تقرير أممي عن زيادة إيرادات «الشباب» في الصومال

فرار أكثر من 185 ألف شخص في أرض الصومال

قيادي حركة «الشباب» الذي اعتقله الجيش الصومالي (وكالة الصومال الرسمية)
قيادي حركة «الشباب» الذي اعتقله الجيش الصومالي (وكالة الصومال الرسمية)
TT

تقرير أممي عن زيادة إيرادات «الشباب» في الصومال

قيادي حركة «الشباب» الذي اعتقله الجيش الصومالي (وكالة الصومال الرسمية)
قيادي حركة «الشباب» الذي اعتقله الجيش الصومالي (وكالة الصومال الرسمية)

كشف تقرير جديد للأمم المتحدة بشأن تمويل الجماعات المصنفة إرهابية عن أن «حركة الشباب» الصومالية الموالية لتنظيم «القاعدة» زادت قواعد إيراداتها رغم الحملات المتواصلة لتجفيف مصادر تمويلها، بما في ذلك من حكومة الرئيس حسن شيخ محمود، فيما أفاد تقرير أممي آخر بأن أعمال العنف الأخيرة في أرض الصومال أرغمت أكثر من 185 ألف شخص على الفرار من منازلهم في بلدة لاس عنود المتنازع عليها.
وأوضح التقرير أن «حركة الشباب يمكنها جمع ما يصل إلى 150 مليون دولار سنوياً لإدارة الميزانية الباهظة التي تغطي دفع الرواتب وشراء أسلحة جديدة وغيرها من الضروريات الأساسية في عملياتها»، علماً أن ثروة المجموعة زادت على مائة مليون دولار خلال العام السابق، علماً أنها اضطرت إلى زيادة شراء المعدات العسكرية بنسبة 25 في المائة. وكانت حولت 24 مليون دولار لشراء أسلحة بشكل أساسي من اليمن.
وتقليدياً، تجمع الحركة العائدات من المدنيين في البلدات الخاضعة لسيطرتها من خلال التهديد والترهيب مع تعرض أولئك الذين لا يمتثلون لعقوبات. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2022، أكدت الحكومة الصومالية أنها أغلقت 250 حساباً مصرفياً و70 شركة لتحويل الأموال عبر الهاتف مرتبطة بتمويل الحركة، التي اتهمت الحكومة «بالتدخل المتكرر في الشركات التي تعتبر حاسمة في تقديم الخدمات». وأضاف تقرير الأمم المتحدة أن «القوة القتالية لحركة الشباب لا تزال ثابتة عند تقدير يراوح بين سبعة آلاف و12 ألف مقاتل». وقد جندت مقاتلين من الصومال وبعض الدول المجاورة. وأكد أن الجماعة تكبدت في الآونة الأخيرة بعض الخسائر «في مواجهة حملة عسكرية قوية في الصومال»، تدعمها القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم) وبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال والميليشيات المحلية التي تتصدى للجماعة الإرهابية.
وكانت (أفريكوم) أعلنت الخميس أن الجيش الأميركي نفذ ضربة في منطقة نائية في الصومال أدت إلى مقتل خمسة من عناصر «حركة الشباب»، موضحة أن «ضربة الدفاع الذاتي الجماعية» تمّت قرب باكادوين بناء على طلب الحكومة. وأضافت أن «التقييم الأولي يفيد بأن الضربة أدت إلى مقتل خمسة مقاتلين من حركة الشباب». واستعاد الجيش الصومالي وميليشيات محلية في الأشهر الأخيرة أجزاء من مناطق يسيطر عليها «الجهاديون» في إطار عملية مدعومة بضربات جوية أميركية وقوة من الاتحاد الأفريقي. في المقابل، استهدفت الجماعة فنادق في مقديشو مؤخرا ومكتب رئيس بلدية مقديشو. وأفادت الحكومة بأن مقاتلاً كينياً من «حركة الشباب» قاد العملية.
من جهة أخرى، أفاد مكتب الأمم المتحدة المحلي لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان بأن «أكثر من 185 ألف شخص نزحوا، 89 في المائة منهم من النساء والأطفال، وكثيرون منهم لم يجدوا ملاذاً سوى ظل شجرة أو واحدة من المدارس التي أغلقت بسبب العنف، في أرض الصومال». وهي مستعمرة بريطانية سابقة أعلنت استقلالها عن الصومال عام 1991، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وتركت هذه المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 4.5 مليون نسمة فقيرة ومعزولة. ولكنها بقيت مستقرة مقارنة بالصومال.
ومع ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة توتراً في أرض الصومال. واندلعت اشتباكات في 6 فبراير (شباط) الماضي في لاس عنود بين القوات المسلحة الخاصة بالمنطقة والميليشيات الموالية للحكومة المركزية الصومالية. وتطالب كل من أرض الصومال وبونتلاند الواقعة في شمال الصومال، بمنطقة لاس عنود المتاخمة للحدود والاستراتيجية للتجارة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن مسؤولين في مستشفى لاس عنود الحكومي تحدثوا عن مقتل 57 شخصاً وإصابة 401 بجروح، موزعين على عدد من المراكز في المدينة، بينها هذا المستشفى.
وفي 10 فبراير أعلنت سلطات أرض الصومال وقفا لإطلاق النار. لكن في 12 منه، اتهمت ميليشيات بمهاجمة جنودها. وأكدت «أوتشا» أن الاشتباكات استمرت رغم وقف النار. لم ترد مقديشو بشكل مباشر على اتهامات سلطات أرض الصومال. وقال رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري الجمعة «نرحب بوقف إطلاق النار والدعوة للوصول الفوري للمساعدات الإنسانية».


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يقضي على 15 إرهابياً

أفريقيا ضباط صوماليون يشاركون في عرض عسكري خلال احتفالات بالذكرى الـ62 لتأسيس القوات المسلحة الوطنية 12 أبريل 2022 (رويترز)

الجيش الصومالي يقضي على 15 إرهابياً

تمكّنت قوات الجيش الصومالي، في عملية عسكرية، من القضاء على 15 عنصراً إرهابياً ‏من «حركة الشباب» بمحافظة مدغ بولاية غلمدغ وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
أفريقيا دورية للشرطة الصومالية بالقرب من موقع هجوم انتحاري في مقهى بمقديشو في الصومال الخميس 17 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الجيش الصومالي يقضي على أكثر من 30 عنصراً إرهابياً ‏

تمكّن الجيش الصومالي من القضاء على أكثر من 30 عنصراً إرهابياً بينهم قياديان بارزان، ‏وأصيب نحو 40 آخرين في عملية عسكرية مخطَّط لها جرت في جنوب محافظة مدغ.

شمال افريقيا أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)

هجوم مقديشو يخلّف 32 قتيلاً... و«الشباب» تتبنى مسؤوليتها

قُتل 32 شخصاً على الأقل وأصيب العشرات بجروحٍ في العملية الانتحارية التي تلاها إطلاق نار على شاطئ شعبي في العاصمة الصومالية مقديشو، على ما أفادت الشرطة اليوم.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
شمال افريقيا أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)

مقتل 32 شخصاً بهجوم لـ«الشباب» على شاطئ في مقديشو

قُتل 32 شخصاً على الأقل وأصيب العشرات بجروح في العملية الانتحارية التي تلاها إطلاق نار على شاطئ شعبي في العاصمة الصومالية مقديشو، على ما أفادت الشرطة اليوم.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
أشخاص يتجمعون بالقرب من حطام المركبات المدمرة بمكان انفجار خارج مطعم حيث كان الزبائن يشاهدون المباراة النهائية لبطولة كرة القدم الأوروبية 2024 على شاشة التلفزيون في منطقة بونديري بمقديشو الصومال في 15 يوليو 2024 (رويترز)

الجيش الصومالي يُحبط هجوماً إرهابياً في جنوب البلاد

أحبط الجيش الصومالي، صباح الاثنين، هجوماً إرهابياً شنّته عناصر «ميليشيات الخوارج» على منطقة هربولي في مدينة أفمدو بمحافظة جوبا السفلى

«الشرق الأوسط» (مقديشو)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.