فرنسا تطالب بـ«رد جماعي» على تهديدات الصواريخ الإيرانية

وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا (أ.ف.ب)
وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تطالب بـ«رد جماعي» على تهديدات الصواريخ الإيرانية

وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا (أ.ف.ب)
وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا (أ.ف.ب)

مرة جديدة، يبرز تشدد فرنسا إزاء إيران، وهذه المرة بمناسبة اتصال هاتفي أجرته وزيرة الخارجية كاترين كولونا بنظيرها الأميركي أنتوني بلينكن، إبان الزيارة الرسمية التي قامت بها إلى البرازيل. وككل مرة، تعبر كولونا عن مواقف يصح توصيفها بـ«الهجومية» على طهران. وبرز ذلك بشكل واضح في الحديث الذي أدلت به إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، ونشر الأسبوع الماضي، حيث عمدت إلى إقامة ما يمكن تسميته «مضبطة اتهام» بحق إيران، خصوصاً تأكيدها بوضوح أن باريس «عازمة على التصدي» لما تقوم به، إن لجهة «منعها من الحصول على السلاح النووي» أو «الوقوف بوجه أنشطتها المزعزعة للاستقرار» في المنطقة والعالم.
وفي البيان الصادر عن وزارة الخارجية بمناسبة الاتصال الهاتفي مع بلينكن، ورد أن الوزيرين تناولا ملفات الشرق الأوسط، وأولها الملف الإيراني وركزا على دعوة طهران إلى «العودة للعمل بالتزاماتها الدولية (في الملف النووي) والتعاون الشامل والكامل مع الوكالة الدولية للطاقة النووية»، في إشارة إلى امتناع إيران حتى اليوم عن توفير المعلومات الوافية والصدقية ذاتها التي تفسر عثور مفتشي الوكالة الدولية، قبل سنوات، على آثار يورانيوم مخصب في 3 مواقع إيرانية غير معلنة. وتشكل هذه المسألة أحد بنود الخلاف الذي يسمم العلاقة بينها وبين الوكالة. وفيما تصر طهران على إغلاق هذا الملف الذي جعلت منه شرطاً رئيسياً لقبول إعادة تفعيل الاتفاق النووي لعام 2015، فإن طلبها يواجه دوماً بالرفض طالما لم تتعاون بشكل كافٍ مع الوكالة. ومن المقرر أن يزور مديرها الأرجنتيني رافاييل غروسي طهران في الأيام أو في الأسابيع المقبلة وبأي حال قبل الاجتماع الدوري لمجلس محافظي الوكالة الذي سيلتئم في دورته الربيعية بالأسبوع الأخير من مارس (آذار) المقبل، سعياً منه لدفع السلطات الإيرانية إلى الإفصاح عن المعلومات التي يطلبها. بيد أن الأمور لا تبدو ميسرة، إذ لم يتردد الجانب الإيراني، مؤخراً، باتهام الوكالة بـ«تسريب» معلومات سرية لأطراف خارجية.
فضلاً عن ذلك، فإن بدء إيران بإنتاج اليورانيوم المخصب في موقع «فوردو» بالغ التحصين من غير إخطار الوكالة، زاد من التوتر بين الطرفين. وإذا سارت الأمور على هذا المنوال، فإن التقرير الدوري الذي سيقدمه غروسي الشهر المقبل، سيكون بلا شك بالغ التشدد، ما يطرح مجدداً مسألة كيفية التعامل مع الجانب الإيراني. وفي مروحة الإجراءات الممكنة، إصدار بيان تحذيري أو التصويت على قرار إدانة. وتتعين الإشارة إلى أن لمجلس المحافظين القدرة على إعادة الملف إلى مجلس الأمن الدولي ما يفتح الباب أمام إعادة فرض عقوبات دولية على طهران. وحتى اليوم، امتنع مجلس المحافظين عن اجتياز هذه الخطوة للإبقاء على «شعرة معاوية» مع طهران التي سبق لها أن هددت بوقف التعاون مع المفتشين وحتى طردهم ورفع التخصيب إلى أعلى من 60 في المائة، لا بل الخروج من معاهدة منع انتشار السلاح النووي وهي الخطوة التي أقدمت عليها كوريا الشمالية قبل سنوات.
بيد أن كولونا أرادت من الاتصال الأخير أن تركز على الخطر الذي يمثله برناج إيران الصاروخي - الباليستي غير المعني بالاتفاق النووي. وسبق لباريس أن طرحت منذ عام 2018 المحافظة على الاتفاق المذكور واستكماله باتفاق آخر يؤطر أنشطة طهران الصاروخية. وجاء في بيان الخارجية أن الوزيرة «أشارت إلى أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار والتهديد المتزايد الذي تشكله ترسانتها المتوسعة من الصواريخ الباليستية وانتشار صواريخها، بما في ذلك لدى أطراف من غير الدول، إضافة إلى المسيرات». وخلاصة كولونا أنه «يتعين تعزيز الرد الدولي على هذا التهديد».
واضح أن التشدد الغربي مع إيران ومنه الفرنسي والأميركي، يعود في جزء كبير منه إلى الدور الذي تلعبه إيران في الحرب الروسية على أوكرانيا، من خلال تزويد القوات الروسية بمسيرات. وتؤكد تقارير استخبارية أن موسكو تحصل على 500 مسيّرة من كل الأنواع في الأسبوع، وأنها تستخدم في ضرب المنشآت المدنية والحيوية بأوكرانيا، ومن ذلك محطات إنتاج الطاقة الكهربائية. وآخر عملية من هذا النوع حصلت صبيحة أمس. وعمدت الولايات المتحدة من جهة ودول الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، إلى فرض عقوبات على طهران، إن بسبب المسيرات، أو بسبب القمع الذي مارسته وتمارسه السلطات بحق الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في طهران وكثير من المدن الإيرانية بعد وفاة الشابة مهسا أميني، وعقب 3 أيام من اعتقالها بسبب ما اعتبر «ارتداء غير ملزم» للحجاب. لكن أسباب التوتر بين باريس وطهران تعود في جانب منها، إلى احتجاز الجانب الإيراني لسبعة مواطنين فرنسيين بتهم مختلفة غالبيتها على علاقة بالتجسس. وتعد باريس مواطنيها، ومنهم من يحمل أيضاً الجنسية الإيرانية، بمثابة «رهائن دولة» تسعى إيران لاستخدامهم في عمليات مقايضة مع مواطنين إيرانيين محتجزين في أوروبا. وفي أول لقاء له مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، دعا سفير فرنسا الجديد لدى إيران، نيكولا روش، إلى «الإفراج الفوري» عن السبعة المحتجزين. وليست المرة الأولى التي تطالب فيها فرنسا بالإفراج الفوري، وسبق لكولونا والرئيس ماكرون شخصياً أن دعيا إلى ذلك أعلى السلطات الإيرانية، لكن دون طائل.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم أمس (الجمعة)، إن القضاء على الميليشيا الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة هو «الهدف الاستراتيجي» لبلاده، ودعا أعضاء الميليشيا إلى مغادرة سوريا أو إلقاء السلاح.

وفي مقابلة مع قناة «إن تي في» التركية، دعا فيدان أيضاً حكام سوريا الجدد -المعارضة المسلحة التي اجتاحت دمشق والمدعومة من أنقرة- إلى عدم الاعتراف بالميليشيا، المعروفة باسم «وحدات حماية الشعب».

يذكر أن المجموعة متحالفة مع الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لكن تركيا تعتبرها «منظمة إرهابية» وتهديداً أمنياً.

وقال فيدان «يجب على أعضاء وحدات حماية الشعب غير السوريين مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن... يجب على مستوى القيادة بوحدات حماية الشعب بأكمله مغادرة البلاد أيضاً... بعد ذلك، يجب على من يبقوا أن يلقوا أسلحتهم ويواصلوا حياتهم».

وأكد وزير الخارجية التركي أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكرياً في سوريا خلال هجوم الفصائل المعارضة الذي أدى إلى إسقاط بشار الأسد.

وقال فيدان، إن «الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكرياً في المعادلة. تحدثنا إلى الروس والإيرانيين وقد تفهموا».

وأضاف: «بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر في الأرواح، جهدنا لتحقيق الهدف من دون سفك دماء عبر مواصلة مفاوضات محددة الهدف مع لاعبَين اثنين مهمين قادرين على استخدام القوة».

واعتبر الوزير التركي أنه لو تلقّى الأسد دعم روسيا وايران، لكان «انتصار المعارضة استغرق وقتاً طويلاً، وكان هذا الأمر سيكون دموياً».

وأضاف: «لكنّ الروس والإيرانيين رأوا أنّ هذا الأمر لم يعد له أيّ معنى. الرجل الذي استثمروا فيه لم يعد يستحق الاستثمار. فضلاً عن ذلك، فإن الظروف في المنطقة وكذلك الظروف في العالم لم تعد هي نفسها».

وإثر هجوم استمر أحد عشر يوما، تمكنت الفصائل السورية المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الأحد من إسقاط الأسد الذي فر إلى روسيا مع عائلته.