موسكو تطلب جلسة لمجلس الأمن لمناقشة اتفاقات مينسك

الرئيس الأوكراني يستبعد التخلي عن أي أراض في اتفاق سلام محتمل مع روسيا

جنديان أوكرانيان يقومان بتدريبات في لفيف بغرب أوكرانيا التي تعرضت لقصف صاروخي روسي (أ.ف.ب)
جنديان أوكرانيان يقومان بتدريبات في لفيف بغرب أوكرانيا التي تعرضت لقصف صاروخي روسي (أ.ف.ب)
TT

موسكو تطلب جلسة لمجلس الأمن لمناقشة اتفاقات مينسك

جنديان أوكرانيان يقومان بتدريبات في لفيف بغرب أوكرانيا التي تعرضت لقصف صاروخي روسي (أ.ف.ب)
جنديان أوكرانيان يقومان بتدريبات في لفيف بغرب أوكرانيا التي تعرضت لقصف صاروخي روسي (أ.ف.ب)

قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى غزو روسيا لأوكرانيا، طالبت الأمم المتحدة مجدداً «دعمها المبدئي» لاستقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً، تمشياً مع الفصل الثامن من ميثاق المنظمة الدولية.
وفي مستهل الاجتماع الذي عقد قبل أسبوع تماماً من الذكرى السنوية الأولى لـ«العملية العسكرية»، وفقاً للبعثة الروسية التي طلبت الاجتماع بهدف مناقشة الاتفاقات الخاصة بأوكرانيا، ولا سيما اتفاق مينسك، تحت بند «التهديدات للأمن والسلم الدوليين»، قدم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لدوائر أوروبا وآسيا الوسطى والأميركتين في إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام وعمليات السلام ميروسلاف ينكا إحاطة استهلها بأنه منذ بدء هذا النزاع عام 2014 انطلاقاً من شبه جزيرة القرم «لم تكن الأمم المتحدة في السنوات الثماني جزءاً من أي آلية تتعلق بعملية السلام في أوكرانيا»، مشيراً إلى «صيغة النورماندي»، إذ لم تدع المنظمة الدولية إلى المشاركة فيها ولا في المفاوضات المختلفة التي أدت إلى اتفاقات مينسك لعامي 2014 و2015، ولا في الجهود التي قادتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مجموعة الاتصال الثلاثية. وأكد أن «أولئك الذين يشاركون بشكل مباشر في العملية وتنفيذها هم في وضع أفضل لتقييم الإنجازات والتحديات في إدارة هذه العملية». واستدرك بأنه «على رغم عدم وجود أي دور رسمي في إطار مينسك، فإنه خلال السنوات الماضية، دعمت الأمم المتحدة باستمرار وبشكل كامل تنفيذ اتفاقيات مينسك والتدابير ذات الصلة، وفقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 2202 والبيان الرئاسي الصادر في 6 يونيو (حزيران) 2018».
وأكد ينكا أن الأمم المتحدة «ظلت ثابتة في دعمها المبدئي لاستقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً، تمشياً مع قرارات الجمعية العامة ذات الصلة»، معتبراً في الوقت ذاته أن النزاع في شرق أوكرانيا شكل «أكبر اختبار» لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي كانت «استجابتها غير مسبوقة وتستحق التقدير». وأشار إلى أن «فريقها المؤلف من أكثر من ألف مراقب، قدم معلومات مهمة عن انتهاكات وقف النار على الأرض (…) ومنع المزيد من التصعيد» قبل وقف عملياتها منذ بدء غزو روسيا لأوكرانيا. وذكر بأن الجمعية العامة دعت في قرارها الأول، الدول الأعضاء العام الماضي إلى «دعم وقف تصعيد الوضع الحالي والحل السلمي للنزاع، مع احترام سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا، تمشياً مع الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة».
أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى أن أوكرانيا لن تقدم تنازلات تتعلق بالأرض مع روسيا، وخاصة مع «بوتين». واستبعد زيلينسكي إجراء أي حوار مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لانعدام الثقة»، وتابع: «السؤال هو: مع من؟ مع بوتين؟ لا. لأن الثقة معدومة.الحوار معه؟ لا. لانعدام الثقة».
وقال زيلينسكي في مقابلة أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن بلاده لن تتخلى عن أي أراض في اتفاق سلام محتمل مع روسيا. وقال زيلينسكي أمس الجمعة: «اخترنا هذا المسار. نريد ضمانات أمنية. أي تنازلات تتعلق بالأرض سوف تجعلنا أضعف كدولة». وأضاف: «اليوم الوحدة هي السبيل للبقاء بالنسبة للأوكرانيين، بينما الأسلحة الغربية سوف تدفعنا أقرب إلى السلام».
يشار إلى أن روسيا أبدت استعدادها لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا على أساس اعتراف كييف بضم موسكو شبه جزيرة القرم، وبالوضع على الأرض بعد الغزو، في إشارة إلى ضم دونيتسك ولوهانسك وزابوريجيا وخيرسون، إلى الاتحاد الروسي، بعد استفتاءات جرت العام الماضي في هذه المناطق، والتي خسرت موسكو السيطرة على بعضها خلال المعارك الدائرة.
وكتب ميخايلو بودولياك، وهو المستشار السياسي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عبر تويتر، إنه كي لا يلحق الخزي بالسياسة العالمية والأمن العالمي الحقيقي «لا بد أن تنتهي الحرب بانتصار أوكرانيا». وأضاف: «يمكن أن تبدأ المفاوضات حينما تسحب روسيا قواتها من أراضي أوكرانيا. الخيارات الأخرى لا تفعل شيئا إلا منح روسيا الوقت لإعادة تجميع قواتها واستئناف الأعمال القتالية في أي لحظة».
وأطلق الجيش الروسي على أوكرانيا خلال الليل 36 صاروخا، من بينها صواريخ كروز، مع استمراره في استهداف البنية التحتية الحيوية في البلاد. وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك عبر قناته الإخبارية على منصة تلغرام: «لسوء الحظ هناك ضربات في الشمال والغرب وفي منطقتي دنيبروبتروفسك وكيروفوهراد». وأوضح أن الجيش الروسي بدأ بشكل متزايد في استخدام صواريخ وهمية لتضليل الدفاعات الجوية الأوكرانية المتطورة. وقالت قيادة الجيش الأوكراني إنه تم اعتراض نحو 16 صاروخا.
وأصابت ثلاثة صواريخ ما وصف بأنه منشأة بنية تحتية حيوية للغاية في منطقة لفيف بغربي أوكرانيا. ووردت أنباء عن استهداف مناطق أخرى بالقرب من كريمنشوك وكروبيفنيتسكي في منطقتي بولتافا وكيروفوهراد بوسط أوكرانيا. وأعرب سكرتير مجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلوف عن مخاوفه من زيادة الهجمات في الأسبوع المقبل. وتحتفل روسيا يوم الخميس المقبل بما يسمى «يوم المدافع عن أرض الآباء». ويصادف يوم الجمعة التالي له الذكرى السنوية الأولى لاجتياح أوكرانيا.
وفي سياق متصل قال نائب وزير البنية التحتية الأوكراني يوري فاسكوف أمس الجمعة إن المفاوضات الخاصة بتمديد اتفاق ممر تصدير الحبوب عبر البحر الأسود ستنطلق في غضون أسبوع. وسمحت مبادرة حبوب البحر الأسود، التي تم التوصل إليها في يوليو (تموز) بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا، بتصدير الحبوب من ثلاثة موانئ أوكرانية حاصرتها روسيا.
وتم تمديد الاتفاق لمدة 120 يوما إضافية في نوفمبر (تشرين الثاني)، ومن المقرر أن يحل موعد تجديده في مارس (آذار). لكن روسيا أشارت إلى استيائها من بعض جوانب الاتفاق وطلبت رفع العقوبات التي تضر بصادراتها الزراعية.
وأضاف فاسكوف في مؤتمر يركز على الحبوب: «المفاوضات بشأن تمديد ممر الحبوب ستبدأ في غضون أسبوع وعندها سنفهم مواقف جميع الأطراف... وأعتقد أن المنطق السليم سيسود وسيتم تمديد الممر».
وأشار، دون إسهاب، إلى أن ضغوطا تمارس على روسيا ليس فقط لتوافق على تمديد الممر لكن أيضا لتحسين الطريقة التي يعمل بها. وقال فاسكوف: «نرى أن العدو بدأ في طرح شروط جديدة. ندرك أن الأمر سيكون صعبا كما كان في نوفمبر». وانخفضت صادرات الحبوب الأوكرانية في موسم 2022 و2023، الذي يمتد حتى يونيو (حزيران)، بنسبة 29 بالمائة إلى 29.2 مليون طن في الفترة حتى 13 فبراير (شباط) بسبب تراجع الحصاد والصعوبات اللوجستية نتيجة الغزو الروسي.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».