التشكيلي المغربي محمد المرابطي يعرض أفريقيا «بلا حدود» في مراكش

محمد المرابطي الفنان التشكيلي المغربي أمام لوحة من لوحاته (الشرق الأوسط)
محمد المرابطي الفنان التشكيلي المغربي أمام لوحة من لوحاته (الشرق الأوسط)
TT

التشكيلي المغربي محمد المرابطي يعرض أفريقيا «بلا حدود» في مراكش

محمد المرابطي الفنان التشكيلي المغربي أمام لوحة من لوحاته (الشرق الأوسط)
محمد المرابطي الفنان التشكيلي المغربي أمام لوحة من لوحاته (الشرق الأوسط)

يحتضن المركز الثقافي «نجوم جامع الفنا» في مراكش، ضمن فعاليات الدورة الأولى من «مهرجان الكتاب الأفريقي»، معرضاً تشكيلياً للفنان المغربي محمد المرابطي، اختار له عنوان «بلا حدود، مركز العالم»، يتمحور موضوعه حول قارة أفريقيا.
وقال المرابطي لـ«الشرق الأوسط» إن المعرض يأتي امتداداً لمعرض سابق، قدمه قبل نحو 5 سنوات في الموضوع نفسه، لكن مع تطور في التقنية واختيار الألوان، والتركيز على ما يجمع أفريقيا على مستوى نسيج اللغات والثقافات والطقوس والعلامات والرموز.
وشدد المرابطي على أن التركيز على القارة في لوحاته، لا يقصي باقي القارات، وإنما ينقل لما نعيشه ونلاحظه من تركيز على القارة السمراء.
وبالنسبة للمرابطي، فإن من يتابع تجربته الفنية، سيجد في المعرض لمحات من أعماله السابقة، خصوصاً على مستوى العمق الفني الذي يعبر عن زيارات سابقة قام بها إلى عدد من دول القارة، خصوصاً السنغال وموريتانيا، حيث أخذ فكرة عن الطقوس المرتبطة بالأولياء والأضرحة، ليقارنها بالطقوس المغربية، المرتبطة بهذا المجال.

من معرض «بلا حدود» لمحمد المرابطي في مراكش (الشرق الأوسط)

ويقترح المعرض 12 لوحة تركز على قارة أفريقيا، بأحجام وألوان مختلفة، يربط من خلالها الفنان بين الفن والخرائطية بشكل يبرز انتماءه وبلده المغرب إلى القارة، موظفاً منسوجات تنقل لحنين ونوستالجيا شخصية، مقدماً عملاً عن الذاكرة والتذكر والزمن الذي يمر، في علاقة بالمقدس، منتهياً إلى شكل رفيع منحوت لخريطة القارة الأفريقية، حيث نكون مع أفريقيا مركزاً للعالم، أو قل هي العالم، وحيدة، قوية، فارضة نفسها بمختلف الألوان، فإذا هي ملونة كسجادة أو سوداء محاطة بالأزرق أو الأحمر أو البنفسجي، وغيرها من الألوان؛ بحيث تتأكد صورتها وتؤكد ذاتها بلا حدود، أرضاً لما قبل الاستعمار وما قبل حروب التجزئة: أفريقيا أصيلة، حالمة ووديعة.
لكن المرابطي وهو يدخل، من خلال معرض «بلا حدود»، تجربة مغايرة، سواء من حيث الألوان أو السند، مقارنة بأعماله السابقة، قد بقي وفياً للرموز، فاستعمل الألوان الأفريقية مع تنوع في الأحجام والاشتغال على الدائرة.
ويبقى المرابطي، الذي ولد في مراكش في 1968، كما كتب عنه الشاعر والفنان التشكيلي المغربي عزيز أزغاي، «صاحب تجربة صباغية متميزة في مدونة الفن الحديث في المغرب»، و«أحد الأسماء النشطة المنخرطة في بلورة طموح التشكيل المغربي للخروج إلى العالم».
ويعرف عنه أنه راهن، منذ بداية مساره لتعزيز خياراته التشكيلية والجمالية على «صياغة جملة تشكيلية خاصة ترتكز على توظيف الأثر المقدس والصوفي والمرتفع، وعلى علاقة ذلك بالكائن الأعزل الذي بات عرضة لهجمة التقنية وتحول الزمن إلى آلة رهيبة»، فـ«استطاع، بجهد فردي وروح منصتة، أن يلفت الانتباه باكراً إلى طاقته الإبداعية الخلاقة والمتجددة التي ما فتئ يعبر عنها في أعماله الفنية».
ويقول المعطي قبال، الكاتب المغربي المقيم في فرنسا، إن أفريقيا ليست غريبة على المرابطي؛ فهي «تزوره» باستمرار عبر فنانيها الوافدين من عدة دول من مختلف مناطقها، بمشغله «المقام» الواقع في مدينة تحناوت (ضواحي مراكش)، كما ينصت لأهازيجها وموسيقاها.
ويرى قبال أن أفريقيا، في معرض المرابطي، أضحت «خرائط بلا حدود، مركزا للكون تحيط به بحار ليست بالضرورة زرقاء، بحار لا تسمية لها ولا هوية، نسيجا مرصعا على أقمشة من كتان أو حرير بألوان زاهية وزخرفة زهرية، أليافا من الألواح الدائرية، أفريقيا مفعمة بالمرح والبهجة على النقيض مما هو رائج عنها كونها فريسة للمجاعة والبؤس والحروب».
وقال قبال لـ«الشرق الأوسط» إن المرابطي، يقلب أفريقيا في معرضه، رأساً على عقب، يمسح الحدود، ليجعل منها فضاء جميلاً، يقوم على الزخرفة والطرز، خالقاً مجموعة مسارب للتقارب بين دولها، عبر خياطة هذه البلدان وربطها ببعضها، فأزال الأسلاك والحدود، مقترحاً خريطة جديدة لأفريقيا، ومقدماً صورة مغايرة حولها بصيغة الجمع.
ولاحظ قبال أن كل لوحة هي عبارة عن دوائر تستدعي كرة أرضية تظهر لنا قارة مفتوحة على المعابر والمجالات الجغرافية بلا حدود، عاكسة حلم هذا الفنان الذي قدم لنا عملاً جديداً وغير مألوف، يذكرنا بفنانين أوروبيين اشتغلوا على الخرائط الجغرافية كمادة استيتيقية (جمالية) وفنية.
ورأى قبال أن المرابطي قلب الآية المألوفة والمعتادة للجغرافيا التي تقدم أفريقيا كمحيط وهامش، مشيراً إلى أن الفنان المغربي يطرح، في معروضاته، عدداً من القضايا، يذكرنا من خلالها برواية «في الولايات المتحدة الأفريقية» للكاتب الجيبوتي عبد الرحمن وابري، التي تصور بلدان الشمال بئيسة وفقيرة، اضطر أهلها للهجرة إلى أفريقيا، بحثاً عن لقمة العيش، متسكعين وشحاذين، يعيشون وضعاً بائساً.
وزاد قبال قائلاً إن معرض المرابطي ينقل لموقف فني ينتصر لأفريقيا مختلفة عن تلك التي تحضر في المتخيل كقارة أوبئة وصراعات دموية ومجاعة وفقر. موقف فني يحلم بقارة مفتوحة في وجه أبنائها، بلا حدود وتكون مركزاً للعالم.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)

احتفت مصر باللغة القبطية التي يجري تدريسها في المعهد العالي للدراسات القبطية التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصري، وذلك بمناسبة مرور 70 عاماً على إنشاء المعهد، بحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ووزيري الثقافة والسياحة والآثار وشخصيات عامة، وتم إلقاء الضوء على ما قدمه من دراسات وبحوث أسهمت في حفظ الحضارة المصرية بكل مكوناتها الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية.

وخلال الاحتفالية التي شهدتها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، الخميس، أكد البابا تواضروس الثاني أن «معهد الدراسات القبطية منذ تأسيسه يؤدي دوراً رئيساً في توثيق تاريخ الحضارة القبطية ونشر تراثها العريق عبر الأجيال».

وأشاد البابا بإصدار العملات التذكارية الخاصة بالمعهد، التي وافق عليها رئيس مجلس الوزراء، مؤكداً أنها تعكس تقدير الدولة لدور المعهد، وتسهم في ترسيخ قيمته التاريخية والثقافية لدى الجميع.

مؤكداً على «الثراء الحضاري الذي تمتلكه مصر، فالحضارة بها لا تقتصر على حضارة واحدة إنما هي طبقات من الحضارات المختلفة منها الفرعونية والقبطية والإسلامية والعربية والأفريقية والمتوسطية واليونانية الرومانية».

بينما لفت وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، إلى الدور الريادي لمعهد الدراسات القبطية، وجهوده المثمرة في تقديم قيم ثقافية وإنسانية رفيعة. وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

معهد الدراسات القبطية في مصر (صفحة المعهد على فيسبوك)

وتحدث وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي عن «التنوع الكبير في التخصصات والدراسات بالمعهد، وكونه لا يقتصر على الدارسات الدينية وما يتعلق بها فقط، حيث يضم 13 قسماً مختلفاً منهم القانون والثقافة والفن والتراث والمعمار والتوثيق الموسيقي وغيرها».

ولفت إلى التعاون بين الوزارة والمعهد في مجال التوثيق والتسجيل للتراث المادي وغير المادي، كما أن هناك تعاوناً مشتركاً في ملف الترميم والتوثيق الأثري لبعض المواقع الأثرية في مصر.

وأشار فتحي إلى مشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، موضحاً أن «هناك مواقع بهذا المسار جاهزة حالياً لاستقبال الزائرين والسائحين، وأعرب عن إعجابه بالعملات التذكارية التي يمكن الاستفادة منها في الترويج لمسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، خصوصاً في الأحداث والمعارض الدولية».

وعدّ الدكتور كمال فريد إسحق، أحد مدرسي معهد الدراسات القبطية في عقد الثمانينات «الاحتفال بمرور 70 سنة على معهد الدراسات القبطية يؤكد أهمية هذا المعهد في حفظ التراث القبطي عبر أقسامه المختلفة».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المعهد الذي درست فيه خلال ستينات القرن الماضي يضم فروعاً عدة من بينها فرع للغة القبطية وقسم للتاريخ وآخر للألحان والموسيقى وقسم للاهوت، وكل شخص يستطيع أن يدرس في الفرع الذي يهتم به».

وأضاف: «بعد أن درست الطب انجذبت لدراسة اللغة القبطية، وحصلت على دراسات في كلية الآداب بقسم اليوناني واللاتيني؛ لأن من يريد دراسة اللغة القبطية يجب أن يدرس اللغة اليونانية، لأن كثيراً من المخطوطات القبطية تمت ترجمتها عن اليونانية، ثم دخلت كلية الآثار قسم المصريات، لكن كانت البداية هي شغفي باللغة القبطية ومعرفة التاريخ القديم، وقمت بالتدريس في المعهد في الثمانينات»، ويرى إسحق أن «المعهد يحفظ التراث القبطي بوصفه جزءاً أصيلاً من التراث المصري والتاريخ المصري القديم، ويعد امتداداً طبيعياً للحضارة المصرية القديمة».

وأنشئ معهد الدراسات القبطية عام 1954، ويضم 3 أقسام رئيسية هي العلوم الإنسانية والتراث القبطي والعلوم الكنسية، تندرج تحت كل منها أفرع متنوعة.