إتاوات حوثية تطول 158 منشأة طبية في محافظة إب اليمنية

الميليشيات اعترضت 260 شحنة دوائية وإغاثية خلال 7 سنوات

طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
TT

إتاوات حوثية تطول 158 منشأة طبية في محافظة إب اليمنية

طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

استهدفت الميليشيات الحوثية في اليمن منذ أيام، أكثر من 158 منشأة طبية وصحية، إضافة إلى عشرات المؤسسات الدوائية في محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء)، وذلك من خلال إجبار ملاكها على دفع مزيد من الجبايات المالية تحت مسميات وذرائع متعددة.
ويأتي ذلك في وقت اتهمت تقارير حقوقية الميليشيات الحوثية بأنها قامت عبر حواجز تفتيش تابعة لها، بنهب ومصادرة وإتلاف أكثر من 260 قافلة إغاثية وشحنات طبية خلال الفترة من 2014 حتى 2021.
ولم تكتفِ الجماعة الانقلابية بتدميرها طوال 8 سنوات للقطاع الصحي في إب، وبقية مدن سيطرتها وحرمان السكان من الحصول على أدنى الخدمات الطبية، بل أفادت مصادر طبية بأنها وسعت أخيراً من حجم ذلك الاستهداف الذي طال أكثر من 25 مستشفى، و45 مستوصفاً صحياً، و88 مركزاً طبياً، إضافة إلى الكثير من شركات الدواء الواقعة جميعها في نطاق مركز محافظة إب و22 مديرية تابعة لها.
وسبق لمكتب الصحة الخاضع للانقلابيين في إب، أن شكّل في وقت سابق من الشهر الجاري ما يزيد على 22 لجنة تحت اسم «لجان الدعم والمساندة». تحوي كل لجنة العشرات من الأتباع والموالين للميليشيات لغرض استهداف المؤسسات الطبية والدوائية في المحافظة ذاتها. وشرعت اللجان الانقلابية المُشكَّلة منذ مطلع الأسبوع الماضي، بتنفيذ حملات ابتزاز ونهب ميدانية واسعة طالت العشرات من تلك المؤسسات في إب، بمبرر دعم ما تسميه «المجهود الحربي» لمقاتليها في الجبهات.
وعدّ أطباء وعاملون صحيون في المحافظة تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن الهدف من تلك الحملة «هو التضييق على مَن تبقى من منتسبي القطاع الأهلي الطبي، واستفزاز السكان وحرمانهم من تلقي العلاج في تلك المنشآت الصحية، وتوفير بيئة مناسبة لتفشي مزيد من الأمراض والأوبئة».
وكشف العاملون الصحيون عن «رضوخ ملاك المشافي والمراكز الصحية والمؤسسات الدوائية، لضغوط الميليشيات ومطالبها، وذلك من خلال دفع إتاوات تتراوح بين 100 ألف ومليون ريال، تزعم ميليشيات الحوثي بالمحافظة أنها من أجل تسيير قافلة طبية وغذائية متنوعة لمقاتليها في الجبهات» (الدولار يساوي نحو 560 ريالاً).
وقالوا إن «تلك التعسفات تعد تتويجاً لسلسلة من الانتهاكات المتواصلة وغير المبررة التي تنفذها الجماعة منذ انقلابها، ضد المنشآت والمؤسسات الطبية والصحية سواء الحكومية أو الأهلية».
في السياق نفسه، حذّر ملاك مؤسسات دوائية استهدفتها الجماعة أخيراً بحملات الابتزاز في إب من استمرار الميليشيات في نهجها المتمثل في النهب والتعسف والإغلاق والمصادرة للمنشآت الطبية والدوائية الخاصة في المحافظة وغيرها.
وذكر بعضهم لـ«الشرق الأوسط» أن معاودة الميليشيات استهداف القطاعين الطبي والدوائي في محافظة إب في هذا الظرف العصيب «ستزيد من تدهور الخدمات الصحية، وستتسبب في مضاعفة معاناة المرضى وآلامهم، وزيادة نسب الوفيات وتفشي عدد جديد من الأمراض والأوبئة».
ورداً على إمعان الانقلابيين ومواصلتهم استهداف القطاعات الحيوية كافة المتعلقة بصحة ومعيشة اليمنيين، ندد سكان في إب بعودة الميليشيات الحوثية من جديد لاستهداف القطاع الطبي في محافظتهم.
ويقول سمير، وهو موظف في الخدمة المدنية بالمحافظة، إن «مالكي المؤسسات الطبية والدوائية عندما تستهدفهم الجماعة بفرض الجبايات المالية يضطرون في المقابل إلى تعويض ذلك من خلال رفع أسعار الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، الأمر الذي يعمل على زيادة معاناة هؤلاء الذين يعانون أساساً من أوضاع معيشية متدهورة».
وأكد أن «هدف الميليشيات من وراء ذلك الاستهداف لمنشآت الطب والدواء هو تضييق الخناق على العاملين في القطاع الخاص بشكل عام، ومضاعفة معاناة المرضى اليمنيين في نطاق سيطرتها».
وطالب السكان في محافظة إب بضرورة وضع حد لجرائم الميليشيات وتعسفاتها المتكررة بحق القطاع الصحي والدوائي الخاص في المحافظة.
وسبق للانقلابيين الحوثيين في سياق جرائمهم المتعددة، أن داهموا مطلع الشهر الجاري «مستشفى الجبلي للعيون»، كما داهموا بقوة السلاح مستشفى «دار الشفاء الأهلي» وسط مدينة إب، وقاموا بتعيين حارسين قضائيين مزعومين على المستشفيين، تمهيداً لمصادرتهما، كما فعلوا مع مستشفيات أهلية سابقة في المحافظة ذاتها.
وكانت الميليشيات اقتحمت الكثير من المؤسسات الطبية بمحافظة إب؛ منها مستشفيات «المنار» و«الأمين» و«السلامة» ومستوصف «الخنساء الطبي» وغيرها. وشرعت بإجراءات نهبها ومصادرتها من خلال تعيين ما يسمى «الحارس القضائي».
كما سبق أن وثقت منظمة حقوقية قيام الميليشيات، عبر حواجز ونقاط تفتيش تابعة لها، بنهب ومصادرة وإتلاف أكثر من 260 قافلة إغاثية وشحنة طبية خلال الفترة من 2014 حتى 2021. وعمدت الميليشيات الحوثية، المسنودة من إيران، منذ اقتحامها العاصمة صنعاء إلى فرض إتاوات وجبايات غير قانونية على عدد كبير من المنشآت الصحية والدوائية، وأغلقت أكثر من 8 مستشفيات أهلية وخاصة، بعد سحب تراخيصها، كما تم إغلاق قسمي العمليات والعناية المركزة في 25 مستشفى أهلياً وحكومياً.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق عائلات وأقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان في مناطق سيطرتها، بمن فيهم أسر المغتربين في الولايات المتحدة.

وبحسب مصادر حقوقية يمنية، واصلت الجماعة الحوثية تنفيذ سلسلة من الانتهاكات والاعتداءات على ممتلكات وأراضي المغتربين وأسرهم في مديريات الشعر والنادرة وبعدان في محافظة إب، وكذلك في مديريتي جبن ودمت بمحافظة الضالع. وتأتي هذه الانتهاكات ضمن مخططات حوثية تستهدف الاستيلاء على أراضي وعقارات المغتربين.

مدينة إب اليمنية تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

وأفادت تقارير حقوقية يمنية بأن الجماعة صادرت أخيراً أراضي تعود لعائلة «شهبين» في إحدى قرى مديرية الشعر جنوب شرقي إب، كما فرضت حصاراً على منازل الأهالي هناك، وقامت باعتقال عدد منهم. ويُذكر أن كثيراً من أبناء المنطقة منخرطون في الجالية اليمنية بأميركا.

وندّد مغتربون يمنيون في الولايات المتحدة من أبناء مديرية «الشعر» بما وصفوه بالممارسات «غير المبررة» من قِبل مسلحي الحوثيين تجاه أقاربهم وأراضيهم وممتلكاتهم، وأصدروا بياناً يشير إلى تعرُّض أسرهم في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) لاعتداءات تشمل الحصار والاعتقال، والإجبار على دفع إتاوات.

ودعا البيان جميع المغتربين اليمنيين في الولايات المتحدة إلى حضور اجتماع تضامني في نيويورك لمناقشة سبل دعم ذويهم المتضررين من الانتهاكات الحوثية. وحذّر من أن استمرار صمت الأهالي قد يؤدي إلى تصاعد الاعتداءات عليهم.

ابتزاز واسع

خلال الأيام الأخيرة، شنت الجماعة الحوثية حملات ابتزاز جديدة ضد عائلات مغتربين في أميركا ينتمون إلى مديريات شرق إب، حيث أرغمت كثيراً منهم على دفع مبالغ مالية لدعم ما تُسمّيه «المجهود الحربي»، مهددةً بمصادرة ممتلكاتهم واعتقال ذويهم في حال عدم الدفع.

وفي محافظة الضالع المجاورة، أجبرت الجماعة عائلات مغتربين على تقديم مبالغ مالية، بدعوى دعم مشاريع تنموية تشمل الطرق والجسور وشبكات المياه والصرف الصحي، غير أن ناشطين حقوقيين يرون أن هذه الأموال تُوجَّه لتمويل أنشطة الجماعة، وسط ضغوط كبيرة تمارسها على أقارب المغتربين.

منظر عام لمديرية جبن في محافظة الضالع اليمنية (فيسبوك)

وأشارت مصادر مطَّلعة إلى أن مليارات الريالات اليمنية التي يجمعها الحوثيون من عائدات الدولة والإتاوات تُخصَّص لدعم أتباعهم وتمويل فعاليات ذات طابع طائفي؛ ما يزيد الأعباء على السكان في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وطالبت أسر المغتربين المتضررة المنظمات الحقوقية الدولية بالتدخل لوقف ممارسات الحوثيين بحقهم، مشيرة إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في اليمن تجعلهم يعتمدون بشكل أساسي على الدعم المادي من أبنائهم المغتربين.

وخلال السنوات الأخيرة، أطلقت الجماعة الحوثية حملات نهب ومصادرة ممتلكات المغتربين في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرتها تحت مسمى «دعم المجهود الحربي»؛ ما يعمّق معاناة هذه الفئة المستهدفة بشكل متكرر من قِبل الجماعة.