كارثة الزلزال ونقص المساعدات يثقلان كاهل المنكوبين في شمال غربي سوريا

مخيم إيواء قرب جنديرس (الشرق الأوسط)
مخيم إيواء قرب جنديرس (الشرق الأوسط)
TT

كارثة الزلزال ونقص المساعدات يثقلان كاهل المنكوبين في شمال غربي سوريا

مخيم إيواء قرب جنديرس (الشرق الأوسط)
مخيم إيواء قرب جنديرس (الشرق الأوسط)

في مركز إيواء لمنكوبي الزلزال، على الطريق الواصلة بين مدينتي عفرين وجنديرس المنكوبة شمال حلب، تعيش منذ أيام عشرات العائلات المتضررة من الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وأصاب شمال سوريا.
يعيش هؤلاء في ظروف إنسانية صعبة، ضمن خيام شبه فارغة من الأغطية والطعام والشراب، في الوقت الذي يعاني فيه جرحى الزلزال من صعوبات بالغة لتأمين العلاج لجراحهم.
«نتعرض للبرد والجوع والعطش، وغير ذلك لا توجد أدوية لنعالج بها جراحنا التي تسبب بها الزلزال، على الرغم من أننا نشاهد وصول كميات كبيرة من المساعدات إلى المناطق المنكوبة، فإننا لم نرَ منها إلا القليل جداً»... بهذه الكلمات عبرت المنكوبة سهيلة، عما تعانيه من ظروف العيش الصعبة ونقص المساعدات الإنسانية والغذائية والصحية، بعد الكارثة التي دفعت بها وأسرتها إلى الإقامة في أحد مراكز الإيواء الخاصة بالمنكوبين.
وتقول سهيلة (33 عاماً) من مدينة جنديرس بريف حلب، إنها تعيش وأسرتها منذ نحو أسبوع، في خيمة من البلاستيك، ولا يوجد لديهم سوى 3 إسفنجات و3 أغطية لا تمنح الدفء للإنسان في ظل البرد الذي تشهده المنطقة، فضلاً عن قلة الطعام وعدم القدرة على توفير العلاج بعد إصابة بليغة نتجت عن انهيار أحد جدران منزلها أثناء محاولتها النجاة بنفسها لحظة وقوع الزلزال... وهي تعيش وأسرتها الآن «في حالة من الحيرة والشعور بالخوف من أن تتفاقم أوضاعهم المعيشية إلى أسوأ من ذلك».
وليس بعيداً عن سهيلة، أوقدت أم سامر النار في موقد للنار يعمل على أعواد القش والأشجار، بالقرب من باب خيمتها؛ لتحضير وجبة طعام لعائلة ابنها وأحفادها، بعدما فقدت الأمل في الحصول على وجبة طعام من أي منظمة أو جهة إنسانية.
وقالت أم سامر (56 عاماً)، وهي نازحة من ريف دمشق، وكانت تقيم في مدينة جنديرس شمال حلب قبل وقوع الزلزال، إنها عاشت وابنها وأسرته أياماً في السيارة بعد نجاتهم من الزلزال الذي أسقط منزلهم على الأرض، قبل أن تحصل على خيمة في مركز لإيواء المنكوبين من الزلزال، بالقرب من مدينة جنديرس، ولم تتسلم سوى عدد من الإسفنجات للنوم وبعض الأغطية والبطانيات، ولم تحصل على أي وجبة طعام، الأمر الذي دفعها في النهاية إلى شراء وعاء خاص بالطبخ، وموقد يعمل على النار؛ لتأمين الطعام لأحفادها، وتخشى هي أيضاً من عدم تقديم المنظمات الإنسانية المساعدات لهم، في الوقت الذي خسروا فيه كل شيء تحت أنقاض منزلهم جراء الزلزال.
وعلى باب خيمة صغيرة في مركز إيواء المنكوبين على طريق جنديرس - عفرين بريف حلب، يعمل فيها فريق تطوعي من طلبة الطب البشري وبإمكانات طبية وعلاجية متواضعة، تجمع عدد من المواطنين للحصول على العلاج والإسعافات الأولية للمرضى، من بينهم الطفل محمد الذي تعرضت يده لكسر أثناء الزلزال.
وقال محمد (11 عاماً)، من مدينة جنديرس، إنه سعيد جداً بعد أن افتتح فريق طبي تطوعي عيادة لمعالجة المصابين بالزلزال؛ لأن بعض الجروح في جسده لم تشفَ بعد؛ بسبب عدم قدرته على مراجعة مستشفى عفرين الذي قدم له الإسعافات الأولية.
من جانبه، قال أحد أعضاء الفريق الطبي التطوعي، إنه ومجموعة من الطلبة في الطب البشري، رصدوا أخيراً عدداً من مراكز الإيواء للمتضررين والمنكوبين من الزلزال بحاجة إلى الرعاية الطبية والإسعافات الأولية، وتبديل الضمادات، وبناء عليه، تطوع عدد منهم لتقديم المساعدة، والاعتماد على التبرعات لتأمين الأدوية للمصابين. وكان مركز جنديرس هو الأسوأ من ناحية الخدمة الطبية، لا سيما أنه يؤوي مئات العائلات المنكوبة، وعشرات المصابين والجرحى المحتاجين إلى العلاج لمدة طويلة.
وأشار ناشطون في جنديرس إلى أن 2300 عائلة تأثرت بالزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال غربي سوريا، وتركيا، ولجأ معظم هذه العائلات إلى المزارع القريبة من المدينة ومراكز الإيواء، إلا أن استجابة المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، لا تزال ضعيفة رغم وصول كميات كبيرة من المساعدات الدولية.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اليمن يطالب بجدولة فوائد ديونه... وبدعم مالي عاجل

المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)
المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)
TT

اليمن يطالب بجدولة فوائد ديونه... وبدعم مالي عاجل

المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)
المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)

بالتزامن مع تراجع سعر العملة اليمنية (الريال) إلى مستويات قياسية، بحث اليمن مع صندوقَي النقد العربي والدولي إمكانية إعفائه من فوائد الديون المتأخرة والحصول على تمويلات إضافية، كما طالب بدعم اقتصادي عاجل لتجاوز التحديات المرتبطة بتوقف تصدير النفط والغاز نتيجة استهداف الحوثيين موانئ التصدير والهجمات على الملاحة في البحر الأحمر.

ومع تراجع سعر العملة اليمنية إلى مستوى قياسي لأول مرة في تاريخها؛ إذ تجاوز الدولار الواحد حاجز ألفَي ريال، التقى محافظ البنك المركزي ووزير المالية في الحكومة اليمنية، في واشنطن، مسؤولين في صندوقَي النقد الدولي والعربي، بهدف الحصول على مساعدات مالية جديدة وإعفاء اليمن من فوائد الديون المتأخرة.

محافظ «المركزي اليمني» قال إن دائرة الفقر اتسعت لتشمل 80 % من السكان (إعلام حكومي)

ووفقاً للمصادر الحكومية، بحث محافظ البنك المركزي أحمد غالب، ووزير المالية سالم بن بريك، مع رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي فهد التركي، إمكانية حصول اليمن على موارد مالية من الصندوق، تسهم في التخفيف من آثار الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة. كما بحثا أيضاً معالجة مديونية اليمن والتوصل إلى حلول لسداد متأخرات أقساط القروض والفوائد، وإمكانية الحصول على إعفاءات على الفوائد المتأخرة وسداد الأقساط بشكل ميسر.

اللقاءات تناولت أيضاً، طبقاً لهذه المصادر، التطورات في برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية مع رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن، أستر بيريز رويز، والممثل المقيم للصندوق في اليمن والعراق محمد جابر، ومستجدات الوضع الاقتصادي والإنساني، والأوضاع المالية والنقدية في ظل النقص الحاد في الموارد الحكومية نتيجة توقف الصادرات النفطية وزيادة الطلب على العملة الأجنبية لتغطية فاتورة الاستيراد، وتأثيراتها على العجز في ميزان المدفوعات.

فَقْد 6 مليارات

أكد محافظ البنك المركزي اليمني أن بلاده فقدت أكثر من ستة مليارات دولار من مواردها الذاتية خلال الثلاثين شهراً الماضية فقط نتيجة لتوقف صادرات النفط والغاز بسبب هجمات الحوثيين على مرافئ وناقلات النفط، إضافة إلى استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وضاعف ذلك - بحسب المسؤول اليمني - من تكلفة النقل والتأمين واضطراب سلاسل الإمداد، والتي أدت إلى زيادة معاناة الشعب، وتدهور متسارع في الأوضاع، وانعدام الأمن الغذائي، وعدم القدرة على توفير الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات الفقر لتتجاوز أكثر من 80 في المائة.

محافظ «المركزي اليمني» ووزير المالية مع مدير صندوق النقد العربي (إعلام حكومي)

وخلال اجتماع محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، المنعقدة في واشنطن، تطرق محافظ «المركزي اليمني» إلى الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي تعيشها بلاده بسبب الحرب التي تقترب من إكمال عامها العاشر، وبسبب التطورات الإقليمية والدولية غير المواتية وانعكاساتها على المنطقة والعالم، ومنها اليمن.

ودعا المسؤول اليمني إلى ضرورة تقديم دعم عاجل لبلاده والاستفادة من برامج التمويل التي يقدمها الصندوق للدول التي تمر بأزمات مشابهة والدول التي هي أكثر هشاشة.

توجيهات حكومية

بالتزامن مع هذه التحركات، وجهت الحكومة اليمنية اللجنة العليا لمكافحة التهريب بتعزيز إجراءات مراقبة تهريب العملة والذهب من مناطق سيطرتها إلى مناطق سيطرة الحوثيين أو إلى الخارج.

كما عقدت اللجنة الأمنية العليا واللجنة العسكرية اجتماعات مماثلة مع قيادة البنك المركزي اليمني بهدف تنسيق إجراءات مكافحة التهريب والمضاربة في سعر العملة، بعد تأكيد رئيس الوزراء أحمد بن مبارك أن حجم السيولة النقدية في السوق لا يبرر الزيادة الكبيرة في سعر الدولار، واتهم جهات لم يسمها بالمضاربة في سعر العملة.

وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي استعرض خلال تسلمه أوراق اعتماد عدد من السفراء الجهود المبذولة لإعادة بناء مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن، والمضي في الإصلاحات الاقتصادية والإدارية الشاملة، و«احتواء تداعيات الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية».

العليمي تسلم في عدن أوراق اعتماد عدد من السفراء لدى اليمن (سبأ)

وأكد العليمي تمسك المجلس والحكومة بنهج السلام الشامل، القائم على المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، والمواطنة المتساوية، وتعزيز قدرات الحكومة في بناء الاقتصاد، وتقديم الخدمات، وبسط نفوذها على كامل التراب الوطني.

وكرر رئيس مجلس الحكم اليمني التأكيد على أهمية الاعتماد على الحكومة الشرعية كشريك موثوق لضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب، والقرصنة، وأهمية التزام المجتمع الدولي بآلية التفتيش الأممية، وقرار حظر الأسلحة المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة برمتها.

ومع إشادته بالتدخلات الإنمائية والإنسانية من تحالف «دعم الشرعية» بقيادة السعودية والإمارات، أكد العليمي أنه لولا هذا الدعم لكانت الحكومة اليوم عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها الأساسية، بما في ذلك عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين، معرباً عن تطلعه إلى دعم اقتصادي دولي أكبر للحكومة، وخطط الاستجابة الإنسانية وجهود إحلال السلام.