الأردن: وفاة الداعية الإسلامي عبد المنعم أبو زنط

انتخب 3 مرات نائبًا في مجلس النواب الأردني

الداعية عبد المنعم أبو زنط
الداعية عبد المنعم أبو زنط
TT

الأردن: وفاة الداعية الإسلامي عبد المنعم أبو زنط

الداعية عبد المنعم أبو زنط
الداعية عبد المنعم أبو زنط

شيع في العاصمة الأردنية، أمس الأحد، جثمان الداعية الإسلامي البارز وعضو مجلس النواب الأردني الأسبق الشيخ عبد المنعم أبو زنط حيث أقيمت صلاة الميت على جثمانه في مسجد حي نزال الكبير ووري الثرى بمقبرة الشهداء / أم الحيران جنوب عمان. وقد نعى رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة النائب الأسبق أبو زنط واستذكر مسيرته ومناقبه ومسيرته الخيرة طيلة سنين عمره خلال مشاركته بثلاثة مجالس نيابية والذي كان خلالها مثالا في الإخلاص والوفاء لوطنه ومليكه وأمته مثلما كان قدوة في العطاء والبذل الموصولين.
والشيخ عبد المنعم بن رأفت بن محمد بن مطيع بن عبد الرزاق أبو زنط، ينحدر نسبه من عائلة نابلسية تعتبر من أكبر العائلات في مدينة نابلس الفلسطينية ولها امتداد في مدينة طولكرم.
ولد في مدينة نابلس الفلسطينية عام 1937، ونشأ في أسرة متديّنة توقّر الدين وتكريّم العلماء، تأثر في طفولته بمشاهد الاحتلال حيث احتلت فلسطين عام 1948 وهو فتى صغير لا يتجاوز الحادية عشرة من العمر، فعاش القضيّة الفلسطينيّة لاجئًا مكافحًا، وجنديًّا شجاعًا في خدمة الإسلام والمسلمين. واعتلى المنابر خطيبا مفوها منذ السادسة عشرة من عمره وجاب مدن فلسطين وقراها محاضرا وخطيبا ومحذرا من الاحتلال الصهيوني، حتى التحق بصفوف الإخوان المسلمين شابا يافعا منذ بداية عام 1952.
ويعتبر الشيخ أبو زنط من كبار علماء بلاد الشام، وهو داعية إسلامي بارز، وكان عضوا في مجلس النوّاب الأردني عدّة مرات، وعضو المؤتمر الإسلامي الشعبي في بغداد، وأحد قياديي جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ومن الأعضاء المؤسّسين لحزب جبهة العمل الإسلامي الذي انبثق عن الجماعة في الأردن.
في نكسة عام 1967 عاد الشيخ أبو زنط إلى الأردن بعد استكمال دراسته، وحاول الوصول إلى مسقط رأسه في نابلس ولم يجد سبيلا لذلك حتى اضطر لدخول فلسطين المحتلة متسللا عبر نهر الأردن فقطع النهر مشيا على الأقدام واجتاز حقلا من الألغام حتى وصل إلى مشارف مدينة نابلس، فلاحقته دورية عسكرية صهيونية وكادت تطلق النار عليه حتى ألقت القبض عليه حيًا وتم اعتقاله في سجن نابلس. وقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإبعاده إلى الأردن، فتم وضعه على جسر الملك حسين دون أي أوراق أو إثباتات أو مال، فانتقل إلى عمان ونزل في مقر الإخوان المسلمين في وسط البلد، حتى استضافته عائلة الكيلاني سليلة الإمام عبد القادر الجيلاني فتزوج منهم ابنة قاضي السلط الشيخ عبد الله بن فهيم زيد الكيلاني.
وفي عام 1981 عاد الشيخ عبد المنعم أبو زنط للأردن واستقر فيها وبرز كرمز من رموز المعارضة وقياديا في جماعة الإخوان المسلمين، تعرض لاعتقالات متلاحقة ونُفي لمدينة معان.
تمتع بشعبيّة كبيرة بين مواطنيه فحملوه في الدائرة الثانية بالعاصمة الأردنيّة إلى مجلس النوّاب ممثّلاً عنهم ثلاث مرّات منذ عام 1989 حتى عام 2007، فحصد أعلى الأصوات من حيث النسب عام 1989 ثم حصل على أعلى الأصوات مطلقا في برلمان عام 1993.
وتعاقد الشيخ أبو زنط مع المملكة العربية السعودية عام 1967 وعمل كمدرس في ثانوية الشاطئ في جدة ثم عمل كمحاضر في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة برفقة العلامة عبد العزيز ابن باز، وأقام الشيخ في المدينة المنورة لمدة عامين عقد خلالها المحاضرات والدروس الدينية. وكان ممن تتلمذ على يدي الشيخ أبو زنط في هذه الفترة الشيخ أحمد هليل الذي أصبح فيما بعد قاضي القضاة وإمام الحضرة الهاشمية.
وكان الشيخ أبو زنط خطيبًا مفوّهًا من الطراز الأول، يجذب قلوب المستمعين بفصاحة لسانه، وجمال منطقه، وعذب كلماته، ويشدّهم إليه دون كلل أو ملل، بسبب مصداقيّته وإخلاصه لقضيّته وجرأته في الحق، وقدرته على استدعاء الشواهد الدينيّة والأدبيّة والتاريخيّة في كل مناسبة، واستخدامه الحكم والأمثال في خطابه الديني والسياسي.
له أكثر من ألف محاضرة وخطبة وسلسلة «تأمّلات في سورة الأنفال» تضم 29 محاضرة إلى جانب سلسلة «التميّز الإسلامي فكرًا وعقيدة ومنهاج حياة» وهو عبارة عن 33 محاضرة.
وله مئات المقالات والمقابلات المنشورة في الصحف المحليّة، والمجلاّت الإسلاميّة علاوة على 500 حلقة في تفسير القرآن الكريم تم إنتاجها وبثها التلفزيون الأردني.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».