«منتدى الإسلام في فرنسا» يعرض توصياته... فهل يكون محاوراً جدياً للدولة؟

ماكرون: نسعى لحلول عملية ومشتركة في إطار العلمنة واحترام قيم الجمهورية

ماكرون يلقي كلمة خلال استضافته «منتدى الإسلام في فرنسا» في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
ماكرون يلقي كلمة خلال استضافته «منتدى الإسلام في فرنسا» في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
TT

«منتدى الإسلام في فرنسا» يعرض توصياته... فهل يكون محاوراً جدياً للدولة؟

ماكرون يلقي كلمة خلال استضافته «منتدى الإسلام في فرنسا» في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
ماكرون يلقي كلمة خلال استضافته «منتدى الإسلام في فرنسا» في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)

من المبكر القول ما إذا كانت المنصة الجديدة المسماة «منتدى الإسلام في فرنسا» الذي استضافه قصر الإليزيه صباح أمس، بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير الداخلية وشؤون العبادة جيرالد دارمانان، سوف ينجح في سد النقص الفاضح في تمثيل المسلمين لدى الدولة الفرنسية وأن يكون محاورها الجدي. لكن ما هو مؤكد أن السلطات الفرنسية تبحث عن ذلك. ولأن التجارب السابقة قد فشلت، فإنها قررت نهجاً جديداً يراد أن يكون «المنتدى» تجسيدا له وأولى نتائجه عرض ما توصلت إليه لجانه الأربع، بعد عام كامل من الاجتماعات والمشاورات.
والنهج الجديد عنوانه الانطلاق من القاعدة والعمل على إيجاد حلول للمشاكل اليومية الملموسة التي يواجهها مسلمو فرنسا والذهاب نحو «إسلام الأنوار» ومواجهة الإسلام المتطرف المتشدد والراديكالي الذي يضعه ماكرون في خانة «الانفصالية الإسلاموية» التي يتعين مواجهتها.
وتجدر الإشارة إلى أن البرلمان الفرنسي صوت، في شهر أغسطس (آب) من العام 2021. لصالح إقرار قانون محاربة هذه الانفصالية وتعزيز احترام مبادئ الجمهورية وقيمها.
وفي كلمته الختامية أمس، أكد ماكرون رغبته في «قيام حوار هادئ» بين الدولة والديانة المسلمة على غرار ما هو قائم بينها وبين الديانات الأخرى في فرنسا وذلك «في ظل المبادئ العلمانية التي لا تنفي حق الوجود لأي ديانة وإنما توفر أسس العيش سوية مع احترام حرية الإيمان أو عدمه واحترام قوانين الجمهورية لا أكثر ولا أقل».
وأردف ماكرون أن الدولة تريد التوصل إلى «حلول عملية» وأن ما تحقق حتى اليوم من أعمال اللجان الأربع، التي أطلقت العام الماضي «ليس سوى البداية». ولذا، فإن المطلوب، وفق قراءته، تحويل التوصيات إلى أفعال وقرارات في الأشهر القادمة وترجمتها إلى حلول قابلة للتطبيق ميدانيا معتبرا أن ما توصلت إليه اللجان الأربع «يمكن اعتباره أفضل رد على الانفصالية الإسلاموية السياسية» وعلى الخطاب الراديكالي وأيضاً «البروباغندا التي تأتي أحيانا من وراء الحدود وهي خطابات تعتمد التزوير والتحريف ولها قدرة التأثير على الشباب». ولذا، يرى الرئيس الفرنسي أن هناك حاجة «لإنتاج المعرفة العلمية وإظهار زيف الأكاذيب».
وفي هذا السياق، يتعين النظر إلى إطلاق «المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية» وإلى الدور المناط به وهو تعزيز المعرفة بالإسلام والحضارة والثقافة الإسلاميتين وتوفير التعليم والدراسات العليا وجعله منبرا «مفتوحا أمام الجميع» ويمكن أن يلعب دورا في تأهيل الأئمة ولكن ليس التعليم الديني.
بين «المجلس» و«المنتدى»

كثيرة التجارب التي أطلقت في فرنسا منذ تسعينيات القرن الماضي لإيجاد بنى للتحاور مع الإسلام وتمثيله. وأبرز تجلياتها كان إنشاء «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية». لكن أمس، وقع ماكرون صك وفاته بعد أن أشار إلى الدور الذي لعبه، بقوله: «قررنا أن نضع نقطة النهاية لهذا المجلس وذلك بشكل واضح». لكن المفارقة أن المجلس المذكور الذي يرأسه حاليا محمد موسوي المغربي الأصل وإبراهيم ألجي، التركي، لا يريد أن يدفن. والدليل على ذلك أنه سيعقد جمعيته العمومية يوم الأحد القادم وذلك من أجل تجديد تمثيله على المستوى المحلي وطريق الانتخاب وتمكين المساجد كبيرها وصغيرها من أن تكون ممثلة وليس الاكتفاء بالفدراليات الإسلامية الكبرى التي صادرت التمثيل منذ إطلاق المجلس في العام 2003. وخلال العشرين سنة المنقضية، عانى المجلس من الانقسامات الداخلية بين ما يسمى «الإسلام القنصلي» أي المرتبط بالخارج وتحديدا تركيا والجزائر والمغرب. كما جاءت العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا بدءا من العام 2015 لتفاقم التشكيك بقدرته على محاربة الخطاب المتشدد. وجاءت الضربة القاضية من انسحاب مسجد باريس الكبير الذي يمثل المسلمين الجزائريين منه ومن رفض الفدراليات التركية التوقيع على «شرعة مبادئ الجمهورية» واحترامها في العام 2021 ليفاقم الطلاق بينه وبين وزارة الداخلية التي هي في الوقت عينه وزارة شؤون العبادة.
ولأن «المجلس» باقٍ ولأن «المنتدى» يخطو خطواته الأولى، فإن الازدواجية الناشئة ستكون مصدر تشويش واضطراب. ويرى مسؤول عن أحد أكبر المساجد في فرنسا، أن أقل ما يقال إن الواقع الجديد «ليس مثاليا بالنسبة للإسلام والحوار المجدي، الهادئ والصافي» بينه وبين الدولة وهو يضيف أن الدولة «تريد التحاور مع الجيل الجديد والنشط ميدانيا وأن تفتح الباب أمام الشباب المندمج ليقول كلمته». واستبق ماكرون ما قد يصدر من انتقادات بقوله أمس إن «البعض يريد الفشل» لهذا المشروع لأنه يرى أن ما لم ينجح في الماضي لن ينجح في المستقبل. لكنه يعيد للتأكيد على أن ما تحقق ما هو سوى البداية.

- نتائج عمل اللجان الأربع
حقيقة الأمر أن المبدأ الرئيسي الذي نشأ «المنتدى» على هديه تبدى من خلال عرض نتائج عمل اللجان الأربع والتوصيات التي اقترحها. فاللجنة الخاصة بأمن مؤسسات العبادة والمراكز والمصالح الإسلامية وأمن المسلمين قدمت عرضاً دقيقا وعمليا. ومن جملة ما جاءت به «دليل» يبين كيفية المحافظة على أمن كل هذه المؤسسات ودليل لمواكبة المسلمين الذين يتعرضون لـ«اعتداءات» من كافة الأشكال (جسدية كانت أو لفظية أو معنوية) سواء كانت في مراكز العمل أو في وسائل النقل أو على وسائل التواصل الاجتماعي وإرشاد المعتدى عليهم لجهة تعريفهم بحقوقهم وكيفية التواصل مع السلطات وتعيين «مرجع» في كل قضاء للتعامل مع المسائل المحلية الناشئة. ومن جانبه، قدم الناطق باسم المجموعة الثانية عرضاً وافياً لإشكالية الإرشاد الإسلامي وكيفية تعيين المرشدين وتأهيلهم علميا ودينيا وتقنيا واقتراح إنشاء «المجلس الوطني للإرشاد» وتحديد مهماته. وينشط المرشدون في المستشفيات والقوات الأمنية وفي السجون.
أما اللجنة الثالثة فقد عرضت رؤيتها وتوصياتها في كيفية الإدارة القانونية للجمعيات الإسلامية بأنواعها وطرق تعاطيها مع المؤسسات المصرفية لجهة فتح الحسابات المصرفية والتعرف على القوانين الناظمة.
وأخيرا، فإن اللجنة الرابعة (وهي الأهم)، عرضت للتحديات التي يواجهها تأهيل الأئمة في فرنسا، التي كانت وما زالت جزئياً، لاستجلاب الأئمة من الخارج في المناسبات الرئيسية خصوصاً في رمضان. وتريد باريس أن تضع حدا لذلك من خلال تنشئة وتأهيل الأئمة في الداخل كخطوة أولى لضمان الترويج لإسلام معتدل ومنفتح والإشكالات التي تواجهها هذه المهمة الصعبة.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.