نتائج جوائز «إيمي» التلفزيونية تخرج عن كل التوقعات

فريق عمل مسلسل «بريكنغ باد» الفائز بجائزة  أفضل مسلسل درامي (رويترز)
فريق عمل مسلسل «بريكنغ باد» الفائز بجائزة أفضل مسلسل درامي (رويترز)
TT

نتائج جوائز «إيمي» التلفزيونية تخرج عن كل التوقعات

فريق عمل مسلسل «بريكنغ باد» الفائز بجائزة  أفضل مسلسل درامي (رويترز)
فريق عمل مسلسل «بريكنغ باد» الفائز بجائزة أفضل مسلسل درامي (رويترز)

بالنسبة لمسلسل «Breaking Bad » الذي خرج يوم أول من أمس، الأحد، بجائزة «المسلسل الدرامي المميز»، بدأ كل شيء على نحو طبيعي: وولتر وايت (برايان كرانستن) رب أسرة تضم زوجته وابنه الشاب. يدرس مادة الكيمياء التي لا تسر أحدا من تلامذته، وبعد الدوام يعمل في محطة لغسل السيارات. يحتفل بعيد ميلاده. يكتشف في اليوم التالي أنه مصاب بسرطان الرئة. كيف يمكن له أن يضمن عيشا ما لعائلته؟
هذا ما ورد في الموسم الأول من مسلسل يقصد اسمه أن يقول إن صاحبنا وايت (وهو إنسان أبيض كاسمه) ارتطم بمصاعب الحياة وانهار على نحو سيئ سيئ إلى درجة أنه إذ لم يعد هناك ما يكفي لدفع فواتير العلاج أخذ يستغل معلوماته الكيميائية لكي يصنع ويبيع مخدر الميثامفيتامين. في النهاية هو مطارد من قبل البوليس، لكن المسلسل، الذي انطلق أول مرة سنة 2008 أكمل، تبعا لنجاح كبير، لموسم ثان، ثم ثالث وفي هذا العام يعد أن يكون الموسم الأخير له.
نال المسلسل ثلاث جوائز، الأهم هي تلك المذكورة كأكثر مسلسلات الدراما التلفزيونية تميزا. بالإضافة إليها نالت واحدة من ممثلاته، وهي آنا غن، جائزة أفضل ممثلة مساندة، والجائزة ذاتها على مستوى الممثلين الذكور نالها بوبي كانافال. لكن المفارقة هنا هي أن المسلسل شارك طوال السنوات الأربع الماضية في سباق جوائز «إيمي» التلفزيونية من دون أن ينل أي تقدير يذكر. وهذا ما حدث سابقا مع مسلسل «سوبرانو» الشهير الذي أنتجته محطة «HBO» الفضائية فهو أمضى خمس سنوات من الترشح الحثيث قبل أن يخرج بالتقدير الذي استحقه.
«هوملاند»، المسلسل الذي يتعامل مع مسائل الأمن القومي بعد كارثة 2001 كان أحد منافسي «بريكينغ باد» لكنه خرج بجائزتين في مجالين آخرين هما جائزة أفضل كتابة درامية (لهنري برومل) وجائزة أفضل ممثلة رئيسة (لكلير دانس) وذلك في مجال المسلسل الدرامي. وهي المرة الثالثة التي تفوز فيها عن نفس المسلسل.
لكن إذا ما كانت حفلة الـ«إيمي»، التي حملت الرقم 65 وحضرها، كالعادة، كل من له شأن في صناعة التلفزيون الأميركي ترفيها وفنا وإعلاما، تميزت بشيء، فبكونها حملت الكثير من الجوائز غير المتوقعة.
بداية من الصعب أن يثمر كل هذا الكم من الأعمال (نحو 70 عمل في نحو 90 جائزة) عن توقعات سديدة. أولئك الذين راهنوا على أن يخرج «فتيات» أو (Veep) بجائزة أفضل مسلسل كوميدي (وكانوا حسب إحصاءات متخصصة كثيرين) فوجئوا أن الجائزة ذهبت لمسلسل «عائلة معاصرة» (Modern Family) وفي حين سعى كثيرون للترويج أن جايسون باتمان هو من سينال جائزة أفضل ممثل كوميدي عن «تطور مثير» اكتشف أن جيم بارسونز تجاوزه، والخمسة الآخرون من المنافسين (بينهم دون شيدل وأليك بولديون ومات لي بلانك) ليفوز عن دوره في «نظرية الانفجار الكبير» (The Big Band Theory).
الأمر ذاته يقال بخصوص الممثل برايان كرانستون الذي لعب دوره بإلحاح وتجسيد جيدين في «بريكينغ باد» لكن الذي سطا على جائزة أفضل ممثل في مسلسل درامي كان جف دانيالز عن «غرفة الأخبار». حتى الممثل كفن سبايسي، المعروف بقدراته المسرحية والأدائية عموما، وجد نفسه بلا جائزة عن مسلسل «منزل من الأوراق» (House of Cards) وبالنسبة لعدد كبير من المتابعين، كانت ماغي سميث، الممثلة البريطانية المعروفة، هي أفضل من ينال جائزة أفضل ممثلة مساندة في دور درامي وذلك عن «داونتاوين آبي»، لكن هذه الجائزة تحديدا ذهبت إلى آنا غن، كما تقدم. ولم يتوقع أحد فوز ميريت ويفز بجائزة أفضل ممثلة مساندة في مسلسل كوميدي عن «الممرضة جاكي» عنوة عن بضع ممثلات اعتبرن أفضل مقدرة منهم جولي باون عن «عائلة معاصرة» وأنا شلامسكي عن «فيب».
كل هذا يعكس حدة المنافسة أكثر مما يعكس خيبة آمال البعض وفرح البعض الآخر بتحقق توقعاته، وهي منافسة تبدت بين الممثلات اللواتي رشحن لجائزة أفضل ممثلة في مسلسل قصير أو فيلم تلفزيوني. فلم تفز جسيكا لانغ (التي كثر الحديث عن احتمالاتها شبه المؤكدة) عن «قصة رعب أميركية: المصحة» ولم تفز بها هيلين ميرين عن دورها في فيلم «فيل سبكتور» ولا حتى إليزابث ويفر عن «حيوانات سياسية» بل نالتها لورا ليني عن «The Big C».
* سلم الأولويات ما يقال حول الممثلين والممثلات يمكن قوله حول المسلسلات ذاتها. هل حقا، تساءل كثيرون مباشرة بعد النتائج وفي الحفلات الساهرة التي تبعتها، «عائلة معاصرة» التي توفره محطة «ABC» أفضل من «فتيات» (HBO) أو «لوي».(FX) التوقع شبه الوحيد بين الجوائز الرئيسة الذي تحقق هو حصول فيلم «وراء كاندلابرا» على جائزة «أفضل مسلسل قصير أو فيلم» وهو فيلم نافسه بضعة أعمال بعضها جيد، مثل «قصة رعب أميركية: مصحة» وبعضها له ملامح إنتاجية أعلى مثل «الإنجيل» لكن المحكومين فضلوا منها فيلما يحكي مراحل من قصة حياة الشخصية الاستعراضية الشاذة ليبرايس. مخرج الفيلم (الذي شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان «كان» السينمائي هو ستيفن سودربيرغ وهو منح جائزة موازية كأفضل مخرج. هذا إلى جانب تسع جوائز أخرى في ميادين مختلفة.
والمرء يدرك سريعا، إذا ما عاش وعايش حياة العمل التلفزيوني عن كثب، أن الصراع الحقيقي يمتد لما وراء المخرج والفيلم والممثل أو الممثلة. ففي المحك الأساسي، هناك المحطات التلفزيونية ذاتها وما قد تخرج به كل منها من جوائز. عند هذا القول نجد أن محطة «FX» التي تنتهج لنفسها خطا من التشويق والتي وجدت نفسها مرشحة في 17 ركنا، خرجت بثلاث جوائز فقط في حين حققت محطة «HBO» أعلى قدر من الإنجازات فهي خرجت بـ27 جائزة أي في 27 حقلا. بتتابع ورود المحطات حسب جوائزها نجد «CBS» الثانية بـ16 جائزة و«NBC» بـ11 جائزة و«Showtime» بسبعة جوائز وينتهي سلم الخمسة الأولى بمحطة «ABC» التي سجلت وحصلت برامجها على أربعة جوائز. بالنسبة للبرامج التلفزيونية فإن الرابح الأساسي، ذاك الذي جمع أكبر عدد من الجوائز هو «وراء كاندلابرا» (11 جائزة)، يليه «برودووك إمباير» خمس ثم «سترداي نايت لايف» أربع كذلك أربع جوائز لحفلة «توني أووردز» في مجال أفضل نقل حفلة ساهرة، ليليها كلها «بريكنغ باد» و«نظرية الانفجار الكبير» و«منزل من ورق» (ثلاث جوائز لكل منها).
* قالوا في النتائج
* «إنها مفاجأة كبيرة. لماذا مفاجأة؟ لأنه تم ترشيحنا بين عدد كبير من المسلسلات الجيدة. وفي اعتقادي أن هذا هو عصر التلفزيون الذهبي» - فينس غيليغن، منتج ومخرج «بريكنغ باد».
* «يكفيني أن المسلسل نال جائزة أفضل مسلسل درامي. هذا يغطي المجالات كلها من كتابة وتمثيل والنواحي الفنية بأسرها» - برايان كرانستون، الممثل الأول في «بريكنغ باد».
* «انقطعت عن العمل لثلاث سنوات أمضيتها في دراسة جامعية بلهاء. أنا سعيدة ومحظوظة أنني وجدت أخيرا الدور الذي أشعر بأنه يحمل التحدي الكبير بالنسبة لي» - الممثلة كلير دانز الفائزة عن «هوملاند» بجائزة أفضل تمثيل نسائي درامي.
* «أنا لا أحظى بالكثير من الجوائز، لذلك أنا سعيد بأني فزت ولو أنني أدرك أنني نافست ممثلين كل منهم يستحق الجائزة بلا ريب» - جف دانيالز الذي فاز بجائزة أفضل ممثل درامي عن «غرفة الأخبار».
* «سأنام مع هذه الجائزة. المرات التي خسرت فيها السباقات هي أكثر مما ربحت فيها، لذلك من الممتع أن أفوز» - جوليا لويس - دريفوس التي فازت بأحسن ممثلة كوميدية عن «Veep».
* «عندما كنت مرشحا لجائزة (توني المسرحية) داهمني شعور قبل لحظات من إعلان النتيجة أنني فزت، لكني لم أفز. هنا تحاشيت هذه المرة أي شعور مسبق و... فزت» - بوبي كانافال الذي نال جائزة عن دوره في «بوردووك إمباير».

* قائمة بالفائزين بجوائز إيمي في الفئات الرئيسة
* فيما يلي قائمة بالفائزين بجوائز إيمي في الفئات الرئيسة.
* أفضل مسلسل كوميدي - «مودرن فاميلي» أو (عائلة معاصرة).
* أفضل مسلسل درامي - «بريكنغ باد».
* أفضل فيلم تلفزيوني/مسلسل قصير - «بيهايند ذا كانديلابرا» أو (خلف الشمعدانات).
* أفضل ممثل في فيلم تلفزيوني/مسلسل قصير - مايكل دوغلاس عن دوره في «بيهايند ذا كانديلابرا» أو (خلف الشمعدانات).
* أفضل إخراج فيلم تلفزيوني/مسلسل قصير - ستيفن سودربرغ عن «بيهايند ذا كانديلابرا» أو (خلف الشمعدانات).
* أفضل ممثلة في فيلم تلفزيوني/مسلسل قصير - لورا ليني عن دورها في «بيغ سي: هيرافتر».
* أفضل ممثل في عمل درامي - جيف دانيلز عن دوره في في مسلسل «نيوزروم» أو (غرفة الأخبار).
* أفضل ممثلة في عمل درامي - كلير داينس عن دورها في مسلسل «هوم لاند» أو (الوطن).
* أفضل ممثل كوميدي - جيم بارسونز عن دوره في مسلسل «بيغ بانغ ثيري» أو (نظرية الانفجار العظيم).
* أفضل ممثلة كوميدية - جوليا لويس دريفوس عن دورها في مسلسل «فيب».
* أفضل ممثل مساعد في عمل كوميدي - توني هالي عن دوره في مسلسل «فيب».
* أفضل ممثلة مساعدة في عمل كوميدي - ميريت ويفر عن دورها في مسلسل «نيرس جاكي» أو (الممرضة جاكي).
* أفضل ممثل مساعد في عمل درامي - بوبي كانافالي عن دوره في مسلسل «بوردووك إمباير».
- أفضل ممثلة مساعدة في عمل درامي - آنا جن عن دورها في مسلسل «بريكنغ باد».
* أفضل إخراج لمسلسل كوميدي - جيل مانكوسو عن مسلسل «مودرن فاميلي» أو (عائلة معاصرة).
* أفضل إخراج لمسلسل درامي - ديفيد فينشر عن مسلسل «هاوس أوف كاردز».
* أفضل برنامج في المنافسات الواقعية - «ذا فويس».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».