انطلقت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أمس، أعمال القمة السنوية السادسة والثلاثين للاتحاد الأفريقي، بحضور 55 دولة أفريقية، وممثلي عدد من المنظمات الدولية ودول كبرى. وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، سيحضر القمة 35 رئيس دولة و4 رؤساء حكومات على الأقل.
ويأتي انعقاد القمة وسط تنافس دولي غير مسبوق لاستقطاب دول القارة، إضافة إلى تعقد تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، خصوصاً أزمة الغذاء، وسط موجة جفاف هي الأعنف في بعض دول القارة منذ سنوات. ويشمل جدول أعمال القمة مناقشة تقرير مفوض السلم والأمن بالاتحاد بشأن القارة، كما يستعرض التقارير الخاصة بنتائج الأوضاع في ليبيا، والصومال، وأفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية، إضافة إلى هجمات «حركة الشباب» الصومالية.
وأدت النزاعات المسلحة التي تشهدها القارة من منطقة الساحل في غرب أفريقيا وحتى القرن الأفريقي في الشرق، بالإضافة إلى آثار موجات الجفاف والفيضانات، إلى نزوح المزيد من سكان القارة من ديارهم، إذ ارتفع عدد نازحي جنوب الصحراء الكبرى بأكثر من 15 في المائة خلال العام الماضي، وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة.
وتقدر الأمم المتحدة أن 44 مليون شخص نزحوا في عام 2022 ارتفاعاً من 38.3 مليون في نهاية عام 2021. وقال دبلوماسيان لوكالة «رويترز»، شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إنه من المنتظر أن يسعى مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي بانكولي أديوي لحشد الدعم لاقتراح تمويل جديد تقدمه الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للعمليات الأمنية. ورجحت تقارير إثيوبية أن تتطرق القمة إلى مناقشة مساعي كل من السودان ومالي وغينيا وبوركينا فاسو لاستعادة عضويتها المجمدة حالياً بالاتحاد إثر تعطيل الدساتير المدنية فيها، وهو إجراء يستوجب، بحسب لوائح المنظمة الأفريقية، تجميد العضوية إلى حين استعادة الحكم المدني وفق دستور متوافق عليه شعبياً.
وأثار غياب السفير الإسرائيلي في أديس أبابا، أليلي أدماسو، عن حضور افتتاح المجلس التنفيذي لوزراء خارجية الاتحاد، الذي عقد على مدى اليومين الماضيين، تكهنات بشأن قرار أفريقي محتمل حول تجميد عضوية إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي. وكان موسى فقي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، اتخذ قراراً «بصورة انفرادية» في 22 يوليو (تموز) 2021 بمنح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد، دون استشارة الدول الأعضاء. واتخذت القمة الأفريقية السابقة، في فبراير (شباط) 2022 قراراً بتعليق منح صفة مراقب لإسرائيل، بعد معارضة قادة عدة دول أفريقية، وشكلت لجنة تضم 7 دول، تترأسها الجزائر وجنوب أفريقيا لبحث الملف، وتوقع دبلوماسيون أفارقة أن تقدم اللجنة تقريرها إلى القمة خلال اجتماعاتها الحالية. ويعترف أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي بإسرائيل، وتقيم معها علاقات دبلوماسية.
وإلى جانب رؤساء الدول الـ55 الأعضاء في الاتحاد، سيحضر القمة أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن وفداً أميركياً رفيع المستوى سيشارك في قمة الاتحاد الأفريقي، ويضم الوفد المبعوث الخاص للأمن الغذائي العالمي كاري فاولر، الذي سينضم إلى مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون أفريقيا مولي في، الممثلة الرئاسية الخاصة لتنفيذ قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا، إضافة إلى مسؤولين بارزين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
ووفقاً للوزارة، سيجري الوفد لقاءات على هامش القمة لمناقشة أزمة الأمن الغذائي العالمية، وتأثيرها غير المتناسب على أفريقيا، بالإضافة إلى متابعة الالتزامات الأميركية التي تم التعهد بها في قمة القادة الأميركية - الأفريقية.
ومن المتوقع أن يتبنى الزعماء الأفارقة أيضاً سلسلة من الاتفاقيات التي تهدف للتعجيل بتنفيذ كامل لمنطقة جديدة للتجارة الحرة في أفريقيا، التي بدأت بموجبها التجارة رسمياً عام 2021. وتضم منطقة اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) أكبر سوق للتجارة الحرة في العالم من حيث عدد سكانها، إذ تضم الاتفاقية جميع دول القارة الـ55 دولة باستثناء إريتريا.
وتستهدف الاتفاقية تعزيز التجارة بين الدول الأفريقية بنسبة 60 في المائة بحلول عام 2034، عبر إلغاء جميع الرسوم وإنشاء كتلة اقتصادية لمليار و300 مليون شخص مع إجمالي ناتج محلي قدره 3.4 تريليون دولار. وتبلغ نسبة التجارة بين الدول الأفريقية حالياً 15 في المائة من السلع والخدمات، مقارنة بأكثر من 65 في المائة مع دول أوروبية.
وأشار إبراهيم إدريس، خبير الشؤون الأفريقية، إلى التطور الذي تشهده مؤسسات العمل الأفريقي منذ التحول إلى منظومة الاتحاد الأفريقي، لافتاً إلى أن القمة الحالية ستركز بشكل لافت على القضايا ذات البعد الاقتصادي، سواء قضية السوق الأفريقية المشتركة أو قضية الغذاء، أخذاً في الاعتبار ما تواجهه دول القارة من تحديات جمة في هذا الشأن. وأضاف إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تسريع وتيرة الإجراءات لإقامة السوق الأفريقية المشتركة سيكون إطاراً جاذباً لبناء علاقات أكثر عملية للدول، ولتحقيق مصالح الشعوب الأفريقية، فضلاً عن تعزيز علاقات دول القارة بالمؤسسات والتكتلات الدولية الأخرى. وأوضح أن التوصل إلى نتائج بناءة في ملف السوق الموحدة، سينعكس بالإيجاب على مجمل العلاقات الأفريقية، خصوصاً في ضوء ما تتطلبه من إجراءات بشأن إلغاء الرسوم الجمركية، وتسهيل حركة الدخول بين الدول الأفريقية، الأمر الذي يعزز الحراك الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بين دول القارة.
ولفت خبير الشؤون الأفريقية إلى تصدر قضية الغذاء مشاورات قمة الاتحاد الأفريقي الحالية، التي وصفها بأنها «حجر الأساس في احتياجات المواطن الأفريقي في الوقت الراهن»، مشيراً إلى محورية هذه القضية، ليس فقط في اهتمامات دول القارة، بل في علاقاتها مع القوى الكبرى في العالم. واستشهد بحضور تلك القضية في الزيارات المكوكية التي شهدتها القارة لوزراء خارجية ومسؤولين بارزين من الولايات المتحدة والصين وروسيا خلال الأسابيع الأخيرة، وكانت قضية الغذاء مكوناً أساسياً في وعود هؤلاء المسؤولين لدول القارة.
واستضافت واشنطن، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قمة القادة الأميركية – الأفريقية، بمشاركة 49 دولة أفريقية، وشكلت مواجهة تمدد الصين وروسيا جزءاً من الطرح الأميركي خلالها، فيما تستعد روسيا خلال العام الحالي لاستضافة القمة الروسية - الأفريقية الثانية، التي من المتوقع أن تُعقد في يوليو المقبل.
قمة الاتحاد الأفريقي تنطلق وسط تنافس دولي وتحديات غذائية
تنعقد بحضور غوتيريش وشارل ميشيل
قمة الاتحاد الأفريقي تنطلق وسط تنافس دولي وتحديات غذائية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة