة الأسواق المتخصصة الكبرى لا تتجاوز الربع، بينما يذهب ما يقرب من الـ600 مليون ريال للمحال التجارية ذات الجودة المنخفضة التي تسيطر عليها العمالة الوافدة بصورة كبيرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».