أعلن الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو أنه سيعود إلى بلاده الشهر المقبل ليقود المعارضة ضد حكومة خصمه لويس إينياسيو لولا، علماً بأنه لم يعترف صراحة حتى الآن بهزيمته أمامه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الفائت.
جاء هذا الإعلان في أول تصريحات يدلي بها بولسونارو منذ مغادرته السلطة، من مقر إقامته في مدينة أورلاندو، من أعمال ولاية فلوريدا الأميركية، التي انتقل إليها أواخر العام الماضي، قبل يومين من تسلّم لولا مهام الرئاسة.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام قليلة من الزيارة الرسمية التي قام بها لولا إلى الولايات المتحدة، حيث أكد أنه لا نيّة لديه في طلب تسليم بولسونارو من السلطات الأميركية، مستبعداً أي احتمال لعودة خصمه اليميني المتطرف إلى الرئاسة بعد الملاحقات القضائية الجارية في حقه حول دوره التحريضي لدعوة الجيش إلى القيام بانقلاب، وفي الهجوم الذي قام به أنصاره مطلع الشهر الماضي ضد مباني رئاسة الجمهورية والمحكمة العليا والبرلمان في العاصمة.
تجدر الإشارة إلى أن بولسونارو، الذي فقد الحصانة القانونية التي كان يتمتع بها منذ بداية هذه السنة، يواجه مجموعة من القضايا القانونية التي كانت معلّقة خلال وجوده في الرئاسة، منها مساعدة أولاده ومقربين منه على الإثراء غير المشروع، والتسبب في سقوط عشرات الآلاف من الضحايا خلال جائحة «كوفيد» لعدم اتخاذه التدابير الوقائية اللازمة، متجاهلاً آراء ومشورة وزراء الصحة والأوساط العلمية.
وأكّد بولسونارو، في تصريحاته «أن الحركة اليمينية في أحسن حالاتها» ستواصل مسيرتها في المعارضة ضد الرئيس الحالي الذي فاز بفارق بسيط في الانتخابات الرئاسية، بينما حافظ اليمين على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، وفاز برئاسة معظم الولايات الكبرى، مثل ساوباولو وريو دي جانيرو.
وقال الرئيس البرازيلي السابق إنه سيسعى إلى توحيد أطياف المعارضة، من أجل إلغاء الحق في الإجهاض وسن تشريعات تسمح باقتناء الأسلحة الفردية، والدفاع عن نظام اقتصادي ليبرالي «ينقذ البرازيل من الشيوعيين»، على حد قوله.
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا البرازيلية كانت قد باشرت منذ أسابيع التحقيق في دور بولسونارو خلال الهجوم على مباني المؤسسات الرسمية في العاصمة، استناداً إلى الطلب الذي تقدمت به النيابة العامة، ويتضمن اتهامات ضد الرئيس السابق بالتحريض على انقلاب عسكري، بالتواطؤ مع بعض قيادات القوات المسلحة والشرطة. ولا يزال عدد كبير من أنصار بولسونارو معتقلين قيد التحقيق والمحاكمة، فيما تواصل الأجهزة الأمنية والقضائية تحرياتها لتحديد هوية الذين قاموا بالتخطيط للهجوم، وحرّضوا عليه، وساهموا في تمويله.
وبعد أن كان بولسونارو يردد أنه لم يخسر الانتخابات الرئاسية ضد لولا، وأن المحكمة العليا الانتخابية ووسائل الإعلام الكبرى هي التي أوصلت خصمه إلى الرئاسة، اعترف بهزيمته للمرة الأولى، حيث قال: «إن الخسارة هي جزء من العملية الانتخابية». وبعد أن كرر إدانته الخفيفة للهجوم الذي قام به أنصاره ضد مباني السلطة، رفض بشكل قاطع اعتبار ذلك الهجوم بمثابة محاولة للانقلاب، متسائلاً: «انقلاب؟! أي انقلاب؟! أين كان القائد، والجنود، والقنابل؟!». ليضيف أنه كان يومها على بعد آلاف الكيلومترات من البرازيل.
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من الرئاسة البرازيلية حول هذه التصريحات، التي أدلى بها بولسونارو من الولايات المتحدة، والتي تقول وسائل الإعلام البرازيلية إنها كانت مفاجأة بالنسبة للمراقبين السياسيين، وإن عودة الرئيس السابق سوف ترفع منسوب التوتر في البلاد، وقد تؤدي إلى اضطرابات أمنية أسوأ من تلك التي شهدتها البرازيل في الفترة الأخيرة.
وقالت أوساط مقرّبة من لولا إنها تشكك في صدق تصريحات بولسونارو، مرجحة أن يكون الهدف منها جسّ النبض لمعرفة ردة فعل الأجهزة القضائية والسلطات السياسية في حال عودته.
لكن ما يخشاه المراقبون هي ردة فعل القوات المسلحة في حال إلقاء القبض على بولسونارو عند عودته، وقيام أنصاره باحتجاجات عنيفة للمطالبة بالإفراج عنه. يذكر أن لولا كان قد فاجأ الجميع مؤخراً عندما قرر إقالة رئيس الأركان المقرّب من بولسونارو، وعيّن قائداً جديداً كان قد أدلى بتصريحات يرفض فيها تدخل الجيش في الشأن السياسي، ويدعو إلى احترام نتائج الانتخابات، أياً كان الفائز فيها.
والمعروف أن بولسونارو، الذي كان ضابطاً في الجيش برتبة نقيب عندما تمّ فصله لتصريحات تحرّض على الانقلاب، كان قد أدلى بها، يتمتع بدعم واسع في أوساط صغار الضباط وبين قادة سلاحي الطيران والبحرية، وقد كان أغدق على القوات المسلحة مزايا ومساعدات خلال ولايته، وكان لهم حضور قوي في جميع الحكومات التي شكّلها.
بولسونارو يختار مواجهة لولا
أعلن أنه عائد إلى البرازيل لقيادة المعارضة
بولسونارو يختار مواجهة لولا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة