تقنية «كريسبر» للتعديل الجيني في عامها العاشر

ثورة في علاج الأمراض الوراثية والسرطان

تقنية «كريسبر» للتعديل الجيني في عامها العاشر
TT

تقنية «كريسبر» للتعديل الجيني في عامها العاشر

تقنية «كريسبر» للتعديل الجيني في عامها العاشر

تحتاج الابتكارات الطبية عادةً إلى مرور 17 عاماً من نشأتها حتّى تسجيل أوّل فائدة لها لتصبح موجودة حقاً. ولكن في بعض الأحيان، تكون الفكرة قويّة وعميقة جداً بحيث نشعر بتأثيراتها بسرعة أكبر.
تنطبق هذه الحالة على تقنية «كريسبر» للتعديل الجيني التي تحتفل بعيدها العاشر هذا الشهر. حتّى اليوم، طالت تأثيرات هذه التقنية علوم المختبر، وأسهمت في تحسين الدقّة وتسريع البحث، ولعبت دوراً محورياً في تجارب عيادية لمجموعة من الأمراض النّادرة والسرطانات.
ويتوقّع العلماء أن تؤسّس تقنية «كريسبر» في السنوات العشر المقبلة لعدّة علاجات وأن تُستخدم في تعديل المحاصيل الزراعية لجعلها أكثر إنتاجية ومقاومة للأمراض والتغيّر المناخي.
«إنّها ثورة في طور التقدّم»، كما وصفها د.إريك توبول، طبيب قلب ومؤسس ومدير معهد «سكريبس ريسرتش ترانزليشونال إنستيتيوت». من جهته، يرى براد رينجيسن، المدير التنفيذي لمعهد «إنوفيتف جينوميكس» التابع لجامعة كاليفورنيا، بيركلي، أنّ بروز «كريسبر» أمر «لم يشهد مثيلاً أو نظيراً» في ميدان العلوم، وأنّه «غيّر الطريقة التي تُمارَس بها علوم الأحياء».

تقنية طبيعية رائدة
ما هي تقنية «كريسبر CRISPR»؟ في الطبيعة، تستخدم البكتيريا أنظمة «كريسبر» لتعريف جينات الفيروسات المهاجمة وتعطيلها.
وبناءً عليه، رأى العلم أنّ هذا النظام المناعي البكتيري، الذي يُعرف باسم «التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد clustered regularly interspaced short palindromic repeats»، قابل لإعادة التوجيه لاستخدامه في تعديل خلايا النباتات والحيوانات والبشر.
تتمتّع «كريسبر» بقدرة تتيح لها العثور على بقعة محدّدة في واحدة من سلاسل الحمض النووي واقتطاع جزءٍ منها، وإضافة أو حذف «حرف» أو حتّى كلمة جينية. ووصف فيودور أورنوف، المتخصص بالتعديل الجيني من معهد «إنوفيتف جينوميكس» التابع لجامعة كاليفورنيا، بيركلي، هذا الأمر «بالعجائبي حقاً. فقد نجح في كلّ موضع بيولوجي جُرِّب فيه».
في أواخر يونيو (حزيران) من عام 2012، نشرت عالمتا الكيمياء الحيوية جينيفر دودنا وإيمانويل شاربنتييه، ورقة بحثية تصف طريقة عمل «كريسبر» لتعديل الجينات. (فازت العالمتان بجائزة نوبل في الكيمياء عام 2020 لاكتشافاتهما في هذا المجال). وفي يناير (كانون الثاني) 2013، أثبت باحثون من جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتقنية أنّهم يستطيعون استخدام «كريسبر» لتعديل الخلايا في الثدييات (اللبائن).
وفي بداية هذا الشهر، نشرت العالمة دودنا، أستاذة محاضرة في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، ورقة بحثية في دورية «ساينس»، تسلّط فيها الضوء على التقدّم الذي تحرزه التقنية ووعودها المستمرّة.
وقالت دودنا في رسالة إلكترونية لاحقة: «قطع كريسبر شوطاً طويلاً في 10 سنوات، أبعد بكثير مما تخيّلنا عندما نشرنا ورقتنا البحثية الأولى. في كلّ عام، نرى المزيد من التجارب العيادية والعلاجات الجديدة المدفوعة بتقنية كريسبر».

تعديلات جينية
كان التعديل الجيني موجوداً قبل «كريسبر» ولكنّه لم يكن فعّالاً. تتميّز هذه التقنية بالسهولة والسرعة، وتتيح المزيد من الدقّة في التعديلات مقارنةً بالتقنيات السابقة، حسب بعض الخبراء.
من جهتها، رأت بيفرلي دايفدسون، عالمة متخصصة بالأعصاب في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، أنّ «حياتنا كعلماء من دون (كريسبر) كانت ستصبح أصعب بكثير، والأمثلة على ذلك كثيرة».
وأضافت أنّ التقنية تتسم بقابلية التكيّف والدقّة لأنّها تسهّل الكثير من الأنشطة المخبرية، لافتةً إلى أنّ الطلّاب الجامعيين حتّى في مخبرها مؤهلون للتدرّب على استخدام «كريسبر» بطريقة صحيحة وفعّالة.
لا يخلو «كريسبر» من التأثيرات خاطئة التصويب لأنّه أحياناً يستهدف جينات غير مقصودة ولكنّ هذا الخطر لديه أقلّ بكثير من أدوات التعديل الأخرى.
ورأى د.جون ليونارد، الرئيس والرئيس التنفيذي في شركة «إنتيليا ثيرابوتيكس» التي تطوّر علاجات باستخدام «كريسبر» لأمراض نادرة وسرطانات، أنّ هذا هو السبب الكامن خلف التقدّم البطيء والمتأنّي لمجال تعديل الجينات خصوصاً أن العمل الفوضوي يمكن أن يسبِّب سرطانات ومشكلات أخرى. وأضاف ليوناردو أنّه «لا أحد يريد ارتكاب خطأ يضرّ بإمكانيات هذه التقنية لأنّها استثنائية».
> علاج السرطان: تملك تقنية «كريسبر» القدرة على تحسين علاجات السرطان من خلال تنشيط الجهاز المناعي. وقد استُخدمت منذ 2016 في تجارب على مرضى سرطان الدم لتعديل خلاياهم المناعية خارج الجسم وتحضيرها للمهاجمة السرطان.
أظهرت هذه المقاربة، التي تسمّى «كار - تي CAR - T» (مستقبلات المستضد الخيمرية للخلايا التائية) فاعلية في مواجهة أنواع عدّة من سرطان الدم.
ولكنّ صناعة مستقبلات «كار - تي» لا تزال حتّى اليوم فردية لكلّ مريض لقاء مبالغ مالية مرتفعة قد لا يملكها الشخص.
تعمل اليوم شركة «كاريبو بيوساينسز» على تطوير نسخة تجارية من العلاج تكون محضّرة بانتظار المريض الذي يحتاج إليها، حسب رايتشل هورويتز، الرئيسة التنفيذية للشركة، والشريك المؤسس لها مع جينيفر دودنا. يوفّر هذا الأمر أسابيع من وقت التحضير والكلفة المحتملة.
وكشفت هورويتز أنّه لم يتم رصد أي أثر للسرطان في التجربة العيادية الأولى وبعد جرعة واحدة من هذا العلاج لدى ستّة مرضى غير مصابين بداء «هودجكن».
> علاج الأمراض النادرة: يتسبب «سوء التهجئة» الجيني الواحد (أي ارتباك تركيبة أحد الجينات) بأكثر من ستّة آلاف مرض وراثي نادر. في هذه الحالات، تقدّم تقنية «كريسبر» فرصة لقصّ الجين العائب وتنشيط جين آخر، أو إزالة «الأحرف» الجينية المسبِّبة للمشكلات.
من المتوقّع أن يشهد هذا العام الترخيص لأوّل علاج جيني لفقر الدم المنجلي بالاعتماد على قصّة «كريسبر».
في المقابل، قالت د.تيبّي ماكينزي، جرّاحة متخصصة بالأطفال والأجنّة في جامعة كاليفورنيا - سان فرنسيسكو، إنّه «من الصعب تطوير مقصّ واحد لعلاج كلّ تلك الطفرات في أمراض أخرى». وماكينزي هي مديرة مركز «إيلي وإديث برود للطبّ التجديدي وأبحاث الخلايا الجذعية» في جامعة كاليفورنيا – سان فرنسيسكو. وأشارت مثلاً إلى مرض «داء اختزان الغلايكوجين Pompe disease»، الذي يُضعف عضلات القلب والهيكل العظمي، ويملك مائة متغيّر يحتاج كلّ واحدٍ منها لتعديل جيني مختلف لتصحيحه.
في هذه الحالة، سيتوجب على الباحثين إمّا التوصّل إلى تعديلٍ جيني يصحّح أكثر من متغيّر، أو إلى طريقة تتيح لهم تطوير تعديل خاص بكلّ شخص يعاني من المرض.
في عملها، تسعى ماكينزي لتطوير مقاربات تعديل جيني يمكن استخدامها في الأجنّة في آخر الفصل الثاني أو في الفصل الثالث من الحمل، لعلاج الأمراض في الرحم والتي قد تسبب أضراراً مع تقدّم نموّ الطفل.
قد يصحّح التعديل الجيني مرضاً يعاني منه الجنين، ولذا فإنه لن ينتقل إلى الأولاد الذين قد ينجبهم لاحقاً. وتؤكّد ماكينزي أنّ «علاج الأمراض قبل الولادة له مكاسب عدّة».
> فرص التعديل الجيني في المحاصيل: يصف رينجيسن قدرات «كريسبر» في تحسين المحاصيل «بالملحوظة»، ويرجّح أنّها قد تساعد في تأمين الغذاء لمليارات الأشخاص حتّى مع ارتفاع مخاطر التغير المناخي كالفيضانات والجفاف والأمراض.

تحديات المستقبل
وقع الجدل الأكبر حول تقنية «كريسبر» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، عندما اتّهمت تقارير إعلامية العالِم الصيني هي جيانكوي، باستخدام أداة التعديل الجيني لتعديل أجنّة بشرية.
يدعم معظم العلماء وخبراء الأخلاق الطبية فكرة استخدام التعديل الجيني لتحسين حياة شخصٍ يعاني من مرض خطير، ولكنّهم يرتعبون من فكرة تعديل جينوم جنين بشري وإحداث تغيير ستتوارثه الأجيال التالية.
في هذا السياق، قال ليوناردو، من شركة «إنتيليا ثيرابوتيكس»: «نحن لا نملك المعرفة الكافية في البيولوجيا البشرية للقيام بتغييرات هندسية جينية نيابةً عن البشر غير المولودين، ولا يمكننا الحصول على موافقة الطفل غير المولود لإخضاعه لهذه الإجراءات». نظرياً، يمكن علاج أو تجنّب جميع الحالات التي قد تستفيد من هذا النوع من التعديل بطريقة أخرى.
قد يعمد بعض الفاسدين إلى الاستمرار في هذا المجال في محاولة منهم «لتصميم الأطفال»، ولكنّ العلم والشركات تركّز على حلّ مشكلات طبية واجتماعية ملحّة.
تواجه تقنية «كريسبر» أيضاً تحديين كبيرين آخرين يعيقان اكتسابها القبول الواسع كعلاج طبي، وهما: الكلفة الباهظة لها، وإيجاد طريقة تتيح توصيل التعديل الجيني إلى المزيد من الأعضاء والخلايا.
تصل كلفة علاج واحد للبالغين المصابين بنزف الدم الوراثي (هيموفيليا)، (حصل على ترخيص إدارة الغذاء الدواء الأميركية العام الماضي)، إلى نحو 3.5 مليون دولار في المرّة الواحدة.
يعاني 300 مليون شخص حول العالم من أمراض يسببها جين واحد، وتعيش الغالبية الساحقة من هؤلاء في دولٍ غير مجهّزة بأنظمة عناية صحيّة متطوّرة. هنا، يتساءل أورنوف: «هل نريد مستقبلاً تكون فيه كلفة كلّ واحدٍ من هذه العلاجات ثلاثة ملايين دولار؟ ونعلم طبعاً أين يمكن أن يتوفر ومن يستطيع دفع ثمنه».
ويأمل الباحثون أن يصبحوا قادرين يوماً ما على الاعتماد على تعديل عدّة جينات في وقتٍ واحد، الأمر الذي سيتيح لتقنية «كريسبر» علاج أمراض أكثر شيوعاً وتعقيداً.

* «يو إس إيه توداي»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.