حرب الحوثيين ضد اللقاحات تثير غضب الأوساط اليمنية

الحكومة الشرعية: خرافات الميليشيات مغامرة بمستقبل الأطفال

عاملات صحيات يشاركن في حملة لتقديم اللقاحات باليمن (الأمم المتحدة)
عاملات صحيات يشاركن في حملة لتقديم اللقاحات باليمن (الأمم المتحدة)
TT

حرب الحوثيين ضد اللقاحات تثير غضب الأوساط اليمنية

عاملات صحيات يشاركن في حملة لتقديم اللقاحات باليمن (الأمم المتحدة)
عاملات صحيات يشاركن في حملة لتقديم اللقاحات باليمن (الأمم المتحدة)

أثارت الحرب المعلنة من قبل الميليشيات الحوثية ضد اللقاحات في مناطق سيطرتها، غضب الأوساط الصحية والحكومية اليمنية، وبخاصة عقب محاولة قادة الميليشيات تصوير اللقاحات ضد الأوبئة على أنها «مؤامرة دولية» تستهدف السكان، وفق ما جاء في ندوة نظمتها قبل أيام بحضور رئيس حكومتها الانقلابية.
ومع تخوف الأوساط الصحية في اليمن من أن يقود توجه الجماعة الانقلابية المعادي لحملات التحصين إلى تفشي الأوبئة على نطاق واسع، وبخاصة في أوساط الأطفال، نددت الحكومة اليمنية بهذا السلوك ووصفته بـ«الطائش»، ورأت أن «خرافات الميليشيات» مغامرة بمستقبل الأطفال.
التنديد اليمني جاء في بيان أصدرته وزارة الصحة في الحكومة الشرعية، قالت فيه إن «رعاية مثل هذه الخرافات مغامرة بمستقبل أطفال اليمن في مناطق سيطرة الميليشيا وترك مصيرهم تحت رحمة خرافات المشعوذين والدجالين المدعين للطب، في الوقت الذي أجمع فيه العالم كله على الطب المبني على الأدلة العلمية».
وأوضحت وزارة الصحة اليمنية أن واجبها هو «نشر الرسالة الإعلامية الصحية السليمة وإيصال المعلومة الدقيقة»، وأن العمل الوقائي المانع لظهور الأمراض والأوبئة، وأهمها اللقاحات، هو أفضل وسيلة لمواجهة الأمراض.
وأشارت إلى أنه بفضل اللقاحات تم القضاء على كثير من الأمراض مثل الجدري، وأكدت إعلان اليمن خالياً من شلل الأطفال عام 2009 حتى عاد عام 2019 في محافظة صعدة، نتيجة لسلوك الميليشيات المانع والمهمش للقاحات.
وذكرت وزارة الصحة اليمنية أنها تلقت رسالة مشتركة من ممثل منظمة الصحة العالمية والقائم بأعمال ممثل منظمة الطفولة العالمية (يونيسيف) في شهر سبتمبر (أيلول) 2020، عبرت عن المخاوف من نتائج الاستمرار بعدم السماح بتنظيم حملات التحصين التكميلية ضد شلل الأطفال وانخفاض نسب التحصين الروتيني ضد شلل الأطفال وغيره من الأوبئة الفتاكة في بعض مناطق البلاد، وبخاصة تلك الخاضعة للسلطة الانقلابية غير الشرعية.
المخاوف الأممية جاءت - وفق البيان الحكومي - بعد ظهور عدد من حالات الإصابة بشلل الأطفال في محافظتي صعدة وحجة، والتي على أثرها وخلال أسبوع، «طرحت الوزارة تلك الاهتمامات على مختلف المحافل الإقليمية والعربية والدولية، وطالبت باتخاذ خطوات جادة في سبيل الضغط على الميليشيا الانقلابية لتلافي الوضع قبل حلول الخطر الذي يتهدد ملايين الأطفال في اليمن والدول الشقيقة ودول الإقليم».
وعبرت الصحة اليمنية عن استنكارها لهذا السلوك الحوثي الصادم المنافي للعقل والعلم والمنطق، مؤكدة أن هذا الترويج للأفكار الظلامية التي لا تقيم اعتباراً لسلامة اليمنيين وحياة ومستقبل أطفالهم، «كارثة يجب أن يتصدى لها الجميع»، من خلال تعرية ما يقوم به من وصفتهم بـ«سدنة الجهل والخرافة»، لا سيما مع عودة الأمراض والأوبئة التي كانت قد انتهت وعادت للتفشي بعد أن وفر لها الحوثيون بيئة خصبة، ومنها مرض شلل الأطفال.
وجددت وزارة الصحة اليمنية مطالبتها للمجتمع الإقليمي والدولي، من أجل التحرك «لمنع هذه الثقافة السلبية والمناقضة للعلم والصحة والحقيقة على حد سواء، وإدانة ما يحدث، والقيام بواجبها عبر خطوات تضمن عدم انتشار هذه السلوك الكارثي».
وكانت إحدى المنظمات الحوثية الشريكة مع الوكالات الأممية والعاملة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، أقامت ندوة خصصتها للتحذير من خطورة اللقاحات على سلامة البشرية، بحضور كبار قادة الميليشيات.
وزعم المحاضرون في الندوة أن «الطب الحديث بما فيه اللقاحات والطب الكيميائي عبارة عن فكرة يهودية هدفها الاستثمار والتجارة والاستهداف العدواني للشعوب». كما زعموا أن اللقاحات «ليست إلا شماعة ليست لها صحة أَو أساس علمي»، وأن «تعزيز المناعة والحفاظ على الصحة» يكون باتباع تعليمات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وكانت الميليشيات الحوثية أقرت في وقت سابق، بارتفاع عدد الإصابات وحالات الوفاة في مناطق سيطرتها جراء الأوبئة، وسط تحذير الأوساط الطبية من تفشٍّ أوسع في ظل إهمال الحوثيين وفساد قادتهم.
وهاجم أعضاء في البرلمان الخاضع للانقلابيين في صنعاء قادة الميليشيات الذين يديرون قطاع الصحة، مطالبين إياهم بعدم التقاعس والقيام بواجبهم في ترصد انتشار تلك الأوبئة وتوفير ما يسمى «الإجراءات الاحترازية واللقاحات»، وفقاً لبرامج التحصين التي كانت معتمدة.
وبحسب مصادر برلمانية في صنعاء، طرح أعضاء البرلمان غير الشرعي بإحدى جلساتهم استفسارات عدة على القيادي الحوثي طه المتوكل، المعين بمنصب وزير الصحة بحكومة الانقلاب، بخصوص وفاة مئات الأطفال اليمنيين حديثاً جراء إصابتهم بأوبئة قاتلة منها «شلل الأطفال» و«الحصبة».
وطالب منتسبو مجلس النواب غير الشرعي (أغلبيتهم ينتمون لجناح حزب المؤتمر الشعبي الخاضع للحوثيين) قادة الجماعة الانقلابية في قطاع الصحة، بوضع حد للشائعات التي تستهدف وعي المجتمع بأهمية تحصين الأطفال بمختلف اللقاحات، وتفعيل دور التثقيف الصحي.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).