تشديد يمني على سلام ينزع سلاح الحوثيين ويحصر القوة بيد الدولة

زعيم الميليشيات هدد بنسف التهدئة والعودة إلى القتال في أي لحظة

رئيس مجلس القيادة اليمني لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ (سبأ)
TT

تشديد يمني على سلام ينزع سلاح الحوثيين ويحصر القوة بيد الدولة

رئيس مجلس القيادة اليمني لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ (سبأ)

في حين هدّد زعيم الميليشيات الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي بنسف التهدئة القائمة في أي لحظة والعودة إلى القتال وشنّ الهجمات الإرهابية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية جديدة لجماعته، شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على ضرورة تحقيق سلام ينزع سلاح الميليشيات ويحصر القوة بيد الدولة.
تصريحات العليمي جاءت من ميونيخ على هامش مشاركته في مؤتمر الأمن الدولي التاسع، خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حيث يسعى العليمي إلى حشد التأييد السياسي لمجلس الحكم الذي يقوده وإلى دعم الإصلاحات الاقتصادية.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية أنه جرى خلال لقاء العليمي وبلينكن «بحث العلاقات الثنائية، والمستجدات المحلية، والجهود المنسقة مع الأمم المتحدة، والأشقاء، والأصدقاء لإحياء مسار السلام في اليمن، وإنهاء الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية بدعم من النظام الإيراني».
ونقلت وكالة «سبأ» أن العليمي أشاد بالعلاقات التاريخية المتميزة مع أميركا وبموقف واشنطن الثابت إلى جانب القضية اليمنية، ومجلس القيادة الرئاسي، والحكومة على مختلف المستويات.
وتطرق رئيس مجلس القيادة اليمني خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي إلى الإصلاحات الاقتصادية والخدمية التي يقودها المجلس والحكومة بدعم سخي من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
كما أثنى على التدخلات الإنسانية الأميركية لتخفيف معاناة الشعب اليمني التي تجاوزت العام الماضي مليار دولار للمرة الأولى، متطلعاً إلى مضاعفة تلك المساعدات، والانتقال بها إلى مسار اقتصادي وإنمائي أكثر استدامة.
وطبقاً للمصادر، أشاد العليمي بدور البحرية الأميركية، والحلفاء الإقليميين، والشركاء الدوليين في اعتراض شحنات الأسلحة، والمخدرات الإيرانية المهربة للميليشيات الحوثية، وشبكات العنف المدعومة من طهران ومشروعها التخريبي في المنطقة، فضلاً عن إجراءات الحكومة الأميركية لمنع تهريب الآثار اليمنية، والاتجار بها.
وجدّد رئيس مجلس القيادة اليمني ترحيب المجلس والحكومة بـ«كل الجهود الرامية لإنهاء الحرب وإحلال السلام على أساس المرجعيات الوطنية والإقليمية، والدولية المتوافق عليها، خصوصاً القرار 2216 الذي يضمن نزع سلاح الميليشيات الإرهابية، وحق الدولة وحدها في احتكار القوة وإنفاذ سيادة القانون». ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى وزير الخارجية الأميركي أنه «أكد التزام واشنطن بدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وإصلاحاتهما الاقتصادية والخدمية والمؤسسية، والانخراط الفاعل في مؤتمر مانحي اليمن المقرر انعقاده نهاية الشهر الجاري».
وذكرت وكالة «سبأ» أن الوزير الأميركي «أشاد بالتعاطي الإيجابي من جانب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية مع مساعي تجديد الهدنة، والبناء عليها في الانتقال إلى مفاوضات شاملة تلبي تطلعات جميع اليمنيين».
وكان العليمي وصل إلى ميونيخ قادماً من بروكسل التي أجرى فيها نقاشات مع المسؤولين الأوروبيين في سياق السعي لحشد الدعم السياسي والاقتصادي وطلب الضغط على الميليشيات الحوثية للاستجابة لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والمجتمع الإقليمي والدولي.
وفي سياق التحركات اليمنية الدبلوماسية، ناقش وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك، السبت، مع المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، التحديات الجيوسياسية والدور الإيراني التخريبي في اليمن.
ونقلت المصادر الرسمية اليمنية أن بن مبارك تطرق «إلى استمرار تدفق السلاح الإيراني لميليشيا الحوثي الإرهابية، خصوصاً الطائرات المسيرة وما يمثله ذلك من تهديد للأمن والسلم في المنطقة وخطوط النقل البحري».
وفي لقاء آخر جمعه مع المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لشؤون القرن الأفريقي أنيت ويبر، ناقش بن مبارك «تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتحديات الأمنية في البحر الأحمر وتأثيرها على الدول المطلة، وسبل تعزيز الإجراءات المشتركة لمكافحة التهريب وأهمية دور اليمن في ذلك»، وفق ما أوردته المصادر الرسمية اليمنية.
هذه التطورات تأتي في وقت هدد فيه زعيم الميليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي بنسف التهدئة والعودة إلى القتال، وفق ما جاء في خطبة له لمناسبة ذكرى مصرع شقيقه حسين الحوثي مؤسس الجماعة.
ونفى الحوثي أن تكون المرحلة الراهنة في اليمن مرحلة سلام أو تهدئة، مؤكداً أنها مرحلة حرب، لكنه أقر بوجود «خفض للتصعيد، في ظل وساطة عمانية».
وزعم الحوثي أن جماعته «في كل المفاوضات، تؤكِّد على الملفين الإنساني والمعيشي»، كما زعم أن الجماعة «تعطي وقتاً معيناً لصالح الجهود والوساطة العمانية». وقال إن ذلك «لا يعني أن الميليشيات ستستمر في التهدئة إلى ما لا نهاية».
ورأى زعيم الميليشيات الحوثية في الهجمات الإرهابية التي قامت بها جماعته ضد موانئ تصدير النفط اليمني في المناطق المحررة إنجازاً لميليشياته، ملوحاً بالمزيد من الهجمات إذا لم تتم تلبية مطالب الجماعة التي صنفتها الحكومة اليمنية حركة إرهابية.
ومع اشتراط الجماعة الانقلابية الحصول على رواتب مقاتليها من عائدات النفط اليمني، هدّد زعيمها الحوثي بما وصفه بـ«العودة إلى خيارات ضاغطة» في إشارة إلى استئناف الهجمات الإرهابية. كما دعا الحوثي ميليشياته إلى «اليقظة المستمرة، والجهوزية الدائمة أمام كل الاحتمالات»، وهدد باحتمالية «أن تأتي الحرب في أي لحظة».
وعادة ما تحاول الميليشيات الحوثية في كل جولات الحوار السابقة التذرع بالملفات الإنسانية للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وحتى عسكرية، فيما تقول الحكومة اليمنية إنها مع أي خطوة من شأنها التخفيف من معاناة السكان في مناطق سيطرة الميليشيا.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».