زعامة سيف العدل لـ«القاعدة» تعود للواجهة عبر ترجيحات أميركية

واشنطن تؤكد وجوده في إيران... والتنظيم يلتزم الصمت

سيف العدل (أ.ف.ب)
سيف العدل (أ.ف.ب)
TT

زعامة سيف العدل لـ«القاعدة» تعود للواجهة عبر ترجيحات أميركية

سيف العدل (أ.ف.ب)
سيف العدل (أ.ف.ب)

عاد اسم المصري سيف العدل إلى الواجهة، عبر ترجيحات أميركية بتولّيه زعامة تنظيم «القاعدة» خلفاً لأيمن الظواهري الذي يُعتقد أنه قُتل بصاروخ أميركي في كابل، العام الماضي. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، مساء الأربعاء، إن «المتطرف (سيف العدل) يعتقد أنه الزعيم الجديد لتنظيم (القاعدة)». جاء التأكيد الأميركي عقب تقرير أصدرته الأمم المتحدة، الثلاثاء، ورد فيه أن الرأي السائد للدول الأعضاء هو أن «(سيف العدل) أصبح زعيماً للتنظيم».
إلا أن «القاعدة» لم يعلن رسمياً بعدُ «تنصيب زعيمه الجديد» بسبب «الحساسية إزاء مخاوف سلطات (طالبان) في أفغانستان، التي لم ترغب في الاعتراف بأن الظواهري قُتل في منزل بكابل»، وفق تقرير الأمم المتحدة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن «تقييم واشنطن يتسق مع تقرير الأمم المتحدة، الذي يعتقد أن (سيف العدل) موجود حالياً في إيران». وأوضح أنه «عندما يتعلق الأمر بوجوده هناك، فإن توفير ملاذ آمن لـ(القاعدة) هو مجرد مثال آخر على دعم إيران (واسع النطاق للإرهاب)، وأنشطتها (المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وخارجه)»، وفق قوله.
وعاد الحديث بقوة عن سيف العدل، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما أظهرت صورة جرى تسريبها لثلاثة من كبار قادة «القاعدة» هم: سيف العدل، وأبو محمد المصري، وأبو الخير المصري. وجرى نشر الصورة في الأصل بواسطة حساب على تويتر. وأكد اثنان من مسؤولي الاستخبارات الأميركية، بشكل مستقل، لمجلة «FDD's Long War Journal» صحة الصورة، وكذلك هويات الرجال الثلاثة. وقال مسؤولو الاستخبارات حينها إن «الصورة التُقطت في طهران قبل عام 2015».
وفي عام 2014 ظهرت وثيقة حدّدت الشخصيات المرشحة لـ«خلافة الظواهري»، وتضمنت «أبو الخير المصري»، و«أبو محمد المصري»، وسيف العدل، و«أبو بصير الوحيشي»، إلا أن المتغير الذي طرأ على هذه الوثيقة هو أنه لم يبق على قيد الحياة من هذه الأسماء إلا سيف العدل.

سيف العدل (متداولة)

ووفق الباحث المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب أحمد سلطان، فإنه «كان هناك عهد من عناصر وقيادات التنظيم بتولّي (سيف العدل) القيادة حال غياب الظواهري، وحدثت خلافات داخل التنظيم حول تولّي شخص قيادة (القاعدة) يُعتقد أنه موجود في إيران، وكان هناك اتجاه لتصعيد شخص آخر، لكن الوحيد الذي جرت مبايعته (خليفة للظواهري) كان (سيف العدل)، وكان صعباً على التنظيم نقد (البيعة)»، مضيفاً أن «(سيف العدل) يتحكم في (المجلس العالمي للقاعدة؛ مجلس الشورى)، الذي يضم قادة الأفرع الخارجية، وداخله أبو همام السوري صِهر (سيف العدل)، وأحمد عمر ديري، أمير حركة (الشباب) الصومالية وهو محسوب على (سيف العدل)، وعبد الكريم المصري، وغيرهم من القيادات المرتبطة بـ(سيف العدل)».
وأوضح سلطان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «(سيف العدل) كان قد نشر رسالة، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، باسمه الحركي الثاني (عابر سبيل) عبر موقع (ماذا) الذي يديره مصطفى حامد (أبو الوليد المصري) صِهر (سيف العدل)، وأظهر فيه إشارات حول قيادته لـ(القاعدة) بحديثه عن (تحالفات القائد)».
وكان سيف العدل؛ واسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، وهو في الأصل عضو في حركة «الجهاد» المصرية؛ وهي الجماعة التي اندمجت رسمياً مع تنظيم «القاعدة» قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)- من قيادات «القاعدة» منذ فترة طويلة. وشغل سيف العدل منصب القائد العسكري العام لـ«القاعدة»، كما كان عضواً في مجلس صنع القرار المركزي... وسيف العدل مطلوب من مكتب التحقيقات الاتحادي «إف بي آي» في ما يتعلق بتفجيرات السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا عام 1998. ورصدت الحكومة الأميركية مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل الحصول على معلومات تؤدي إلى اعتقاله.
وسبق أن ذكر خبراء في الحركات الأصولية أن سيف العدل كان في وقت من الأوقات كبير الحراس الشخصيين لأسامة بن لادن مؤسِّس «القاعدة» ومدرباً بارزاً لعناصر التنظيم، ويصنَّف على أنه ثالث أكبر مسؤول بالتنظيم، وأقام معسكرات تدريب تابعة للتنظيم في السودان وباكستان وأفغانستان في التسعينيات من القرن الماضي.
وخلال محاكمة المتورطين في تفجير السفارة الأميركية أوائل عام 2001، وصف أحد المنشقّين عن «القاعدة» ويُدعى جمال الفضل، سيف العدل بأنه «من قيادات (القاعدة) الذين تلقّوا تدريباً على المتفجرات من إيران وحزب الله». وذكر العميل السابق في مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي، الخبير في مجال مكافحة الإرهاب علي صوفان أن «(سيف العدل) أوهم وكالات الاستخبارات الأجنبية بموته منذ شبابه، وجعلها تعتقد أنه شخص آخر تماماً».
وسيف العدل انتقل إلى أفغانستان عام 1989، وانضم إلى «القاعدة»، ولعب دوراً محورياً في تطوير القدرات العسكرية للتنظيم، فضلاً عن مشاركته في تأسيس كثير من الأفرع الإقليمية للتنظيم، خصوصاً في منطقة القرن الأفريقي. لكن رسائل قديمة لـ«بن لادن» تحدثت عن أن «(سيف العدل) كان أقل تأهلاً من أقرانه، وإنْ تسلَّم القيادة فسيكون لذلك تأثير سلبي على التنظيم».

سيف العدل (يسار) وأبو محمد المصري وأبو الخير المصري في صورة نادرة التقطت عام 2015 في طهران وتم تداولها شهر سبتمبر (أيلول) الماضي

و«القاعدة» رسمياً من دون قائد منذ إعلان مقتل الظواهري، مطلع أغسطس (آب) الماضي. وقد تولّى الظواهري زعامة التنظيم عام 2011 بعد مقتل «بن لادن». وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نشر تنظيم «القاعدة» مقطع فيديو للظواهري. وذكر موقع «سايت» الاستخباراتي المعنيّ برصد منشورات «التنظيمات الإرهابية»، أن «تنظيم (القاعدة) نشر فيديو مدته 35 دقيقة يزعم أنه بصوت الظواهري». ولم يُشِر مقطع الفيديو إلى إطار زمني محدد لتوقيته.
وحول عدم إعلان «القاعدة» تولّي سيف العدل رسمياً، أكد الباحث المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب أن «إعلان (القاعدة) تنصيب (سيف العدل) يؤكد أن الظواهري كان موجوداً في كابل، وهو ما يؤثر على العلاقة بين طالبان و(القاعدة)، خصوصاً أن (القاعدة) يحاول إعادة بناء شبكاته في منطقة الحدود الأفغانية - الباكستانية وفي داخل أفغانستان، وأنه حال إعلان (القاعدة) الزعيم الجديد، سوف تضيق حركة (طالبان) على تحركات عناصر (القاعدة) حتى تحصل (طالبان) على الدعم الدولي»، موضحاً أنه «إذا أعلن (القاعدة) صراحة أن سيف العدل موجود في إيران، فهذا سوف يسبب مشكلة كبيرة للتنظيم»، لافتاً إلى أن «(سيف العدل) تحايل على إعلان تنصيبه بإجراء مراسلات مع جميع أفرع التنظيم لتأكيد أنه القائد، والتعامل مع الأفرع من دون أن يتورط في الإعلان صراحة أنه خليفة الظواهري».


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن تخصيص مبالغ مالية مرتفعة ستعطى منحاً لمن يوافق على العودة من النازحين من البلدات الواقعة على الحدود الشمالية مع لبنان. ولكن ممثلي هؤلاء السكان من رؤساء بلديات وقادة ميدانيين يرفضون العودة، ويقولون إنهم لا يثقون بوعود الحكومة، ويعتقدون أن الاتفاق سيئ، ولا يوجد فيه ضمان حقيقي لوقف العمليات الحربية.

وقالت وزارة المالية الإسرائيلية إنها ستدفع مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف شيقل (27 إلى 54 ألف دولار)، تشجيعاً له على العودة، وهذا إضافة إلى التعويضات التي ستعطى لكل متضرر.

وقالت الوزارة إنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تدمير 8834 بيتاً في البلدات الإسرائيلية من جراء هجوم «حماس» و«حزب الله»، وتدمير 7029 سيرة و343 منشأة زراعية و1070 منشأة أخرى أي ما مجموعه 17276 منشأة أو عقاراً. وتقع هذه الإصابات بالأساس في البلدات الشمالية، حتى طبريا شرقاً وحيفا غرباً.

وقد خصص مبلغ 140 مليون شيقل لغرض المنح، التي تخصص لإغراء المواطنين بالعودة.

ولكن رؤساء البلدات في الشمال، لا يتحمسون لإعادة السكان.

ويقولون إنهم يرون أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيداً لحرب لبنان الرابعة. وبحسب رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، فإن بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه «التهديد الفوري» الذي هو تعريف قابل لكثير جداً من التفسيرات؛ فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى «حزب الله» معظم بناه التحتية بشكل يزعم أنه لا يخلق «تهديداً فورياً».

كما أن نقل وسائل القتال من إيران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعد «تهديداً فورياً». وعندها ننهض في الصباح، ونكتشف أنه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدرَّبة ومسلحة حتى الرقبة، وأمر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.

وتساؤل: ماذا سيحدث إذا كان أحد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض أنه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا ألا يكون شيعياً ينتمي لـ«حزب الله»، بل ربما يكون مقاتلاً أيضاً؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لـ«حزب الله» بشكل من الأشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الإيضاح: «حزب الله» ليس «حماس»: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح بتعريفه «تهديداً فورياً»؟

وقال رئيس مجلس محلي قرية المطلة، دافيد أزولاي: «في هذه اللحظة يخيل أن رئيس الوزراء، ذاك الذي عدَّ اتفاق الغاز الذي أبرمته الحكومة السابقة، استسلاماً، وحرص على القول إنه الوحيد الذي يصمد أمام الضغوط الدولية. إنه اليوم مصمم على إغلاق وقف النار بشروط دونية، بل إنه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور، بينما يتذكر مؤيدوه في الإعلام فجأة أن يذكروا أن الجيش «بحاجة إلى الإنعاش» وغيرها من الحجج. في هذه الأثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات، والجمهور في الشمال يستعد منذ الآن لأيام صعبة يحاول فيها «حزب الله» أن يرى أنه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل إلى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار، وإذا لم يقبل بها الطرف الآخر، فإنه يواصل ضربه. وإلا فإن هذا ليس نصراً، وبالتأكيد ليس نصراً مطلقاً».