رغم الخسائر التي تكبدتها روسيا مؤخراً في حربها بأوكرانيا، فإن بعض الخبراء الغربيين يعتقدون أن انتصار موسكو بات وشيكاً، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقوم حالياً بتجميع الجيوش والمعدات استعداداً لشن هجوم شرس في الربيع.
وفي هذا السياق، نقل تقرير نشرته صحيفة «التلغراف» البريطانية عن عدد من الخبراء العسكريين قولهم إن هناك عدة عوامل قد تساعد أوكرانيا على هزيمة روسيا هذا العام.
وهذه العوامل هي:
السرعة والقوة:
يعتقد الكولونيل هاميش دي بريتون غوردون، وهو ضابط دبابات بريطاني سابق، أن وجود فرق مدرعات قوية مجهزة بالدبابات الغربية يمكن أن تعني نصراً سريعاً لأوكرانيا.
وأضاف: «إذا حصلت كييف على 130 دبابة غربية، وهو ما نطلق عليه (لواء دبابات)، فستتمكن من الدفاع عن نفسها بنجاح ضد أي هجوم قد يشنه الروس في الربيع، على ما أعتقد».
وتابع: «هذا الأمر يتعلق فقط بدفاع أوكرانيا عن نفسها. أما بالنسبة لتمكنها من الهجوم على القوات الروسية لهزيمتها، أعتقد أن كييف ستحتاج إلى (فرقة دبابات)، أي 300 دبابة».
ونصح غوردون أن تتحرك هذه الفرقة بسرعة كبيرة عبر الخطوط الروسية الثابتة للوقوف خلفهم في شبه جزيرة القرم ودونباس وقطع خطوط الاتصال الخاصة بهم، مشيراً إلى أن «سرعة وقوة» الهجمات ستحدث صدمة وارتباكاً للجيش الروسي وتمكن الجيش الأوكراني من الانتصار.
وأكمل قائلاً: «لهذا السبب أنا متفائل إلى حد ما. نعم، يمكن لفرقة دبابات مدرعة هزيمة الروس. في حين يمكن للواء دبابات منع الروس من التقدم على الأقل. أعتقد أن هناك فرصة للتفاؤل».
وأيد اللفتنانت جنرال بن هودجز، القائد السابق للجيش الأميركي في أوروبا، آراء غوردون قائلاً إنه يعتقد أيضاً أن قوة مدرعة أوكرانية بحجم فرقة يمكن أن تطرد الروس من شبه جزيرة القرم، خاصة إذا كانت هذه الفرقة تمتلك صواريخ ATACMS الأميركية طويلة المدى تحت تصرفها.
إطلاق العنان لدبابات «ليوبارد»:
يعدُّ إطلاق أوكرانيا العنان لدبابات «ليوبارد 2» الألمانية الصنع في ساحة المعركة من بين العوامل الأكثر أهمية لضمان انتصارها على موسكو، وفقاً لما أكده ويليام ألبيركي، مدير برنامج الحد من التسلح في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في برلين.
وساعد الضغط الدولي على إقناع المستشار الألماني أولاف شولتس بإرسال دبابات «ليوبارد» القتالية إلى أوكرانيا، والسماح لدول أخرى بتسليمها إلى كييف أيضاً.
ويمكن لـ«ليوبارد 2» التحرك بسرعة تصل إلى 44 ميلاً في الساعة. وهي مسلحة بمدفع من عيار 120 ملم ومدفع رشاش من عيار 7.62 ملم وقاذفات قنابل آلية. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الدبابة بوسائل حماية باليستية وألغام، وقد شهدت تجربة تشغيلية في كوسوفو وسوريا وأفغانستان.
وأشار ألبيركي إلى أنه إذا حصل الأوكرانيون على عدد كافٍ من دبابات «ليوبارد 2»، فقد لا يحتاجون إلى استخدام دبابات «تشالنجر 2»، التي قررت بريطانيا منحهم إياها، ولا دبابات «أبرامز» الأميركية، التي تتميز بقوتها الشديدة.
ولفت ألبيركي إلى أن تكلفة صيانة دبابات «أبرامز» و«تشالنجر 2» عالية للغاية وأنهما يحتاجان إلى كميات كبيرة من الوقود بسبب محركهما التوربيني الغازي، وهي نقاط ضعف غير موجودة في دبابات «ليوبارد».
اقرأ أيضاً: لماذا ترغب أوكرانيا في اقتناء دبابة «ليوبارد 2» الألمانية؟
الطائرات المقاتلة:
في بداية حرب أوكرانيا، توقع معظم الخبراء أن تهيمن روسيا على المجال الجوي الأوكراني، مشيرين إلى أن حدوث هذا الأمر قد يؤدي إلى هزيمة حتمية للقوات البرية الأوكرانية.
لكن اتضح أن الخبراء بالغوا في تقدير القوة الجوية الروسية إلى حد كبير. فبدلاً من قيام قوات الهيمنة الجوية الروسية القوية بمطاردة الدفاعات الجوية الأوكرانية وتحطيمها بشكل منهجي، مما يسمح لطائراتها الهجومية بالعمل بحرية فوق ساحة المعركة، فإن الطائرات الروسية لا تزال حتى يومنا هذا تحلق فوق الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا في أعداد قليلة فقط.
أما سلاح الجو الأوكراني، فكان ولا يزال، صغيراً وضعيفاً جداً.
وطوال جولته الأوروبية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، أصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن بلاده بحاجة إلى طائرات مقاتلة، مضيفاً أن عدة دول غربية مستعدة لتقديمها إلى كييف لمواجهة القوات الروسية.
ولم يصدر حتى الآن تأكيد لمثل هذه العروض، فيما أعلنت بريطانيا، التي أبدت حماساً لتزويد أوكرانيا بكل ما تحتاجه من أسلحة هجومية ثقيلة، أنها تدرك «المخاطر التصعيدية المحتملة» لتزويد أوكرانيا مزيداً من الأسلحة الغربية، بينما قللت من احتمال تسليم كييف مقاتلات «تايفون» من طرازات قديمة.
وبدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الطائرات المقاتلة التي تطالب بها أوكرانيا لا يمكن «تحت أي ظرف» أن يتم «تسليمها في الأسابيع المقبلة»، مؤكداً أنه يفضل أسلحة «أكثر فائدة» ويكون تسليمها بشكل «أسرع».
تأجيل محاولة استعادة السيطرة على شبه جزيرة القرم:
يقول الأدميرال كريس باري، وهو من قدامى المحاربين في جزر فوكلاند والرئيس السابق لمركز الدراسات التنبؤية الداخلية التابع للجيش البريطاني: «ستتمكن أوكرانيا من الدفاع عن نفسها وهزيمة روسيا بفاعلية إذا تركت شبه جزيرة القرم وشأنها في الوقت الحالي».
وأضاف: «بوتين يصف شبه الجزيرة بأنها (أرض مقدسة) بالنسبة لروسيا، ولن يتخلى عنها بسهولة ومن ثم فإن محاولة أوكرانيا استعادتها ستكبدها خسائر كبيرة للغاية وتنهك قواتها».
وأشار باري إلى أن روسيا قد تلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية إذا أصبحت سيطرتها على شبه جزيرة القرم مهددة، مضيفاً: «لذلك، أرى أن الوقت حالياً غير مناسب لاستعادة أوكرانيا هذه المنطقة، بينما تواصل القوات الروسية هجومها في الشرق».
والقرم، الواقعة بين البحر الأسود وبحر آزوف، التي ضمتها موسكو بشكل غير قانوني في عام 2014 كانت بمثابة منصة انطلاق للغزو الروسي في فبراير (شباط) الماضي وساعدت في تمهيد الطريق للقوات الروسية لاحتلال جزء كبير من جنوب أوكرانيا.
وتتمتع شبه الجزيرة، التي ضمتها الإمبراطورية الروسية تحت حكم كاثرين العظيمة عام 1783 بأهمية رمزية كبيرة لبوتين، الذي ربط حرب روسيا في أوكرانيا بماضيها الإمبراطوري.