تقنية التعرف على الصوت: «أندرويد» مقابل «سيري»

نظام الأوامر الصوتية في أجهزة أندرويد و نظام «سيري» للأوامر الصوتية في أجهزة «أبل»
نظام الأوامر الصوتية في أجهزة أندرويد و نظام «سيري» للأوامر الصوتية في أجهزة «أبل»
TT

تقنية التعرف على الصوت: «أندرويد» مقابل «سيري»

نظام الأوامر الصوتية في أجهزة أندرويد و نظام «سيري» للأوامر الصوتية في أجهزة «أبل»
نظام الأوامر الصوتية في أجهزة أندرويد و نظام «سيري» للأوامر الصوتية في أجهزة «أبل»

هل أوامر الصوت الخاصة بـ«أندرويد» لا تزال غير ملائمة مقارنة بنظام «سيري». لكي أتأكد من الإجابة على هذا السؤال، انغمست أسبوعين في دراسة سمة التعرف على الصوت. حملت «آي فون»، وهاتفا يعمل بنظام التشغيل «أندرويد» الخاص بـ«غوغل» معي في كل مكان. كنت أستخدم الهاتفين معا. أردت أن أعرف الفروق بينهما ومواطن القوة والضعف.
حينما يتحدث الناس عن التعرف على الصوت، فإنهم يعنون، وغالبا ما يخلطون بين ثلاث وظائف مختلفة. هناك الإملاء، الذي يحول من خلاله الهاتف الكلام إلى نص؛ ثم الأوامر بحيث يمكنك تشغيل الهاتف عن طريق الكلام؛ ثم إجراء عمليات بحث عن معلومات عن الإنترنت.
ثمة أوجه اختلاف كبيرة بين نجاحات الوظائف الثلاث. على سبيل المثال، لا تزال ميزة التعرف على الكلام «الإملاء» على سبيل المثال ضعيفة نسبيا في كلا النظامين. كما أن هاتفي «أندرويد» و«سيري»، وهي تقنية التعرف على الصوت في «آي فون»، يقعان في الكثير من أخطاء ترجمة الصوت إلى نص. حينما تسمع أناسا يعبرون عن ضجرهم من ترجمة الكلام إلى نص على الهواتف الجوالة، قائلين: «لقد يئسنا منها»، فهم عادة ما يشيرون إلى سمة الإملاء.
هذا أمر يمكن التغاضي عنه، لكن انظر. إنك تطلب من هاتفك أن يفهم النبرات المختلفة على مسافات متباينة من ميكروفونك، في غرف تتباين فيها درجة الصوت في الخلفية. من العجيب أن هذه السمة تعمل بالأساس.
* مقارنة النظم
* إن أحدث نسخة من «أندرويد» لا تتطلب اتصالا بالإنترنت للقيام بعملية الإملاء الأساسية. وفي «أندرويد»، تظهر الكلمات على الشاشة عندما تنطقها؛ أما «سيري»، فلا يقوم بترجمة الكلام إلى نص إلى أن تتوقف عن الكلام.
على الجانب الآخر، يفهم «سيري» عناصر التحكم في التنسيق مثل «حرف كبير» (capital) و«كتابة كل الأحرف كبيرة» (all caps) و«عدم ترك مسافة» (no space)، إضافة إلى كل أنواع الترقيم - «النقطتان المتراكبتان» و«الشرطة» و«العلامة النجمية» و«علامات الكلام المحذوف في الجملة» وما إلى ذلك.
لا يفهم «أندرويد» سوى الرموز الأساسية، مثل «نقطة انتهاء الجملة» و«الفاصلة» و«علامة التعجب».
وتعتبر الفئة الثانية، وهي أوامر التحكم في الهاتف، أكثر نجاحا بدرجة كبيرة بالنسبة لعدد ضخم من الناس. وتتمثل في توجيهك عبارات مثل: «اتصل بأمي»، «أرسل رسالة نصية إلى زميلي»، «أيقظني الساعة 7:30»، «شغل بعض أغاني بيلي جويل»، «ذكرني بإطعام القطة عندما أعود للمنزل»، وغير ذلك.
إن التحكم في هاتفك من دون لمسه مهم لسلامتك بالطبع. إذا تحتم عليك التفاعل مع هاتفك أثناء القيادة، فبالتأكيد يبدو حديثك إليه أكثر أمانا من تطلعك له.
لكن لا تنس عامل الملاءمة. من الأسرع أن تقول «افتح أنغري بيردز» عن أن تقلب في شاشات مليئة بالأيقونات. ويعتبر توجيهك عبارة «اضبط منبهي على الساعة الثامنة صباحا» أسرع بقيمة 375 ضغطة بإصبعك عن استخدام تطبيق المنبه.
هنا، أصبح «سيري» يتمتع بميزة. على سبيل المثال، إذا سمعت أثناء القيادة صوت الرسالة المقبلة، يمكنك أن تقول: «اقرأ رسائلي الجديدة»، وسيقوم «سيري» بقراءتها بصوت مرتفع. بل إنه يدعوك لإملاء رد، من دون حتى رفع عينيك عن الطريق. ولا يستطيع «أندرويد» القيام بهذا.
* التطبيقات والإنترنت
* بإمكان كلا النظامين الاستفادة من بعض التطبيقات الخاصة بالهاتف. إنهما يتعرفان على أوامر مثل «اعقد اجتماعا مع السيد فلان ظهيرة يوم الخميس» (تفاعل تقويمي)، «أعد ملحوظة لسداد الأموال إلى هارولد»، «أرسل رسالة بريد إلكتروني إلى داني كوبر» (بريد) و«ما عنوان منزل ستيف ألبر؟» (جهات اتصال).
وعلى الرغم من ذلك، يستغنى «أندرويد» عن نظام التشغيل «آي أو إس»، في عمليات البحث على الإنترنت. يقوم كلا النوعين من الهواتف بمهمة مذهلة في جلب تحديثات الطقس (كيف سيكون الطقس في ديترويت نهاية هذا الأسبوع؟) وتحديثات الوقت (ما الوقت في بلجيكا؟)، وأسعار الأسهم ومعلومات عن الرياضات (ما لعبة رعاة البقر المقبلة) المحادثات (ما قيمة 32 يورو بالدولارات)، الحسابات (كم عدد الأيام المتبقية قبل حلول العيد المقبل؟) وكل أنواع الأسئلة الخاصة بالبحث على الإنترنت (كم عدد السعرات الحرارية في قطعة شوكولاته «هيرشي»؟ متى سيكون كسوف الشمس المقبل؟ كيف تتهجى كلمة schadenfreud؟ اعرض لي صورا لكورفيت 1985، وغير ذلك).
لكن العنصر الأساسي في «غوغل» هو عمليات البحث على الإنترنت، ومن ثم، عادة ما تكون استجابات «أندرويد» أكثر وأسرع. (لتجربة هذا الأسلوب على جهاز «آي فون»، قم بتنزيل تطبيق «غوغل سيرش»).
يعتبر «أندرويد» مذهلا على وجه الخصوص في الاتصال بأماكن من دون الحاجة للبحث عنها (اتصال بماسيز في شارع 34) واتجاهات (وصلني إلى مطار لا غارديا بالمواصلات العامة)، نظرا لأن تطبيق «ماب» (الخرائط) المضمن فيه رائع على نحو لا يمكن تصديقه. إضافة إلى ذلك، فإنه أيضا أكثر ذكاء فيما يتعلق بربط سؤال بآخر. إذا كان أول سؤال طرحته هو: «من هي هيلاري كلينتون؟»، فيمكنك أن تتبعه بسؤال: «من زوجها»؟
ويشتمل «غوغل» على سمة مضمنة خاصة بالتعرف على الموسيقى، مثل تطبيق «شازام». اضغط على أيقونة التعرف على الصوت، ودع الهاتف يستمع لأي أغنية تشغلها، وسوف تندهش من تعرفه على الفور على الأغنية والمغني.
* «سيري» و«أندرويد»
* لسوء الحظ، يشتمل «أندرويد» على عقب أخيل - فعليا، أقرب إلى ساق أخيل كاملة. ولإصدار أوامر شفهية، يتعين عليك أن تضغط على أيقونة الميكروفون على شريط بحث «غوغل». وهي موجودة فقط على الشاشة الرئيسة أو شاشة «غوغل ناو» (قم بالإدخال من أعلى لأسفل). بهذا، لا يمكنك أن توجه أوامر كلامية عندما يكون هاتفك مغلقا، أو عندما تكون داخل تطبيق آخر.
على «آي فون»، استمر في الضغط على زر Home أو على زر تحكم عن بعد على سلك سماعات أذنيك، بحيث يمكن أن تعمل سمة التحكم في الصوت عندما يكون الهاتف مغلقا أو في أي تطبيق.
بعبارة أخرى، لاستخدام سمات الحديث الخاصة بهاتف «أندرويد»، يتعين عليك أن تنتقيها بشكل متكرر، ودائما ما يتعين عليك أن تنظر إليها، الأمر الذي يقوض الجزء الأكبر من غرض تلك السمات. الاستثناء: يمكن ضبط هواتف «موتورولا» الجديدة، مثل «موتو إكس» بحيث تستمع إلى الكلام طوال الوقت.
يكون «سيري» أفضل مع المطاعم والأفلام أيضا. يفهم كلا الهاتفين عبارات مثل: «المطاعم الهندية الجيدة في المنطقة». لكن «سيري» يمكنه أيضا أن يسجل حجوزات، بفضل تكامله مع موقع OpenTable.com. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: «قم بالحجز في مطعم إيطالي رخيص ليلة السبت الساعة السابعة».
بالمثل، يوفر «سيري» شاشات إجابات جذابة مضمنة لأسئلة مثل: «ما الأفلام التي يعرض أول عرض لها هذا الأسبوع؟»، «أعطني تقييمات لفيلم ‹The Way, Way Back» أو «ما أوقات عرض (السنافر 2)». عرض لك «أندرويد» للتو فقط نتائج بحثك على «غوغل».
بعد ذلك، تأتي مسألة الشخصية. يشتمل «سيري» على تلك السمة، في حين لا يشتمل عليها «أندرويد». نحن نتحدث عن الملاحظات البارعة والنكات والموقف، من خلال مخاطبتك باسمك. إذا وجهت سؤالك لـ«سيري» قائلا: «من والدك؟» لأجابك: «أنت. هل يمكننا العودة إلى العمل الآن؟».
الآن، على ساحة المعركة الكبرى لحرب المعجبين بين «أبل» و«غوغل»، لا تزال الدعابة أمرا غير ذي أهمية. يفتح كارهو «أبل» أعينهم عن آخرها عندما تشير إلى الطابع المميز لسيري. وتأتي إجابتهم: «إنه ليس مفيدا! إنها خدعة! إنه يستنزفك لتجنب التجاوز في وصف مدى الغباء الذي تبدو عليه!».
وهذا أمر جيد. ولهذا، هناك خيار: معسكران في هذه المدرسة الفلسفية. (حسنا، هناك أيضا «ويندوز فون» و«بلاك بيري»، ولكن خاصية التعرف على الصوت بهما بدائية).
إذن: ضع سيفك في غمده. كلا النظامين مفيد إلى حد بعيد، بمجرد أن تخصص الوقت لتعلمهما. (هناك موقع إلكتروني يضم قائمة جيدة من أوامر الصوت الخاصة بـ«أندرويد»: j.mp/12kEFDo. وهناك آخر لـ«سيري»: j.mp/16Yy4yy.).
على الرغم من أن «سيري» يتمتع بالأفضلية، فإن الفجوة بينهما قد أغلقت بالكامل، وكلا النظامين يتطور بسرعة. على سبيل المثال، حتى وقت قريب، لم يكن «أندرويد» يتضمن سمات تحكم في الصوت على الإطلاق - عمليات بحث على الإنترنت فقط. وفي تحديث هذا الخريف لنظام iOS 7، سوف يكتسب «سيري» صوتا حديثا أكثر عذوبة، وعمليات بحث أسرع وقدرة على تغيير الإعدادات بالصوت (قم بتشغيل Airplane Mode، «شغل سمة الوضوح»، «شغل بلو توث» - شيء لا يمكن لأي هاتف القيام به الآن. ويعتبر هذا واضحا: سمة التعرف على الصوت بالهاتف الخلوي تتحسن بسرعة. عما قريب، سوف يقل حديثنا عبر هواتفنا، فيما سيزيد حديثنا إليها!
* خدمة «نيويورك تايمز»



كيف يتحول «مايكروسوفت كوبايلوت» من أداة عمل إلى رفيق يومي للمستخدمين؟

تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)
تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)
TT

كيف يتحول «مايكروسوفت كوبايلوت» من أداة عمل إلى رفيق يومي للمستخدمين؟

تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)
تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)

يكشف تقرير جديد لـ«مايكروسوفت» أن مُساعدها الذكي «كوبايلوت»، المُدمج في منظومتها الرقمية، بات يُستخدم بطرق تتجاوز بكثيرٍ المهام التقليدية في بيئات العمل. يستند التقرير إلى تحليل 37.5 مليون تفاعل مجهول الهوية، ويُظهر أن دور «كوبايلوت» يتوسع ليشبه أحياناً زميلاً في العمل، وأحياناً أخرى مستشاراً شخصياً يعتمد عليه المستخدمون في حياتهم اليومية.

استخدامات تتخطى المتوقع

عندما أطلقت «مايكروسوفت» المُساعد «كوبايلوت»، كان الهدف منه تعزيز الإنتاجية داخل تطبيقات مثل «وورد» و«إكسل» و«آوتلوك» و«تيمز». ومع ذلك، يكشف التقرير أن استخداماته أصبحت مختلفة جداً بحسب الجهاز والسياق. على أجهزة الكمبيوتر المكتبية وخلال ساعات العمل، يعتمد المستخدمون عليه لإنجاز مهامّ تتعلق بالبحث وتلخيص الوثائق وإدارة المحتوى. أما على الهواتف المحمولة، فيتحول «كوبايلوت» إلى شريك شخصي يُسأل عن الصحة والعلاقات، وحتى اتخاذ القرارات اليومية. هذا الانقسام في طبيعة الاستخدام يعكس قدرة الأداة نفسها على خدمة احتياجات متنوعة، وفقاً للحظة التي يُستخدم فيها التطبيق، وطبيعة الشخص الذي يتفاعل معه.

الوجه الإنساني للمحادثات

تحليل البيانات يُظهر أن الأسئلة المتعلقة بالصحة تأتي في المرتبة الأولى على الهواتف الذكية طوال العام، ما يشير إلى أن المستخدمين يلجأون إلى «كوبايلوت»، ليس فقط للمهام الذهنية، بل أيضاً للبحث عن دعم في أمورهم الخاصة. كما أظهر التقرير اختلافاً واضحاً في الموضوعات التي يطرحها الناس خلال اليوم، كأسئلة العمل والسفر التي ترتفع في ساعات النهار، بينما تزداد الأسئلة الفلسفية والدينية في الليل. هذه الأنماط تشبه السلوك البشري الطبيعي، ما يعكس اندماج الذكاء الاصطناعي في إيقاع الحياة اليومية.

يتجه مستقبل الذكاء الاصطناعي نحو شراكة فكرية مع الإنسان بما يستدعي تطوير أنظمة موثوقة تمنع الاعتماد المفرط أو إساءة الاستخدام (شاترستوك)

ما وراء الإنتاجية التقليدية

توضح نتائج الدراسة أن المستخدمين لا ينظرون إلى «كوبايلوت» بوصفه أداة آلية فقط، بل بصفته جهة يمكن الحوار معها وطلب المشورة منها. في أحيان كثيرة، يؤدي دور زميل يساعد في التفكير، أو صديق يمكن الحديث إليه عن موضوعات شخصية. هذا التوسع في الدور يطرح تحديات جديدة أمام مطوري الذكاء الاصطناعي، فكلما ازداد اعتماد الناس على الأداة كـ«رفيق»، أصبحت الحاجة إلى الدقة والشفافية والسلوك الأخلاقي أقوى.

الثقة والمسؤولية

تعترف «مايكروسوفت» بأن «كوبايلوت» لم يُصمَّم أصلاً ليكون مستشاراً عاطفياً أو نفسياً، لكن طبيعة تفاعل المستخدمين معه جعلته يؤدي هذا الدور بشكل غير مباشر. هذا الأمر يعكس العلاقة المعقدة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، حيث تنشأ الثقة تدريجياً، وقد تتحول الأداة، مع الوقت، إلى جزء من مساحة اتخاذ القرار لدى الشخص. وفي المقابل، يحذر الخبراء من ضرورة وضع حدود واضحة؛ لأن التعلق الزائد بالتقنية قد يؤدي إلى سوء استخدام أو إساءة تفسير للمُخرجات.

مستقبل الذكاء الاصطناعي

يرسم تقرير «مايكروسوفت» صورة واضحة عن كيفية تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء لا يتجزأ من الحياة المهنية والشخصية على حد سواء. سواء في كتابة بريد إلكتروني أم تنظيم البيانات أم طلب نصيحة حياتية، أم حتى مناقشة أسئلة وجودية في آخِر الليل، بات المستخدمون ينظرون إلى هذه الأدوات على أنها شركاء في التفكير، وليس مجرد برامج. وبينما تتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة، تبرز الحاجة إلى تصميم أنظمة أكثر موثوقية ووعياً بسلوك الإنسان، قادرة على مساعدة المستخدم دون تجاوز الخط الفاصل بين المساندة والاعتماد المُفرِط.


علاج مبتكر وواعد لاستعادة المجال البصري لدى الناجين من السكتات

تُفقد الهيميانوبيا آلاف الناجين من السكتات نصف مجال رؤيتهم وتحدّ بشدة من قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية (أدوبي)
تُفقد الهيميانوبيا آلاف الناجين من السكتات نصف مجال رؤيتهم وتحدّ بشدة من قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية (أدوبي)
TT

علاج مبتكر وواعد لاستعادة المجال البصري لدى الناجين من السكتات

تُفقد الهيميانوبيا آلاف الناجين من السكتات نصف مجال رؤيتهم وتحدّ بشدة من قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية (أدوبي)
تُفقد الهيميانوبيا آلاف الناجين من السكتات نصف مجال رؤيتهم وتحدّ بشدة من قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية (أدوبي)

يفقد آلاف الناجين من السكتات الدماغية كل عام القدرة على رؤية نصف مجالهم البصري، في حالة تُعرف بـ«الهيميانوبيا»، حيث يختفي جانب كامل من الرؤية على طول الخط العمودي الفاصل بين نصفي المجال البصري. هذا الاضطراب يعرقل بشكل كبير أنشطة الحياة اليومية. وتصبح القراءة شاقة والقيادة قد لا تعود ممكنة، وحتى السير في مكان مزدحم يتحول إلى مهمة صعبة.

حدود العلاجات المتاحة حالياً

ورغم تأثير «الهيميانوبيا» الكبير، فلا توجد علاجات قادرة على استعادة الجزء المفقود من الرؤية بشكل فعّال؛ فمعظم التدخلات الحالية تركز على مساعدة المرضى في التكيف مع النقص بدلاً من استعادة القدرة البصرية. أما برامج التأهيل التي تهدف إلى بعض التحسن فهي تتطلب تدريباً مكثفاً يستمر لأشهر، وغالباً ما تكون نتائجها محدودة.

يرجع التحدي الأساسي إلى الطريقة التي يتواصل بها الدماغ داخل النظام البصري؛ ففي الوضع الطبيعي، تعمل القشرة البصرية الأولية والمنطقة المتوسطة الصدغية المسؤولة عن إدراك الحركة بانسجام، وتتبادلان المعلومات عبر إيقاعات كهربائية دقيقة تُعرف بالذبذبات الدماغية، لكن السكتة الدماغية قد تُفقد هذه المناطق قدرتها على العمل المتناسق ما يؤدي إلى اضطراب في معالجة المعلومات البصرية.

وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن التحفيز غير الجراحي للدماغ قد يساعد في إعادة ضبط هذه الذبذبات وتحسين التواصل بين المناطق البصرية ودعم عملية التعافي. بناءً على هذا الأساس، اختبر فريق بقيادة فرايدهيلم هومل من معهد «Neuro - X» في جامعة «EPFL» السويسرية علاجاً جديداً يجمع بين تدريب بصري متخصص وتحفيز دماغي متعدد النقاط لإعادة تنسيق النشاط العصبي، وتحسين التعافي لدى مرضى الهيميانوبيا.

العلاج الجديد يجمع بين تدريب بصري وتحفيز دماغي متعدد الترددات أعاد مزامنة الإشارات العصبية لدى بعض المرضى

إعادة تنظيم المعالجة البصرية

في تجربة سريرية مزدوجة التعمية ومضبوطة بدواء وهمي، أظهر الباحثان أستيلا رافان وميكيلي بيفلاكوا مع زملائهما أن هذه الطريقة المزدوجة يمكن أن تُحدث تحسناً ملحوظاً في الوظائف البصرية حتى لدى المرضى المصابين منذ سنوات طويلة.

ويصف هومل هذا المشروع بأنه تطبيق لأول استراتيجية مبتكرة تعتمد على تحفيز دماغي ثنائي البؤرة يحاكي الطريقة التي يعمل بها الدماغ طبيعياً، بهدف تعزيز الوظائف البصرية لدى مرضى السكتة الدماغية. كما حدّد الفريق عوامل ترتبط بالاستجابة للعلاج، ما قد يمهّد لتحديد مؤشرات حيوية تساعد في اختيار المرضى الأنسب للعلاج.

كيف أُجريت التجربة؟

شارك في الدراسة 16 مريضاً يعانون من «الهيميانوبيا». تدرب المشاركون على مهمة للكشف عن الحركة صُممت لتحفيز الحافة الفاصلة بين الجزء المبصر والجزء المصاب من مجال الرؤية. وخلال التدريب، تلقّى المرضى تحفيزاً دماغياً عبر التيارات المتناوبة متعددة الترددات (cf - tACS)، وهي تقنية تستخدم تيارات كهربائية منخفضة الشدة لتعديل توقيت الذبذبات الدماغية ودعم الوظائف الإدراكية.

واستهدف الباحثون مزامنة الإيقاعات العصبية بين القشرة البصرية الأولية والمنطقة المتوسطة الصدغية، وذلك عبر تطبيق ترددات مختلفة على كل منطقة لمحاكاة نمط التواصل الطبيعي، منها موجات «ألفا» منخفضة التردد على القشرة البصرية، وموجات «غاما» عالية التردد على المنطقة الحساسة للحركة. هذا النمط «الأمامي» يعكس التدفق المعتاد للمعلومات من الأسفل إلى الأعلى في أثناء المعالجة البصرية، ويساعد في استعادة التواصل بعد السكتة.

التجربة السريرية أظهرت تحسناً واضحاً في إدراك الحركة وتوسّعاً في مجال الرؤية خصوصاً لدى من احتفظوا ببعض الاتصالات العصبية (شاترستوك)

تحسن واضح في إدراك الحركة

أظهر المرضى الذين تلقّوا هذا النمط الأمامي من «cf - tACS» تحسناً أكبر بكثير في القدرة على إدراك الحركة مقارنةً بمن خضعوا للنمط العكسي. كما توسّعت مجالات رؤيتهم بشكل ملموس، خصوصاً في المناطق المستهدفة في أثناء التدريب. كما أن بعض المرضى ذكروا تحسنات محسوسة في حياتهم اليومية.

وأكدت صور الدماغ وبيانات التخطيط الكهربائي (EEG) هذه النتائج وأظهرت استعادة التواصل بين القشرة البصرية والمنطقة المتوسطة الصدغية. كما بيّنت الفحوصات ازدياد النشاط في المنطقة المتوسطة الصدغية بعد التحفيز. وكان أكبر قدر من التحسن لدى المرضى الذين بقيت لديهم بعض الاتصالات العصبية الجزئية بين المنطقتين، ما يشير إلى أن الحفاظ الجزئي على هذه الدارات يمكن أن يدعم عملية التعافي.

توضح هذه الدراسة أن استهداف دوائر دماغية محددة بتحفيز متزامن مستوحى من آليات الدماغ يمكن أن يعزّز تأثير التدريب البصري بشكل واضح. وإذا أثبتت نتائجه في تجارب أكبر، فقد يصبح هذا النهج علاجاً أسرع وأكثر سهولة لمرضى السكتة الدماغية الذين يعانون من «الهيميانوبيا».


الذكاء الاصطناعي يتجاوز حدود الموضة التقنية... كيف يعيد تشكيل المجتمعات؟

التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي يجب أن يترافق مع ابتكار مسؤول وتعليم شامل لضمان استفادة عادلة للجميع (غيتي)
التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي يجب أن يترافق مع ابتكار مسؤول وتعليم شامل لضمان استفادة عادلة للجميع (غيتي)
TT

الذكاء الاصطناعي يتجاوز حدود الموضة التقنية... كيف يعيد تشكيل المجتمعات؟

التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي يجب أن يترافق مع ابتكار مسؤول وتعليم شامل لضمان استفادة عادلة للجميع (غيتي)
التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي يجب أن يترافق مع ابتكار مسؤول وتعليم شامل لضمان استفادة عادلة للجميع (غيتي)

طوال العامين الماضيين، انشغلت النقاشات العالمية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي بمجموعة أسئلة بارزة: من يستخدم التقنية؟ وكيف تتوسع؟ وأي قطاعات تعيد تشكيل أعمالها حولها؟

إلا أن تعاوناً بحثياً بين «سيسكو» ومركز «وايز» (WISE) التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في جلسة خاصة حضرتها «الشرق الأوسط»، كشف عن أن عدد المستخدمين ليس سوى بداية القصة. فخلف موجة الحماس، يحدث تحول أعمق يتعلق بكيفية تأثير الحياة الرقمية على الاقتصادات والمهارات وحتى رفاهية الأفراد.

قاد الجلسة كل من جاي ديدريتش، نائب الرئيس الأول ومسؤول الابتكار العالمي في «سيسكو»، ورومينا بوريني مديرة مركز «وايز» (WISE) التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، حيث قدّما واحدة من أوسع قواعد البيانات العالمية حول تقاطع الذكاء الاصطناعي والسلوك الرقمي والرفاه الإنساني.

ويبحث التقرير، ليس فقط في مدى انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، بل في هوية المستفيدين ومن يتم استثناؤهم، وما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية.

جاي ديدريتش نائب الرئيس الأول ومسؤول الابتكار العالمي في «سيسكو» (سيسكو)

الشباب يقودون موجة التبنّي

إحدى أبرز نتائج التقرير هي الفجوة العمرية، حيث إن الشباب هم المحرك الأكبر لاعتماد الذكاء الاصطناعي عالمياً. وتشير البيانات إلى أن أكثر من 75 في المائة من المستخدمين تحت سن 35 يرون الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة مفيدة للعمل والدراسة وحل المشكلات اليومية.

وترى بوريني أن «الأجيال الشابة تتبنى هذه الأدوات بشكل أسرع، وغالباً ما ينظرون إليها على أنها امتداد طبيعي لحياتهم الرقمية»، لكن هذه السهولة لا تخلو من ثمن؛ فالفئة العمرية ذات أعلى تبنٍّ للذكاء الاصطناعي هي نفسها الأكثر تعرضاً لفرط الاستخدام الرقمي.

ويُظهر التقرير أن 38 في المائة من المشاركين عالمياً يقضون أكثر من خمس ساعات يومياً في استخدام ترفيهي لا علاقة له بالدراسة أو العمل، وهو عامل يرتبط مباشرة بانخفاض الرضا عن الحياة.

وتضيف بوريني أن «الوجود الرقمي أصبح جزءاً من معادلة الرفاه... المسألة لا تتعلق فقط بالوصول، بل بالتوازن». الرسالة واضحة، وتتمثل في أن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي لا يكفي. ومع اندماج التقنية في الحياة اليومية، يصبح من الضروري إعادة التفكير في مفهوم «الصحة الرقمية».

رومينا بوريني مديرة مركز «وايز» (WISE) التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)

جغرافيا غير متكافئة

إذا كان العمر يقسم استخدام التقنية، فإن الجغرافيا تقسم الفرص، فقد أظهرت نتائج البحث فروقات حادة، حيث تصدرت الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا الاستخدام النشط، بينما جاءت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا في مستويات أقل. للوهلة الأولى يبدو ذلك مفاجئاً؛ إذ تنتمي هذه الدول الأوروبية لاقتصادات متقدمة، لكن البيانات تكشف عن منطق مختلف.

يقول ديدريتش إن «بعض الأسواق الناشئة تتجاوز المراحل التقليدية... فهي تتبنى الذكاء الاصطناعي ليس كترقية، بل كضرورة»، فحيثما تتطور البنية التحتية الرقمية بسرعة، خصوصاً عبر الهواتف المحمولة، يصبح الذكاء الاصطناعي امتداداً طبيعياً للأدوات الرقمية؛ ليس رفاهية، بل حلاً لسد فجوات في التعليم والخدمات والرعاية. هذا يعيد تشكيل السرد الشائع؛ إذ إن التبنّي العالي لا يعني التطور دائماً، بل تعكس الحاجة والفرصة أحياناً الاضطرار.

المهارات لا الاتصال

طوال سنوات، اعتبر صنّاع القرار أن الفجوة الرقمية هي مشكلة «وصول»، لكن دراسة «سيسكو - OECD» تقدم خلاصة واضحة، وهي أن الفجوة التالية ستكون فجوة المهارات؛ فحتى مع توفر الإنترنت، تختلف قدرة الناس على استخدام الذكاء الاصطناعي بفاعلية وأمان بشكل كبير.

وتلخص بوريني ذلك بقولها إن «الناس يحتاجون إلى أكثر من الوصول... يحتاجون إلى مهارات لفهم الذكاء الاصطناعي ومساءلته واستخدامه بطرق هادفة». غياب هذه المهارات يجعل المستخدمين أكثر عرضة للتضليل واتخاذ قرارات خاطئة، والتفاعل في بيئات رقمية غير آمنة، بالإضافة إلى فقدان فرص اقتصادية في الوظائف والأسواق الجديدة.

ويؤكد ديدريتش أن المهارات أصبحت شرطاً اقتصادياً أساسياً، ويضيف: «نحن لا ندرب الناس على استخدام الذكاء الاصطناعي فقط... بل على المنافسة في اقتصاد مدعوم بالذكاء الاصطناعي».

بات الرفاه الرقمي عنصراً أساسياً في تقييم أثر الذكاء الاصطناعي على حياة الأفراد وسعادتهم (غيتي)

المهارات كجزء من البنية التحتية

وأوضحت «سيسكو» أن البنية التحتية وحدها لا تكفي؛ فالاستثمار في الإنسان أصبح ضرورة لا تقل أهمية عن الاستثمار في التقنية.

ويشدد ديدريتش على أهمية البرامج التعليمية الواسعة التي تقدمها الشركة، خاصة للفئات المحرومة، مؤكداً «الحاجة لمجتمعات قادرة على الاعتماد على نفسها... ويتطلب ذلك شمولية في الابتكار والتعليم معاً».

ولأن أكاديمية «سيسكو» للشبكات واحدة من أكبر برامج التدريب في العالم، فإنها تتحول اليوم لتشمل مهارات الذكاء الاصطناعي والتحضير للأمن السيبراني، والمشاركة الرقمية المتوازنة. وخلال النقاش، قال ديدريتش: «علينا تصميم أدوات ذكاء اصطناعي تكون بديهية وسهلة الاستخدام لجميع الفئات العمرية».

الرفاه الرقمي

واحدة من أهم إضافات هذا التقرير هي إدخال مفهوم الرفاه ضمن تقييم أثر الذكاء الاصطناعي، وهو جانب غالباً ما تهمله التقارير التقنية.

وتوضح بوريني أن «الحياة الرقمية أصبحت عاملاً مؤثراً في السعادة... سلوك الإنسان على الإنترنت يؤثر على رفاهه مثل ظروفه خارج الإنترنت». وتشير البيانات إلى مجموعة مخاطر متصاعدة، منها الإرهاق الرقمي والإفراط في الاستخدام وصعوبة الانفصال وتعرّض المستخدمين لمحتوى ضار، وانخفاض الرضا لدى من يقضون وقتاً طويلاً على منصات الترفيه. ولا يعني ذلك أن الذكاء الاصطناعي مضر بحد ذاته، بل إن غياب الوعي والضوابط قد يخلق آثاراً سلبية واضحة.

يقود الشباب تبنّي الذكاء الاصطناعي عالمياً لكنهم الأكثر عرضة لمخاطر الإفراط الرقمي وتراجع الرفاه (غيتي)

من يستفيد ومن يتحمل المخاطر؟

تسعى الدراسة إلى فهم التوزيع الحقيقي للفوائد والمخاطر، وليس فقط رصد معدلات الاستخدام. وتشير النتائج إلى أن الشباب هم الأكثر استفادة من إنتاجية الذكاء الاصطناعي، لكنهم الأكثر عرضة لمخاطر الرفاه.

الاقتصادات الناشئة تتبنى الذكاء الاصطناعي بسرعة، لكنها تواجه فجوات أعمق في الأمن الرقمي والمهارات. الدول المتقدمة ذات البنية الرقمية القوية لا تزال تعاني من تبنٍّ منخفض بسبب التردد الثقافي والتنظيمي.

هذه اللوحة المعقدة تنسف الفكرة السائدة بأن «زيادة المستخدمين تعني التقدم». الواقع أكثر تعدداً وتفصيلاً.

الذكاء الاصطناعي عادة ... لا موجة عابرة

في ختام الجلسة، شدد المتحدثان على أن الذكاء الاصطناعي التوليدي انتقل من كونه تقنية تثير الفضول إلى جزء من الروتين اليومي لملايين البشر، لكنه قد يتحول إلى سبب لانقسام جديد إذا ركّز العالم على التبنّي وتجاهل التأثير.

ونوهت بوريني إلى «الحاجة إلى مزيد من الثقافة الرقمية، ومزيد من الابتكار المسؤول، وفهم أعمق لتأثير الحياة الرقمية على رفاه الناس».

وأضاف ديدريتش: «السؤال الحقيقي ليس من الذي يتبنى الذكاء الاصطناعي؟... بل من يستفيد منه وكيف نجعل الفائدة شاملة للجميع؟».

وتذكّر نتائج تقرير «سيسكو – OECD» أن مستقبل الذكاء الاصطناعي ليس نقاشاً تقنياً فقط، بل هو نقاش اجتماعي واقتصادي وإنساني؛ فالانتشار الواسع مجرد بداية، أما ما سيأتي لاحقاً فهو ما سيحدد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي قوة للاندماج... أم مصدراً جديداً للانقسام.