ورشة في «جوبا» لتقييم تنفيذ اتفاقية السلام في السودان

وساطة جنوب السودان: الاتفاق لن يخضع للتعديل أو المراجعة

كباشي وعقار يرأسان اجتماع لجنة  تنفيذ بنود إتفاق جوبا
كباشي وعقار يرأسان اجتماع لجنة تنفيذ بنود إتفاق جوبا
TT

ورشة في «جوبا» لتقييم تنفيذ اتفاقية السلام في السودان

كباشي وعقار يرأسان اجتماع لجنة  تنفيذ بنود إتفاق جوبا
كباشي وعقار يرأسان اجتماع لجنة تنفيذ بنود إتفاق جوبا

بدأت أمس في عاصمة جنوب السودان جوبا ورشة لتقييم اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة السودانية المقالة والفصائل المسلحة في 2020، بمشاركة عضوي مجلس السيادة الانتقالي، شمس الدين كباشي ومالك عقار آير، وفي غضون ذلك رحبت الآلية الثلاثية بانطلاقة الورشة، واعتبرتها مكملة للمشاورات، التي جرت بين الأطراف الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري في الخرطوم مطلع فبراير (شباط) الحالي.
وأكد رئيس فريق الوساطة الجنوبية، توت قلواك، في تصريحات صحافية أمس بجوبا، أن الهدف من الورشة وضع جداول زمنية تعين على رفع مستوى التنفيذ، وليس مراجعة أو تعديل الاتفاق. ومن جهته، قال عقار إن ورشة تقييم اتفاق جوبا للسلام «تهدف لضخ روح جديدة في الاتفاق، وتجاوز العقبات التي واجهت تنفيذه من خلال الإرادة الصادقة».
وبدأت الورشة باجتماع رؤساء التنظيمات والحركات المسلحة، أبرزهم رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وزعيم حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، لمناقشة التقرير، الذي أعدته اللجنة الفنية المصغرة التي شكلت لرفع مستوى التنفيذ من خلال جداول ومصفوفات جديدة.
ومن جهتها، رحبت الآلية الثلاثية، المكونة من بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الحكومية «إيقاد»، بورشة (جوبا)، موضحة أنها تكمل المؤتمر حول قضايا السلام، ضمن العملية السياسية التي أطلقتها الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري. وقالت في بيان أمس إن الورشة التي عقدت بالخرطوم أتاحت فرصة لمشاركة 700 من الرجال النساء لمناقشة أسباب الصراع في مناطق النزاعات.
وأشارت الآلية الثلاثية إلى الحاجة الملحة لتجديد الجهود لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام تنفيذا كاملا، مع الحفاظ على مطالبه.
وأوضحت أنها شاركت الوساطة في دولة جنوب السودان المداولات، التي جرت في ورشة الخرطوم حول إعادة تحديد الأولويات وتنقيح مصفوفات تنفيذ اتفاق جوبا. كما أكدت دعمها جميع المبادرات والجهود المبذولة لدعم العمليات السياسية، التي من شأنها تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
وكانت الفصائل المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام قد رفضت الاتفاق الإطاري، وقاطعت الورشة التي نظمتها الآلية الثلاثية، للأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري، حول تقييم وتقويم اتفاق السلام. وواجه اتفاق جوبا للسلام العديد من العقبات، أهمها عدم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، الذي يقضي بدمج وإعادة تسريح قوات الحركات المسلحة في الجيش الوطني، بالإضافة إلى تمويل معالجة قضايا النازحين واللاجئين. وسبق أن وضعت جداول ومصفوفات زمنية لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، تبدأ بعد 3 أشهر من توقيعه، لكن جميع الأطراف الحكومية والفصائل المسلحة لم تلتزم بها.
وترفض الفصائل المساس بالاتفاق، الذي بموجبه تشارك في السلطة بثلاثة أعضاء في مجلس السيادة الانتقالي، وعدد من الوزراء في الحكومة الحالية.
وكانت الحركات المسلحة قد أيدت الإجراءات العسكرية التي أطاح بموجبها الجيش السوداني، الائتلاف الحاكم السابق (قوى الحرية والتغيير) في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول) وقع قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ثاني أكبر قوة عسكرية في البلاد، اتفاقا إطاريا مع قوى الحرية والتغيير وقوى سياسية داعمة للانتقال، نص على انسحاب الجيش من السلطة، وتكوين حكومة بقيادة مدنية.


مقالات ذات صلة

مقتل 7 مندوبين للسلام من جنوب السودان في هجوم استهدف منظمة نرويجية

العالم مقتل 7 مندوبين للسلام من جنوب السودان في هجوم استهدف منظمة نرويجية

مقتل 7 مندوبين للسلام من جنوب السودان في هجوم استهدف منظمة نرويجية

أعلنت منظمة إنسانية نرويجية، اليوم الخميس، أن سبعة مندوبين من جنوب السودان كانوا يشاركون في مؤتمر للسلام في هذه الدولة، قتلوا خلال عطلة نهاية الأسبوع في هجوم استهدف اثنين من سيارات الجمعية، بينما نجا ثلاثة من موظفيها. وقال رئيس جمعية المعونة الكنسية النروجية داغفين هويبراتن في بيان «ندين بشدة الهجوم على مدنيين وعلى عمال الإغاثة الإنسانية».

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شمال افريقيا مأساة مزدوجة يعيشها لاجئو جنوب السودان في الخرطوم

مأساة مزدوجة يعيشها لاجئو جنوب السودان في الخرطوم

من بين آلاف السودانيين الذين غادروا العاصمة الخرطوم على عجل، هرباً من الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»، شريحة كبيرة من اللاجئين من أبناء جنوب السودان، ممن فضلوا البقاء في السودان منذ انفصال البلدين في 2011، أو من الذين اضطروا للعودة هرباً من الحروب التي اندلعت في بلادهم، أو فشلت برامج العودة الطوعية في نقلهم وترحيلهم. هذه الشريحة، جعلها انفجار الحرب في الخرطوم تواجه أزمة «مزدوجة»، فهم في الأصل لاجئون، واضطرهم قتال الشوارع لـ«النزوح» مجدداً.

أحمد يونس (الخرطوم)
شمال افريقيا الخرطوم وجوبا تبحثان خلافاتهما على منطقة حدودية غنية بالنفط

الخرطوم وجوبا تبحثان خلافاتهما على منطقة حدودية غنية بالنفط

أكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، أن قضية منطقة أبيي، الحدودية بين السودان وجمهورية جنوب السودان، تمثل أولوية لا تحتمل التأخير، قائلاً: «نأمل أن نتوصل إلى نتائج إيجابية لوضعها على مسار السلام العادل والمستدام». ويتنازع البلدان على المنطقة الغنية بالنفط، التي تقع بين ولايتي كردفان السودانية وبحر الغزال بجنوب السودان، ولم يتم حسم النزاع حول المنطقة منذ انفصال الجنوب عن الشمال في عام 2011. وجرى الاتفاق بين البلدين بمنح هذه المنطقة وضعاً مؤقتاً يمنحها شبه استقلالية مع حق سيادة البلدين عليها، إلى حين حسم الخلاف حول تبعيتها إلى أي من الدولتين.

محمد أمين ياسين (الخرطوم)
العالم إثيوبيا تجدد التزامها بدعم الاستقرار في جنوب السودان

إثيوبيا تجدد التزامها بدعم الاستقرار في جنوب السودان

جددت إثيوبيا التزامها بدعم الاستقرار والسلام في جنوب السودان، وذلك خلال زيارة خاطفة أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اليوم الثلاثاء، إلى جوبا. ووفق بيان حكومي إثيوبي، فإن رئيس الوزراء أجرى محادثات مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، والنائب الأول للرئيس رياك مشار خلال زيارة العمل التي قام بها ليوم واحد إلى جنوب السودان. وعبّر رئيس الوزراء عن «تقديره للرئيس سلفا كير على كرم الضيافة الذي لقيه والوفد المرافق له خلال زيارتهم لجوبا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم من أعمال العنف في السودان (تويتر)

العنف في جنوب السودان يقتل 166 مدنياً ويشرد أكثر من 20 ألفاً

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم (الأربعاء)، إن أعمال عنف وقعت في ولاية أعالي النيل بجنوب السودان حصدت أرواح 166 مدنياً وشردت أكثر من 20 ألفاً منذ أغسطس (آب) وسط تصاعد الاشتباكات بين الجماعات المسلحة. وينتشر العنف في أجزاء من جنوب السودان، حيث غالباً ما تؤدي الاشتباكات الناجمة عن نزاعات على مناطق الرعي والمياه والأراضي الزراعية والموارد الأخرى إلى سقوط قتلى. وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أكدت الأسبوع الماضي أن الصراع امتداد لقتال بدأ في أغسطس في قرية بولاية أعالي النيل وانتشر منذ ذلك الحين في أجزاء أخرى من الولاية ومناطق في ولايتي جونقلي وال

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.