ليلى خالد: السوفيات زودونا قطعاً لتطوير قنبلة تجتاز المطارات

«خاطفة الطائرتين» روت لـ«الشرق الأوسط» قصة رابين ومتفجرة «الموساد»... وولادة فكرة «مطار الثورة»

طائرة من ثلاث طائرات اختطفت وأجبرت على الهبوط خارج العاصمة الأردنية عمان وفجرت لاحقاً من قبل ميليشيات فلسطينية في سبتمبر (أيلول) 1970 (غيتي)
طائرة من ثلاث طائرات اختطفت وأجبرت على الهبوط خارج العاصمة الأردنية عمان وفجرت لاحقاً من قبل ميليشيات فلسطينية في سبتمبر (أيلول) 1970 (غيتي)
TT

ليلى خالد: السوفيات زودونا قطعاً لتطوير قنبلة تجتاز المطارات

طائرة من ثلاث طائرات اختطفت وأجبرت على الهبوط خارج العاصمة الأردنية عمان وفجرت لاحقاً من قبل ميليشيات فلسطينية في سبتمبر (أيلول) 1970 (غيتي)
طائرة من ثلاث طائرات اختطفت وأجبرت على الهبوط خارج العاصمة الأردنية عمان وفجرت لاحقاً من قبل ميليشيات فلسطينية في سبتمبر (أيلول) 1970 (غيتي)

الحلقة الثانية والأخيرة

تقترب ليلى خالد من الثمانين. أمضت عمرها تطارد حلماً لم يتحقق. لا تتنازل عنه ولا تشعر بالأسف أو الندم. على مقاعد الدراسة الثانوية انضمت إلى «حركة القوميين العرب»، وانتسبت لاحقاً إلى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» لترتقي في هيئاتها القيادية. عاشت مع الأخطار يوم انضمت إلى حلقة «المجال الخارجي» بقيادة وديع حداد.
شغلني على مدى سنوات سؤال صعب: هل كان هناك خيط ما يربط بين «المجال الخارجي» وإمبراطورية الاستخبارات السوفياتية «كي جي بي» التي أدارها طويلاً حارس الأسرار يوري أندروبوف قبل أن يتسلم عرش الكرملين؟
ستقدم ليلى جواباً. وها هي تقول: «فتح وديع قناة اتصال مع السوفيات عبر الملحق العسكري في بيروت. في مرحلة كنا نقوم بتصنيع قنابل يمكنها اجتياز بوابات المطارات مهما كانت تقنياتها عالية. قمنا بتجريب بعضها وهو ما أثار مفاجأة لدى البريطانيين. اكتشفنا ذات يوم أننا نحتاج نابضاً لتطوير القنبلة. لم نكن في السابق نثق بأي سفارة، وكنا نحل المشاكل عبر أصدقاء وديع من أطباء مستشفى الجامعة الأميركية. هذه المرة لم نستطع حل المشكلة عبر هؤلاء».

وتضيف: «كان من الصعب أن نتوجه إلى السفارة السوفياتية، أو نرتب لقاء في مكان آخر. كانت أجهزة الأمن الغربية تتابعنا. كان الحل أن نتمشى على كورنيش البحر مع الملحق العسكري السوفياتي، وكأننا مجرد متنزهين. شرحنا للملحق الذي نقل الطلب إلى قيادته وبعدها ذهبنا إلى موسكو وحصلنا على ما طلبناه. لم أشارك في كل الزيارات لكن ذهبت مع وديع إلى موسكو». سألتها عن اجتماع قيل إنه عقد في غابة قرب موسكو بين وديع وأندروبوف، فأجابت أنها لم تشارك في ذلك اللقاء.

ليلى خالد مع مجموعة من الفلسطينيات أثناء حضورهن اجتماعاً للمجلس الوطني الفلسطيني في فبراير (شباط) 1983 بالجزائر (غيتي)

لقاء الغابة بين حداد وأندروبوف

لقاء الغابة حصل فعلاً. استضيف وديع في قصر وسط غابة، وجرت بينه وبين الوفد السوفياتي لقاءات تناولت مسائل سياسية وعسكرية وفنية وتوجت بلقاء مع «رئيس الجهاز» أندروبوف. لم يكن النقاش سهلاً فقد كان الموضوع المطروح هو ما سمي في تلك الفترة بـ«الإرهاب». وظهر خلال النقاشات تباين واضح حول حل الدولتين؛ إذ شدد وديع على أن «بلادنا واحدة لا تتجزأ، ولم نفكر يوماً في قيام دولتين... ولو عرضت علينا فلسطين كاملة مع القدس باستثناء حيفا فلن نقبل».
بعد ذلك سُئل وديع إن كانت لديه مطالب معينة. فرد قائلاً: «أعددت قائمة قبل مجيئي. لست طامعاً لكنني محتاج ونريد القائمة كاملة أو فلنصرف النظر عنها. سلم القائمة، وبالفعل قدم السوفيات كل ما طلب. بعض الأسلحة. رشاشات ومسدسات خاصة. ذخائر خاصة. بعض التقنيات وموقتات».
تقول خالد: «بعد فترة تم الاتصال بنا في عدن، وذهبنا إلى مسافة نحو ستة كيلومترات من الشاطئ، وتسلمنا كل الأسلحة التي طلبها وديع». لم تحصل تتمة للقاء الغابة وظلت العلاقات عادية، لكن «خلال تشييع وديع جاء دبلوماسي سوفياتي ليسأل عن البديل، فقلنا له الآن ليس وقت البحث، ولم تقم علاقات فعلية بعد ذلك».

ليلى خالد بعد عودتها إلى الأردن عقب تنفيذ اختطاف طائرة أميركية في دمشق (غيبتي)

خاطفة الطائرتين

كنت تلميذاً في مدينة صيدا في جنوب لبنان حين تناقلت الإذاعات ووكالات الأنباء نبأ عاجلاً مفاده أن شابة فلسطينية تطلق على نفسها اسم «شادية أبو غزالة» (على اسم أول مقاتلة تسقط من «الجبهة الشعبية») خطفت طائرة إسرائيلية وجالت بها فوق حيفا قبل أن تنتهي الرحلة في مطار دمشق. وكان الخبر مثيراً في صورة استثنائية. لم يكن شائعاً في الشرق الأوسط أو العالم أن تقدم امرأة على خطف طائرة. ثم إن الشابة فلسطينية نزحت عائلتها إلى لبنان في 1948. ضاعف من الإثارة أن «شادية» تخرجت في إحدى ثانويات صيدا قبل أن تلتحق بـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» وتعمل لاحقاً في «المجال الخارجي» الذي يقوده حداد. ولم يخطر ببالي في تلك الأيام أنني سأقصد بعد عقود شقة في عمان لأستمع إلى «شادية» الجديدة، وهي ليلى خالد «خاطفة الطائرتين»، تروي لـ«الشرق الأوسط» ما جرى في تلك الأيام.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1625071738718457856
كان وديع حداد الذي درس الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مع رفيقه جورج حبش يحلم بالعودة إلى فلسطين. هاله أن يعتاد العالم على رؤية الفلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال، أو موزعين في مخيمات الانتظار في الأردن وسوريا ولبنان. كان يدرك قوة إسرائيل وعمق علاقاتها الغربية. خاف أن تسقط فلسطين من حساب العالم. فكر في أجدى الطرق لإعادة جذب الانتباه إلى ما يعيشه الشعب الفلسطيني، وهكذا ولدت فكرة خطف الطائرات؛ لتذكير العالم، ولإطلاق الأسرى في السجون الإسرائيلية. وتشدد ليلى على أن حداد كان مدركاً حساسية الموضوع بالنسبة إلى الرأي العام الدولي، لذلك كان يشدد على المنفذين بعدم إيذاء الركاب وعدم التصدي إلا لمن يطلق النار.
حادثتان سبقتا عملية الخطف التي شاركت فيها ليلى؛ الأولى قيام شابين هما يوسف رجب وأبو حسين غوش بخطف طائرة تابعة لشركة «العال» الإسرائيلية إلى الجزائر. «ولأن المفاوضات لم تكن تدور إلا بين الدول انتهت العملية بمجرد وعود». الثانية حين نفذ فريق من أربعة أشخاص، بينهم أمينة دحبور، هجوماً على طائرة إسرائيلية قبل إقلاعها من زيوريخ في سويسرا. سلّم المنفذون أنفسهم لكن رجل أمن كان على متن الطائرة ترجل وقتل بمسدسه أمام الشرطة السويسرية أحد المنفذين، وهو عبد المحسن حسن.

خطف الطائرة و«الصيد الثمين»

في صيف 1969 كانت ليلى سعيدة ومتحمسة. اختيارها لتنفيذ عملية مدوية وغير مسبوقة دليل على ثقة القيادة بولائها وقدراتها. تلقت تدريباً في الأردن على يد آمر قاعدة «الجبهة» سليم عيساوي، والذي سيكون شريكها في الرحلة الخطرة. أبلغهما وديع بالخطة. كان الغرض خطف طائرة «تي دبليو إيه» التي تعمل على خط لوس أنجليس - تل أبيب؛ بغرض مبادلة الأسرى الفلسطينيين بالركاب في إسرائيل. وقيل إن الطائرة ستقلّ أيضاً شخصية إسرائيلية مهمة سيجبر خطفها إسرائيل على التفاوض. حاولت ليلى أن تعرف من حداد هوية الشخصية المهمة، لكنه رد كالعادة أن «المعرفة على قدر الحاجة». وستعرف لاحقاً أن الشخصية المهمة كانت الجنرال إسحق رابين، رئيس الوزراء لاحقاً، والذي غيّر برنامجه قبل إقلاع الرحلة فحرم المنفذين من «صيد ثمين». وكانت المعلومة عن وجود رابين جاءت من جهاز أمن منفصل تابع لـ«الجبهة الشعبية».
على مدى أربعة أشهر تابعت ليلى تدريبات صارمة. معلومات عن عمل الطائرات والخرائط والإحداثيات، وعن أسلوب التصرف إذا دخلت الطائرة في مطبات هوائية. كان برنامج رحلة الطائرة الأميركية يتضمن التوقف في محطتين أوروبيتين هما روما وأثينا قبل التوجه إلى تل أبيب. غادرت خالد مع عيساوي من بيروت، وحجزا من روما إلى أثينا.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1625083062861148162
كان ذلك في 29 أغسطس (آب) 1969. جلست ليلى مع عيساوي في مقاعد الدرجة الأولى. ووفقاً للخطة بعد نصف ساعة من الإقلاع وارتفاع الطائرة إلى علو 35 ألف قدم، أخرجا سلاحيهما وطالبا ركاب الدرجة الأولى بالذهاب إلى مقاعد الدرجة السياحية. وبعد مطالبة جميع الركاب برفع أيديهم، اقتحم عيساوي وليلى مقر القيادة، «وقلت للطيار: أنا الكابتن شادية أبو غزالة من وحدة تشي غيفارا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وشادية هي أول شهيدة للجبهة. أبلغته أنني سأتولى القيادة، وانتزعت منه السماعات والميكروفون. لاحظ أنني نزعت أمان القنبلة التي كانت في يدي فراح يطالبني لاحقاً أن أريح يدي؛ كي لا تنفجر القنبلة التي لم يعد ممكناً إعادتها إلى وضعها السابق. شرحت للطيار ومساعديه أننا لم نأت لنقتل أو نفجر، وأننا نريد مطالبنا المحقة، وطالبت بتغيير كود الطائرة بحيث يصبح: الجبهة الشعبية... فلسطين حرة عربية. قلت إننا لن نرد على أي اتصال لا يستخدم هذا الكود. طلبت من الطيار أن يتوجه مباشرة إلى تل أبيب من دون التوقف في أثينا».
وأضافت: «لم نكن نريد الهبوط في تل أبيب. كنا نريد فقط، وبغرض التذكير بقضيتنا، أن نحلق فوق أرض فلسطين. قلنا إننا ننوي التوجه إلى سوريا. سمعت برجي المراقبة في دمشق وبيروت يتبادلان الاتصالات. قال السوري: لوين رايحة هاي؟ فأجابه اللبناني: مش لعنا (لعندنا) رايحة لعندكن. مطار دمشق كان جديداً ولا يعمل بشكل كامل، وهذه كانت أول طائرة أميركية تهبط فيه. وديع لم يطلع السلطات السورية مسبقاً؛ إذ لم يكن يثق بالأنظمة. ووفقاً للخطة هبطت الطائرة في دمشق، وسلمنا أنفسنا للسلطات، وشرحنا لماذا قمنا بعملنا. اندفع ركاب الطائرة وعددهم 122 نحو مبنى المطار إلا مجموعة ركضت في اتجاه السياج فقلت للشرطي قد يكونون إسرائيليين وهذا ما تبين. سألني ضابط سوري: لماذا جئتم عندنا؟ فقلت له مستغربة: جئت إلى سوريا، وليس إلى إسرائيل، فغضب. لكن الأمور مشت وفق الخطة. تولى الصليب الأحمر عملية التفاوض، وتم الإفراج عن 23 أسيراً فلسطينياً وعربياً، وعن طيارين سوريين كانوا أسروا في حرب 1967».

الناشطة ليلى خالد تحمل خريطة فلسطين عقب إلقائها خطاباً للجماهير في مدينة سويتو بجنوب أفريقيا عام 2015 (غيتي)
 

«سالم» و«مريم» و«مجاهد»

بعد العمليات الأولى لخطف الطائرات، تصاعدت جاذبية «الجبهة الشعبية» ووديع حداد. تقاطرت إلى الشرق الأوسط مجموعات معادية للغرب، وأفراد يبحثون عن فرصة للاشتباك مع من كانوا يعتبرونه عدواً. سيرتبط اسم «المجال الخارجي» لاحقاً بمجموعات من جنسيات مختلفة استُقبلت خصوصاً في الأردن، حيث كانت الفصائل الفلسطينية تقيم معسكرات من دون أن يتمكن الجيش الأردني من منعها؛ تفادياً لاشتباك تم تأجيله ثم وقع. كانت العلاقة مع هذه المجموعات تبدأ ببلورة الأرضية السياسية، وحين تتأكد صلابتها يبدأ التعاون وفق برنامج محدد. تبادل معلومات وتوفير وثائق وأسلحة وتسهيلات وتدريبات، وأحياناً مشاركة مباشرة في العمليات.
سمى الغرب الشبكة التي أنشأها وديع «إمبراطورية الإرهاب»؛ بسبب تعدد جنسيات المشاركين فيها. تحول «المجال الخارجي» نقطة جذب ومعهد تدريب وتخطيط تخرج فيه مَن هزّوا العالم بعنف. «سالم» الفنزويلي الذي لم يكن غير كارلوس الشهير، و«مريم» اليابانية التي لم تكن غير نوريكو شيغينوبو زعيمة «الجيش الأحمر»، و«مجاهد» الأرميني الذي لم يكن غير آغوب أغوبيان زعيم «الجيش السري لتحرير أرمينيا». وحين غاب وديع لاحقاً سقط تلامذته بالرصاص أو وقعوا في السجون. ربما بسبب غياب الخيط الناظم والمظلة، وربما لأنهم ارتكبوا خطأ نسج علاقات مع دول وأجهزة، هذا فضلاً عن النجومية، وهي قاتلة في هذا العالم الذي يجب أن يبقى محاطاً بالأسرار.
في 1970 كان الأردن يغلي. بدا التعايش بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية هشاً ومهدداً. كان التعايش بين سلطتين على أرض واحدة غريباً، وبدت اتفاقات وقف النار أشبه بالمهدئات في انتظار موعد الحسم، خصوصاً بعد تكرار الحوادث بين المسلحين الفلسطينيين والجيش الأردني. ذهبت بعض منظمات اليسار الفلسطيني بعيداً وطالبت بإسقاط النظام الأردني، فارتفعت درجة الغليان.
في يوليو (تموز) 1970، حاول «الموساد» اغتيال حداد في بيروت بقصف غرفة نومه، لكن انشغاله بحديث مع ليلى خالد في غرفة أخرى أنقذ الاثنين. ستنتقل المداولات من شقة وديع إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت حيث كانت تعالج زوجة وديع وابنهما هاني. في المستشفى أحضرت ليلى كتاباً عن حركة الطيران في العالم، وراحت تفتش عن خطوط شركة «العال» الإسرائيلية. لاحظت تزامناً في بعض الرحلات التي تنطلق من تل أبيب وتعود إليها. تقول إنها طرحت على وديع فكرة عملية جديدة؛ رداً على محاولة الاغتيال، فوافق وطلب منها المتابعة وإحضار رفيقات للتدرب على خطف الطائرات.

يوم الطائرات المخطوفة

في تلك المرحلة، أرسل وديع ليلى إلى عشاء بحضور أشخاص لا تعرفهم. جاء أحد الضيوف متأخراً، وقال إنه عاد من رحلة لصيد الحجل في الأردن، ووجد مكاناً يشبه المطار كان البريطانيون يستخدمونه للتدريبات. استمعت بإصغاء وسألت عن مساحة الموقع، وما إذا كانت تربته صلبة.
تتذكر ليلى خالد تلك الليلة بوضوح: «انتظرت بفارغ الصبر نهاية العشاء لأنقل ما سمعته. وهكذا تقرر أن أذهب لاستكشاف المكان. ذهبت وتولى شخص إيصالي إلى المكان، وكان معي رفيق من الرعيل الأول في حركة القوميين العرب. نزلت في المكان وصرت أركض لأختبر صلابة الأرض. سألني الرفيق عن سبب اهتمامي فأجبته أن الغرض هو العثور على مكان للتدريب».
قضت الخطة بخطف ثلاث طائرات دفعة واحدة واقتيادها إلى ما أطلق عليه «مطار الثورة» في الموقع الأردني، ثم «التفاوض على تحرير أسرى في سجون العدو وعدد من المعتقلين في أوروبا من رفاقنا وأسماء أخرى. وكان لا بد من البحث في التقنيات والحماية وموعد الوصول؛ لأن الرؤية تضعف بعد غروب الشمس».

يوم السادس من سبتمبر (أيلول) 1970 كان يوم الطائرات المخطوفة في العالم، واتجهت الأنظار إلى «مطار الثورة». محاولة خطف «العال» أحبطت في الجو. طائرتا الخطوط السويسرية والأميركية فُجرتا في المطار، ومعهما طائرة تابعة للخطوط البريطانية خطفها شاب فلسطيني من البحرين بمبادرة منه، أما الطائرة الأميركية الأخرى ففُجرت في مطار القاهرة.
لم يسعف الحظ ليلى هذه المرة. كان يفترض أن يصعد فريق من أربعة أشخاص إلى طائرة «العال» في أمستردام، لكن اثنين منهم لم يتمكنا من تأمين الحجز. صعدت إلى الطائرة مع رفيقها باتريك أورغويلو وكان الهبوط في لندن بعد فشل محاولة الخطف؛ إذ قُتل باتريك على يد رجل أمن كان على الطائرة، وألقت ليلى قنبلة لكنها لم تنفجر. اعتُقلت في بريطانيا وخضعت لتحقيقات لكن السلطات البريطانية اضطرت إلى إطلاقها بعد أسابيع في صفقة تبادل.

«الموساد» تحت السرير

سألتها إن كاد «الموساد» يصل إليها ذات يوم فأجابت: «نعم. في بيروت. زرعوا عبوة تحت سريري. كانت إجراءات الأمن تقضي أن نبدل أماكن إقامتنا باستمرار. كنت أدرب فتيات خارج العاصمة اللبنانية، أي في الجنوب أو البقاع. وكنت أعود منهكة إلى مقر الإقامة المؤقت، وهو غالباً شقة مفروشة، وأرتمي سريعاً على السرير لأنني في الغالب كنت أتوقع أن يرسل وديع في طلبي؛ لأنه كان يعتبر أنه ليس من حقنا أن نشعر بالتعب».
عادت ليلى ذات يوم إلى شقة في محلة كراكاس، وبالصدفة شاهدت صندوقاً أسود مغلقاً تحت السرير. «لم أكن متأكدة ما إذا كان جديداً، لكن الشكوك ساورتني. غادرت فوراً إلى مكتب الجبهة ففوجئوا بوصولي بعد منتصف الليل. وبالفعل جاء خبير المتفجرات، رحمه الله، فاكتشف أن الصندوق يحوي عشرة كيلوغرامات من المتفجرات».
استمعنا، زميلي محمد خير الرواشدة وأنا، إلى الحديث الطويل الممتع والذي سنكتفي منه بهذا المقدار.

(الحلقة الأولى) ليلى خالد: رفيق الحريري نقل أسلحة وديع حداد إلى أوروبا


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

شؤون إقليمية إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

أكدت مصادر أردنية، اليوم (الأحد)، اعتقال نائب حالي في إسرائيل بتهمة تهريب كميات كبيرة من السلاح والذهب بسيارته التي تحمل رقم مجلس النواب ورخصته، إلى الداخل الفلسطيني عبر الحدود، وسط تقديرات رسمية بأن تأخذ القصة أبعاداً سياسية. وفيما تحفظت المصادر عن نشر اسم النائب الأردني، إلا أنها أكدت صحة المعلومات المتداولة عن ضبط كميات من السلاح والذهب في سيارته التي كانت تتوجه إلى فلسطين عبر جسر اللنبي، وسط مخاوف من استغلال الجانب الإسرائيلي للقصة قضائياً، في وقت تشهد فيه العلاقات الأردنية الإسرائيلية توتراً أمام التصعيد الإسرائيلي، والانتهاكات المستمرة من قبل متطرفين للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي ولي العهد السعودي يلتقي العاهل الأردني

ولي العهد السعودي يلتقي العاهل الأردني

التقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اليوم في جدة، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، على مائدة السحور. وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، كما تم بحث عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
المشرق العربي الصفدي رداً على مداخلات نيابية: الأردن وحده لن يقلب المعادلات الدولية

الصفدي رداً على مداخلات نيابية: الأردن وحده لن يقلب المعادلات الدولية

قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، إن الدبلوماسية الأردنية تُدرك حجم الخطر المُتمثل فيما تقوم به إسرائيل من إجراءات واعتداءات وانتهاكات، ليس فقط فيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك، لكن أيضاً فيما يتعلق بكل الأراضي الفلسطينية، وإنه لولا الأوقاف الأردنية، لقوضت إسرائيل هوية المقدسات الإسلامية والمسيحية، مشددا على أن تحقيق السلام العادل والشامل، لن يتحقق، إلا إذا تحررت القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المُستقلة على التراب الوطني الفلسطيني بخطوط عام 1967. وأضاف الصفدي خلال جلسة برلمانية رقابية، الأربعاء، أن الدبلوماسية الأردنية تعمل ليس فقط ردة فعل على الإجراءات الإسرائي

المشرق العربي اجتماع طارئ لـ«الجامعة العربية» اليوم لبحث الاقتحام الإسرائيلي للأقصى

اجتماع طارئ لـ«الجامعة العربية» اليوم لبحث «اقتحام الأقصى»

قالت الجامعة العربية إنها ستعقد اجتماعا طارئا بعد ظهر اليوم (الأربعاء)، لبحث مداهمة الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ودعا الأردن لعقد الاجتماع بالتنسيق مع مسؤولين مصريين وفلسطينيين. ونددت الجامعة العربية في وقت سابق بالمداهمة التي تمت قبل الفجر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي ولي عهد الأردن يصل إلى جدة

ولي عهد الأردن يصل إلى جدة

وصل الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي عهد الأردن، إلى جدة اليوم (الأحد). وكان في استقباله في مطار الملك عبد العزيز الدولي، الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة، وأمين محافظة جدة صالح التركي، ومدير شرطة منطقة مكة المكرمة اللواء صالح الجابري، وقنصل عام مملكة الأردن بجدة جعفر محمد جعفر، ومدير المراسم الملكية بمنطقة مكة المكرمة أحمد بن ظافر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)

شدَّدت وزارة الداخلية السورية إجراءات تسجيل عقود الإيجار، ومنحت الوحدات الشرطية صلاحية إخلاء العقارات السكنية في حال شغلها شخص مُلاحَق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام. جاء ذلك في ظل تنامي المخاوف لدى السوريين من تأجير المنازل لعائلات أو أشخاص مرتبطين بـ«حزب الله» وإيران، بعد تزايد الاستهدافات الإسرائيلية عناصر «حزب الله» والإيرانيين داخل سوريا.

مع دخول أكثر من عشرة آلاف و600 شخص من لبنان إلى سوريا منذ بدء التصعيد الإسرائيلي زاد الطلب على العقارات وارتفعت أسعار الإيجارات مقارنة بالعام الماضي الذي كان سجل بدوره ارتفاعاً قياسياً تزيد نسبته على 300 في المائة نتيجة التضخم، وهبوط قيمة العملة المحلية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الـ14 ألفاً و650 ليرة سورية.

وقال صاحب مكتب عقاري وسط دمشق لـ«الشرق الأوسط» إنه مع بداية التصعيد وبدء توافد اللبنانيين إلى سوريا زاد العرض طمعاً برفع الأسعار باعتبار القادمين سيدفعون بالدولار. وتجاوزت أسعار المنازل في الأحياء الراقية مثل المزة وتنظيم كفرسوسة عشرة ملايين ليرة، أي ما يقارب 700 دولار ومنها وصل إلى 1000 دولار، وفي الأرياف تراوح بين 80 و300 دولار بحسب مواصفات العقار، لكن بعد الضربات الإسرائيلية تراجع العرض وراح الناس يخشون على أرواحهم وممتلكاتهم، وفق ما قاله صاحب المكتب العقاري.

سوريون يعاينون الأضرار في حي المزة التي سببها تفجير 14 الحالي (الشرق الأوسط)

الإيرانيون رفعوا الإيجارات

ساهم الوجود الإيراني في سوريا خلال سنوات الحرب في رفع أسعار العقارات سواء في الأحياء الحديثة كحي المزة وتنظيم كفرسوسة وفي الضواحي كيعفور والصبورة والديماس التي يسكنها الأثرياء والمسؤولون الحكوميون، ويسهل ضبطها أمنياً، أو في المناطق الشعبية كحيي الأمين والجورة في دمشق القديمة ومنطقة السيدة زينب وطريق المطار بريف دمشق، حيث يتركز عناصر الميليشيات التابعة لإيران وعائلاتهم.

وسعت إيران بشتى الوسائل إلى شراء أكبر عدد ممكن من المنازل والعقارات في تلك المناطق، بما يتيح للقياديين والعناصر التابعين لها التنقل بشكل مستمر وتبديل المواقع، وهي إجراءات أمنية لتجنب الاستهداف الإسرائيلي.

وجاء التغلغل الإيراني في قطاع العقارات بسوريا في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السورية تصادر ممتلكات المعارضين، وتتشدد في إجراءات بيع وتأجير العقارات للسوريين أنفسهم، لا سيما النازحين داخلياً ممن فقدوا منازلهم في المناطق الساخنة، حيث تم فرض الحصول على موافقة أمنية شرطاً مسبقاً لإتمام العقود، وذلك لغاية عام 2019.

أضرار في مبانٍ سكنية سببها التفجير في حي المزة (الشرق الأوسط)

صلاحيات واسعة للشرطة

بحسب ما أفادت مصادر محلية في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، فقد عادت وزارة الداخلية إلى تشديد إجراءات تنظيم عقود الإيجار بعد نحو خمس سنوات من إلغاء شرط الموافقة الأمنية، وذلك بعد انتشار ظاهرة قيام عناصر من ميليشيات محلية تابعة لإيران أو عناصر أمن ممارسة ضغوط على أصحاب العقارات لتأجيرها للإيرانيين أو لعناصر من «حزب الله» والميليشيات، بلا تنسيق مع السلطات المحلية. ويضاف إلى ذلك التحايل بتسجيل حالات استئجار لإيرانيين عبر وسطاء سوريين يسجلون العقود بأسمائهم، ليشغلها فعلياً إيرانيون، أو عناصر من جنسيات أخرى، وعند كشف التحايل يصعب فض العقد وإخلاء المنزل.

وبحسب قرار تعديل إجراءات عقود الإيجار بات على من يؤجر عقاراً للسكن، أو لمزاولة أي مهنة علمية، أو فكرية، أو تجارية، أو صناعية، أو سواها تسجيل عقد الإيجار في مركز خدمة المواطن المخول تسجيل عقود الإيجار أو الوحدات الإدارية التي تبلّغ بدورها مركز الشرطة في المنطقة التي يقع فيها العقار المؤجر. وكذلك على المالك والمستأجر ملء استمارة إعلام لمراكز الشرطة في المنطقة.

ويتولى كل مركز من مراكز الشرطة المختصة تدقيق وضع المستأجر، وفي حال تبين أنه «ملاحق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام»، تُتخذ بحقه الإجراءات القانونية من توقيف ووضع تحت المراقبة... إلخ.

كذلك، تكلف الوحدات الشرطية المختصة بتلقي الإخبارات الواردة بوجود شخص في عقار بلا صفة قانونية في الإشغال فتقوم عندها الوحدة الشرطية بالانتقال إلى موقع العقار المذكور، وتتحقق من صحة الإخبار الوارد، وفي حال ثبوت الواقعة يتم تنظيم الضبط اللازم واستكمال إجراءاته الشكلية والموضوعية، ومنها استدعاء المالك أو المؤجر وتقوم الوحدة الشرطية منظمة الضبط بتكليف الشاغل تصحيح وضعه القانوني أو الإخلاء خلال 30 يوماً.

ورأت المصادر في تكليف الوحدات الشرطية المختصة تلقي الإخبارات منح فرصة للجوار بممارسة الرقابة على العقارات المؤجرة في الحي أو البناء، وإذا كان البلاغ صحيحاً يمكن للشرطة إخلاء المنزل، دون الحاجة إلى العودة للقضاء.