العراق... تواصل الجدل بين معارض ومؤيد لـ«المحتوى الهابط»

عناصر من «الداخلية» يوزعون مناشير خلال حملة التوعية من «المستوى الهابط» (تويتر)
عناصر من «الداخلية» يوزعون مناشير خلال حملة التوعية من «المستوى الهابط» (تويتر)
TT

العراق... تواصل الجدل بين معارض ومؤيد لـ«المحتوى الهابط»

عناصر من «الداخلية» يوزعون مناشير خلال حملة التوعية من «المستوى الهابط» (تويتر)
عناصر من «الداخلية» يوزعون مناشير خلال حملة التوعية من «المستوى الهابط» (تويتر)

لا يزال العراقيون، خصوصاً رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بمختلف أشكالها، يخوضون في جدال واسع بين مؤيد ومعارض للحملة الأخيرة التي شنَّتها وزارتا الداخلية والأمن الوطني ضد بعض المشاهير في مواقع التواصل، وإحالتهم إلى القضاء الذي حكم على معظمهم بالسجن؛ من 6 أشهر إلى سنتين، بتهمة الترويج لـ«المحتوى الهابط». ورغم أن معظم المعترضين على الحملة لا يدافعون، من حيث المضمون، عن الملاحَقين، ولا يمانعون إطلاق توصيف «المحتوى الهابط» على ما ينشرونه في منصات التواصل، فإنهم يخشون من أن تمتد الحملة لتشمل أصحاب الرأي السياسي من ناشطين ومنتقدين لعمل الحكومة وأحزابها. ويخشون أيضاً من عدم استناد عمليات القبض، والأحكام الصادرة بحق المستهدفين في الحملة، إلى مواد واضحة في قانون العقوبات العراقي؛ إذ يرون أن المادة «403» التي استند إليها القضاء لا تساعد في هذا الاتجاه. ويعتقد آخرون أن وظيفة الدولة حماية المواطنين، وليست التحول إلى رقيب على أخلاقهم.
أما المؤيدون للحملة، فيرون أن المحتوى الهابط الذي تطرحه منصات التواصل الاجتماعي يتسبب بأضرار اجتماعية وأخلاقية بالغة داخل الأسرة العراقية، خصوصاً بين صفوف الشباب والمراهقين وصغار السن، ولا بد من أن تقوم الدولة بدورها للحفاظ على النسيج الاجتماعي. ويرون أن الدولة ربما تأخرت في اتخاذ خطوة من هذا النوع، ويأملون في أن تمثل الحملة الأخيرة أداة للردع وتوقف كثيراً من مشاهير مواقع التواصل الذين يقدمون محتوى غير مناسب وهابطاً. وقد قام بالفعل خلال اليومين الأخيرين بعض المشاهير، من ضمنهم المطرب الشعبي سعدون الساعدي، بالاعتذار للجمهور على مقطع في أغنية سبق أن نشرها، وعُدّ مسيئاً. وأعلن آخرون إغلاق معظم صفحاتهم في مواقع التواصل، خشية أن تطالهم حملة الاعتقالات والأحكام القضائية.
وفي المواقف السياسية، أيدت حركة «عصائب أهل الحق» حملة وزارة الداخلية. وقال القيادي فيها، محمود الربيعي، في تغريدة عبر «تويتر»: «نشدّ على أيدي الإخوة في وزارة الداخلية؛ فمحاربة المحتوى السيئ واجبة على كل عراقي شريف يحب وطنه ويريد الخير لأهله وناسه». وأضاف أن «نشر التفاهة يُراد منه صناعة دولة فاشلة ومجتمع متسافل، وهذا أخطر من كل أنواع العدوان والانتهاكات التي عانى منها العراقيون عبر مراحل التاريخ».
وردَّت وزارة الداخلية على الانتقادات العديدة التي وُجهت إليها، مؤكدة أن حملتها «تهدف إلى تحجيم الحالات والظواهر السلبية في المجتمع». وقالت في بيان، أول من أمس (الجمعة): «للحد من انتشار المقاطع ذات المحتوى الهابط والمسيئة للذوق العام، ومن أجل تحجيم الحالات والظواهر السلبية في المجتمع، أجرى قسم محاربة الشائعات، التابع لدائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، حملة توعوية ضمن منطقتي العامرية والمشتل في جانبي الكرخ والرصافة ببغداد». وأضافت: «التقى من خلالها عناصر القسم (الحملة التوعوية) بعدد من المواطنين، وتم توزيع عشرات التوصيات التي تحد من انتشار الحالات السلبية في المجتمع، فضلاً عن التعريف بالرابط الإلكتروني الذي استحدثته الوزارة للإبلاغ عن المحتوى الهابط».
وتابعت أن «عناصر القسم أجروا حملة توعوية للحد من انتشار الأخبار المضللة التي يروج لها الإعلام المغرض في البلد، والتأكيد على ضرورة أخذ الأخبار من المصادر الرسمية، وعدم تصديق الشائعات».
وفي مقطع صوتي، قال مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، سعد معن، إن وزارته «لن تقود أي حملة على الفقراء أو على تضييق الحريات، وإن مكسب العراق الحقيقي هو حرية الرأي والتعبير والديمقراطية». وأضاف: «لن يكون هناك أي تكميم للأفواه في العراق، لا سيما أن الحكومة اليوم أنجزت كثيراً من الإصلاحات، والحملة ضد المحتوى السيئ لا تتعلق بالتكميم أو المحاربة، بل هي حملة وطنية قانونية الغاية منها إصلاح القيم التي حاول البعض طمسها».
بدوره، عبَّر الناشط والأكاديمي النجفي فارس حرّام عن «دهشته» لدعم إعلاميين ومثقفين لحملة وزارة الداخلية. وذكر حرّام في تدوينة: «أدهشني في اعتقالات (المحتوى الهابط) دعم بعض الإعلاميين والمثقفين والناشطين، متحالفين مع السلطة في هذا الحفل الازدواجي الرهيب».
ويعتقد الباحث والمحلل السياسي، يحيى الكبيسي، أن نص المادة القانونية «403» التي اعتُمدت في ملاحقة أصحاب المحتوى «يعني أنه بالإمكان الحكم على أي عراقي حاز، أو أحرز، في مكتبته، ديوان (إيروتيكا) للشاعر الكبير سعدي يوسف، الذي يتضمن رسوماً (إيروتيكية) للفنان العراقي جبر علوان؛ بوصفه كتاباً يضم رسوماً مخلَّة بالحياء والآداب العامة!». وينتقد الكبيسي اعتماد السلطات على قوانين موروثة من الحقبة الشمولية، وبذلك «نجحت منظومة الحكم في العراق من تفريغ محتوى النصوص الدستورية التي تتحدث عن كفالة حرية التعبير».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».