استضاف الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الجمعة، الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في البيت الأبيض، الذي يقوم بزيارة لواشنطن تمثل فرصة لبداية جديدة بين البلدين، بعد فترة اتسمت بالاستقطاب والاضطراب السياسي خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، إلا أن التوقعات منخفضة حول النتائج التي سيخرج بها اللقاء، الذي اعتبره المحللون يحمل أهمية رمزية في إعادة تأسيس نوع جديد من العلاقات بين البلدين.
وتتصدر قضايا حماية الديمقراطية ومكافحة التغير المناخي والعلاقات التجارية، محادثات بايدن ودا سيلفا. وتأتي زيارة لولا دا سيلفا إلى البيت الأبيض وسط تشابه في التحديات التي يواجهها كلٌّ من بايدن ودا سيلفا. فقد واجه كلا الرجلين ادعاءات بتزوير الانتخابات الرئاسية، وحالة من الاستقطاب السياسي الشديد، إلى الاعتداء على المؤسسات الديمقراطية.
ووجه بايدن الدعوة للرئيس البرازيلي لزيارة البيت الأبيض، في أعقاب هجوم بعض المتمردين من أنصار الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، على مبني البرلمان البرازيلي والمحكمة العليا والقصر الرئاسي في 8 يناير (كانون الثاني) الماضي، في محاولة فاشلة للإطاحة بالرئيس اليساري وإدارته الجديدة، وهو ما اعتبره المحللون تقليداً ومحاكاة لقيام أنصار الرئيس ترمب بالاعتداء على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، خصوصاً أن بولسونارو يعد حليفاً وصديقاً للرئيس ترمب.
وقال مسؤول كبير في الإدارة إن بايدن ودا سيلفا يتطلعان إلى تطوير علاقة شخصية، خصوصاً أنهما يتشاركان في الاهتمام في الكثير من القضايا. وأوضح أن بايدن يستهدف إلقاء الضوء على ضرورة حماية الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية، إضافة إلى إظهار الدعم لأحد أهم اللاعبين الرئيسيين في أميركا الجنوبية.
وأشار المسؤول للصحافيين إلى أن النقاشات بين الرئيسين تركز على سبل تعزيز الديمقراطية والرفض القاطع للتطرف والعنف السياسي، إضافة إلى قضايا حقوق الإنسان وجهود مكافحة التغير المناخي، والقضايا الاقتصادية ورئاسة البرازيل لمجموعة العشرين لعام 2024. وساند بايدن الرئيس لولا دا سيلفا بعد فوزه بالانتخابات العام الماضي، في مواجهة تشكيك خصمه بولسونارو الذي قام بالتشكيك في نتائج الانتخابات. ولقيت هذه الخطوة ترحيباً في البرازيل، وعلامة على أن بايدن يتطلع إلى استعادة العلاقات بين الولايات المتحدة والبرازيل، بعد توتر العلاقات بين بايدن وبولسونارو الحليف المقرب للرئيس السابق دونالد ترمب.
وتعهد دا سليفا منذ مجيئه للسلطة بالتزامات طموحة لحماية غابات الأمازون ومكافحة التغير المناخي. كما تعهد بتشديد قوانين استخدام الأسلحة، وتخفيف مشاكل الجوع والفقر في البرازيل، وهي أجندة آيديولوجية تتشابه إلى حد كبير مع أجندة بايدن.
ورغم خلفية التحديات المتشابهة فإن هناك الكثير من القضايا الخلافية بين الجانبين، والتي قد تجعل التوقعات حول نتائج هذا اللقاء منخفضة، خصوصاً في قضايا متعلقة بالغزو الروسي لأوكرانيا، وما يتعلق بالعلاقات مع الصين، والعلاقات الأميركية مع كل من كوبا وفنزويلا.
فقد تبنى لولا دا سيلفا سياسة عدم التدخل، ورفض الجهود التي قادها بايدن لتوحيد المجتمع الدولي في إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا. وألقى الرئيس البرازيلي باللوم على كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في هذه الأزمة، وتجنب الخضوع لمطالب الولايات المتحدة تقديم الدعم العسكري لكييف، ورفض مراراً دعوات الدول الغربية بتقديم أسلحة وذخيرة إلى كييف، قائلاً إن البرازيل لا تريد دوراً غير مباشر في الحرب. وسعى دا سيلفا إلى إظهار نفسه كرجل دولة بارز يمكنه التوسط في مفاوضات بين البلدين، وحمل راية التفاوض لإنهاء الحرب، مقترحاً إقامة نادي سلام يضم الدول التي يمكنها التوسط لإنهاء الحرب، ومن أبرزها الصين.
ويخطط دا سلفا لزيارة بكين الشهر المقبل، وهو ما قد لا يجد ترحيباً كبيراً من إدارة بايدن، في وقت تتزايد فيه التوترات بين واشنطن وبكين، على خلفية إسقاط بالون تجسس صيني، الأسبوع الماضي.
وتنظر الإدارة الأميركية إلى الصين باعتبارها أكبر تهديد طويل الأجل للمصالح الأميركية، بينما يسعى دا سيلفا إلى إقامة علاقات أوثق مع الصين التي تعد الشريك التجاري الرئيسي للبرازيل.
وقال المسؤول الكبير للصحافيين إن الرئيس بايدن يتطلع للاستماع إلى مقترحات لولا دا سيلفا حول أوكرانيا، وإن الإدارة تحترم جهوده لتعزيز الحوار والتفاوض. لكن المسؤول الأميركي أشار إلى أنهما قد لا يتفقان على كل شيء، لكن هناك مصلحة مشتركة في ضمان إقرار السلام. ويحمل الرئيس البرازيلي ملفات شائكة أخرى، حيث يطالب إدارة بايدن بإسقاط العقوبات الأميركية على كوبا وفنزويلا، وهو مطلب لن توافق عليه إدارة بايدن.
وأقر مسؤولون برازيليون بأنهم يتوقعون القليل من النتائج من لقاء بايدن ودا سيلفا، باستثناء اتفاقية محتملة لحماية غابات الأمازون في إطار جهود مكافحة التغير المناخي، وشددوا على أنه رغم الخلافات في قضايا أخرى، فإن اللقاء نفسه يعد فرصة لإعادة العلاقات بين الولايات المتحدة والبرازيل، وبناء أسس لعلاقات أفضل في المجالات التي يمكن التوافق عليها مثل التغير المناخي وحماية حقوق الإنسان وحماية المؤسسات الديمقراطية.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى قواسم مشتركة بين بايدن (80 عاماً) ونظيره البرازيلي (77 عاماً). فالرجلان من المحاربين السياسيين المخضرمين الذين جاءوا من عائلات من الطبقة المتوسطة، ولديهما أجندة سياسية تقدمية تلتزم بالمساواة الاجتماعية، وبمواقف تقدمية في مجال التغير المناخي، وكلاهما يواجه معركة استقطاب حزبي شديد، ومحاولات لمهاجمة المؤسسات الديمقراطية.
قمة أميركية ـ برازيلية لإعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين
قمة أميركية ـ برازيلية لإعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة