طهران تحيي ذكرى الثورة... ورئيسي يهاجم الاحتجاجات

الرئيس الإيراني دافع عن الأداء الاقتصادي لحكومته وتفاخر بدور بلاده الإقليمي

صواريخ باليستية على هامش تظاهرة طهران نشرتها صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة
صواريخ باليستية على هامش تظاهرة طهران نشرتها صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة
TT

طهران تحيي ذكرى الثورة... ورئيسي يهاجم الاحتجاجات

صواريخ باليستية على هامش تظاهرة طهران نشرتها صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة
صواريخ باليستية على هامش تظاهرة طهران نشرتها صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة

نظمت السلطات الإيرانية مسيرات حاشدة بمشاركة الآلاف من أنصار النظام في إحياء الذكرى الـ44 لثورة 1979، في وقت جدد فيه الرئيس الإيراني هجومه على الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ما أسفر عن مقتل أكثر من 500 متظاهر في حملة القمع التي شنتها الأجهزة الأمنية.
ونزل الآلاف إلى شوارع طهران ومدن إيرانية عدة في مسيرات راجلة؛ لإحياء ذكرى سقوط نظام الشاه، بعدما اقتصرت في العامين الماضيين على مسيرات سيّارة ودراجات نارية بسبب «كوفيد - 19».
وكانت المسيرة المركزية في طهران نحو ساحة آزادي (الحرية) التي تعد من أبرز معالم العاصمة وتحمل رمزية كبرى، إذ تدفق إليها الآلاف من الشوارع المحيطة وهم يلوّحون بالعلم الإيراني، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وردد المشاركون هتافات منها «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل». وعلى غرار السنوات الماضية عرضت قوات «الحرس الثوري» نماذج من صاروخي «عماد» و«سجّيل» الباليستيين، وطائرة مسيّرة من طراز «شاهد 136».
ورفع المشاركون صور المرشد الإيراني الأول (الخميني) وخلفه، علي خامنئي، إضافة إلى قاسم سليماني، العقل المدبر للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، الذي قضى بضربة أميركية مطلع عام 2020.
وتناقلت المواقع الإيرانية صوراً من مشاركة الرئيس السابق، حسن روحاني، وقائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس» أمير علي حاجي زاده، وقائد الشرطة الإيرانية أحمد رضا رادان، ورئيس الجهاز القضائي غلام حسين قاليباف.
- أزمة المشروعية
واعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المسيرات تجديداً لـ«البيعة» للجمهورية الإسلامية في مواجهة احتجاجات تشهدها منذ أشهر. وأعاد التذكير بما ورد على لسان المسؤولين الإيرانيين حول اتهام «أعداء» الجمهورية الإسلامية بالوقوف خلف الاحتجاجات التي يعتبرون جزءاً كبيراً منها بمثابة «أعمال شغب».
وبينما كان التلفزيون الإيراني يبث كلمة الرئيس الإيراني مباشرة، اخترقت مجموعة متسللين إيرانيين تدعى «عدالة علي» موقع التلفزيون الإيراني لمدة 40 ثانية.
ونشر المتسللون مناشدة؛ للمشاركة في مسيرة مناهضة للسلطة الخميس المقبل. وظهر شعار «المرأة، الحياة، الحرية» على الشاشة، قبل أن تظهر صورة خامنئي وهي تحترق. وكُتب إلى جانبها «الراعي الكذاب». وتظهر تحتها عبارة «دماء شبابنا، تتساقط من مخالبك».
وكانت الاحتجاجات «بيت القصيد» في خطاب رئيسي، وخصوصاً في ظل أزمة المشروعية التي تواجه المؤسسة الحاكمة بعد الانتقادات الواسعة على المستويين الداخلي والخارجي، للحملة التي أطلقتها السلطات لإخماد الاحتجاجات.
وتقول منظمة «هرانا» إن 528 متظاهراً لقوا حتفهم إثر التدخل العنيف من أجهزة الأمن الإيرانية ضد المسيرات الاحتجاجية، حتى السبت، ومن بينهم 71 قاصراً. وأشارت إلى اعتقال 19763 شخصاً في 164 مدينة شهدت احتجاجات. وقتل 70 عنصراً من قوات الأمن.
- نظرية المؤامرة
ولم يبتعد رئيسي كثيراً عن سرده السابق والمسؤولين الإيرانيين للاحتجاجات، وقدم الاحتجاجات باعتبارها «مؤامرة لوقف تقدم البلاد»، وذلك في وقت تواجه فيه حكومته انتقادات بسبب تدهور الوضعين الاقتصادي والأمني، وإخفاقها في التوصل إلى الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، بينما كانت الحكومة السابقة برئاسة حسن روحاني قريبة من إنجاز المفاوضات. وقال إن الشعب الإيراني تمكن من «إفشال» ما خطّط له أعداء البلاد من «ضغوط وعقوبات». وقال: «رأيتم ما قام به الأعداء خلال عام؟ المؤامرات التي خططوا لها؟»، مشدداً على أن الشعب «هزم العدو». وأضاف: «القضية بالنسبة إلى العدو ليست النساء أو الحياة أو الحرية، أو حقوق الإنسان أو (البرنامج) النووي... إنهم يريدون سلب استقلال الأمة الإيرانية وحريتها وحياتها السلمية».
وادعى أن «مكانة المرأة لدينا هي في أعلى المقامات، بينما مكانتها لدى الأعداء في الدرك الأسفل».
وكان الرئيس الإيراني يشير إلى شعار «المرأة، الحياة، الحرية» الأبرز الذي تم رفعه خلال الاحتجاجات التي شاركت فيها شرائح اجتماعية مختلفة، وخصوصاً النساء وطلاب الجامعات. ونقلت وكالات حكومية عن رئيسي قوله: «عندما رأوا أن الشعب الإيراني أجهض مشروع عقوباتهم، ولم يتوقف في مجال العلم والإنتاج، ولم يتوقف أيضاً في مجال إنتاج وصادرات النفط، وكذلك على صعيد السلع غير النفطية (...) قاموا بمؤامرة جديدة، وبدأوا مشروع الفوضى وأعمال الشغب، لكي يوقفوا تقدمنا».
وتابع رئيسي أن «ذراعي الأمة مفتوحتان لقبول مَن تم التغرير بهم»، على حد التعبير الذي أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ودافع رئيسي عن أداء حكومته، وقال: «في بداية عملنا كانت لدينا مشكلات كثيرة، لكن انخفض عدد قتلى كورونا من 700 إلى شخص يومياً». وأضاف: «على صعيد صادرات النفط وغير النفط كنا نواجه مشكلات، لكننا في وضع مناسب اليوم». كما تفاخر رئيسي بدور إيران الإقليمي، عندما قال: «اليوم في المنطقة كلمتنا هي الأولى في مجالات كثيرة، وفي العالم نحرز من المرتبة الأولى حتى السادسة في كثير من المجالات».
وعكس خطاب رئيسي القلق الذي يساور المسؤولين الإيرانيين من تحرك أطراف المعارضة في الخارج، التي تتنافس من أجل طرح بديل للجمهورية الإسلامية، مع دخول العلاقة المتدهورة بين الشارع الإيراني والمؤسسة الحاكمة، مستويات غير مسبوقة.
وهاجم رئيسي الولايات المتحدة على إبعادها منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة، عن قائمة المنظمات الإرهابية. وقال: «من المستغرب أن يزيل الكونغرس الأميركي هذه الحركة، التي اعتبرها العالم كله إرهابية، من قائمة المنظمات الإرهابية». وأضاف: «هذا عار لأميركا».
كما وجه انتقادات إلى من يحاولون «تزكية» صورة نظام الشاه، متهماً النظام السابق الذي ترتبط صورته بفترة تحديث إيران، بأنه «لم يترك للبلاد إلا التخلف والإذلال أمام قوى الهيمنة». وقال: «من يحاولون التسبب في يأس الإيرانيين، سواء أرادوا ذلك أم لا يريدونه، فإنهم إلى جانب الأعداء».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الخميس)، أن الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها في المستقبل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال نتنياهو، في كلمة موجهة إلى الشعب الإيراني، إن «الأحداث التاريخية التي نشهدها اليوم هي ردود فعل متسلسلة».

وتابع: «ردود فعل متسلسلة على قصف (حركة) حماس والقضاء على (حزب الله) واستهداف (أمينه العام السابق حسن) نصر الله، والضربات التي سدّدناها لمحور الرعب الذي أقامه النظام الإيراني».

واتهم نتنياهو إيران بإنفاق عشرات مليارات الدولارات لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أطاحه هجوم شنّته فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، ودعم حركة «حماس» في قطاع غزة و «حزب الله» في لبنان.

وأكد أن «كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الدفاع عن دولتها، لكننا من خلال ذلك ندافع عن الحضارة بوجه الوحشية».

وقال للإيرانيين: «إنكم تعانون تحت حكم نظام يسخركم ويهددنا. سيأتي يوم يتغير هذا. سيأتي يوم تكون فيه إيران حرة». وتابع: «لا شك لديّ في أننا سنحقق هذا المستقبل معاً أبكر مما يظن البعض. أعرف وأؤمن بأننا سنحول الشرق الأوسط إلى منارة للازدهار والتقدم والسلام».

ومع سقوط الأسد، خسرت إيران في سوريا حلقة رئيسية في «محور المقاومة» الذي تقوده ضد إسرائيل، بعد أن خرج حليفها الآخر «حزب الله» ضعيفاً من الحرب مع إسرائيل.

ولطالما أدّت سوريا، التي تتشارك مع لبنان حدوداً طويلة سهلة الاختراق، دوراً استراتيجياً في إمداد «حزب الله» اللبناني المدعوم عسكرياً ومالياً من إيران، بالأسلحة.