بينما ألقى رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، كلمة من على منصة الجلسة الافتتاحية للدورة العادية السادسة والثلاثين لقمة الاتحاد الأفريقي (اليوم السبت)، تعرضت مبعوثة إسرائيلية للطرد من القاعة التي استضافت الجلسة، الأمر الذي نددت به الحكومة الإسرائيلية لاحقاً، بينما اعتبره مراقبون «رفضاً أفريقياً لأمر واقع تريد إسرائيل فرضه على القارة التي اشتهرت بمحاربة الاستعمار».
وبرز الصوت العربي في الجلسة الافتتاحية للقمة، عبر كلمتين للأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الذي أشاد بالشراكة العربية الأفريقية، التي وصفها بـ«الراسخة»، معرباً عن تطلعه لالتئام القمة العربية الأفريقية الخامسة في المملكة العربية السعودية العام الحالي، معتبراً أنها «ستحقق نقلة نوعية في الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين على نحو يعكس الروابط التاريخية والمصالح المشتركة بينهما».
من جانبه، أكد رئيس وزراء دولة فلسطين، محمد أشتية، أهمية تعزيز الحوار العربي - الأفريقي، مضيفاً أن دعوة فلسطين لحضور قمة الاتحاد الأفريقي هي «رسالة تضامن مع الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف».
ووجه أشتية، في كلمته التي ألقاها من فوق منصة الجلسة الافتتاحية للقمة التي تستضيفها العاصمة الإثيوبية؛ أديس أبابا، الشكر للقادة الأفارقة، لإتاحة الفرصة للتحدث باسم فلسطين من منبر الاتحاد الأفريقي، مضيفاً أن «أفريقيا الحرة التي هزمت الاستعمار وأضاءت مستقبلاً مشرقاً لشعوبها، تتغنى اليوم بوحدتها من أجل التنقل الحر والتجارة الحرة بعيداً عن الحواجز العسكرية والجمركية».
وأعرب أشتية «عن تقديره لوقفة الدول الأفريقية مع فلسطين»، مضيفاً أن «فلسطين كانت دائماً على الجبهة ذاتها مع أفريقيا، ومع حركات التحرر الأفريقية، ومشاركتها اليوم تؤكد استمرار العمل سوياً من أجل رفاهية أفريقيا لتكون خالية من العنف والفقر والبطالة».
وأشار رئيس الوزراء الفلسطيني إلى أن بلاده تواجه آخر استعمار على الأرض، وهو الاستعمار والاستيطان الإسرائيلي لأرض فلسطين، وأضاف أن «هذا الاستعمار توجته مؤخراً الحكومة الإسرائيلية الجديدة بمزيد من مصادرة الأراضي وتحويل أصحابها إلى لاجئين عبر بناء المزيد من المستعمرات الإسرائيلية التي أقرتها الحكومة الحالية (المبنية على العنصرية والتطرف)».
في غضون ذلك أظهر مقطع فيديو، طرد وفد إسرائيلي حاول حضور الجلسة الافتتاحية للقمة. وتضمن الفيديو، الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعض أفراد الأمن يصطحبون شارون بار - لي، نائبة الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الإسرائيلية خارج قاعة القمة.
صورة مقتطعة من فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي لطرد مبعوثة إسرائيلية من الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الأفريقي
وفي وقت لاحق، ندّدت إسرائيل بطرد مبعوثتها من قمة الاتحاد الأفريقي، متّهمة إيران، بـ«تدبير هذه الخطوة بمساعدة الجزائر وجنوب أفريقيا».
ووصف ناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية الحادث بأنه «خطير»، مشيراً إلى أن بار - لي «مراقبة معتمدة تحمل بطاقة دخول».
ووافق موسى فقي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عام 2021. بصورة انفرادية، ودون مشاورة الدول الأعضاء بالاتحاد، على اعتماد إسرائيل بصفة «مراقب»، مما أثار خلافاً داخل المنظمة، وقررت قمة الاتحاد الأفريقي العام الماضي تعليق قرار عضوية إسرائيل، كما تقرر تشكيل لجنة من سبعة أعضاء، تترأسها الجزائر وجنوب أفريقيا، للبت في إنفاذ قرار منح اعتماد إسرائيل صفة «مراقب» من عدمه.
وقال مسؤولون من جنوب أفريقيا والجزائر في وقت سابق إن منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي «يتعارض مع مواقف الاتحاد الأفريقي الداعمة للفلسطينيين».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن فنسينت ماغوينيا، الناطق باسم رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا خلال القمة رداً على سؤال حول اتهامات إسرائيل لجنوب أفريقيا والجزائر بالوقوف وراء طرد مبعوثتها إلى القمة قوله إنه «عليها (أي إسرائيل) تقديم أدلة تثبت صحة ادعاءاتها».
من جانبه، وصف السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، في تعليق له على الواقعة قرار منح إسرائيل صفة عضو مراقب بالاتحاد الأفريقي، بأنه كان «خطأ من البداية».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن طرد المبعوثة الإسرائيلية ومنعها من حضور جلسات الاتحاد «لا يخالف القواعد الدبلوماسية»، لافتاً إلى أن عضوية إسرائيل معلقة بموجب قرار سابق للقمة، ومن ثم «لا يجوز لممثل لا يتمتع بأي صفة تمثيلية حضور الجلسات».
وأشار حليمة إلى أن عضوية إسرائيل في منظمة الاتحاد الأفريقي «تتناقض وتاريخ المنظمة والقارة»، منوهاً بأن أفريقيا خاضت كفاحاً مضنياً من أجل مقاومة الاستعمار والاحتلال من جانب الدول الأجنبية لأراضيها.
يذكر أن أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي يعترف بإسرائيل، ويقيم معها علاقات دبلوماسية.