سرَّب عامل الأمن السابق في السفارة البريطانية ببرلين، ديفيد سميث، ولأكثر من 3 سنوات (بين 2018 و2021)، معلومات حساسة إلى الروس، من بينها مبادلات سرية لرئيس الوزراء البريطاني آنذاك، بوريس جونسون، ورسائل عدد من الوزراء البريطانيين، من بينهم ليز تراس، مدفوعاً بكره لبلاده، وفقاً لتقرير نشرته أمس (الثلاثاء) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.
أفاد التقرير بأن ديفيد سميث، العضو السابق في سلاح الجو الملكي البريطاني، تصرَّف كما لو كان يكره بلاده. وصل استياء هذا العامل الأمني في السفارة البريطانية في برلين لدرجة أنه انتهى به الأمر إلى نقل معلومات سرية إلى روسيا. بعد الكشف عن القناع، واعتقاله، في أغسطس (آب) 2021، يُحاكم ديفيد سميث الآن في لندن، في سياق حرب باردة جديدة.
تسريبات عن وزراء بريطانيين
سرَّب سميث منذ عام 2018، ولأكثر من سنوات، معلومات لروسيا، بينها مبادلات «سرية» لرئيس الوزراء البريطاني آنذاك، بوريس جونسون. كما قام الجاسوس بمسح ضوئي أو تصوير رسائل من وزراء بريطانيين عدة، بما في ذلك ليز تراس، التي كانت تتولى وزارة التجارة (2019 - 2021) في حكومة جونسون، وألوك شارما، الذي كان يتولى حقيبة الأعمال. ووفقاً للمدعي العام، أرسل ديفيد سميث أيضاً مواد «شديدة الحساسية» حول السفارة البريطانية ببرلين إلى الجنرال سيرغي تشوكروف، الملحق العسكري في ذلك الحين بالسفارة الروسية في ألمانيا.
كشْف العميل
وفي تفاصيل كشْف العميل سميث، فإن «إيرينا»، العضو في الجهاز البريطاني لمكافحة التجسس (MI5)، هي التي أسقطت خائن السفارة؛ إذ تظاهرت أنها عضو جهاز المخابرات العسكرية الروسية لتتقرب من سميث. في 10 أغسطس 2021، تابعته إلى محطة القطار، وأقنعته بالانضمام إليها على مقعد في حديقة. هناك، شرحت له أن فرداً «نقل معلومات يمكن أن تضر بروسيا» إلى البريطانيين، وعرضت على سميث صوراً ليساعدها في التعرف عليه. في لقطات الكاميرا الخفية المعروضة في المحكمة، تسأل «إيرينا» سميث إذا كان بإمكانه مساعدتها. فيجيبها: «حسناً، أخبريني كيف؟».
نتيجة هذا الرد، تم القبض على الجاسوس في اليوم التالي من قِبَل الشرطة الألمانية. في وقت سابق، كان جاسوس آخر من الجهاز البريطاني لمكافحة التجسس قد اتصل بسميث ونصب له فخاً. وكان «دميتري» قد تظاهر بأنه مواطن روسي يريد مساعدة بريطانيا، من خلال إيصال معلومات عن بلاده إلى السفارة. مرة أخرى، تُظهر اللقطات المسجلة سراً سميث، وهو يصور لقطات من كاميرات المراقبة لـ«ديمتري» من مركز أمن السفارة، حتى يتمكن الروس من التعرف عليه.
ضبط منزل سميث
وعثر المحققون في منزل ديفيد سميث في بوتسدام، إلى جانب ملصقات لفلاديمير بوتين وعلم روسي، عن ناقل «يو إس بي» (USB) يحتوي على صور لأعضاء السفارة البريطانية في برلين، وجوازات سفرهم الدبلوماسية، مع عناوين منازلهم وأرقام هواتفهم. كما يحتوي الناقل على وثائق موقَّعة من قِبَل الدبلوماسي البريطاني المسؤول عن العلاقات مع روسيا، ومقاطع فيديو لأماكن حساسة في المستشارية.
وأشار التقرير إلى أن «الجاسوس... لم ينقل معلومات إلى موسكو من المحتمل أن تجعل المملكة المتحدة (بريطانيا) ترتجف. لكن الأمر، وفق المدعي العام، يتعلّق ﺑ(معلومات تجارية حساسة)».
وكانت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) ذكرت أنه تم إبلاغ محكمة «أولد بيلي» بأن البريطاني ديفيد بولانتين سميث (58 عاماً)، كان مدفوعاً بكراهية شديدة لبلاده، وبآراء موالية لروسيا، عندما أقدم على نقل أسرار لدولة أجنبية معادية.
ويُزعَم أنه تلقى مبالغ طائلة مقابل نقل معلومات حساسة من السفارة في برلين.
وكان سميث أقر بالذنب في 8 اتهامات، أغسطس (آب) العام الماضي، طبقاً لقانون الأسرار الرسمية، بارتكابه فِعلاً يضر بسلامة الدولة أو مصالحها، حسبما أفادت به «وكالة الأنباء الألمانية».
ووفق تقرير «لوفيغارو»، فإن ديفيد سميث معرَّض لمواجهة عقوبة قد تصل إلى 14 عاماً في السجن، وسيتم النطق بالحكم بحقه، يوم الجمعة المقبل.
معادٍ لبلاده... مؤيد لموسكو
وحسب «وكالة الأنباء الألمانية»، زعم المتهم أنه لم يقصد أن يسبب «ضرراً» لبريطانيا، وأنه أراد فقط أن يسبب «إزعاجاً وإحراجاً» للسفارة البريطانية.
كما زعم أنه لم يتقاضَ أموالاً، وأنه كان مدفوعاً بالظلم الواقع عليه من جانب مستخدميه، وأنه يعاني من مشكلات في الصحة العقلية.
لكن ممثلة الادعاء، أليسون مورغان، قالت إن المتهم لديه «آراء مفعمة بالعداء الشديد للمملكة المتحدة (بريطانيا)، وإنه يؤيد روسيا والرئيس فلاديمير بوتين».